طالبات عتيد الطيبة يدرسن علم النفس قبل الجامعة !

عتيد الطيبة الثانوية ، المربية ريم مصاروة ، ادخال تخصص علمي غير مألوف الى المدرسة ، يفتح امام طلابها افاقا علمية جديدة ، ويواكب التطور السريع في شتى مواضيع العلم والمعرفة ، ويتيح خيارات دراسية اخرى امام الطلاب ، غير تلك التقليدية .
ورغم ان الطلاب في بادئ الامر لم يقبلوا على التسجيل للتخصص الجديد - " علم النفس " ، وبدا التخصص غير مرغوب في صفوف الطلبة ، وابدى كثيرون منهم التحفظ الشديد منه ، الا ان المربية ريم مصاروة لم تستسلم ولم تسمح للعراقيل بلي ذراعها ، وعملت على مواجهة كل المعوقات وتذليل كل المصاعب التي واجهتها ، بما في ذلك ايجاد واقناع الطلاب للتسجيل في هذا التخصص ، وتجاوز حالة " الوصم " لبعض المواضيع التدريسية .
اليوم بعد انتهاء السنة الاولى من تدريسها لهذا التخصص في المدرسة ، تشعر المعلمة ريم بارتياح شديد ورضا كبير ، لا سيما وان الاهداف الرئيسية التي وضعتها نصب اعينها بدأت تتحقق ، وخصوصا في مجال اكساب الطلبة المقدرة على تحليل وتفسير الظواهر المحيطة بعالمهم ، وكذلك الربط بين الامور ، الجمع بين المعرفة النظرية والقدرة على التحليل، التي تعد من اساسيات التكوين العلمي.
من ناحية اخرى ، تتقافز الفرحة من قلوب طالبات تخصص " علم النفس " ويشرق الأمل في وجوههن وهن يتحدثن لموقع بانيت عن هذا التخصص بحرارة ، ويصفن ما أضاف الى رصيدهن من معرفة ودراية ، ويؤكدن على قناعتهن واختيارهن الصائب للموضوع ..

" تخصص علم النفس يعتبر من التخصصات المرموقة .. وأدخلناه بعد فحص وقراءة نتائج مدارس اخرى .."
تطلعنا المربية ريم مصاروة في مستهل حديثها على طبيعة هذا التخصص والدوافع التي حدت بها لادخاله الى المدرسة ، قائلة :" ان التخصص الجديد " علم النفس " هو جزء من اطار شامل للعلوم الاجتماعية في المدرسة .
في السابق ، اعتمدت المدرسة تخصص علم الاجتماع ، ضمن العلوم الاجتماعية ، وفي وقت لاحق ادخلت موضوع " علم الجريمة " ،وفي هذه السنة قررنا ادخال تخصص اضافي هو علم النفس ، من باب التنويع واتاحة فرص أكبر للطلاب من أجل اختيار الموضوع الانسب لهم ، وتلبية لطموحاتهم ، واخراجهم من نطاق المواضيع التقليدية ، نحو مواضيع اخرى لا تقل اهمية عن المواضيع التي لطالما اعتادوا عليها .
وفي اطار هذا التخصص يتقدم الطلاب الى 5 وحدات بعلم النفس تشمل وحدتين علم نفس ووحدتين علم اجتماع ، ووحدة بحث .
والحقيقة ان اتخاذ القرار بخصوص ادخال هذا التخصص للمدرسة تم بعد فحص وتمحيص ، وبعد مشاورات واطلاع على المشروع في مدارس اخرى - وهي قليلة جدا - ممن تبنت هذا التخصص، بالاضافة الى قراءة معمقة في النتائج التي حققها الطلاب في تلك المدارس ، وهي عموما نتائج مشرفة .
ولا بد من الاشارة الى ان الحديث هو عن تخصص يعد من التخصصات المرموقة ، والتي بامكانها ايضا ان ترفع من شأن المدرسة ، ومن المستوى التحصيلي ، ذلك ان النجاحات في المدارس الاخرى اثبتت بأن هذا تخصص هام ، وادخاله للمدرسة سيكون له الاثر الطيب والايجابي ".

