عندك إحباط انتخابي.."خلّيك" واثق في مواجهة الفاجر

    عندك إحباط انتخابي..خلّيك واثق في مواجهة الفاجر

    " تعبنا عشان في الآخر نتحط في الكورنر ده، تموت بالمقصلة ولا برصاصة؟ " إحباط ونظرة سوداوية وعبارات أصبحت بمثابة اللغة الرسمية للشارع المصري، وكأن لسان حاله يقول "زي ما روحنا زي ما جينا – ما اسخم من ستي الا سيدي".

    المهم في النهاية أن النظام السابق نجح بتفوق في تشويه ثورة تغنى بها القاصي والداني، إلا أن المتخصصين في علم النفس والتنمية البشرية رفعوا شعارا واحدا وهو أننا لم نصل لنهاية المطاف، وأنه لا ينبغي على الشعب المصري أن يفرط في حريته التي اكتسبها بعد عجز دام لسنوات عديدة.

    الاكتئاب الثوري

    من جانبه يرفض محمود أمين ،خبير التنمية البشرية ، ما يردده كثيرون بأن هذا نهاية المطاف فهي محطة هامة ينبغي أن نتوقف عندها، مشيرا إلى أن ما يمر به الشعب المصري حاليا يعرف بالاكتئاب الثوري وهو حالة عامة تختلف عن الاكتئاب الفردي، وهنا يصبح من الخطأ الرغبة في تجاوز الأزمة فلا بد من النظر لأخطائنا في الماضي والتي أدت بنا إلى هذه الحالة.

    ويشير "أمين" إلى أن علاج الأزمة يكمن في الوعي بأهم عوامل الأزمة النفسية وتجاوزها والتي ترجع إلى الإنقسام على أنفسنا ونظر كل فرد لمصلحته الشخصية، أو النظر لمصلحة الوطن من وجهة نظره الشخصية، فالجميع تبنوا نظريات التخوين وما يتبعها من مشاعر سلبية كالقلق والخوف من الآخر، فالإخوان يخشون الليبراليين والعكس صحيح.
    لنجد أن كل التيارات وقعت في عدة أخطاء وعلى رأسهم الإخوان ،رغم ما لهم من خبرة سياسية، إلا أنهم شكلوا عنصرا أساسيا في كآبة المصريين، فالكل تصارع على السلطة وتبنى مبدأ التشكيك والطمع بما فيهم المرشحان اللذان نحترمهما، واللذان لم يفكرا في تطبيق مبدأ الشراكة.

    ويتابع : كما أننا لم نراع الجزء الآخر الذي لم ينزل معنا إلى الميادين، ولا الأجيال السابقة التي التزمت بيوتها فأصبح من السهل جدا تشويه أفكارهم، وكان من الأجدر بنا أن نصبر ونثابر حتى نصل لتفكيرهم لا أن نتصادم معهم ونتركهم فريسة لعناصر النظام السابق الذين ضغطوا على الوتر الحساس وهو الأمن وما تسبب فيه من سوء الحالة الإقتصادية.

    ويضيف "أمين" أننا أيضا لم نلتفت لوجود جهاز المخابرات المصري بقوته الفائقة في التحكم في مشاعر مجتمع يفتقد للخبرة السياسية، ولا الأجهزة الدولية التي تحركت في سبيل الحفاظ على هذا النظام الفاسد حفاظا على مصالحها الشخصية، وتسرعنا وبالتالي وصلنا لحالة اليأس والإكتئاب التي نحيا فيها.

    وفيما تعلق بسبل تخطي هذه المرحلة يؤكد "أمين" على أن مشاعر" اليأس" لن تنهي الأزمة، لافتا أن أي شيئ نخاف منه يحدث لنا بالفعل، ويضرب  مثلا بطالب عنده اختبار إذا ياس من النجاح لن يذاكر وبالتالي سيرسب، وبالمثل إنسان ثوري أقنع نفسه أن أوضاع البلاد لن تتغير للأفضل فلن يتابع العمل وبالتالي ستفشل الثورة فعليا.

