الأطفال في ليبيا ومخاطر اللعب بأسلحة مصطنعة

مع تأكيد أستاذ علم النفس عبد العزيز القوصي على أن اللعب وسيلة لأعداد الكائن الحي للعمل الجدي الذي يقوم به في المستقبل يحذرالكاتب علي عبد الرحيم صالح من أن تلك الألعاب تقوي سلوك العنف ومشاعر الكراهية لدى الأطفال بشكل مخالف للأساليب التربوية الحديثة .

وأضاف صالح في مقالة بعنوان:" براءة الأطفال بين براءة الأمس وعنف اليوم" أن ما نشاهده الآن في ألعاب الأطفال التي تشجع وتحبب لهم سلوك العنف مثل المسدسات والبنادق البلاستيكية والألعاب الفيديو الحربية، تساهم في تنمية المعرفة بالكيفية التي يمكن عبرها قتل الآخر وقهره. فهذه لا تخدم فكرة حماية النفس أومواجهة خطر داهم، بل تنمي لدى الطفل الرغبة في ارتكاب أعمال العنف القائمة على القتل والتعذيب في صور مظاهر الغش و الخداع والمكر. " إنها الألعاب أبعدت أطفالنا عن كل ما هو أنساني وأخلاقي، فأصبحت تبني شخصية الطفل على مشاعر الكراهية والحقد والبغض وممارسة العداء، فقتلت المشاعر تجاه الآخرين".

 

في طريق تغييرنفسية الطفل وبراءته

Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:  طفل في طرابلس يحمل لعبة على منوال سلاح في بعض شوارع ليبيا يقابلك فتيان وهم يلعبون حربا بين الثوار وكتائب القذافي. تجدهم يختبئون في الأزقة وعلى حافة الطرقات وهم يقلدون العساكر والثوار في أفعالهم كإطلاق الرصاص وطريقة القبض على الأعداء أوالعمليات الهجومية وصنع البوابات للحراسة وغيرها. بل إنهم يتفننون في صناعة البنادق بعد أن قاموا بتجميع مخلفات الرصاص المندثر في الشوارع. وقد أثار ذلك انتباه أولياء الأمور الذين يخشون على أبنائهم من الوقوع في فخ الألغام ومن تغييرسلوك الأطفال ونفسيتهم. وهم يأملون من أن تساهم المدارس ومنظمات المجتمع المدني في تغيير هذا الوضع ونقل الأطفال الى مستقبل أفضل من الفترة البائسة في تاريخ ليبيا حيث تتبعوا أمام التلفاز الصراعات بين الثوار والكتائب على مدى ثمانية أشهر مما عاد بالسلبية على سلوكيات وعادات وأخلاق الصغار وحتى الكبار منهم .

 

لعبة الحرب: انعكاس لما حدث في ليبيا

Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:  الألعاب في شكل أسلحة تستهوي أطفال ليبيا بالقرب من رئاسة الوزراء بالعاصمة الليبية كانت هناك مجموعة من الأطفال الذين يلعبون لحظات حرب بين الشوارع. ومن بين هؤلاء عادل الكريو في الثالثة عشر من العمر وتلميذ بالصف السابع. وهو عن وعي  من أن " لعبة الحرب المصطنعة" تعكس ما حدث في ليبيا. "نحن نقلد الثوار, ونصنع السلاح من أنابيب المياه. وقمت بصناعة هذا السلاح بنفسي بعد أن قمت بتجميع بقايا الرصاص من الشارع الذي أقطن به بعد تحريره".

وعن مجرى أحداث اللعب يقول الطفل عادل "نحن نختبئ ونضربهم بالرصاص الذي هو حبات البوشار (الذرة) ثم نذهب الى شارعهم ونداهم العمارة التي يسكنون فيها, وبالأمس أمسكنا ب 12 أسيرا  منهم وجدناهم يخزنون السلاح في حقيبة نعتبرها مخزن سلاح وهي مليئة بالروائح ( قنابل مسيلة للدموع ) مع البالونات المملئة بالمياه ولا يتم إطلاق الأسرى إلا بعد إرسال رصيد للهاتف المحمول من قبلهم بقيمة 2 دينار , وعند الهجوم نغطي وجوهنا بأقنعة ونظارات شمسية" .

ويؤكد الطفل عادل أن الآباء والأمهات يحذرون الأبناء من مثل هذه الألعاب العسكرية. أما إبن عمه عبد الكريم بالصف المدرسي السادس وعمره 12 سنة فيتحدث قائلا "نريد أن نكون مثل الثوار, وأنا قمت بصنع سلاح من لوح الخشب وبقايا الرصاص من رشاش عيار14.5 والبنادق كما قمت بتلصيق الأنبوب والرصاص ليكون مشابها لبندقية الكلاشنكوف".

وتحدث الطفل محمد الساعدي في الثانية عشرة من عمره وهو من نفس الفريق قائلا: "نلعب مع أطفال الشارع الأخر ونقوم بحرب تجريبية, فعندما نعلم أنهم قادمون للسيطرة على شارعنا وعلى ما نملكه من سلاح نقوم بصد هجومهم والرد عليهم. لقد صنعنا مسدسات وبنادق, وهناك من يريد أن يلعب وكأنه قناص.

 

Bildunterschrift: خبراء يحذرون من عواقب لعب الأطفال بألعاب في شكل أسلحة

الأمهات وعلماء النفس يتحدثون عن "الظاهرة"

ولاحظت إحدى الخبيرات الاجتماعية بمدرسة طرابلس الثانوية للبنات أن الأطفال يجمعون بقايا الرصاص رغم تحذيرهم من خطر ذلك. وكثيرا ما يكون جوابهم "|إنه فارغ", واستدركت قائلة:" أثناء حضوري لحفل عرس وجدت أطفالا في الرابعة من العمر يجمعون الرصاص".

وعلى العموم فإن الأطفال في المرحلة الابتدائية والإعدادية يصنعون مجسمات للسلاح ويرسمون لوحات تعبر عن ذلك. فهم يجسدون ما مرت به ليبيا وما ترسخ في أذهانهم بسبب "سيطرة وسائل الإعلام على حياتنا من نشرات وتغطية ومن رسوم متحركة عن قصص العنف " كما تقول المعلمة نجاح بالمرحلة الثانوية ووالدة 3 أطفال. وتتحدث عن تجربتها قائلة:" صغاري يلعبون حربا في البيت ويقسمون أنفسهم بين ثوار وكتائب وقد يتقمص أحدهم شخصية القذافي".

 وفي مواجهة ذلك تعمل الأم ما في وسعها بهدف توعية أطفالها بمخاطر اللعب بالحرب فوضعت تلفازا خاصا في غرفة الأطفال بهدف حمايتهم من صور الحرب الدائمة في بعض القنوات غير أنها لاحظت في وقت لاحق أن الأطفال يتابعون نشرات الحروب والأغاني والأناشيد الوطنية الجديدة للثورة.

 

عصام الزبير- طرابلس

مراجعة: عبدالحي العلمي

 

Leave a Reply