الإدمـان .. يبـدأ بسيجـارة!

عماد خضر
مع تزايد انتشار ألعاب الأطفال الداعية للتدخين في الأسواق والمحلات، جاء تعليق المشروع الوطني التوعوي للوقاية من المخدرات غراس لجرس الإنذار كأمر مُلح بعد ما باتت هذه الألعاب متاحة في الأسواق الشعبية بأسعار زهيدة في متناول أطفال مختلف الشرائح الاجتماعية في دعوة صريحة لتعليم فلذات الأكباد عادة التدخين التي تعتبر أول طريق الإدمان، مع الأخذ في الاعتبار أن الأبحاث والدراسات الاختصاصية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن 90 في المائة من متعاطي المخدرات بدأوا رحلة الإدمان بالتدخين ..
.. هذه الألعاب التي تتوافر في شكل جذاب ومميز وصُنعت في دولة آسيوية وصُممت بطريقة تشد انتباه الأطفال من أول وهلة، وقدمت على شكل ألعاب مزاح بالمياه أو حلوى يتناولها الأطفال وألعاب تنبعث منها الأبخرة والأدخنة (كقطف السجائر)، فإحدى هذه اللعب صُممت على شكل عبوة سجائر كاملة المعالم ماركة شهيرة واللعبة الثانية على شكل ولاعة واللعبة الثالثة على شكل سيجار والرابعة على شكل قطف السيجارة كمنظومة مكتملة للتشجيع على التدخين ..
.. «غراس» فتح ملف ألعاب الأطفال المشجعة على التدخين وحقق فيه بمختلف أبعاده على لسان ذوي الاختصاص للتعرف الى مكامن الخلل ومحاولة علاجها، حيث استفسر من أحد مسؤولي السوق حول ماهية هذه الألعاب فأشار إلى أنها «لعب أطفال صُنعت في دولة آسيوية ويستخدمها الأطفال للهو والمزح وتتوافر «بأسعار زينة» ثم قام بشرح كيفية عملها».
وطالب مقرر لجنة الشؤون الصحية في مجلس الأمة النائب الدكتور محمد الكندري «وزارة التجارة والصناعة بسحب هذه الألعاب من الأسواق فوراً»، عازياً «انتشارها للانفلات الأخلاقي للتكنولوجيا الذي غيب الطفولة واغتال براءتها».
وأكد مدير إدارة الرقابة التجارية في وزارة التجارة والصناعة علي الهاجري أن «الوزارة ستتخذ الإجراءات القانونية حيال مسؤولي هذه الأسواق حال مخالفتهم»، داعياً «شرائح المجتمع للتعاون مع الإدارة بالكشف والإبلاغ عن المخالفات والأسواق الموجودة بها لمحاصرتها».
وحذرت رئيسة مجلس إدارة الجمعية الوطنية لحماية الطفل الدكتورة سهام الفريح من «استغلال براءة الطفولة في الدعاية للتدخين من قبل شركات التبغ العالمية أو غيرها من الجهات»، مطالبة «بإقرار تشريعات تحمي الطفل وتكفل الرقابة على ألعابه».
واعتبر خبير المخدرات والمؤثرات العقلية في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الدكتور عايد الحميدان «هذه الألعاب احدى الوسائل الحديثة للتشجيع على التدخين أول خطوات الإدمان»، مطالباً «بتشكيل فريق اختصاصي لمكافحة هذه الألعاب ومنع دخولها البلاد».
وشدد أستاذ علم النفس التربوي في جامعة الكويت وعضو لجنة الإشراف على مشروع «غراس» الدكتور بدر الشيباني على «ضرورة مواجهة هذه الألعاب باستنهاض الأدوار التربوية والرقابية للأسرة والمدرسة والمجتمع»، موضحاً أن «ألعاب الأطفال النموذجية يجب أن يتوافر فيها الأمان والسلامة وغرس القيم الإيجابية والمعرفة والتثقيف وإكساب المهارات والتسلية وتتجنب المساس بالقيم والأديان والعادات والتقاليد».
وبين استشاري العلاج السلوكي والاضطرابات السلوكية وأستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور عويد المشعان أن «هذه الألعاب تدفع الأطفال للتدخين في الكبر بنسب تتراوح ما بين 60 إلى 70 في المائة».
ودعت أستاذة علم الاجتماع في جامعة الكويت الدكتورة أنوار الخرينج إلى «تنظيم حملات إعلامية وتوعوية لاستنهاض قيم الذمة والشرف والنخوة والتدين في المجتمع لمكافحة هذه الألعاب ومكافحة بعض المفاهيم الخاطئة لدى بعض المراهقين و الداعية إلى أن التدخين يعُني الرجولة».
أما الآباء والأمهات والذين أبدوا تخوفاً على أطفالهم فقد طالبوا «بمزيد من الرقابة على أسواق ألعاب الأطفال.
التفاصيل في التحقيق التالي:
في البداية التقينا عدداً من الآباء والأمهات حيث قالت ربة الأسرة الدكتورة فاطمة رمضان «تنتشر هذه الألعاب في الأسواق الشعبية بأسعار زهيدة في متناول مختلف شرائح الأسر لكنها لا تباع في محلات ألعاب الأطفال المتخصصة»، مشيرةً إلى أنها «تحرص وزوجها على الإشراف على شراء ألعاب أطفالهم بأنفسهما بحيث لا تتسرب إليهم ألعاباً تدفعهم لعادات خارجه تضر بقيمهم».
ولفتت إلى أن «معظم ألعاب الأطفال المخلة ومنها ألعاب الأطفال المشجعة على التدخين تستورد من دولة آسيوية معينة»، مستغربة ً من «عدم لفت الجهات الرقابية في البلاد انتباه هذه الدولة لذلك عبر الآليات المختلفة».
واعتبرت ربة الأسرة نعيمة الحاي «هذه الألعاب نوعاً من الغزو الثقافي للمجتمع والداعي لإفساد أخلاق النشء لهدم القيم والعادات والتقاليد وتبرير العيب»، لافتةً إلى «ضرورة تواجد أُطر وضوابط استيراد سليمة لألعاب الأطفال والتي يجب أن تخضع لرقابة من نوع معين» ، مطالبة «بإقرار عقوبات مشددة من قبل الدولة على التجار الذين يجلبون هذه الألعاب، بالإضافة إلى سحب تراخيص المحلات والأسواق التي تروجها».
وأشادت «بعمليات الاشارة التي تتم عبر بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بوجود ألعاب أطفال مخلة في محلات أو أسواق معينة والتحذير منها ما يدلل على تطور الوعي المجتمعي».
ومن الآباء تحدث إلينا مشعل مبرك العازمي قائلاً: تعتبر أفضل وسائل مكافحة هذه الألعاب تطبيق وتفعيل حديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم القائل ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ) ليمارس المسؤول دوره بمنع دخول هذه الألعاب للبلاد ويمارس التربوي دوره في تنشئة الأجيال وتمارس الأسرة دورها بالرقابة على أبنائها ويمارس المجتمع دوره بالرقابة وتقديم القيم والرؤية»، لافتاً إلى أن « مخاطر ألعاب الأطفال الداعية للتدخين تتخطى تشجيع الأطفال على التدخين إلى مخاطر إشعال حرائق بتعويد الأطفال على اللعب بالولاعات».
ودعا العازمي إلى «مراعاة كل مسؤول لضميره واستنهاض الوازع الديني بداخله ومنع دخول وترويج هذه الألعاب في الأسواق حمايةً للنشء ولفلذات الأكباد الذين لا يملك الآباء أغلى منهم في هذه الدنيا متسائلاً «ما الحال عندما نجد أبناءنا يوضعون على أول طريق الإدمان عبر هذه الألعاب؟!».
أما رب الأسرة علي جاسم علي قاسم فأشار إلى أن «الطفل العربي مستهدف من قبل دول أخرى تستغل الثقافة الاستهلاكية والرفاهية المادية لدى شريحة كبيرة منهم بتقديم هذه الألعاب لهم وترويجها في أسواق بلادهم».

