فتيات فلسطين قادرات على التفوق وإزالة القيود

في الوقت الذي تحقق فيه الفتيات والنساء الفلسطينيات المزيد من النجاحات الأكاديمية وفي الحياة العملية عاماً بعد عام فإن هذه النجاحات لا تعكس بالضرورة واقعاً وردياً للفتيات اللواتي يعشن في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد الشرقية وقرارات الأهالي التي لا تزال تتحكم في مصير الفتاة وتحديد ورسم ملامح مستقبلها باعتبارها دون مرتبة الذكور، 20% من النساء الفلسطينيات مطلقات.

وذلك بحسب معلومات حصلت عليها «البيان» من مؤسسات نسوية، ويرجع أخصائيون في علم النفس والاجتماع ذلك إلى التنشئة الاجتماعية الخاطئة التي تربي الأفراد على العادات والتقاليد التي ترفع من قيمة وشأن الرجل وتحط من شأن المرأة وتعطي للرجل أدواراً رئيسية مقابل أدوار ثانوية للمرأة، الأمر الذي يجعل الرجل يتعامل مع المرأة وكأنها في مرتبة دونية وأقل منه، ولذلك تنشأ المشاكل ويحصل الطلاق.

طموح الفتاة

الاخصائية النفسية نعمة عساف ترى أن اصرار الفتاة على تحقيق طموحها لا يدخل في باب عدم طاعة الوالدين، مضيفة أن من أهم المشاكل التي تعاني منها الفتاة هو عدم أخذ رأيها ومشاركتها في اتخاذ القرار حتى لو كان يخصها ويمسها بشكل مباشر مثل: التعليم الجامعي ونوعيته وطبيعة الاختصاص واختيار شريك حياتها، فهي اذا خالفت رأي ورغبة والديها تصبح من وجهة نظر المجتمع والأهل غير مهذبة وغير مطيعة لهم، وتشير عساف الى أن الفتيات اللواتي يقف اهاليهن في وجه طموحاتهن وحقهن في اختيار شريك المستقبل يعشن صراعا داخليا ويعانين من الاحباط والقلق النفسي.

ويتجلى ذلك بنوع من الضيق والعصبية، وتضيف عساف "للبيان" ان هناك اهالي يقومون بتعليم الذكور على حساب البنات بحجة تردي اوضاعهم الاقتصادية وأحقية الذكر بالتعلم على حساب الفتاة ويقومون بتزويج الفتاة في سن مبكرة حتى لا يقومون بتعليمها، مع التأكيد على ان تعليم الفتاة وتحقيق طموحها يساهم في الانعكاس ايجابا على وضعها النفسي وعلى محيطها الذي تعيش فيه.

وتقول عساف ان هناك عوامل شخصية واجتماعية تعاني الفتاة منها كنتيجة لتحقيقها لرغبة الأهل وتجاهل خياراتها، حيث تصبح في حالة خجل وضعف في شخصيتها ومحاولتها نسيان تعرضها للضغوط من قبل الاهل ومحاولة تغيير شخصيتها لتتلاءم مع شخصية محيطها .

اضافة الى معتقدات المجتمع الذي يعتبر الضغط على المرأة قضية عائلية لا يجوز التدخل فيها، كما ان العائلة تبرر الضغط الواقع على الفتاة كنتيجة للأفكار الموجودة في المجتمع ونظرته الدونية للمرأة.

تحقيق الذات

بدورها قالت الاخصائية الاجتماعية أريج غانم انها لا تجد مبررا لعدم اعطاء مساحة من الحرية للفتاة لتحقيق ذاتها واهدافها وطموحاتها، واشارت غانم "للبيان" الى ان ذلك ربما يؤدي الى قطيعة بين الفتاة وعائلتها او كما يسمى في الدين عقوق الوالدين وهذا يخلق شعورا دائما بالذنب لدى الفتاة مما يؤثر على حالتها النفسية والعقلية ونظرتها لنفسها .

ولا ترى غانم ان تحقيق طموحات الفتاة التعليمية وحقها في اختيار شريك الحياة عقوقا للوالدين او تمردا بل اختلافا بالآراء والقناعات وتضيف غانم انها تؤيد تحقيق الفتاة لطموحها لتوفر لنفسها حياة كريمة ملؤها العطاء محذرة من الانعكاسات السلبية على شخصية الفتاة التي لا تحقق طموحاتها والمتمثلة بالخضوع الدائم للآخرين وقلة الابداع والثقة بالنفس.

إرادة شخصية

من جهتها تعتبر الفتاة وطن عمر ان تحقيق الفتاة لطموحاتها لا يدخل في عدم طاعة الوالدين فإصرار الفتاة على تحقيق طموحها نابع من إرادة شخصية داخلية فالطموح عادة يكون مع الشخص منذ صغره، فكل فتاة منذ صغرها تقوم برسم مخطط واضح لمستقبلها لذلك فإصرار الفتاة على تحقيق هذا الحلم يكون بسبب طاقة داخلية تستخدمها الفتاة للدفاع عن حقها باختيار مستقبلها.

ولذلك لا يجب على الأهل التدخل باختيارات أبنائهم بقدر ارشادهم ونصحهم للطريق الصحيح، لأن تدخلهم قد يؤدي الى اضرار نفسية عميقة فاختيار التخصص الجامعي او حق الفتاة في اختيار زوج المستقبل نابع من طريقة تفكير الفتاة في اختيار مستقبلها بكامل الحرية، فالأهل لا يمكنهم ان يقرروا للفتاة من هو شريك حياتها او ماذا تريد ان تتعلم .

من جانبه يقول مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين (للبيان) ان المسألة ليست هكذا، وطموح البنت أو الابن أمر مشروع ويجب ان يؤخذ بعين الاعتبار امكانات وقدرات الأهل الاقتصادية ونظرتهم لتعليم ابنتهم، وكل الأهالي حريصون على ان ينال أبناؤهم ارفع الدرجات العلمية، وعلى كل والدين مراعاة اهتمام وميول ابنائهم وطموحاتهم وهذا بطبيعة الحال ضمن قدرات الأهل ولا يجب على البنت او الابن ان يحمل الاهل فوق طاقتهم وقدرتهم.

ويضيف حسين لا يوجد علم محظور على الفتاة تعلمه، ولها اختيار التخصص الذي يلائمها باستثناء تعلم السحر لكونه حراماً، أما فيما يخص الزواج فهي لا تلزم ولا تجبر على شخص معين وقد حض الاسلام على ذلك، فلا بد من أخذ رأيها وموافقتها، لأنها هي من ستعيش معه وتقضي معه عمرها.

Leave a Reply