الفلسفة مدخل إلى علم النفس

الفلسفة مدخل إلى علم النفس

القاهرة - حسام شمس الدين | 2012-07-27

أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب مؤخرا كتابا بعنوان «يوسف مراد فيلسوفا» من إعداد وتقديم الدكتور مراد وهبة، وصممت الغلاف الفنانة إلهام عارف الذي جاء عبارة عن رسم بورتريه للدكتور يوسف مراد وفي خلفيته لوحة من الرسم التشكيلي. والكتاب يبلغ 344 صفحة من القطع المتوسط.
هذا العمل هو جملة من الأبحاث والمقالات للعالم النفسي الدكتور يوسف مراد، بعضها منشور وبعضها الآخر غير منشور، وكان قد سلمه لتلميذه وصديقه الدكتور مراد وهبة قبل وفاته. وأول شيء يستوقفنا في هذا الكتاب هو عنوانه: «يوسف مراد فيلسوفا» وهو يبدو لنا أن المؤلف أراد أن يقدم الدكتور يوسف مراد من ناحية أنه يتناول علم النفس بأسلوب فلسفي.
وقد اختار الدكتور مراد وهبة عنوانا للكتاب على غير المألوف والشائع عن يوسف مراد من أنه من علماء النفس العالميين فجاء على النحو المنشور «يوسف مراد فيلسوفا»، بمعنى أنك لا تستطيع أن تتعامل مع قضايا علم النفس من غير أن تكون فيلسوفا.
ويأتي هذا القول في زمن استقل فيه علم النفس عن الفلسفة ويأتي هذا الكتاب ويلقي ظلالا من الشك على هذا الانفصال، ويفتح باب الحوار من جديد حول مشروعية تأسيس علم النفس تأسيساً فلسفيا فيرتقي به إلى آفاق تؤلف بين الإنسان والكون معاً، ومن ثم يمكن لعلم النفس أن يكون معينا للفلسفة وهي بدورها معينة له في حل معضلات نفسية وعقلية ما كان له القدرة على حلها بمفرده.
قسم المؤلف الكتاب إلى سبعة موضوعات رئيسية بدأها بفلسفة يوسف مراد متناولا المنهج التكاملي وتصنيف الوقائع النفسية بخلاف الأسس النفسية للتكامل الاجتماعي ومقومات الشخصية وأمراضها، ثم تحدث في الموضوع الثاني عن التحليل النفسي ومن ثم تناول الحديث من الاستبطان إلى التحليل النفسي ومنهج التحليل النفسي وطبيعته التكاملية، وأتبعه بالاتجاهات الحديثة في مجال الأمراض النفسية والعلاج النفسي عند القدماء والمحدثين.
أما الموضوع الثالث الأساسي فكان في الفن؛ حيث تحدث بعدها عن الاتجاهات الراهنة في الفن المعاصر والتحليل النفسي والإبداع الفني والنقد الأدبي، كما تحدث حول مشكلة الإلهام بينما تحدث في المسرح وتطهير البلد والتحليل النفسي.
وانتقل بنا المعد متحدثا ومتناولا الفلسفة كضرورة حيوية والمذهب في فلسفة برجستون (تقديم كتاب للدكتور مراد وهبة)، ثم يقدم لنا المؤلف دعوة تحت عنوان اعرف نفسك (مشروع كتاب) ومعرفة الآخر واللغز الأكبر فليس من العبث أن نلقي نظرة على الإنسانية البدائية، وأن نحاول أن نتصور حالة الإنسان في كفاحه الأول مع قوى الطبيعة لإخضاع بعضها لكي يضمن بقاءه.
أما النقطة قبل الأخيرة التي تناولها الدكتور مراد وهبة فكانت تناول المشكلة الجنسية: كبحث علمي فلسفي؛ وذلك لخطورة تناول الحديث فيها فالموضوع خطير كل الخطر لاتصاله اتصالا وثيقا بحياة الفرد الخاصة وبحياة الجماعات، خاصة أن هذه المشكلة متشعبة لصلتها بالحياة والفن والدين وجميع المظاهر العليا التي تميز حضارتنا الروحية، ولا تقل أهمية عن صلتها بالعلوم الوضعية.
من الشائع عن يوسف أنه من علماء علم النفس، ومع ذلك فعنوان الكتاب جاء على الضد مما هو شائع، وهو ما طرح سؤالا عن سبب وجود العنوان على هذا النحو وإن كان الرد على ذلك جاء في تقرير لـ «بول جيوم» أستاذ علم النفس بالسوربون، والمشرف على رسالة دكتوراه الدولة ليوسف مراد «أن يوسف مراد متميز بخصائص فلسفية واضحة المعالم، وجاء في التقرير المرفوع من عميد كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن) إلى مجلس الكلية بشأن ترشيح يوسف مراد مدرسا لعلم النفس بقسم الفلسة ما يلي: (الدكتور يوسف مراد فيلسوف تخصص في علم النفس، وبالأخص ما يتعلق منه بالأطفال والحيوانات) ومغزى هذين التقريرين أن الفلسة عند يوسف مراد هي مدخل إلى علم النفس.

Leave a Reply