الإنفلات الأخلاقي
طالب مقرر لجنة الشؤون الصحية في مجلس الأمة وأحد مقدمي مقترح قانون إنشاء الهيئة العامة للوقاية من المخدرات النائب الدكتور محمد حسن الكندري «مسؤولي وزارة التجارة والصناعة لضبط هذه الألعاب وسحبها من الأسواق والتنسيق لمنع دخولها حفاظاً على قيم وصحة النشء والمجتمع»، معبراً عن «أسفه لانتشار مثل هذه الألعاب الداعية لعادة سلبية ذميمة هي التدخين الذي يتسبب في الإصابة بأمراض السرطان والرئة وتمتد آثاره للإضرار بالمحيطين بالمدخن فيما يعرف بالتدخين السلبي».
ولم يستبعد الكندري «وجود استهداف للنشء الكويتي كمحصلة لجهود ومخططات خارجية»، مؤكداً «الحاجة لتشريع مستقل لحماية الطفل وهو ما يتناسق مع ما نص عليه الدستور من حماية النشء وتعزيز المحافظة عليه».
واعتبر «ألعاب الأطفال الداعية للتدخين اغتيالاً لبراءة الأطفال وتنطوي على مخاطر اختطاف وتغييب الطفولة»، لافتاً إلى أنها «تنضم لسلسلة الألعاب الخطرة الموجهة للأطفال وتحثهم على العنف والقتل والدموية وغيرها من السلوكيات الضارة».
وعزا الكندري «بروز وانتشار هذه الألعاب إلى الانفلات الأخلاقي للتكنولوجيا والتي تتنوع ما بين الألعاب المشجعة على السلوكيات السلبية وغيرها من الألعاب التي تطلق ألفاظاً بذيئة أمام الطفل خلال عملية اللعب»، متسائلاً «أين دور مؤسسات حماية الطفل والجمعيات النسائية في التوعية بمثل هذه المشكلات عبر الندوات التوعوية والحملات الإعلامية الموجهة للأسرة والآباء حول الألعاب الخطرة والضارة بالسلوكيات؟!».
ولفت إلى «الافتقاد للاهتمام الإعلامي بمثل هذه القضايا المتعلقة بالطفولة والنشء «،وموضحاً أنه «تقدم وزملاءه النواب عادل الدمخي وخالد السلطان وعبد اللطيف العميري وعمار العجمي بمقترح قانون إنشاء الهيئة العامة للوقاية من المخدرات بهدف دعم الجهود الحالية في هذا المجال والإضافة إليها».
وبين الكندري أن «هذه الهيئة ستحظى في حال إقرار قانونها بالاستقلالية المالية والإدارية»، مشيراً إلى أن «هذه الهيئة ستكون مركزاً تتضافر فيه جميع جهود الجهات المعنية بالوقاية من المخدرات والتوعية والتثقيف بأضرارها، وسيلمس الجميع دورها وثمرة عملها بشكل ملحوظ».
وقدر جهود اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات، والمشروع التوعوي الوطني للوقاية من المخدرات غراس، وقال: نأمل أن تحذو كثير من مؤسسات الدولة، سواء في الجهات الحكومية أو المدنية حذوهم، خصوصاً أن لهم إسهامات طيبة في مواجهة آفة المخدرات.

