د. عطيات أبوالعينين لـ «العرب»: المثقف جرس الإنذار لأمته وشعبه

عطيات أبوالعينين كاتبة وإعلامية باتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، وحاصلة على درجة الدكتوراه في علم النفس، وكاتبة للقصة القصيرة والرواية والمقال الأدبي وأدب الخيال العلمي، وتكتب للأطفال، كما تقوم بعمل أبحاث ودراسات أدبية ونفسية، كما أنها عضو باتحاد كتاب مصر ونادي القصة وجمعية اتحاد الكاتبات المصريات ونادي أدب الجيزة. حصلت على جائزة صالون إحسان عبدالقدوس في الدراسات الأدبية لعام 2011. قدمت العديد من الأعمال الأدبية والنفسية، منها المجموعة القصصية «طعم الذكريات» و «ضرتي»، ومن الروايات «مهسوري»، كما تقدم موسوعة «أطفال حكموا العالم» التي تصدر في أجزاء، وكذلك سلسلة «نساء حكمن العالم». وفي مجال الدراسات النفسية قدمت كتاب «الاغتراب والشباب» و «الزواج والتوافق النفسي»، وللأطفال قدمت رواية «بيبي قاهر الرمال» وكتاب «تيجان على رؤوس صغيرة» وغيرها من المؤلفات الأخرى. وكان لـ «العرب» الحوار التالي مع الدكتورة عطيات أبوالعينين..

¶ هل الجمعية التأسيسية ستقدم دستورا يحقق آمال المثقفين في حماية الإبداع ويحقق حرية الرأي؟
أتمنى ذلك، ولكن ما يحدث من مصادرة للحريات يجعلنا نقرأ الوضع القادم بشكل متوجس، وأعتقد أن القائمين على وضع الدستور لديهم من الذكاء ما يجعلهم يضعون ذلك نصب أعينهم، وإلا لما حدث كل ما حدث ولما استشهد من استشهدوا، نحن في غنى حقيقي عن أزمات مقبلة تستنزف طاقة البلاد وخيرة شبابها.

¶ هل إنشاء اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية التعبير سيكون بداية الطريق للدفاع عن حرية الرأي والإبداع؟
ربما إذا كانت ستوفق في مهمتها، فطالما تنتهك حرية الرأي وحرية الإبداع في وقت كنا ننتظره سنوات طويلة حتى نعبر عن آرائنا دون خوف من كسر قلم أو مصادرة جريدة، فلا بد من راع ولتكن اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية التعبير، مع العلم أن حرية التعبير حق يكفله الدستور، فإذا كنا سنقوم بعمل لجنة لكل مبدأ من المبادئ الدستورية فهل سنستطيع السير وفقا لذلك؟
¶ في رأيك ما الحل للخروج من تلك الأزمة التي تهدد المبدعين والمثقفين؟
الحل في رأيي للخروج من هذه الأزمة التي تهدد المبدعين والمثقفين هو من خلال دفاع المثقفين أنفسهم عن إبداعهم، فطالما كل فنان وكل مثقف مؤمن بما يقدم فلن تكون هناك أزمة. ففي حالة تصدي الجميع ووقوفهم على قلب رجل واحد للدفاع عن حرياتهم فسيعمل لهم ألف حساب، فنحن نحتاج لحائط صد.. تكتل واسع وكبير من الفنانين والصحافيين والمثقفين من جميع النقابات، وأن يعود دور قصور الثقافة من جديد للتنوير والتوعية في كل مكان، وهنا نطلق شعار يد واحدة من أجل حرية الإبداع والمبدعين في كافة المجالات دون ابتذال أو تشويه أو تجريح.

