عضو في حقوق الإنسان: والد «لمى» أقر بتعذيبها وكل المؤشرات…

الرياضيوسف الكهفي

د. سهيلة زين العابدين

طالبت عضو الجمعية السعودية لحقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين الجهات المختصة بتنفيذ القصاص بمن تسبب في وفاة الطفلة لمى ذات الخمسة أعوام التي فارقت الحياة إثر تعرضها للعنف.
وقالت لـ «الشرق» في حال أثبتت التحقيقات والنتائج أن والد الطفلة لمى هو المتسبب الرئيس في وفاتها أتمنى أن يوقع به القصاص لأن مسلسل قتل الأطفال من قبل الآباء وبالذات الأطفال من أمهات مطلقات أصبح في تزايد ولا بد من وجود عقاب رادع للحد من هذه الجرائم البشعة.
وأضافت»للأسف أنه لم ينفذ حكم القصاص سوى في حالة واحدة من هذا النوع وباقي الحالات لم تتجاوز السجن لسنوات معدودة منها حالات لم تتجاوز الخمس سنوات لأن هناك قاعدة فقهية موجودة في كتاب المغني لابن قدامى وهذا يُدرّس في المعهد العالي للقضاء والمعمول به أن الوالد لا يقتل بولده والأم تقتل بولدها، وهذه مأخوذ بها حتى في الحالات التي يقوم بها الأب بقتل زوجته، فإن كان لديه منها أبناء لا يُقتل، وهناك عدة أدلة منها الرجل الذي قتل زوجته في جنوب المملكة وهي ترضع طفلتها لم يحكم عليه سوى بالسجن خمس سنوات، وكذلك الآخر الذي سحل زوجته بسيارته حتى الموت لم يحكم عليه سوى بالسجن 12 عاما، كل هذه الجرائم البشعة تنتهي تحت حجة أن له منها أولاد، ولو فعلت الأم إحدى هذه الجرائم لتم قتلها رغم أن القرآن الكريم كان صريحاً «النفس بالنفس» ولا يوجد استثناء في الآية الكريمة، ولكن تلك القاعدة برأيي ما هي إلا اجتهاد فقهي ليس مبنياً على نص قرآني ولا حديث نبويّ.
وزادت» المؤشرات الأولية لدينا كلها تدل على أن الأب هو مرتكب الجريمة وبالتالي لابد من تنفيذ أمر القصاص إذا انتهت التحقيقات، حيث إن والد الطفلة «لمى» أقر أنه هو من قام بتعذيبها بسبب إنه كان يشك في سلوكها ويدّعي أن أمها تشغلها في أعمال منافية للآداب، ولا أعرف ماذا يهدف من وراء هذا الكلام فهذه طفلة صغيرة لا تحاسب ولا تعاقب، فهي شرعاً ليست مكلفة ولا محاسبة عمرها خمس سنوات ولا يحق له أن يمد يده عليها»

د. مها المنيف

من جهتها قالت مديرة برنامج الأمان الأسري الدكتورة مها المنيف: بأن القضايا المشابهة لحالة الطفلة لمى موجودة لدينا منذ زمن وليست ظاهرة حديثة ولكن ما كان يغيّبها عن السطح هو قلة الوعي الحقوقي لدى المجتمع، وأرجعت ظهور هذه الحالات وانتشارها عبر وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة إلى زيادة الثقافة الحقوقية للأفراد، وتحسن الخدمات المقدمة للمتضررين من العنف وإلزامية التبليغ عن الحالات المعنفة سواء من خلال القطاع الصحي خاصة بعد القرار الوزاري الذي يلزم المختصين بالتبليغ وكذلك القطاع التعليمي وبالتالي التبليغ زاد والحالات زادت بالإضافة إلى أن ضغوط الحياة زادت مما جعلها تنعكس على حدوث حالات العنف.

وأضافت المنيف: دورنا كبرنامج للأمان الأسري توعوي يهتم بأمان الأسرة كمبدأ، ونقوم بعدة حملات وعلى كافة شرائح المجتمع وكذلك عمل دورات وتدريب للأكاديميين والمهنيين المتعاملين مع حالات الإيذاء والعنف الأسري الأطباء والاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين ومنسوبي الشرطة ومنسوبي التحقيق والادعاء العام ونعطيهم دورات تدريبية على كيفية التعامل مع حالات الإيذاء.
وكذلك مساعدة الجهات الحكومية للترابط مع بعض لتقديم خدمات أفضل للمتضررين ولدينا مركز حماية الطفل في القطاع الصحي وتم حتى الآن إنشاء»41» مركزا متوزعا في جميع مناطق المملكة تابع لكل القطاعات الصحية في المملكة والآن كل مستشفى لديه فريق حماية الطفل ومراكز حماية الطفل وهذه المراكز يعمل فيها أطباء واختصاصيون اجتماعيون ونفسيون يباشرون الحالات من ناحية التشخيص والعلاج والمتابعة، وهذه المراكز أنشئت عام 2008 بقرار صادر عن مجلس الخدمات الصحية ومنذ ذلك الوقت إلى الآن تم إنشاء 41 مركزا كلها جاهزة وتستقبل الحالات، وهناك نظامان تم دراستهما في مجلس الشورى وهما نظام حماية الطفل ونظام الحد من الإيذاء والآن هما في هيئة الخبراء في مجلس الوزراء لاعتمادهما قريبا.