    ويتابع: بالتالي لابد وأن نتعلم من أخطائنا.. وفي مقدمتها التواصل بشكل أكبر مع حزب الكنبة الذي اتهمناه بالجهل، وخطأنا حينما تبنينا نظرية التخوين، وبدلا منها يضع كل منا نصب عينيه "ألوم نفسي أولا"، وأن نعود للتوحد ونتعلم أن نتوقف عن المطالبات الوهمية "بتنازل الفائز"، وأن نعي جيدا خطورة نظرية "تربية الديكتاتور" وأن نطرد من تفكيرنا الإيمان بنظرية الرجل الأوحد الذي يستطيع تحقيق النجاح بمفرده.

    سلام وليس استسلاما

    وفي نفس السياق يؤكد الدكتور فاروق لطيف ،أستاذ علم النفس، أن الجماهير المصرية تمر بحالة من الإيجابية إلا أنهم نتيجة تغييبهم لفترة طويلة أصبحوا كالمستجير من الرمضاء بالنار، ليس لأن الفائزين سيئين، ولكن المشكلة أن مجموعة من النسيج المصري متخوف من الإخوان، والفريق الآخر متخوف من شفيق، متناسين أن من حق الشعب تقويم من يخطئ، وأننا إذا كنا قد أخطأنا فيمكننا إصلاح أخطاءنا وأن نعي أن حالة الإستسلام لن تأتي مرة أخرى أيا كان الفائز في انتخابات الرئاسة ، وأن الحالة التي كنا عليها في الماضى أبدا لم تكن سلاما مع النظام وإنما كانت استسلاما.

    ويوضح: إذًا المهم الآن أن أفكر هل أستعيد الماضي أم أقيمه ، فلا يجوز أن نختار عن خوف. فلابد وأن نعي أننا سنختار إنسانا سنوكله لتحقيق رغباتنا وليس رغباته هو، كما أن منظور الإنسان المصري واضح فنحن وسطيين وكرماء ولا بد وأن نعامل بكرامة ، ولا يمكن أن نعيد النظام السابق بأن يكون سعينا لأكل العيش فقط . 

    القامع الفاسد والطماع

    وتلفت د.منال عمر ،استشاري الطب النفسي، في لقائها مع الإعلامي محمود سعد ببرنامج آخر النهار، إلى أن أول خطوات تخطي حالة الإحباط أن نسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية لنتمكن من حسن الإختيار، وأن النظام نجح في تقديم الإختيارات بمسميات ساعدت في حيرة المواطن لتجعله يختار الأكثر راحة له، "تحب نفضل زي ما احنا ولا نروح للكوارث".. فيضطر المواطن البسيط لاختيار الوقت الحالي مهما كانت درجة سوءه.

    مؤكدة على ضرورة استبدال كلمة "اللي احنا فيه" بكلمة"نظام مبارك السابق بقمعه وفساده"، وبالتأكيد لا أستطيع وضع يدي في يد قاتل أبنائي.

    أما المسمى الآخر "البعبع سيفعل ويفعل" ،والذي يرهبنا به الطرف الذي وصفته بالفاجر الذي يتسم بجلد يفوق الوصف في محاولات مستميتة للبقاء، فالمسمى الأكثر صحة هو"الطماع" الذي يقول مالا يفعله ويفعل مالا يقوله ووقت الجد يرجع للخلف، إلا أن هناك مساحة للحوار فإذا كان يستحي فسيكف عن طمعه، وإذا كان لا يستحي فسأمنعه، لابد وأن يعي انني أختاره وأنا على علم أنه طماع ومرواغ ويهوى الصفقات، يحب التكويش، ويريد اقصائي، لكن اللعبة الواقعية أنه لن يستطيع النجاح بدوني.

    وتختم كلامها بتذكر دعاء الفاروق :" اللهم إني أشكو اليك جلد الفاجر وعجز الواثق" ، موجهة نصحها لجموع المصريين قائلة: الأهم أن نتذكر أن لنا صوتا مؤثرا فلابد من التمسك بحقنا ومواجهة من يحيد عن الطريق الصحيح، وأن نعي أن الصفات الجيدة حينما تجتمع تغلب السيئة، وأننا "مش مدبسين في حد للنهاية" وإنما هي تجربة إذا لم تنجح فلابد وأن تكون لدينا قناعة أننا قادرين على إزاحة الفشل والإتيان بالنجاح.

     


    طباعة المحتوى

    أرسل المحتوى الى صديق

    Leave a Reply