ألعاب تمس القيم
وأوضح مدير إدارة الرقابة التجارية في وزارة التجارة والصناعة علي الهاجري أن «القوانين والقرارات الوزارية ذات الصلة تحظر تداول أية ألعاب تمس بالقيم، أو تخالف الآداب والنظام العام»، مؤكداً أن «وزارة التجارة والصناعة ستتخذ الإجراءات القانونية الرادعة ضد المخالفين»، وقال: نعد باتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين، خصوصاً أن هذه الألعاب تخالف الآداب والنظام العام».
وأضاف «ستطال أيدي مفتشي الوزارة أسواق هذه الألعاب لتحاصر أية مخالفات»، مشيراً إلى أن «عمل المفتشين وجولاتهم المفاجئة على الأسواق موجودة على مدار الساعة، ويتفاعلون مع شكاوى المستهلكين المختلفة رغم ضغوط العمل التي تحيط بهم».
ودعا الهاجري «المستهلكين من المواطنين والمقيمين إلى مزيد من التعاون مع إدارة الرقابة التجارية ومفتشيها بالكشف والإبلاغ المباشر عن أية مخالفات يلاحظونها في مختلف الأسواق والمواقع»، آملاً «تكريس رؤية للشراكة في العمل بين الإدارة والمستهلكين للكشف عن المخالفات في الأسواق ومحاصرتها».
وأوضح أنه «من الصعب على مفتشي الإدارة تغطية جميع مناطق وأسواق البلاد في آن واحد، ما يؤكد أهمية تعاون المستهلكين بالكشف والإبلاغ عن المخالفات، تحقيقاً للمصلحة العامة والهدف المشترك».

