ليلى المقداد.. أوراق "التارو" تسقط ورقة التوت – المستقبل

كارلا خطار

تحمل ليلى المقداد طاقة يشبّبها البعض "بالحاسة السادسة"، أو بالحدس الغريب الذي يميّزهاعن غيرها. ولأنها وعت مبكراً لايجابية تلك الطاقة، استثمرتها الى حدودها القصوى قاصدة مسقط رأسها روسيا. هناك تابعت دراسة "التارولوجي" لتعود الى لبنان في العام 2009 وتستقر نهائيا مع والدتها الروسية ووالدها اللبناني. عادت وفي عهدتها أوراق التارو الـ 72، تلك التي فعلت فعلها في حياتها الخاصة. فبعد أن حازت على إجازة في إدارة الأعمال من الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت، انتقلت الى روسيا لدراسة علم التارو ضمن العلم نفسه تلقّت حصصا في علم النفس وعلم الفلك والطاقة، لتحصل بعد عامين على ماجيستير في علم النفس من جامعة موسكو قناعة منها بالصلة القوية بين التارو وسلوك الإنسان.
تعيش ليلى في الواقع خليطا من الدراسات، ربما لتجسد من خلالها الأبراج الصينية أو الشمسية الإثني عشر التي تتمحور حولها أحاديثها في كل جلساتها. فالنقاش معها بغناه يشبه تنوّع شهاداتها: إن طال لا يمل منه جليسها، وإن قصُر يكون ناقصا غير كامل فيتعطش محدثها للتعرف إليها، ومن خلالها على نفسه.. تقتحم حياة الآخرين بروية، تلِج بين النفس وثناياها، طبيعية وعفوية، شفافة وجريئة، عميقة من دون أن تكون "حشورة"، جريئة بعيدا عن الوقاحة، تلبس كاريزما الأسد وتعشق المغامرات كالقوس، تعتبر أن الفرد لا يخطو خطوات خاطئة إذ إنه من الممكن أن تتحول كلها الى إيجابيات إذا ما استفاد منها في الخبرة والاختبار.
هي الصدفة أم الحاسة المميّزة تلك الى عادت بليلى الى روسيا؟ تحكي بأنها عندما كانت في العشرين من عمرها، قصدت إحدى المكتبات في موسكو فاختارت من على أحد الرفوف كتابا عن علم التارو وقرأته. لكنها سرعان ما اكتشفت بأنه لم يكفها وحملتها حشريتها على البحث عن التفاصيل فقررت دراسة علم التارو.. ولما كانت تتحدث دائما عن هذا العلم، سألها جدها وكان بروفيسوراً في الفيزياء في جامعة موسكو، أن تريه الورق الخاص بها، وراح يسلسل لها معاني كل ورقة فيه: "صُدمت حين اكتشفت أنه يعرف كل التفاصيل وأخبرني أن جدته كانت تقرأ التوقعات في الورق العادي وذلك في عهد ستالين.." الموهبة والحشرية والوراثة والعلم ساعدوا ليلى على تسلق سلم النجومية شاغلة منصب رئيس جمعية الباحثين في علوم التارو في روسيا قبل أن تعود الى لبنان. أما غياب عنصر واحد، فبرأيها كان سيؤثر حتما في شخصيتها وأدائها.
وعلى الرغم من أن الورق هو العنصر الرئيسي في علم التارو، إلا أنه ليس الأساسي حيث إن العلاقة بين ليلى ومحدثها هي الأهم والورق ما هو سوى وسيط لأنه لا يؤدي أعمالا سحرية. ملايين الاحتمالات قد تظهر في الورق، إنما ما هو ثابت أن ليلى لا تخبئ أي رسائل مبطنة، بل قادرة على فك كل القطب المخفية والتعرية من أوراق التين. وفي الوقت نفسه هي كتومة تحتفظ بما تراه لنفسها، لا تسرّ به إلا للشخص المعني. وتخبر بأن إحدى المجلات طلبت منها أن ترسل لها توقعاتها لشخصيات سياسية محددة وصودف أن الشخصيات المذكورة نفسها تزورها دوريا وتسألها قراءة أوراق التارو. تقول: "وقعتُ في حيرة فهل أقول أشياء عامة أم أبدل في الأسماء. فقررت أن أعدّل الأسماء لأن التحليلات شخصية."
ليلى متأثرة بالمحلل النفسي كارل غوستاف يونغ الذي عاصر فرويد وقال إن ورق التارو هو التحليل النفسي في القرون الوسطى، ومتأثرة أيضا بعالمة التارو البلغارية الضريرة فانغا التي تتوقع أن يكون العام 2014 عام الحروب. تتحدث عن العلماء وعن النظريات بلغتها العربية ولكنتها التي تمزج فيها بين الروسية والانكليزية، غير أنها لا تجهد محدثها في الاستفسار عن قصص علم النفس وعلاقته بالأبراج وهذه بالجنس، الأمر الذي فسرته في كتابها الأول "الأبراج بين الحب والجنس"، لأنها من عاشقي التفاصيل ولأن الباحث المتعطش لا تشبعه الكلمات الرنانة، كما تقول. التفاصيل تنسيها فنجان الشاي، فتشربه بعدما يبرد، وتضيف إليه الكثير من السكر. وخلال الحديث يغيب عن شريكها في الجلسة أنها تتواصل معه جسديا وروحيا، تلتمس طاقته إيجابية كانت، سلبية أم محايدة، تراقب حركات اليد وتحركات العيون والتبديل في نبرة الصوت.
تحكي الشابة الشقراء بملامح عربية، والتي لم تتعدّ العقد العشرين من عمرها، بأن علم التارو يتألف من 70 في المئة من علم النفس، و20 في المئة من علم الفلك أي أبراج وكواكب و10 في المئة من نظرية الطاقة التي تحيط بكل فرد ينتقل لاوعيه بواسطة الطاقة ثم ينعكس على ورق التارو، مشبهة الطاقة بالضوء المشعّ الذي يحيط بالقديسين وهو نفسه يحيط بالإنسان إنما بنسبة ضئيلة كما أن الفرد قد لا يتنبّه له.
عصيبة كانت الأوقات أم سعيدة، لن تبخل ليلى بأن تضفي عليها كمية مدروسة من الطاقة الايجابية والتحليل النفسي والإرشادي. تصيب الوتر الحزين بمهارتها الفردية المتخصصة، كأنها موجودة لتسعد كل من حولها وتبعث الابتسامة على الشفاه وسط الأجواء الملبّدة. ولأن الموضوعية تقضي بأن تحلل واقع كل من يحتاج إليها دونها هي، تلجأ ليلى الى أساتذتها في روسيا والتي تزورهم مرة كل شهرين تقريبا. لكنها تردف: "أعطاني المتخصصون في روسيا رؤوس الأقلام عن الاحتمالات في حياتي وأنا أعرف جيدا كيف أستغلها لأحولها لمصلحتي من خلال طريقة تصرفي. وينتهي اللقاء معها مثقلا بالنصائح: الشوفان لأوجاع المعدة واليوغا لأوجاع الكتف فيما الطاقة الإيجابية لم تنضب.. على أمل أن تكون معدية!.

 
        


 

Leave a Reply