¶ من منظور نفسي لماذا هذا العداء ضد الثقافة والمثقفين؟
في الحقيقة إن العداء للثقافة والمثقفين ليس وليد هذا العصر وإنما كل العصور، لأن المثقف هو جرس الإنذار لأمته وشعبه، وهو أول من يرى الخطر ويفهمه ويستشعره عن بعد، وبالتالي يدق جرس الإنذار لباقي الجموع وبالتالي يعتبره الساسة والحكام أنه يهيج الرأي العام أو أنه يعمل بلبلة، فكل من يحارب المثقف لا بد أنه يريد لهذه الأمة ألا تخرج من النفق المظلم.

¶ ما تأثير دراستك لعلم النفس في أعمالك الأدبية؟
علم النفس له تأثير كبير على حياتي وعلى أعمالي الأدبية، فلقد اخترت لنفسي اتجاها في الأدب والكتابة من خلال هذا المنظور النفسي والجانب التحليلي وإسقاطات نفسية تعبر عما يحدث لنا في معاناتنا الحياتية اليومية، سواء على مستوى المرأة أو الرجل أو الطفل أو الشاب، فالنفس الإنسانية مليئة بالصراعات وتحتاج منا للاشتغال عليها بشكل مكثف. فمع تغيرات العصر الحديث وتداخل الأدوار في الحياة المجتمعية وطغيان الثقافة الغربية على حياتنا وحياة شبابنا، نحتاج إلى وقفة مع النفس التي يتصارع فيها الخير والشر، والحلال والحرام.. ثقافة الغرب وثقافة الشرق. وأعتقد أنه محور ثري جدا لا ينتهي، وأعظم الأعمال لمبدعينا الكبار التي لعبت على المشكلات النفسية أو وظفت الإسقاطات في أعمالها مثل «بئر الحرمان» للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس وكذلك «أين عمري» و «العذراء والشعر الأبيض» ورواية «النظارة السوداء» لنفس الكاتب و «نادية» ليوسف السباعي و «الغريب» لألبير كامو من الأدب العالمي.. كل هذه الأعمال العظيمة لعبت على النفس وعلى مشكلاتها وصراعاتها، وباختلاف العصر وزيادة الضغوط نجد أنفسنا أمام متغيرات جديدة نخترقها من خلال علم النفس والأدب.

¶ ما الذكريات التي تقصدينها في مجموعتك الأخيرة «طعم الذكريات»؟
طعم الذكريات هي مجموعة قصصية صدرت لي عن دار الطلائع، وما دفعني لكتابتها أنني شعرت أن لكل منا ذكرياته التي تعايشه ويعايشها، وهو عندما يتذكرها لا يشعر بها كمجرد صور تتوالى على ذاكرته أو تمر أمام بصره، وإنما يشعر بطعمها وحلاوتها أو مرارتها، ولكننا دائما نحنّ للماضي البعيد بذكرياته وما فيه من أحداث ربما لا تكون أكثر حلاوة مما نعيشه، لكننا اعتدنا أن ننعى الحاضر ونلجأ للحماية منه بالماضي ربما ليقيننا الدفين أنه لن يعود، وهي ذكرياتنا عموما. ربما تذكرك ساعة جدك القديمة بكل شيء افتقدته وكل ما حولنا من فوضى وعدم انضباط مع دقاتها المنتظمة رغم مرور السنوات.