وتستذكر مدرّسة الموضوع ريم مصاروة البداية .. واللحظات الصعبة لانطلاق المشروع التي ما زالت راسخة على جدارن ذاكرتها قائلة :" لم تكن هذه مهمة سهلة اطلاقا ، كان ينبغي ان اعمل على اقناع الطلاب بالتوجه نحو هذا التخصص ، فكنت ادخل الى الصفوف وأشرح لهم عن فكرة التخصص ، غير انه في البداية لم اجد تجاوبا من الطلاب .. وتابعْتُ العمل الى ان تمكنت بمساعدة مركزة شريحة العواشر سماح شيخ يوسف من تكوين مجموعة من الطلاب ..".

" اللقاء التعليمي مع الطلاب يكون مبنيا على الحوار والمشاركة والتواصل والتفاعل بين المدرّس والطلاب "
وحول المواضيع التي يدرسها الطلاب في اطار تخصص " علم النفس " بالمدرسة ، قالت المدرّسة مصاروة :" من خلال هذا التخصص ، يتم تزويد الطلاب بالمعرفة الأساسية في مفاهيم علم النفس ، ففي البداية نطلعهم على النظريات ، نظرية التعلم ، النظريات السلوكية ، نظريات سكينر ، الذكاء وغيرها .. التركيز في البداية يكون على هذا الجانب .
من ناحية اخرى ، فان طريقة التعليم تختلف نوعا ما عن التعليم التقليدي ، فيكون اللقاء التعليمي مع الطلاب مبنيا على الحوار والمشاركة والتواصل والتفاعل بين المدرّس والطلاب ، ويهمني ان اطلع على رد فعل الطلاب ، وعلى مدى قبولهم واقبالهم على المواضيع التعلمية ، بالاضافة الى اهتمامي الكبير بمسألة التصور الذاتي لدى الطلاب ، وامتلاكهم ثقة عالية بالنفس .

بانيت : هل من صعوبات في تدريس هذا التخصص ، لا سيما واننا بشكل عام نعلم بان " علم النفس " هو تخصص جامعي وليس تخصصا لطلاب ما زالوا على مقاعد الصف العاشر ؟
في البداية ، كما سبق وأشرت ، واجهنا مصاعب في تجنيد الطلاب لهذا التخصص ، وفي تكوين وبلورة المجموعة ، في ظل مخاوف وشكوك كثيرة لدى الطلاب من جدوى دخول تخصص كهذا ، وما اذا كان يناسب تطلعاتهم وطموحاتهم المستقبلية ، ولم يكن سهلا تجاوز " وصمة التخصص الاجتماعي " خصوصا واننا بحثنا عن طلاب بمستوى وسط وما فوق ، فيما ان الطلاب بشكل عام يبحثون عن الاندماج بتخصص علمي ، وهذا يعد بنظرهم " تخصصا اجتماعيا وليس علميا " ، فاستغرق الامر مجهودا كبيرا الى ان تمكنا من تجنيد طالبات لهذا التخصص ، وما كان هذا المشروع ينجح لولا المساعدة التي تلقيتها من قبل المربية سماح شيخ يوسف ، وايضا المدير حسني حاج يحيى الذي بارك هذا المشروع .

بانيت : كيف تقيمين هذا التخصص بعد مضي السنة الاولى ؟
لم تكن هذه تجربة سهلة اطلاقا ، ذلك ان الحديث هو عن طالبات وسط وما فوق ، وكنت دائما اطمح لاعطائهن المزيد والمزيد ، كنت أسابق نفسي لكي اقدم لهن كل ما باستطاعتي .. اردت اكسابهن أكبر قدر ممكن من المعلومات والمعارف في هذا المجال للوصول بهن الى قمة التفكير التحليلي والابداعي ، ورغم انني اعمل في سلك التعليم منذ 27 عاما ، الا انني شعرت في هذه السنة وكأنها السنة الاولى التي ادرّس فيها .
دائما ساورتني مشاعر متداخلة من الخوف والقلق من رد فعل الطالبات ، وتساءلت في قرارة نفسي ان كنت اوصل لهن المادة بشكل ممتع ،لا سيما وانني اؤمن بنهج تعليمي مختلف لا يعتمد التلقين ، بل مشاركة الطالبات والمناقشة والمحاورة .. فلا افرض عليهن دور التلقي الفاتر بقدر ما اطمح الى مشاركتهن الكاملة ، ولطالما خاطبت الطالبات بقولي لهن " انني اتعلم معكن .." . وبالتالي ، اشعر اليوم بكثير من الارتياح والرضا لما حققت مع الطالبات في نهاية السنة الاولى لهذا التخصص ، واشعر انني حققت نجاحا معهن ، خصوصا على مستوى قدرتهن على المناقشة والمحاورة وتحليل وتفسير ظواهر ما بالاعتماد على المواد التي جرى تدريسها ، بالاضافة الى تطوير طريقة التفكير النقدي والتحليلي .

