الانقلاب عارياً

السلطة ليست دليلا كافيا لإثبات الحقيقة (صمويل جونسون)

 

في مصر هناك دائماً متسع للمتناقضات، فالسلطة الانقلابية تحاول أقناع العالم أن ما حدث في 30 يونيو ثورة شعبية، في نفس الوقت الذي يتم فيه تطبيق كل المفردات التي توجد عادةً في قواميس الانقلابات. من المسائل اللافتة للنظر حظر تداول كلمة الانقلاب في وسائل الإعلام، إلا في حال كان الكلام موجهاً لجماعة الإخوان المسلمين وحلفاءها الذين تم إقصاءهم من السلطة بطريقة غير شرعية. أخر إبداعات الانقلابيين ما يسمى بالعدوان المشروع، فقد ظلت أستاذة علم نفس تدافع عن عملية القتل الوحشية التي طالت معارضي الانقلاب تحت هذا الشعار، متمنيةً أن لا يتعاطف معهم أحد، فالمسألة لا تحتاج إلى تفكير: بندقية واحدة تجعل من عملية قتل أربعة ألف شخص عملية مشروعة.

 

الانقلابيون يملكون كل شيء بما في ذلك الوطنية، ومع ذلك يخشون من أي مقارنة مثلاً بين الثورة والانقلاب، وفي هذا الصدد قامت وزارة تربية وتعليم الانقلاب بوقف طبع كتاب علم النفس والاجتماع للثانوية العامة، بسبب درس "الفرق بين الثورة والانقلاب"، بعد أن تم اكتشاف الأمر في اللحظات الأخيرة قبل وصول الكتاب لمطابع الوزارة. وقالت "بوابة الأهرام" نقلاً عن مصدر وثيق الصلة بتفاصيل وقف طبع الكتاب، إن مستشار مادة علم النفس والاجتماع، ومعه مؤلفون آخرون، ذكروا عبارات وجمل مطولة تتحدث عن الفارق بين الثورة الشعبية وبين الانقلاب العسكري. ووفق المصدر، فإنه تم تشكيل لجنة في وقت قياسي من متخصصين في علم النفس والاجتماع لحذف هذه الجزئيات من الكتاب، فضلاً عن حذف أية عبارات تتحدث عن السياسة، خاصة فيما يتعلق بدرس "علم نفس الثورة.

 

غير مرحب أذن بكلمة الانقلاب في مصر، مع أن كل شيء هناك يشير إلى الانقلاب، فانتشار دبابات ومدرعات الجيش في المدن والميادين، وتكبيل السياسة في الجامعات، والتهديد بفصل الطلاب الذين يشاركون في المظاهرات مظاهر فاشية لا تمت بأي حال من الأحوال لأي حياة مدنية.

 

على الجانب الآخر، هناك ازدياد ملحوظ قي عدد الذين قرروا مواجهة عسكرة مصر. لقد كشف الانقلاب عن وجهه القبيح، فالإجراءات التعسفية التي كانت معتمدة في نظام مبارك عادت وبطريقة أشد، وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فإن مصر عادت أسوأ مما كانت عليه في عهد مبارك، وقالت الصحيفة الأمريكية أن النظام القمعي الذي تعمل الحكومة المصرية الحالية المدعومة من قبل الجيش على توسيعه يوما بعد يوم قد يصبح في نهاية المطاف أسوأ من ذلك الذي أقامه مبارك.

 

لطمس الحقيقة يراهن الانقلابيون على وسائل الإعلام، لكن لم يدركوا بعد، أن المظالم التي تتكدس في الشوارع لها صوت أقوى من صوت طابور قنوات مشبوهة لن تقدر مهما فعلت على ستر عورة انقلاب في منتهى الفاشية.

Leave a Reply