¶ قدمت مجموعة قصصية بعنوان «ضرتي»، فما سبب اختيار هذا العنوان؟
ضرتي هي مجموعة قصصية أعتز بها، وقد اخترت هذا العنوان لأني وجدت أنه يحمل المعنى الذي أريد أن أقدمه من خلال قصتي القصيرة التي تحمل نفس العنوان.. الزوجة التي تفتقد زوجها دائما والذي تأخذه منها التكنولوجيا الحديثة وتحديدا الكمبيوتر. فالعديد من الزوجات يشكون مر الشكوى من بعد أزواجهم عنهن بل يغيرون من هذا الجهاز.. ومن خلال اللعب على هذا وذاك تدور أحداث القصة التي تنتهي بتحطيم الزوجة لجهاز الكمبيوتر الذي يقتنيه زوجها والذي يحبه أكثر منها ويفضله عليها، وهذه شكوى حقيقية من ملايين الزوجات، بل صرن ينعتنه بالـ «ضرة».
¶ حصلت على جائزة صالون إحسان عبدالقدوس الأدبية عن دراستك النقدية «الاغتراب في أدب الأديب يحيى حقي» فحدثينا عن ذلك..
أعتز كثيرا بهذه الجائزة لأني حصلت عليها ليلة 24 يناير أي ليلة الثورة، وكان الحديث عن الغد القريب كيف سيكون الحال في مصر غدا؟ وكانت الثورة التي نتمنى أن تؤتي ثمارها. وهذه الدراسة جمعت بين قطبين عظيمين، فكانت الدراسة عن رؤية نقدية لقصص الكاتب الكبير يحيى حقي، لأفوز بجائزة إحسان عبدالقدوس الذي أعشقه وأعشق كتاباته. وهنا أيضا في هذه الدراسة كانت رؤية أدبية للاغتراب من منظور نفسي في أدب الكاتب الكبير يحيى حقي، وعلى سبيل المثال في «قنديل أم هاشم».
وتضيف: اغترب إسماعيل عن مجتمعه وعن مبادئه وقيمه، بل اغترب عن ذاته حيث بدا له الدين خرافة لم تخترع إلا لحكم الجماهير والنفس البشرية، لا تجد قوتها ومن ثم سعادتها إلا إذا انفصلت عن الجموع وواجهتها، أما الاندماج فضعف ونقمة. ونجد أنه طبقا للنظرية النفسية لستوكلز Stokols عن الاغتراب والتي توضح أن الاغتراب يتضمن بعض الأعراض مثل العزلة وغيرها من الأعراض، نجد من نظريته ما ينطبق على إسماعيل لشعوره بالعزلة سواء عن قيمه أو مبادئه أو وطنه، عندما كان غائبا عن الوطن أو عندما عاد إلى الوطن بجسده فقط، لكن إسماعيل عاد شخصا آخر بمعتقدات وأفكار جديدة يحملها من ثقافة غريبة عنه ودين مختلف. لقد اندمج إسماعيل في مجتمع مختلف وانعزل عن أفكاره وقيمه ودينه وثقافته.

¶ ماذا ستقدمين قريبا؟
يتجه العالم منذ سنوات طويلة لأدب الخيال العلمي الذي ما زال يتحسس خطاه لدينا في مصر، والذي كرس الراحل نهاد شريف حياته للدفاع عنه، وحتى الآن ما زال هناك بعض الأدباء في مصر لا يعترفون به رغم أن البلاد المتقدمة تقاس بعدد كتاب الخيال العلمي بها.. صدرت لي مؤخرا رواية في هذا المجال بعنوان «مهسوري» أتمنى أن تجد صدى طيبا في الأوساط الأدبية والثقافية، وهي تجمع بين أدب الخيال العلمي وأدب الرحلات والأدب عموما.. تجربة جديدة لي في الكتابة. وأيضا انتهيت من رواية «رقص العقارب» في نفس المجال.
كما تواصل دار المعارف نشرها لسلسة أطفال حكموا العالم التي أقدمها للناشئة، والتي عملت فيها منذ أكثر من خمسة عشر عاما لتكون بمثابة موسوعة لهذه السن، لنقدم لهم الحكام الذين حكموا وهم في سن صغيرة في جميع أنحاء العالم، وقد صدر منها: بطرس الأكبر- الإسكندر الأكبر- خمارويه- ابن طولون- الحاكم بأمر الله- الإمبراطور المغولي أكبر- المستنصر بالله، وكذلك تواصل نشرها لسلسة نساء حكمن العالم والتي صدر منها: خنت كاوس وزنوبيا وهما من الشخصيات النسائية التي اهتز لها العالم. وهناك سلسلة جديدة بعنوان «المتوحشون» ستكون مفاجأة لأنها غير تقليدية تقدم لسن الناشئة أيضا.

Leave a Reply