الإنسان والأدب في رسائل إخوان الصفا

يوضح كتاب «الإنسان والأدب في رسائل إخوان الصفا»، لمؤلفته منال إسماعيل عجوب، كيف وضع إخوان الصفا في رسائلهم الموضوعية، رؤية ومنهجاً فاعلين، فأسسوا نظرية حقيقة في المعرفة.

محورها الإنسان، وبينوا أهمية المعرفة وغاياتها التي تكمن في تحقيق إنسانية الإنسان في أجلى صورها، من خلال الانتقال به ممّا هو كائن عليه إلى ما يجب أن يكون.

وتشير المؤلف الى انه تبيّن تقدم اخوان الصفا في مجال علم الإنسان، إذ تنبهوا الى أفكار جديدة واستخلصوا نتائج سبقوا بها علماء الغرب، فقد تعمقوا في دراسة الإنسان بجانبيه المادي والروحي، فدرسوه دراسة تشريحية، من خلال الإلمام بكل ما يخصّ الجسد ومكوناته، ولم يقفوا عند حدود العَرَض والمادة، بل اهتموا بموضوع علم النفس الذي يدخل في إطار العلوم الإلهية وتعمقوا فيه ليصلوا إلى أشرف معرفة.

وهي معرفة الله عزّ وجل انطلاقاً من معرفة النفس، فبينوا الجوانب المادية والروحانية، منطلقين من إيمانهم بوجود النفس وروحانيتها. وتشير منال إسماعيل عجوب، الى ان اخوان الصفا دعوا إلى تحقيق التوازن بين الجسد ذي الطبيعة المادية وبين النفس ذات الطبيعية الروحانية،.

ووضعوا منهجاً علمياً وأخلاقياً وتربوياً سعوا من خلاله إلى الرقي بالإنسان، في أي زمان ومكان، إلى المراتب العالية، وإلى مساعدته على تحقيق معنى وجوده في الأرض، فتمكنوا من أن يؤسسوا نظرية حقيقية في المعرفة، محورها الإنسان، إذ استطاعوا الإلمام بطرق المعرفة المختلفة: الحسية والعقلية والبرهانية، وبينوا أهمية المعرفة وغاياتها التي تكمن في تحقيق إنسانية الإنسان في أجلى صورها، من خلال الانتقال به ممّا هو كائن عليه، إلى ما يجب أن يكون.

وتدرج المؤلفة سرداً تاريخياً، تشرح فيه انه ظهر إخوان الصفا ما بين أواخر القرن الثاني الهجري وأوائل القرن الثالث الهجري، وأن رسائلهم انتشرت في البداية بين أوساط المهتمين والمتخصصين، من المؤيدين لهم والمنتسبين إلى جماعتهم، معتمدين في ذلك على نظام تعليمي خاص لجمعيتهم، يعتمد الدقة في شروط الانتساب إليها.

وقد وضع إخوان الصفا فهرساً لرسائلهم، والتي بلغ عددها 52 رسالة في فنون العلم وغرائب الحكم وطرائق الآداب وحقائق المعاني. واعتمدوا في رسائلهم هذه على الإقناع، ثم أردفوها بالرسالة الجامعة لما في هذه الرسائل، واعتبروا أن الرسائل كلها كالمقدمات لها والمداخل إليها.

وإنّ من يتعمق في قراءة الرسائل تتجلّى له الأهداف واضحة، فقد كانت تصب كل فوائدهم وأهدافهم في غاية واحدة وهي الرقي بالإنسان من خلال تزويده بالمعرفة، وتهذيب أخلاقه وسلوكه.وتفرد منال إسماعيل عجوب، في الكتاب، بحثاً موسعاً، حول ماهية اهتمام إخوان الصفا بموضوع المعرفة اهتماماً بالغاً.

وقد تجلّى ذلك من خلال الإلمام بكل علوم عصرهم ومعارفه والعصور التي سبقته، فقاموا بتصنيفها وإحصائها بشكل دقيق وبعناية فائقة، وأعطوا أهمية كبيرة للترتيب والتدرج في طلبها، حسب الفائدة من كل علم ومنفعته، والغاية المرجوة منه.

وتتجلّى هذه المكانة الرفيعة للفلسفة (الحكمة) فالفلسفة أولها محبة العلوم، وأوسطها معرفة حقائق الموجودات، بحسب الطاقة الإنسانية، وآخرها القول والعمل بما يوافق العلم، وان الاجتماع بين الناس هو وسيلة وليس غاية، لأن الهدف من ورائه بلوغ الكمال، ومن ثم نيل السعادة الحقيقية.

وتشدد المؤلفة على واقع انه تميّز إخوان الصفا في استخدام أساليب فنية متنوعّة، في عرض موضوعاتهم، وبخاصة القصص الرمزية والواقعية التي احتلت حيزاً واسعاً من الرسائل، فالقصة تمتاز بقدرتها على الإقناع وتنقل القارئ إلى عوالم مختلفة، وتعتمد على تصوير واقع الإنسان ونقد سلوكه ومحاولة تقويمه.

 

 

 

 

الكتاب: الإنسان والأدب في رسائل إخوان الصفا

تأليف: منال إسماعيل عجوب

الناشر: وزارة الثقافة الهيئة العامّة السورية للكتاب دمشق 2011

الصفحات: 320 صفحة

القطع: المتوسط

Leave a Reply