شعار مرسى (الحكم بالحب)

فى كل يوم يدلل الدكتور محمد مرسى على فهمه العميق للواقع المصرى المعاصر ومتطلباته السياسية والنفسية أيضًا، فلكل حقبة تاريخية مزاجها العام، وحاليًا فإن الفكر الذى لن يقبل الناس بغيره هو احترام الكرامة الإنسانية، وهو أحد الأعمدة الثلاثة التى نادى بها الثوار منذ اللحظة الأولى (عيش ـ حرية ـ عدالة اجتماعية). 

ولذلك حين قال: إن شعار المرحلة القادمة سيكون (الحكم بالحب) فهو يطبق أحدث نظريات علم النفس لتحقيق أفضل درجات الضبط الاجتماعى، وفى نفس الوقت تحترم الكرامة الإنسانية التى هى أساس العدالة الاجتماعية. 

هناك معضلة أساسية فى طرق الحكم الاستبدادية القديمة وهى أنك لكى تحقق الضبط والربط لابد أن تقمع الناس، لأن الناس تخاف من العقوبة فتلتزم بالقانون ليس من باب احترامه، ولكن خوفًا من بطش القوة الحاكمة بهم فى حال مخالفته، ولأن المجتمع كله تمت برمجته على هذا الأسلوب فقد طبق فى جميع المستويات بل وداخل الأسرة أيضًا. 

ينشأ الطفل داخل البيت والمدرسة على الضرب المبرح إذا أخطأ أو خالف، ثم يخاف بعد ذلك من عقاب مديره ورئيسه ويرتعد من بطش الشرطة وذوى النفوذ ومن هنا يبرز شعار (امشى جنب الحيط) و(من خاف سلم). 

هذه الثقافة القمعية الاستبدادية يسميها علم النفس (الضبط بالكراهية) أى أن تستخدم أساليب كريهة للضبط الاجتماعى تعتمد على التهديد والعقاب والنبذ والحرمان وتنتج مجتمعًا سلبيًا خاملاً متشككًا ذا بيئة فاسدة تشجع الكذب والمراوغة ولا تعين على التقدم والإنتاج، وتجعل نفوس الناس تمتلئ بالمشاعر السلبية واليأس والإحباط. 

أما الحكم بالحب فهو الصورة العكسية، حيث يعتمد فلسفة علاجية وليست عقابية، تستخدم أساليب محببة للنفس فى الضبط الاجتماعى مثل التكافل والتعاون وإعطاء كل ذى حق حقه ومساعدة المحتاج، وتنتج مجتمعًا تشيع الثقة والمحبة بين أفراده فيشجع على الإنتاج والإبداع والتراحم ويعتمد سياسة الثواب والمكافأة للمحسن وليس عقاب المسىء، وتجعل نفوس الناس تمتلئ بالأمل والسعى دائمًا نحو حياة أفضل. 

إن الإنجاز الحقيقى الذى حققته ثورة 25 يناير هو كسر حاجز الخوف والجرأة فى التعبير عن الرأى والمطالبة بالحقوق حتى الأمثال تغيرت فأصبحت (من خاف ندم) و(امشى فى ميدان التحرير)، ولذلك فإن الحكم بالحب هو الأسلوب المناسب الذى يحقق مطالب الناس من جهة وتقدم المجتمع فى اتجاه الديمقراطية من جهة أخرى. 

إن الاصطفاف وراء مرسى حاليًا هو السبيل الوحيد لاستكمال أهداف الثورة والتخلص من بقايا النظام السابق وللأبد، وبذلك نضمن بداية عهد جديد يحل فيه الحب وكل منظومته محل الكره والانتقام، معًا يدًا واحدة وقلبًا واحدًا فى سبيل عودة المحبة والتراحم كرابطة تجمع كل أبناء الوطن؛ ليتسنى لنا بداية عصر جديد لنهضة مصر. 

Leave a Reply