قديمك قد لا يكون نديمك د. حنان حسن عطاالله

    اطلعت على مقالة جميلة تتحدث عن أفضل ثلاثين عالم نفس في العصر الحديث. بالطبع تضمنت عددا من الأسماء المشهورة التي نُدرسها نحن المختصين في هذا المجال، والبعض يندر ذكره هذا إذا لم نذكره بالمرة!

معذرة لكل من يقرأ مقالي هذا وهو خارج تخصصه! فالفكرة التي أريد طرحها هي تمسكنا بالقديم وخوفنا من تبني الجديد وبذلك نتبع الحكمة التى تقول "قديمك نديمك لو جديد أغناك". هذه الحكمة تصدق في كثير من الأمور إلا في العلم والمعرفة! فالجديد له الأولوية فمثلاً من المستحيل أن نعود اليوم لاستخدام التلفزيون غير الملون أو نرجع لوسائل الحياة القديمة ونترك الجديدة بسبب عنادنا أو إصرارنا على التمسك بالقديم!

وهذا ينطبق فى مجال علم النفس، فعلى سبيل المثال لم يكن للاهتمام بالحوار بين الزوجين تلك القيمة في أدبيات علم النفس، لأنه في السابق كانت الأسر الممتدة وكانت أهمية الحوار مفقودة حيث السيطرة المطلقة لرب الأسرة ولوجود أفراد آخرين. بينما اليوم ومع اختفاء نظام الأسرة الممتدة الحوار هو الشريان الحيوي في ظل سيادة نظام الأسر النووية.

في مجال تخصصي فنحن ندرس وُندرس علماء النفس القدامى من أمثال فرويد وبافلوف وسكينر وغيره وذلك جيد ولا اعتراض عليه. فهؤلاء العلماء لهم بصماتهم التى ستظل معنا للأبد ولكن نغفل تماماً أو إلى حد كبير المبدعين اليوم فى هذا المجال وقد ننسى وجودهم! في الجامعات الغربية لهؤلاء العلماء مكان في منهج علم النفس وذلك من خلال مادة تسمى "تاريخ علم النفس" أو "تطور النظريات في علم النفس".

عندما قرأت قائمة الثلاثين عالماً المبدعين في عصرنا الحديث في علم النفس. وجدت أن لبعضهم نظريات وكتباً في بعض مجالات علم النفس لم يأت بها الأوائل! خذوا على سبيل المثال العالم Robert Trivers روبرت تريفرز والذي يعد من أفضل العلماء في نظرية التطور منذ تشاراز داروين! تميز بدراساته الرائدة في مجال الإيثار، والتعاطف والتعاون والصراع بين الكائنات الحية. أيضا البروفسورةAlison Gopnik أليسون جوبنيك والتي تميزت بأبحاثها في اللغة وفلسفة العقل وكيف تؤثر اللغة على سلوك البشر.

للأسف مناهج علم النفس تخلو من أسماء هؤلاء! وتجد للأسف الشديد مقاومة حتى من الأساتذة أنفسهم في اللحاق بالجديد في علم النفس، وأعتقد هذا هو الحال في سائر العلوم في جامعاتنا!

التمسك بالقديم ومقاومة الجديد فكرة تجدها مبثوثة في لغتنا وفي تصرفاتنا، ولكن لا يعني ذلك أنها فكرة جيدة بل هي فكرة معطلة والقديم قد يعيق تفكيرنا في الأحسن ولعل التمسك فيه هو أحد الأسباب في تأخر العرب والمسلمين! نسيت أن أذكر أن قائمة أفضل 30 عالما في علم النفس تخلو من أي اسم لشخص مسلم أو عربي! ولا غرابة في ذلك!

Leave a Reply