هجير علم النفس: حقيبتي أهدتني عريس من الدرجة الأولى

هذه هي صالة المغادرة للرحلات الدولية .. أواجه بشرا من كل جنس ولون ومن جميع الأعمار وأنا وأسرتي نجلس على مقاعد الانتظار تأهبا للطيران إلى دولة أوروبية.. بصري يجول بين الركاب فهذا يتناول طعامه وهذا يجادل صغاره وذلك يتحدث مع والده..
وفي مكان غير بعيد تجلس فتاة مع والدتها ينتظرون الرحلة.. وذلك شخص يظهر عليه أنه أول مرة يسافر فيسأل كل من يقابله كيف يتصرف وهناك ضحكات ومزاح بين الموظفين ليخففوا على أنفسهم عبء العمل.. أنا وأسرتي المكونة من ثلاث بنات أوسطهم أنا مع ولدين ووالدي ووالدتي، أخواي يتحدثان عن خططهما عند وصولنا للدولة الأوروبية وأختاي تتحدثان عن التسوق وبرنامج التنزه.

بين السماء والأرض
لست من هواه السفر ونزولا عند رغبة أسرتي أرافقهم .. تقول هجير طالبة الجامعة كلية علم النفس: نحن أسرة متوسطة الحال والسفر ليس سنويا وكلما سنحت لوالدي الفرصة نسافر فوالدتي ربة منزل وجميعنا في مراحل دراسية وشقتنا عادية وفرشها عادي لكن أبوينا اجتهدا في تربيتنا.. وعززا لدينا الأخلاق العالية فهذا هو الرصيد الحقيقي في الحياة فالغني من وجهة نظرهم ليس بالمال ولكن بالأخلاق.
كنت أتصور بأن الفروق الاجتماعية تظل تحكم الأفراد حتى كانت تلك الرحلة وأنا على أعتاب الثاني ثانوي، فقد أعلن للرحلة الخاصة أنها ستهبط في بلد عربي ثم تقلع لبلد غربي، جلسنا على مقاعدنا في الدرجة السياحية وبدأ الركاب كل يأخذ مقعدة وأنا انظر فيهم وابتسم فهناك المنفعل وهناك من يحمل في يده أمتعة كثيرة وهناك أطفال كل حرصهم على لعبهم أقلعت الطائرة وبين الأرض والسماء تختلف الأحاسيس والمشاعر.

أجمل صدفة
كنت أجهل ماذا يوجد فوق بياض السحب كما كنت أجهل قدري في تلك الرحلة أفكر كيف غدي وعامي المقبل أفكر في والدي كيف قسا على نفسه وضحى براحته حتى يجمع لنا المال الذي نسافر به وبعد فترة من إقلاع الطائرة عبر شاب من الدرجة الأولى متجها إلى مؤخرة الطائرة كنت أجلس في المقعد القريب من الممر.. اصطدم الشاب بحقيبتي فتأسف فهززت رأسي وأكمل طريقه ثم عاد إلى الدرجة الأولى وبعد فترة وجيزة مرت فتاة تكبرني وتعمدت أن تعثر نفسها عند مقعدي وتأسفت أيضا وذهبت وعند عودتها توقفت بجانبي وطلبت مني قلما فأخذته وذهبت للدرجة الأولى وبعد فترة وجيزة عادت ومعها القلم فطلبت منها الاحتفاظ به فلدي آخر فأخذت تسألني عن وجهة سفرنا، ولما علمت عن وجهتنا تأسفت على عدم إكمال الرحلة وطلبت مني رقم هاتفي وعنواني البريدي.
هبطت الطائرة وخرجنا ومضى أسبوعان وعدنا إلى بلادنا ففؤجئت بأكثر من إيميل من تلك الفتاة تطمئن علي ثم هاتفتني واستمرت المكالمة حوالي الساعة خلالها أخبرتني بأنها سوف تعود هي وعائلتها بعد عشرة أيام. وبعد عودتهم زارتنا هي ووالدتها في المنزل وعندما فتحت الباب وجدت ذاك الشباب وجها لوجه أمامي يحمل هدية فوقفت خلف الباب ومرت الزيارة بشكل طبيعي ثم تكررت الزيارة.

الحب والمعجزات
أخبرت والدة الشاب أمي بأن ابنها يود خطبتي فأبلغتها والدتي أن علي إكمال دراستي فأخبرتها الأم بأن ابنها لن يمانع وأنهم سيوفرون لي كل سبل الراحة لإكمال دراستي وهذا وعد ويمكن أن نكتبه في العقد كشرط فطلبت أمي مهلة منها للمشاورة وعندما سأل والدي عنهم وجد حالتهم المادية ميسورة وبصراحة لم أشعر منه ولا من أسرته بأي فارق أو ترفع أو تعالٍ ورغم ذلك رفضت فكرة الخطوبة فأنا لا أريد أن ارتبط بشخص يعيرني بمستواي وأنه أفضل مني حالا، وعندما بلغهم رفضي حدثتني أخته فأخبرتها بما يجيش في خاطري فطلب أن يحدثني فحدثته وصارحته فضحك وأقنعني بأن المال ليس كل شيء في الحياة وأن الحب يزيل كل الفروق والعقبات، وقال إنه شعر بحبه لي منذ اللحظة الأولى مع وعد قاطع منه على صوني وضمان كرامتي فشعرت تجاهه بميل كبير وتزوجنا في إجازة نصف العام وأنا في الثاني ثانوي وبكل أمانة رغم الفارق المادي إلا أنهم جميعا لم يشعروني بأني أقل منهم.. الآن أنا في مستوى ثانٍ في الجامعة ولدي طفل وزوج رائع وأهل زوج قمة في الروعة رغم فارق المستوى المادي والاجتماعي .. أنا على يقين كامل بأن الحب الحقيقي يزيل كل الفروق.
 

Leave a Reply