رحاب إبراهيم: افتح قلبك للأرق.. خدعة الثماني ساعات نوم

تنام لعدة ساعات.. ثم تستيقظ فجأة بلا سبب؟ تشعر بالضيق تجاه ذلك؟ وتتمنى لو تغرق ساعات في نوم متواصل عميق لينعكس ذلك إيجابيا على صحتك ومزاجك؟ ربما لا يكون الأمر سيئا لهذه الدرجة.

 

في عام 2001، بدأ المؤرخ روجر إيكرج في نشر أبحاثه التي تؤكد اعتياد الإنسان منذ القدم على أسلوب النوم المتقطع "Segmented sleeping pattern" بعدها بأربعة سنوات قدم كتابه "ليالي الماضي"، والذي كشف فيه عن أكثر من 500 دليل على وجود النوم المتقطع كظاهرة طبيعية وردت في المذكرات اليومية وسجلات المحاكم والكتب الطبية والأدبية بدءا من أوديسا هوميروس وحتى الدراسات الأنثروبولجية على قبائل نيجيرية في العصر الحديث، ومرورا بمؤلفات لتشارلز ديكنز وسيرفانتس.

 

وصف إيكرج نظرية النوم المتقطع كخبرة معرفية شائعة عند الناس، يمارسونها دون أدنى شعور بالقلق، ففي الساعات التي يستيقظون فيها أثناء الليل كانوا يتصرفون بشكل اعتيادي، يدخنون.. يقرأون أو يصلون وهناك العديد من الصلوات خصيصا لتلك الفترة أثناء الليل.. ربما أيضا يقومون بالثرثرة مع شركاء حياتهم وقد يمارسوا الحب.

 

بل إن أحد المراجع الطبية الفرنسية القديمة في القرن السادس عشر، نصح الأزوج الراغبين في الإنجاب بممارسة الحب بعد الفترة الأولى من النوم المتقطع وليس في نهاية يوم عمل شاق طويل، حين يكون الأمر أكثر امتاعا وكفاءة.

 

ووجد إيكرج أيضا أن الأدلة التي تتناول وصف النوم المتقطع قد بدأت في الاختفاء تدريجيا منذ القرن السابع عشر حتى تراجعت الفكرة نهائيا عن وعينا الاجتماعي في بدايات القرن الماضي، وعزا ذلك لتطور إضاءة الشوارع والمنازل وانتشار المقاهي والمحال التي تستمرفي العمل طوال الليل.

 

في عام 1667، كانت باريس أول مدينة تضاء ليلا باستخدام المصابيح التي تضاء بالشموع، تلتها مدينة ليل، ثم أمستردام بعدها بسنتين حيث تم استخدام مصابيح أكثر تطورا تضاء بالزيت.. في حين ظلت لندن خارج السباق حتى 1684.

 

وقبل نهاية القرن السابع عشر كانت أكثر من 50 مدينة كبرى أوربية تبيت مضيئة ليلا.

 

ولم يعد الليل مقصورا كما كان في الماضي على ذوي السمعة السيئة من مجرمين وعاهرات أو سكارى، بل بات من العادي والمألوف أن تستمر مزاولة الأنشطة خلال ساعات الليل، وصار الاسترخاء في الفراش مضيعة للوقت، وبالتالي قل الوقت الذي يلجأ فيه الناس للراحة والاسترخاء.

 

ويرى عالم النفس جريج جاكوب أن الاستيقاظ أثناء الليل هو جزء من السلوك الفسيولوجي الطبيعي للبشر، وأن فترات الاستيقاظ تلك تلعب دورا دفاعيا هاما ضد الضغط والتوتر.

 

بل إن فكرة النوم لفترة متواصلة ينبغي إلغاؤها تماما، لأنها تجعل الناس الذين يستيقظون مساءا متوترين وهذا التوتر في حد ذاته يمنعهم من معاودة النوم ويؤثر على سلوكهم أثناء النهار.

 

بينما رأى راسل فوستر أستاذ علم الأعصاب في جامعة أكسفورد، أن حوالي 30 % من المشاكل الصحية التي تعرض على الأطباء ترجع بشكل مباشر أو غير مباشر لمشاكل في النوم، ورغم ذلك فإن الدراسات المتعلقة بالنوم قد أهملت في مراكز التدريب الطبي، مما جعل الكثير من الأطباء لا يفطنون، لأن نظرية النوم المتواصل قد لا تكون الاختيار الأمثل للجسم البشري.

 

ويصف إيكرج فترات اليقظة أثناء النوم المتقطع، بأنها الوقت المثالي للناس كي يعيشوا أحلامهم، لقد أصبحنا نقضي وقتا أقل لممارسة للاسترخاء لذا فليس من الغريب زيادة عدد من يعانون من الاكتئاب والقلق والتوتر.

 

لذا في المرة القادمة افتح قلبك للأرق، وفكر في أسلافك القدماء.. استرخ واحلم

 

ربما كان ذلك مفيدا..

 

ستيفاني هيجارتي

 

ترجمة: عن موقع البي بي سي

Leave a Reply