يا رب جوّع شعبي!! (بقلم فيرا بو منصف)

سؤال في علم النفس: نحن مَن؟ أنا من أكون؟ أنت من تكون؟ نحن من نقف مثل أرقام العدّاد التي تتراكم فوق بعضها بعضا وهي تحصي مسافات فشلنا. مثل أرقام العدّاد الذي يسخر من انتظارنا طوابير أمام محطات البنزين، لنملأ بعشرين الف ليرة ما يكفينا حتى آخر الشارع ونحن صاغرين، في حين لا نملك أربعين الفا، لنملأ خزان سيارة جشعة لا تشبع ولا ترحم.

أربعون الف ليرة سعر صفيحة البنزين ونحن صامتون...

نحن من نقف طوابير في السوبرماركت لنشتري لحوما ومعلّبات فاسدة، ونطهوها ونزيّنها ونطعم منها أطفالنا وضيوفنا، وعندما نعرف انها فاسدة نتقيأ... ونلوذ بالصمت الفاسد المفسد للكرامات...

نأكل لحوما تغزوها الجراثيم ونحن صامتون...

نعيش على فتات وزير...فتات وزير بالكهرباء. نحن اللبنانيين المتباهين بحالنا وبانتمائنا، نعيش على فتات وزير متعجرف فارغ، تخيّلوا هذه النهاية عندما تتخيلون أي وزير هذا، لا كهرباء لاكثر من أربع ساعات في النهار، هذا اذا حصل... ثم يدور الموتور وفجأة يصمت، صاحب المولد يريد رفع أسعاره والا العتم...

ونعيش على فتات صاحب مولد الكهرباء ونغلّ في العتم ونحن صامتون...

نسير في الطرقات يمشي قبلنا الذعر! من يدري من يرسم فجأة قدرنا، ولا يهم ما اذا كان في عز النهار أو في ظلمة الليل. سارق، قاتل، خاطف... الشباب ناشطون جدا هذه الايام، يتربصون بالامن غير الآمن وهيهات من يردع. يختفون في قلب جمهورية "السلاح في كل الايادي"، جمهورية حارة كل مين إيدو إلو، والموضة الان طلب الفدية...

نعيش مثل عصفور مطارد من بندقية صياد، ونبتلع خوفنا ونهرب الى الصمت...

غلاء فاحش. سياسيون فاسدون مفسدون. حكومة مبدعة في ابتكار أساليب الدمار والنهب. نظام هو الاعرق ديمقراطيا من حيث المبدأ، لكنه تحول الى الاعرق في اذلال الناس وتحطيم صورة لبنان... وشو بعد في؟ شو بعد في؟؟؟؟

تنقصنا الداتا. ليست تلك التي يحجبها ذاك الوزير "الفهلوي" عن القوى الامنية، بقضية اغتيال الدكتور سمير جعجع وبأمر من قياداته "العليا"، انما داتا التحرّر والتصرّف وكسر الجمود.

لا أعرف لماذا عادت القيود؟ تتطاير قيود العالم من حولنا بايحاء من الاساس منّا، فأين نحن؟ ماذا يكبّلنا الى هذا الحد؟ ماذا يعيقنا الى هذه الدرجة؟ اين الداتا؟ اين كلمة السر التي انتجت استقلال الـ 2005؟

أمام الله أركع واصلي: يا رب جوّع شعبي!! صلاة غريبة، لكن لا يثور الا الجائع فعلا. الجائع للحرية وللخبز. من أجل الحرية، فعلناها مرة والاف المرات، الان حان وقت الخبز. الخبز ليس الرغيف وحده، لكن الكهرباء والماء والاتصالات والضمان الاجتماعي والامن ثم الامن فالامن، كلها أرغفة نحن جائعون عطشى لها، لكننا لا نبحث عن نبع ماء، بل نذهب الى حيث يجرّنا الكرّاز. تعرفون الكراز، سيّد القطيع الذي يضع جرسا الى رقبته ويجرّ خلفه الاغنام...

لبنانيون وأغنام؟؟ مش ظابطة. الشارع. الشارع أحلى المطارح وأرحبها لتلعب فيها ريح الحرية من جديد. لن ندع كم فرّيسي ليدمر الهيكل فوق رؤوسنا، نحن تلاميذ الثائر الاول في العالم، السيّد المسيح، والحرية ساحتنا، فلنملأ الساحات من جديد لنعود... لبنانيين. الا يليق بنا هذا الوسام؟

Leave a Reply