سلوكياتنا عنوان مناخنا

د. حمدى شعيب
  | 
27-03-2012 13:54

فى مؤلفه الرفيع (علم النفس الاجتماعى) أورد د.حامد عبد السلام زهران دراسة رائعة قام بها رونالد لبيت ورالف هوايت (1943م)، حول (تأثير أنواع القيادة والمناخ الاجتماعى على سلوك الفرد والجماعة).

وكان هدف التجربة دراسة سلوك الفرد وسلوك الجماعة، بمناخات اجتماعية ثلاثة، ودراسة رد الفعل الحادث عند الانتقال من أحد هذه المناخات إلى مناخٍ مغاير.

وكانت عينة البحث، تتكون من تلاميذ فى فرقة دراسية واحدة، سنهم عشر سنوات، قسموا إلى أربعة نوادٍ، وبكل نادٍ خمسة أطفال، ولكل نادٍ اسم معين.

وكان أهم مما ورد فى نتيجة الدراسة، التى تمت فى مناخات اجتماعية ثلاثة، هى:

(1)المناخ الديمقراطى:

أى تحت قيادة ديمقراطية أو إقناعية.

فكان كل فرد يشعر بأهمية مساهمته الإيجابية، وأنهم أكثر تحمساً، وأكثر ترابطاً وتماسكاً، والشعور بالـ(نحن) قوى والروح المعنوية مرتفعة، وإذا غاب القائد كان العمل والنشاط هو نفسه كما كان فى حضوره!.

وكان الأهم فى النتيجة كلها، هو أن السلوك الاجتماعى كان يميزه الشعور بالثقة المتبادلة، والود والتجاوب، والاستقرار والراحة النفسية، وكان الإنتاج حسب الخطة الموضوعة، وكان هناك شعور دفاق بالاعتزاز بما أنجزوا.

(2)المناخ الأوتوقراطى:

أى تحت قيادة أوتوقراطية أو استبدادية أو إرغامية أو تسلطية أو دكتاتورية.

كان الأفراد لا يعرفون أهداف النشاط، بل يحدد لهم خطوة خطوة، مع عدم معرفة الخطوات التالية، وليست لهم حرية اختيار زملاء العمل بل يفرض عليهم، وإذا غاب القائد حدثت أزمة شديدة، وتوقف للنشاط، وكاد أن ينحل عقد المجموعة.

وكان السلوك الاجتماعى يميزه روح العدوان، والسلوك التخريبى، وكثرة المنافسة أو الخنوع والسلبية، والعجز واللامبالاة، ويزداد اعتمادهم على القائد، ويسود جو من انعدام الثقة المتبادلة، ويسود روح التملق والنفاق والتزلف للقائد مع كرهه، والسعى لجذب انتباهه، ويسود الشعور بالإحباط والصد والحرمان وعدم الاستقرار والقلق وحدة الطبع وانخفاض الروح المعنوية، وقد يتم الإنجاز ولكن بلا شعور بالاعتزاز والفخر.

(3)المناخ الفوضوى:

أى تحت قيادة فوضوية تؤمن بالحرية المطلقة التى بلا ضابط.

كانت النتائج وسطًا بين المناخين السابقين، مع بعض الاختلافات، وبروز روح العفوية، المرتبطة بظروف التفاعل الاجتماعى.

نحن حصاد مناخنا:

أذهلتنى هذه الدراسة، وتذكرت أمرين:

الأمر الأول: ما يجرى الآن من سلوكيات تنافرية على هيئة تجاذبات واختلافات وتخوينات وتشكيكات إلى درجة مرحلة عض الأصابع بين القوى اللاعبة على مسرحنا السياسى، والتى من السهل تقسيمها إلى طوائف رئيسية أربعة، وهم الإسلاميون والليبراليون والعسكر والتجمعات الشبابية والثورية.

ثم نتأمل كيف تمتد هذه السلوكيات والاختلافات داخل أى تجمع بشرى مثل أى مؤسسة أو حزب أو جماعة.

بل قد يمتد داخل نطاق الأسرة الواحدة.

ومن خلال هذه الدراسة النفسية الاجتماعية ندرك أن هذه السلوكيات الفردية والجماعية ما هى إلا حصاد وانعكاس للمناخ السائد ونوعية القيادة الحاكمة له، سواء كان زعيماً لدولة أو رئيساً لحزب أو والداً فى أسرته.

إذن سلوكياتنا الفردية والجماعية ما هى إلا مرآة لمناخنا.

أصلح مناخك أولاً:

الأمر الثانى: إذا علمنا أن المناخ الاجتماعى الحر السوى يثمر سلوكاً حراً سوياً.

والعكس بالعكس.

فإن علينا أن نجيد مهارات إيجاد هذا المناخ الاجتماعى الصالح الذى يثمر السلوكيات الصالحة التى نستهدفها.

وذلك باعتبار هذه القواعد:

1-سلوك الفرد أو الجماعة معيار ومقياس وعلامة على المناخ السائد.

3-غير القيادة يتغير المناخ.

3-غير المناخ يتغير السلوك الفردى والجماعى.

أما عن الآليات أو المفاتيح السحرية الثمانية لصناعة المناخ المؤسسى الصحى،

فهذا موضوع حديثنا القادم بعون الله.

Leave a Reply