د. صالح اللحيدان

ويوضح المستشار القضائي والنفسي الشيخ الدكتور صالح بن سعد اللحيدان، حكم قتل الأب لابنه أو ابنته قائلاً»قتل الأب ابنه يحتاج إلى تفصيل لأن المسالة هي مسألة عامة وتحتاج إلى تقعيد وتفصيل، حيث إن قتل الأب ابنه وكان الأب عاصياً وظهرت عليه علامات المعصية والإثم والعدوان وله سوابق في هذا، وكان الولد مستقيما فإن الأب يُقاد بابنه « أي يُقتل جراء قتله ابنه أو بنته «.
وإن قتل الأب ابنه وكان الأب في حال الجهالة فإنه لا يُقتل، وإن قتل ابنه دون سبب مادي أو معنوي فهذا يخضع للاجتهاد لأنه يدخل في باب التعزير
وإن قتل ابنه دفاعاً عن نفسه فإن الأب قد لا يُقتل.
وإن قتل الأب الابن أو البنت انتقاماً من أمهم المطلقة أو التي بينه وبينها سوء تفاهم فإن الأب هنا يخضع للاجتهاد من باب التعزير.
وأضاف اللحيدان»هناك حديث ورد «لا يُقاد والد في ابنه والعلماء تكلموا في سند هذا الحديث، وأن سنده عراقي مدني فهناك من صححه والآخر العكس لكن العبرة هنا هي بالمقتضيات المصاحبة لقتل الأب لابنته أو ابنه، وفي هذه الحالات يخضع الأب لكافة الاعتبارات والقاضي يجب عليه أن يجتهد ويتحرى ويتأنى ويجمع الأصول والقواعد والأدلة ثم ينظر هو وزملاؤه في هذه القضية، وزاد اللحيدان «أما إذا انتقلنا إلى الناحية النفسية الإكلينيكية والتحليلية بعد النظرة القضائية الشرعية، فعلماء النفس التحليلي السريري الذين يبحثون معطيات الجناية .يضعون اعتبارات فالجناية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أن يكون القتل وإرادة القتل متقدمة على المرض النفسي فهذا يخضع للاعتبارات التي ذكرتها آنفاً.
وأن يصاحب القتل المرض النفسي – أي أن يكون هناك مرض نفسي لكن يصاحب جناية القتل فهذا يخفف عنه الحكم، وأن يتقدم المرض النفسي حسب الملفات الطبية وهو العلاج الطبي، بمعنى أن يكون المرض النفسي سبق الجناية ففي هذه الحال إذا ثبت هذا 100% فإن الأب يجب أن يعفى عنه ويعالج، ولكن من جانب آخر فإن علماء القضاء الجنائي يرون أن المريض النفسي أحيانا قد يستغل من الزوجة الثانية مثلاً أو من أبناء آخرين أو من بناته وأن علم النفس خاصة في مدارسه الأخيرة في فرنسا والولايات المتحدة والأرجنتين والبيرو والبرازيل ينظرون إلى الحيثيات والأسباب الدافعة للجناية، فحينها توقع الجناية على الذي استغل الأب لأن هناك أيادي قد تستغل الأب ويؤدي هذا الاستغلال إلى الجناية، ولذلك أنا أدعو كافة القضاة والمحامين والحقوقيين أن يدرسوا علم النفس الجنائي الإكلينيكي السريري لأن علم النفس التطبيقي، وعلم النفس الإكلينيكي السريري يساعدان في بعث الأسباب ونظر الحيثيات ونظر الموجبات، سواء من جهة الأب أو الأصدقاء أو من الأسرة أو أن هناك ضلالات ذهنية، وبعض الأشخاص عندهم ضلالات ذهنية وشكوك وتهيوءات وتصورات، وقد يحس الإنسان بأصوات ويشعر بوجود أشخاص غير موجودين كل هذه الاعتبارات وهذه الأمور قد تدفعه لارتكاب جناية من تلك الجنايات.

Leave a Reply