بانيت : كيف تمكنت من اجتياز مشكلة " الوصمة " في تخصصات التدريس ؟
اعترف ان هذه لم تكن مسألة سهلة ، غير انني اكيدة انه لولا الوعي في صفوف الاهالي والطلاب على حد سواء لما تسنى هذا النجاح .
اليوم اشعر بان الطلاب وايضا الاهالي اكثر وعيا عما مضى بكل ما يتعلق بشأن مواضيع التدريس وبشأن توجيه الابناء نحو التخصصات في المدرسة ، ولم تعد قاعدة " انا شاطر فمعناه يجب ان اتخصص بمجال الكيمياء او الفيزياء " . لقد طرأ تغير ملموس على هذا الفهم الضيق للامور .

بانيت : ماذا عن الدراسة الجامعية ؟ هل يسهم هذا التخصص باعداد الطلاب للاستمرارية بذات التخصص في الجامعات ؟
نحن نولي اهمية كبيرة لتوعية الطلاب لاهمية اتخاذ القرار السليم في اختيار تخصصهم ، بحيث يتناسب مع ميولهم وقدراتهم وتطلعاتهم المستقبلية ، فلذلك اطلب من طلابي ان يكونوا صادقين مع انفسهم ، وان يفكروا بالامور مليا ويكونوا على اقتناع تام بما يختاورن .
ان الانخراط في هذا التخصص ، يعتمد مراعاة ميول الطلاب ورغباتهم ، فقبل ان يتسجل الطالب بشكل نهائي في هذا التخصص ، اتيح له المجال لتجربة الموضوع ودراسته لمدة شهر ، قبل ان يقرر نهائيا ، وهذه برأيي مسألة غاية في الاهمية ، ذلك انه لا يمكن ان يتوجه الطالب نحو دراسة موضوع لا يحبه او لا يملك رغبة بدراسته .
وبالتالي ، فانا اتيح لطلابي المجال لدخول التخصص على سبيل التجربة لمدة شهر وفيما اذا لم يشعروا باقتناع بقرارهم بهذا الاختيار ، فانا اسمح لهم باستبداله بالتخصص الذي يرونه مناسبا اكثر .
وبلا شك اننا لا نسقط من حساباتنا في هذا المجال اهمية ان يتوافق التخصص الاني للطالب مع احتياجات سوق العمل مستقبلا ، وبالنظر الى الواقع فهناك نقص شديد في الوسط العربي في الاخصائيين النفسيين ، ولذلك تخصص علم النفس بالمدرسة يتيح للطلاب مجالا واسعا من التقدم والنجاح مستقبلا .

بانيت : كم هو عدد الطلاب في تخصص علم النفس في المدرسة ؟
هناك 25 طالبة بهذا التخصص .

بانيت : لماذا طالبات فقط ؟
في البداية كان هناك 3 طلاب ضمن المجموعة ، الا انهم قرروا ان يتركوا هذا التخصص لكون الغالبية هن طالبات ، وتبقى هذه مسألة شخصية تخص الطلاب انفسهم ، مع انني متأكدة انه في العام المقبل سينضم الطلاب ايضا الى هذا التخصص . غير ان هذه مسألة لا تأثير لها على الاطلاق ، بالعكس اجد نفسي منسابة في صياغة الامتحانات بلغة المؤنث ، وهذا بحد ذاته امر غير عادي ..!


مركزة العلوم الاجتماعية المربية ريم مصاروة تتوسط طالباتها في مكاتب موقع بانيت وصحيفة بانوراما


طالبات تخصص " علم النفس " في المدرسة


مدير مدرسة عتيد الثانوية المربي حسني حاج يحيى مع طالبتين من فرع " علم النفس " في المدرسة


مركزة طبقة العواشر في مدرسة عتيد الثانوية المربية سماح شيخ يوسف

لمزيد من اخبار هنا الطيبة اضغط هنا

Leave a Reply