قانون للطفل
وحذرت رئيسة مجلس إدارة الجمعية الوطنية لحماية الطفل الدكتورة سهام الفريح من «محاولات استغلال براءة الطفولة في الدعاية للتدخين من قبل شركات التبغ العالمية أو غيرها من الجهات»، مطالبة «السلطتين التنفيذية والتشريعية بإقرار قانون خاص ومستقل للطفل، يعمل إلى جانب قانون الأحوال الشخصية لحماية الطفل وحقوقه».
وأوضحت ضرورة إصدار مثل هذا التشريع، حيث إن وجوده سيضمن تصعيد شكاوى معينة على مختلف المستويات ضد أي انتهاكات ضد الطفل ما يردع أي محاولات لإيذاء الطفولة، ويمنع استغلالها»، مشيرة إلى أن «هذه الألعاب التي تمس بالقيم والأخلاق وغيرها من الألعاب الخطرة والممارسات الضارة بالطفل تنتشر في مختلف الأسواق وبأسعار زهيدة».
وأكدت الفريح أن «سماح الأسرة للطفل باقتناء هذه الألعاب واللعب بها، أو التعرض لممارسات سلبية يعتبر من قبيل الخطأ الفادح والقصور الواضح الذي تتحمل الأسرة مسؤوليته».
وأشارت إلى أن «الجمعية الوطنية لحماية الطفل تركز جهودها بشكل دائم على الطفل والمتصلين به، وتتواصل دوراتها التوعوية والتدريبية للأطفال والآباء والأمهات والاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين، وتستهدف من خلالها عدم إهمال الطفل وعدم تعريضه للمخاطر، خصوصاً أن هدف الجمعية الحد من الأذى والانتهاكات، والتصدي لكل ألوان الأذى التي قد يتعرض لها الطفل».

مجلس التعاون
وأوضح استشاري الطب النفسي والرئيس السابق لقسم الطب النفسي في مستشفى الطب النفسي في وزارة الصحة الدكتور عادل الزايد أن «نتائج أحد الأبحاث المهمة التي أجريت على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2008 توصلت إلى أن 90 في المائة من متعاطي المخدرات بدأوا رحلتهم للإدمان بالتدخين، ومن ثم يجب أن تعي جميع الأسر ومؤسسات المجتمع هذا الأمر»، لافتاً إلى أن «البحث أجرته لجنة اختصاصية في الكويت مُشكلة من جهات عدة، منها وزارة الصحة والتربية والتعليم العالي والداخلية ممثلة في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وضمت أيضاً عدداً من خبراء المخدرات والمؤثرات العقلية واستشاري الطب النفسي وأعضاء المجلس البلدي، ما يؤشر إلى مصداقية وشمولية نتائج هذا البحث التي التوصل إليها».
وأشار الزايد إلى أن «عادة التدخين بجانب كونها عادة ذميمة، فإن ضررها كما هو متعارف عليه طبياً لا يقتصر على المدخن فقط، بل يطال المحيطين به أيضا»، مشيراً إلى أن «وزارة الصحة في بعض الدول الغربية وقعت تعويضات على شركات التدخين لما تسببه من أمراض للمدخنين، أبرزها أمراض سرطان الرئة وغيرها».

عالم الإدمان
وقال خبير المخدرات والمؤثرات العقلية في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الدكتور عايد علي الحميدان «تعتبر هذه الألعاب إحدى الوسائل الحديثة للدعوة للتدخين الذي يعتبر الخطوة الأولى لدخول عالم الإدمان»، مطالباً «برقابة من قبل وزارات التجارة والصناعة والشؤون الاجتماعية والعمل والتربية والتعليم العالي والاختصاصيين من علماء النفس والاجتماع، بتشكيل فريق للرقابة ومكافحة هذه الألعاب، ومنع دخولها للبلاد أو تداولها في الأسواق».
وأضاف «تتواجد ألعاب الأطفال المشجعة على التدخين في كثير من دول العالم، لكن تطبع عليها تحذيرات معينة وتستخدم كمجسمات إيضاحية للشرح في بعض الدراسات وليس كألعاب للأطفال ويُحظر تداولها بين الأطفال في المدارس وخارجها»، ناصحاً «باستخلاص الدروس من ألعاب الاطفال الخطرة والعنيفة والتي تم تداولها بين الأطفال فدفعت كثيراً منهم لممارسة العنف والجريمة بين زملائهم وأشقائهم داخل الأسرة الواحدة».

