الـ facebook..جمهورية شباب العرب الجديدة

استطاع الشباب في الدول العربية جعل شبكات التواصل الاجتماعي وعلى رأسها "الفيسبوك" و"تويتر" نقطة انطلاق لما ينشدونه، والمستقبل الذي يحلمون به لبلدانهم.. ومع مشروعية الحلم، والأمل في مستقبل أفضل، نجد الـfacebook قد أضحى أحدث جمهورية عربية.

يوماً بعد يوم يتزايد مستخدمو الفيسبوك، فحسب إحصاءات للموقع نفسه فإن مستخدمي إلى الـfacebook من العرب يتجاوزون الـ 40 مليوناً، وتتصدر مصر والكويت والسعودية وتونس تلك الدول، وتشير الإحصاءات أيضاً إلى أن ثلث سكان تونس والجزائر يستخدمون الإنترنت، وغالبيتهم يدخل على "الفيسبوك" والأمر نفسه بالنسبة للشباب الخليجي الذي وجد في المواقع فرصة للتواصل الاجتماعي، وتبادل الأفكار والطموحات، ومساحة واسعة من حرية التعبير التي لا يجدونها غالباً في الصحف والمواقع التقليدية. وتحول الـfacebook إلى ما يشبه الجمهورية الافتراضية التي تنقل كل ما يحدث على أرض الواقع.

ونشطت في مصر آلاف المجموعات بين سياسية وأخرى اجتماعية وفنية، والآلاف من الصفحات الشخصية، المفكر دكتور عمار علي حسن يرى أن جمهورية الفيس بوك قائمة منذ 4 سنوات تقريبا ولم تحقق شيئا إلا عندما نزلت من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع، وتحول من مجرد وسيلة اتصال إلى أداة للحشد والتعبئة بعد أن فشلت القنوات التقليدية في التأثير في المجتمع.

كما أهدى للقوى الصاعدة في المجتمعات العربية قناة للاتصال لم تكن متاحة عبر الأحزاب والنقابات التي جمدتها الأنظمة، بعد أن احتضنت الزعامات السياسية التي حققت ثورات سابقة في وجه الاستعمار الأجنبي.

والموقع سيظل دوره كبيرا سواء في الحفاظ على الدفع الثوري لتحقيق أهدافه في الدول التي قامت فيها ثورات كمصر وتونس وليبيا. أو في خلق ثورات في دول أخرى من أجل تحقيق حياة ديمقراطية، ثم يتحول دوره للمطالبات الجزئية ومعالجة السياسات الداخلية.

وحذر عمار من بعض المخاطر من جمهورية الشباب، ويتوقع أن تخلق اتجاهات حادة حيال بعض القضايا في بعض الدول، وأن يفتح آليات لحوار غير المختصين في قضايا تحتاج إلى التعميق والتدقيق مثلما حدث أخيرا في التعديلات الدستورية في مصر، وهي قضية يجب أن تطرح على المختصين وليس العامة.

تطوير نفسي

إلى ذلك، يعلق دكتور رشاد عبداللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع، بجامعة حلوان المصرية، قائلاً: للفيس بوك تأثيرات إيجابية وأخرى سلبية، تتلخص الإيجابية في أنه أصبح وسيلة للتفاعل الاجتماعي لكل الأعمار وليس الشباب فقط، ووسيلة لإجراء حوار فردي واجتماعي وتكوين الآراء وتقصير المسافات وتوفير الأوقات للمناقشات المجتمعية، كما أنه وسيلة للشباب للتطوير النفسي خاصة الخجولين الذين يخشون المواجهة. أما التأثيرات السلبية فأهمها أنه قد يؤدي إلى تفتيت الأسرة، وهي وحدة المجتمع العربي.

حيث ينعزل أفرادها في جزر بعيدة عن الأخرى، كما أنه أصبح وسيلة لتبادل الشائعات ونشرها، الأمر الذي يؤدي إلى تفتيت العلاقات الاجتماعية ويؤدي إلى التناحر والتقاتل، والانسياق وراء أمور قد لا تتسم بالحقيقة، هذا بخلاف إساءة استخدامه في أغراض تسيء إلى قيم المجتمع، خاصة مع غياب الثقافة التكنولوجية لدى غالبية الآباء، وتهافت المراهقين على المواقع المشبوهة التي قد تدمرهم داخلياً، وتؤدي إلى تفشي ظواهر اجتماعية لعل أهمها العزوف عن الزواج.

 

مرحلة نضج

وتختلف معه دكتورة نجوى الفوال، أستاذ علم الاجتماع، قائلة: الفيس بوك أصبح أحد أدوات العصر، وبديلا لوسائل شباب الستينيات والسبعينيات في التعبير عن أنفسهم كاستخدام الشِعر والنثر وكتابة المذكرات الشخصية. وإيجابياته أكثر من سلبياته، حيث إن لكل ثورة تكنولوجية مرحلة مخاطر أولية، وفي الفيس بوك كانت تلك المرحلة هي ظهور بعض الظواهر السلبية، والشباب تحرروا نهائيا من تلك المرحلة، وهم الآن في عتبات النضج.

ويرى دكتور يسري عبدالرحمن، أستاذ علم النفس، أنه على الرغم من تحول موقع الفيس بوك إلى بؤرة إشعاع حضاري وثقافي ونافذة جديدة للممارسة الديمقراطية، وزيادة الرقعة الثقافية لدى العرب التي قد تؤهلهم إلى نهضة عربية شاملة.

ولذلك لابد من ترشيد استخدام "الفيس بوك" من أجل الحفاظ على السلامة النفسية للشباب التي قد تتأثر بكثرة استخدامه وانعزالهم عن محيط الأسرة، والآباء مطالبون بتعميق مبدأ "التغيير الداخلي" لدى النشء وعدم استخدام ثقافة المنع.

 

Leave a Reply