الهروب من الخطأ أو الجريمة أمر طبيعي ومسلم به، إنما الهروب إلي الجريمة هذا هو ما يعرف في علم النفس بـ"فوجو".. رواية عمرو الجندي الصادرة عن دار "رواق" للنشر، تصدرت قائمة مبيعات الدار التى تميزت بعناوينها الغريبة والمثيرة فى نفس الوقت، رواية الجندى من نوع القصص البوليسية، المكتوبة بشكل أدبى يجمع بين التشويق، والاهتمام بالجمل والصور الأدبية المكتوبة بعناية تذكرك بروايات أجاثا كريستى المشوقة، وقد تفوقت "فوجو" على اعمال نشرت بعدها فى "رواق"، وقد جاءت قائمة البست سيلر لدى الدار على النحو التالى:
1 ـ "فوجو" عمرو الجندى
2 ـ "شاهد عيان أوى" حمدى غالب
3 ـ "نيكروفيليا" شيرين هنائى
4 ـ "لو راجل زى مابتقول" طارق قطب
5 ـ "تيت ساخر" محمد حسن
6 ـ "شفاء الموجوع فى أحوال دولة المخلوع" جمال فتحى.. رسوم مخلوف
وفى ورايته "فوجو" يقدم عمرو الجندى أحداثها في قالب بوليسي مثير، من خلال عدد من الشخصيات النمطية التي ترتبط جميعها بالشخصية الرئيسية "حسين" هذه الشخصية المنطوية على ذاتها، تخشي كل شيء حولها حتى أنها تعجز عن المواجهة المباشرة مع المجتمع، الذي تقوده قدماه يوما لمنزل جاره وصاحب العمارة في نفس الوقت، ليكتشف مقتله في غرفة نومه، وفي محاولة منه لإبلاغ الشرطة عن الجريمة يفاجأ بجاره الآخر صائحا متهما له بقتل صاحب العمارة، ليفقد السيطرة على أعصابه ويقتله هو الآخر.. المدهش أن جثة الأول قد اختفت تماما قبل وصول الشرطة لمكان الجريمة، لتتشابك الأحداث وتصبح أكثر إثارة.
ربما لم يأت الجندي بموضوع جديد، لكن تناوله لمفهوم الجريمة وتطورها وتنامي الأحداث بسرعة يظهرها من خلال المواقف القصيرة والمكثفة، كذلك رسمه للشخصيات رغم نمطيتها، إلا أنه قد منح بعضا منها ملامحها الأساسية الواضحة، وأفسح المجال أمام الشخصيات الفاعلة لمزيد من الدقة في الوصف والوقوف علي بعض التفاصيل، ليجعل القارئ يدور في دائرة محددة من الشخصيات التي قد يكون بينها القاتل.
تستمر الرواية وأنت تعلم جيدا أن حسين قتل كريم السكران وتتكشف أمامك العلاقات المعقدة المتداخلة، وتفهم أن حسين يعانى من عقدة كبت قديمة سببها له أبوه من معاملته القاسية وضربه له وهو صغير، وطوال قراءتك للرواية تصادفك أحداثا غريبة تظهر متتابعة، حتى تتعرف رويدا رويدا على معنى الفوجو أو حالة الكبت الشديدة التى قد تحول المريض لمجرم فى محاولة للهروب من مرضه.
لا ننسى ان نذكر ان عمرو الجندى ، صدر له ديوان " قصة حب سرية"، و مجموعة قصصية بعنوان "من أجل الشيطان".