الإيهام النفسي
وأشار أستاذ علم النفس التربوي في كلية التربية في جامعة الكويت الدكتور بدر الشيباني إلى أن «هذه الألعاب تضفي إيحاءات النشوة والإيهام النفسي على الطفل وتدفعه للارتباط بعادة التدخين، خصوصاً أن اللعبة ترتبط بكيان الطفل في صغره»، مبيناً أن «مواجهة هذه الألعاب وسلبياتها تقتضي ضرورة متابعة الأسرة لأطفالها باتباع سياسة الحوار والتفاهم والتعقل وتجنب سياسة القهر النفسي لسلبياتها الخطيرة مع ضرورة عدم التضييق على أبنائها وفي الوقت نفسه لا يُترك لهم الحبل على الغارب يفعلون ما يشاءون ولابد أيضاً من تقنين مصروفاتهم، خصوصاً ان الرفاهية المادية متهمة إلى حدٍ بعيدٍ في دفع الأطفال والشباب لعادات سلبية، إلى جانب ضرورة تفعيل دور المدرسة التربوي والرقابي على الأطفال على الوجه المطلوب».
وقال «تقتضي عملية المواجهة أيضا ضرورة ممارسة دور رقابي مجتمعي على الأطفال والأسر وأسواق ومحلات بيع ألعاب الأطفال من قبل مؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى إقرار تشريعات اجتماعية أو تطوير الموجودة منها لتواكب تطور وتكنولوجيا تهريب هذه الألعاب المحظورة وسبل جلبها وأساليب الدعاية لها»، مؤكداً أن «الكويت كبلد خليجي غني مستهدف من قبل دول في المنطقة تتحين الفرصة للانقضاض على الأجيال الصاعدة في محاولة للنيل منها ومن ثم فإن نظرية المؤامرة موجودة ولا يمكن نفيها أو تجاهلها كلياً».
واستذكر الشيباني «دور وزارتي البلدية والتجارة والصناعة في أوائل السبعينات في قضية مشابهة، حيث انتشر منتج (حلوى) على شكل السيجارة فقامت أجهزة الوزارتين الرقابية على الفور بسحبها من الأسواق»، موضحاً أن «ألعاب الأطفال النموذجية يجب أن يتوافر فيها عوامل الأمان والسلامة وغرس القيم الإيجابية والمعرفة والتثقيف واكتساب المهارات والتسلية ولا تمس بالمبادئ والأديان والعادات والتقاليد»، داعياً «لتدشين حملة توعوية وتثقيفية لحماية الطفل من جميع الانتهاكات والممارسات الماسة به سواء كانت ألعاباً خطرة أو هادمة للقيم والأخلاق أو غيرها من الانتهاكات المعنوية والنفسية، بالإضافة إلى دفع التعاون بين الجهات ذات الصلة لمكافحة جميع الظواهر السلبية التي تحيط بها».

علم نفس المستهلك
وأشار استشاري العلاج السلوكي والاضطرابات السلوكية وأستاذ علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتور عويد المشعان إلى أن «ألعاب الأطفال المشجعة على التدخين تدفعهم للتدخين في الكبر بنسب تتراوح ما بين 60 الى 70 في المائة»، موضحاً أن «بعض الدول تُخضع هذه الألعاب لدراسة وبحث عبر علم نفس المستهلك لمزيد من البحث حولها ولتحديد إيجابياتها وسلبياتها على مستخدميها».
وشدد على «ضرورة حرص الأسر على مناسبة اللعبة لعمر الطفل كما يحدث في الدول الأوروبية التي توجد فيها قوانين تقنن هذا الجانب»، مطالباً «بتشديد الرقابة على الأسواق ومنع دخول هذه الألعاب مع الحرص على توفير أخرى تزرع قيماً وأنماطاً سلوكية إيجابية في الأطفال لأن اللعبة في حد ذاتها ليست دمية صماء يحركها الطفل أثناء لعبه بها فقط بل تمثل قيمة للطفل في سنواته الأولى تثير ملكة التفكير لديه وتثري وجدانه وتحاكيه ويحاكيها».

قيم النشء
واعتبرت أستاذة علم الاجتماع في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتورة أنوار الخرينج «هذه الألعاب مؤشر خطر لهدم قيم النشء ومبادئ المجتمع وزرع عادات غريبة في الأجيال الصاعدة يتبعونها بنسبة كبيرة في الكبر، خصوصاً أن الأطفال مُقل.دون للكبار»، موجهةً «سهام نقدها اللاذع للتجار الجشعين من مروجي هذه الألعاب الهادمة للمجتمع بغية الربح بأي وسيلة ولو على حساب الزهور والزهرات من الأطفال».
ودعت الخرينج «لحملات توعوية وإعلامية لاستنهاض قيم النخوة والذمة والشرف والتدين لدى بعض التجار ليتجنبوا جلب وترويج هذه الألعاب، بالإضافة إلى مكافحة بعض المفاهيم الخاطئة لدى بعض المراهقين والتي توحي لهم بأن التدخين يعني الرجولة والشخصية المستقلة».

الخط الساخن :
94928282

Leave a Reply