خبراء نفسيون يحللون هرولة المغمورين نحو مقعد الرئيس

أسماء سرور

«يبحثون عن الشهرة.. وتداعبهم أحلام الظهور فى الإعلام خاصة البرامج الحوارية «التوك شو»، والكثير منهم يعانون من اضطرابات نفسية». بهذه الأوصاف وصف بعض خبراء علم النفس قطاعا عريضا من المرشحين المغمورين لرئاسة الجمهورية، الذين اندفعوا لسحب أوراق ترشحهم منذ اليوم الأول لفتح باب الترشح، رغم عدم حصول بعضهم على مؤهلات دراسة، وذهاب البعض الآخر لتقديم أوراق ترشحه، مرتديا «شبشب» أو راكبا دراجته النارية.

 

وفى مقابل هذه الرؤية يرى خبير آخر أن إقبال المصريين البسطاء على الترشح للرئاسة أمر إيجابى جدا، لأنه يدل على أنهم كسروا حاجز الخوف بعد ثورة يناير، وأنه آن الأوان كى يتخلص المجتمع المصرى من الموقف الاستعلائى، والحكم على الناس من خلال وظائفهم وأشكالهم.

 

وتقدم للترشح لرئاسة الجمهورية حتى ظهر أمس نحو 325 مرشحا، معظمهم من هؤلاء المغمورين، الذين يعملون فى مهن صغيرة، أو شهاداتهم التعليمية منخفضة أو متوسطة.

 

د.هاشم بحرى، أستاذ الأمراض النفسية والعصبية، بجامعة الأزهر، يرى أن المغمورين هم أول المتسابقين فى ماراثون الرئاسة، لأن هدفهم هو الظهور أكبر عدد ممكن من المرات على شاشات التليفزيون، وكتابة أسمائهم فى الصحف طوال فتح باب الترشح، حتى 8 أبريل المقبل، كمرشحين  للرئاسة.

 

وأشار بحرى إلى أن دوافع بعض المرشحين المغمورين للترشح للرئاسة قد تكون تحقيق مكاسب شخصية بعيدة تماما عن السياسة، فمنهم من يسعى إلى الحصول على أموال، ومنهم من يرغب فى الحصول مناصب قيادية والترقى فى وظائفهم، وآخرون قد يستهدفون دخول الوسط الفنى وعالم السينما.

 

ظاهرة المرشحين المغمورين لمنصب رئيس الجمهورية مرفوضة بالكلية من قبل د.سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، فيرى أن فكرة ترشح غير المتعلمين أو الحاصلين على مستويات منخفضة من التعليم يعد نوعا من الإهانة لمنصب رئاسة الجمهورية وسخرية من الشعب.

 

وأكد صادق أن سحب أوراق معظم المرشحين المغمورين يجعل البعض يستخف بالثورة ويكرهها، لأنه يرى أن إحدى نتائجها ترشح من هم أقل فى مستواهم عن حجم هذا المنصب.

 

وأضاف أن الدفع بهذا الكم الكبير من المرشحين غير المؤهلين واحد من أدوات وتكتيكات الثورة المضادة، التى يريدون من خلالها أن يترحم الناس على أيام زمان.

 

وأكد أستاذ علم الاجتماع السياسى أنه ليس من المعقول أن يكون رئيس الجمهورية حاصل على شهادة محو الأمية أو الابتدائية، لأن ذلك تشويه لصورة المجتمع وتاريخ مصر، فقدرة تحصيلهم العملية ضعيفة جدا لا تؤهل لأى منصب قيادى.

 

وأضاف صادق أن معظم المرشحين المغمورين «مجانين» ويدركون بين أنفسهم أنهم لن يستطيعوا جمع التوكيلات أو الحصول على تأييد أعضاء مجلسى الشعب والشورى، لكنهم يرون أن ترشحهم فرصة ووسيلة للشهرة.

 

وروى صادق فى سياق حديث هذه القصة: «سألت أحد المرشحين الذى يعمل حلاق عن سبب ترشح للرئاسة فقال لى أنه يرغب فى أن يعرفه أهالى الشارع الذى يسكن فيه ويشتهر وتتحدث عنه الناس والإعلام».

 

وانتقد صادق عدم وضع ضوابط محددة للراغبين فى سحب أوراق الترشح للرئاسة، رافضا فكرة المرشح التوافقى لأنها تجعل اختيار الرئيس وفقا لرؤى القوى السياسية والمجلس العسكرى، وتسرق حق الشعب فى اختيار رئيسه، من أجل الوصول إلى مرشح يكون مجرد «لعبة فى أيدى من ساعدوه فى الوصول إلى المنصب».

 

وشدد على ضرورة التأكيد على فكرة أن رئيس الجمهورية هو جزء من النظام السياسى وليس النظام كله، وأن يكون موظفا لدى الشعب وخادما له فقط وتحت المساءلة القانونية.

 

وفى مقابل الرؤيتين السابقتين يرى رئيس قسم الطب النفسى بجامعة قناة السويس د.إسماعيل يوسف، أن «اختلاف المستويات الاجتماعية والتعليمية للمرشحين المحتملين ظاهرة إيجابية، يدل على كسر حاجز الخوف فى نفوس المصريين بعد ثورة يناير».

 

وقال يوسف: «من حق كل مصرى فوق سن الأربعين، سواء كان سياسيا أو موظفا أو سباكا أو عاملا، سحب الأوراق والترشح للرئاسة، لأنه آن الأوان كى يتخلص المجتمع المصرى من الاستعلاء والحكم على الناس من خلال وظائفهم وأشكالهم، وهو ما يحدث فعلا فى مجتمعاتنا المتخلفة».

 

وقال إن العبرة ليست بالمستوى الطبقى للمرشح، فمن الممكن أن يكون شخصا بسيطا، لكن لديه صفات تؤهله للعمل فى مختلف المجالات، ففى بولندا كان أحد الرؤساء السابقين مواطن بسيط يعمل كهربائى، موضحا أن من يستطيع جمع 30 ألف توكيل بسهولة سيكون له النصيب الأكبر فى حصد الأصوات الأكثر فى صناديق الاقتراع.

 

وأشار إلى أن إزالة الحواجز الطبقية سيحل الكثير من المشاكل النفسية فى المجتمع، ويجعل شخصية كل مواطن هى المحدد لمنصبه، منتقدا نبذ المجتمع للشخصيات لانخفاض مستواهم الاجتماعى.

 

 

Leave a Reply