الشخصية المصرية في ميزان علم النفس والاجتماع.. متناقضة وتقول ما لاتفعل

المصري يصوت للأحزاب الدينية و يحرص على مشاهدة قنوات الرقص الشرقي

السائقون يكسرون قواعد المرور و يطفئون الأغاني الهابطة لسماع الآذان

80% من المصريين مزدوجين و يقولون ما لا يفعلون

الشخصية المصرية مازالت موضع جدل بين أساتذة علم النفس و الاجتماع، لا يستطيع أحد إلى الآن أن يقف على حقيقتها، و أن يترجمها ترجمة صحيحة، فالمصري مليء بالمتناقضات، و تصرفاته دائمًا موضع جدال لمن يتأملها، فإذا جاء أحد و قال إنه يفهم الشخصية المصرية خاب أمله بعد فترة وجيزة.

المصري هو من يشاهد زميلته في العمل ناجحة واثقة من نفسها؛ فيفخر بها، و ينظر إليها بإعجاب، في الوقت الذي يطلب فيه من زوجته أن تجلس في المنزل دون عمل، المصري هو من يشاهد مباريات كرة القدم و يشجعها، و ينهر ولده إذا أضاع وقته في لعب كرة القدم.

التناقضات في الشخصية المصرية لا حدود لها، و أخيرًا، ما حدث في الانتخابات البرلمانية حين قررت الأغلبية في المرحلة الأولى من الانتخابات التشريعية أن تختار التيارات الإسلامية لتمثلها في مجلس الشعب، ما دفعني إلى التساؤل؛ أليس هذا الشعب هو من جعل فيلم مثل "شارع الهرم" للراقصة دينا يحصل على أعلى الإيرادات؟ أليس هذا الشعب هو من يشاهد قنوات الرقص مثل "التت" و غيرها، و يسمح لها بالنجاح و الاستمرارية؟ عندما شعرت بهذا التناقض و هذه الازدواجية؛ فكرت أن أحاول الوصول إلى سببه و حقيقته.

أساتذة علم النفس و الاجتماع لهم تحليلهم الخاص في هذا التناقض، الدكتور رشاد عبد اللطيف أستاذ علم الاجتماع أكد أن التناقض داخل الشخصية المصرية موجود، و يمكن أن نفسره في بعض الأوقات بأنه ازدواجية، و هو الذي يجعل هناك خلط بين الاتجاهات و القيم التي يمكن أن يعيش وفقًا لها، يقول: "الإنسان يريد أن يعيش حياته و يستمتع بها، و في نفس الوقت يريد أن يكون قريبًا من الله حتى لا يشعر أن هناك هوة كبيرة تفصل بين الجانبين، و يحدث له حالة من التوهان لا يرغب في أن يعيشها"

دكتور عبد اللطيف يلقي الضوء على كون الشعب المصري وسطي في كل شيء، فهو لا يعيش حياته على حساب دينه، و لا يركز في معتقداته الدينية على حساب متعته الشخصية، و من ثم يمكن أن تظهر بعض المتناقضات؛ حيث يمكن أن نجد أن الشيخ لا يجد مانع من معاكسة فتاة؛ في حين أنه بينه و بين نفسه يعرف أن هذا عيبًا و لا يجوز.

"إنها خلطة غريبة"؛ هكذا وصف عبد اللطيف الشخصية المصرية، قائلًا إنها عندما وجدت أن هناك من يريد أن يعيدها إلى قيمها الثابتة و يخلصها من اتجاهاتها التي تتغير باستمرار لم تمانع، و خاصة عندما تم العبث و اللعب على كفة الدين التي لها حساسيتها لدى المصريين، يقول: " 80"% من الأشخاص لديهم ازدواجية، و يقولون ما لا يفعلون، بل و يعجزون عن فعله، و يكتشفون فيما بعد أنه خارج نطاق الإنسانية، و 20% فقط يقولون ما يفعلون"، لافتًا إلى أن الازدواجية مع ازدياد نسبة الأمية جعلت من السهل اللعب على اتجاهات المصريين و العبث بميولهم.

الدكتورة أميرة بدران - استشاري علم النفس و الاجتماع - ترى أن الشخصية المصرية مر عليها العديد من المتغيرات التي أثرت في تكوينها، و جعلتها تُخرج بعض السلوكيات التي قد تكون غريبة عنها، فلجأ المصري إلى السفه و مشاهدة العري عندما وجد نفسه في عالم فارغ من حوله لا يفهم عنه شيئًا، و تقول: "إننا لا نستطيع أن نحاسب الشخصية المصرية على ما تفعله؛ دون أن ننظر بعين الاعتبار إلى المدخلات و المعطيات التي أفرزت لنا هذه التصرفات التي نجدها متناقضة، فبعدما عشنا سنوات طويلة بلا تعليم، و بلا صحة، و بلا تقدير؛ كان من الطبيعي أن يفرز لنا المجتمع سلوكيات غريبة، و قد تكون شاذة، إلا أنه عندما تسنح الفرصة و يتغير المناخ السيء؛ سنجده يعود  إلى طبيعته و قيمه الثابتة".

استشاري علم النفس و الاجتماع أشارت إلى أنه من الممكن أن تصدر بعض التصرفات المتناقضة عن الشخص الواحد، فالسائق الذي يطلق السباب و يكسر إشارات المرور و يستمع إلى الأغاني الهابطة، هو نفسه الذي يغلق الراديو عندما يسمع صوت الآذان، و الفنان الذي قد يجسد دورًا خارجًا عن إطار القيم المتعارف عليها؛ هو نفسه الذي يعتمر و يحج. و تفسر بدران ذلك بقولها: " المصري له طبيعة خاصة قد لا يفهمها البعض و لا يستوعبها؛ فهو بطبيعته يحب الاستقرار و لا يميل إلى الدموية؛ فعندما يخبره أحد أن الاستقرار الذي تريده في اللجوء إلى الدين سيفعل ذلك فورًا؛ رغبة منه في العودة إلى استقراره المفقود واستجابة لنزعته الدينية المزروعة بداخله".  لكنها تتطرق إلى أن السنوات الأخيرة أفرزت لنا سياسة الرشوة و الفساد و الفهلوة التي من الصعب أن نخرجها من سلوك المصريين؛ رغم أنها لم تصل إلى العمق؛ لأن المصري له قيمه، مؤكدةً أن الدين تفسيره يختلف من شخصٍ إلى آخر؛ فقد يلجأ إليه شخص لأنه فشل في حياته، و يريد أن يفعل شيئًا يجعل الأخرون ينظرون إليه، مما يسمى بـ"التدين الهروبي"، و هناك من يكون لديه معرفة مرجعية بدينه دون أن يسلك هذا السلوك، و هناك من يسلك مسلكًا دينيًا دون أن يكون لديه معرفة، و من ثم فالشخصية المصرية يصعب تعريفها؛ إلا أنها شخصية تحتاج و تسعى للاستقرار.

      

 

 

 

   الشخصية المصرية/ تناقضات/ علم نفس/ علم اجتماع

Leave a Reply