تقرير اخباري
في إطار فعاليات الدورة الثالثة للجامعة الصيفية بالحسيمة حول مسلكي علم النفس (السيكولوجيا) وعلم الإجتماع (السوسيولوجيا) تحت شعار: “الظواهر النفسية والإجتماعية في منطقة الريف وتأثيرها على تطور المنطقة” المنظمة من طرف جمعية ريف القرن 21 بشراكة مع مجلس جهة تازة الحسيمة تاونات، تم صباح يوم الجمعة 08 غشت 2014، ثاني أيام الجامعة بمقر الجهة إلقاء محاضرة من طرف الدكتور أحمد الحمداوي تحت عنوان “آفاق الحق في الصحة النفسية، مثال منطقة الريف”، خصصت لمقاربة الحق في الصحة النفسية في المغرب بشكل عام وفي الريف بشكل خاص، حيث تطرق الباحث في بداية الأمر الى تسليط الضوء على تعريف الصحة النفسية من وجهة نظر منظمة الصحة العالمية وبعض التعاريف التي تتجه نحو الموافقة على ان الصحة النفسية هي المعافاة من كل الأمراض الجسدية والنفسية والقدرة على مواجهة الإكراهات النفسية والإجتماعية والإقتصادية.
وفي النهاية فالصحة النفسية هي جودة الحياة والسعي الى التوازن والقدرة على التكيف النفسي والإجتماعي والإقتصادي، حيث عرّج المتدخل في عرضه على القانون المغربي المنظم للصحة النفسية منتقدا قانون 1959 المتعلق بمحاربة الأمراض العقلية والوقاية منها وعلاجها لأنه لا يراعي الإكراهات ووضعية الصحة النفسية ببلادنا كما لم يتأقلم مع المواثيق الدولية التي وقعها المغرب بخصوص الصحة النفسية.
كما تمت الإشارة الى بعض الأبحاث التي تعطي نظرة شمولية على البعد الكمي والكيفي لظاهرة انتشار الأمراض النفسية ببلادنا مؤكدا ان الأمراض النفسية في ارتفاع وتزايد حسب بحث أجرته وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية سنة 2007.
كما أثار الباحث، متفقا مع خلاصات تقريري المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتقرير مانديز المبعوث الأممي في المغرب لسنة 2012، كون الصحة النفسية ببلادنا تعاني مجموعة من الأعطاب في استراتيجيتها الوقائية والعلاجية والتحسيسية كذلك.
وقد خلص الباحث الى دق ناقوس الخطر حول النواقص المتعلقة بالموارد البشرية المكونة من أطباء نفسانيين وأخصائيين نفسانيين وأطباء نفسانيين متخصصين في الطفولة، أما على المستوى المادي فقد أثار الباحث ضعف الهياكل والمؤسسات الإستشفائية على الصعيد الوطني لأن جل هذه المؤسسات الخاصة بالصحة النفسية متمركزة في محور الرباط ـ الدار البيضاء ـ القنيطرة. وقد اقترح المتدخل مجموعة من التوصيات قصد رفعها للجهات المعنية.
خلال صباح يوم السبت 09 غشت 2014، ثالث ايام الجامعة الصيفية تناول نفس المحاضر اي الدكتور أحمد الحمداوي مداخلة أخرى حول “التربية المتوازنة لدى الطفل، مثال منطقة الريف” فقد أوضح فيها أن علم التربية ليس علما قائما بذاته فالتربية هو تمرير للأخلاق والقيم والتصرفات للطفل من أجل بناء شخصيته وتقويتها بينما البيداغوجيا هي الطرق والأساليب الحديثة لتقوية شخصية الطفل، فالتربية تكون عفوية لاشعورية عكس البيداغوجيا التي يكون مفكرا فيها من قبل، فالإنجاب أو صناعة الطفل كما سماه الدكتور حمولة كبرى وأبعاد نفسية وهو استمرارية بيولوجية ونفسية واجتماعية، فالأطفال خلف للسالفين ومحاربة لفكرة انقراض النوع البشري والموت واستمرارية على المستوى الجسدي والنفسي للشعور بنوع من الوجود والنرجسية والأنانية.
خلال فترة الزواج يتم قبول الآخر وتقاسم فكرة صناعة طفل بين الأزواج وخلال الحمل تتغير نظرة المرأة إلى نفسها ونظرة الرجل إليها ويتغير الانخراط في العلاقة ونظرتهما إلى المستقبل، والزواج تعزيز لأواصر القرابة والإنجاب استمرار لتلك القرابة فبالنسبة لشخصية الأطفال فتتكون في أول الأمر بانفعالات الأبوين، فالطفل مثلا يحس بانفعالات أمه قبل ولادته كما أنه لا يبتعد عن أمه بعد الإنجاب لأن هناك روابط بينها و بين ابنها ويعرفها برائحتها، كما أنه لا يمكن تعنيف الطفل لأسباب واهية حيث يجب الاعتناء به من جميع الجوانب والاستجابة لندائه فور إرسال الإشارة، والأم هي الجزء الأهم في هذه الحكاية فهي التوازن بعينه بالنسبة للطفل لأن العثور على الاستقرار النفسي يتطلب العثور على شيء يرمز للأم، كالطفل الذي لا يجد أمه أمامه ينام جنب دميته، كما أنه على الأمهات أن لا يتدخلن في عالم الأطفال بل يجب تركهم في عالمهم، والأم تعتبرهي مركز عالم الطفل والرجل.
وأضاف أخيرا أن النمو الانفعالي والعاطفي والشخصي يأتي من نظم العلاقات بين الأب والأم.
خلال صبيحة نفس اليوم دائما، ألقت الدكتورة الإسبانية صارة كسانيا محاضرة تحت عنوان “العوامل المؤثرة في النفسية العاطفية للشخص”، حيث استهلتها بمقدمة تفيد أن التربية التي تلقيناها منذ الصغر لم تكن تربية عاطفية لذلك فمن أجل تطوير شخصية الفرد لابد من استثمار القدرات العقلية والنفسية. فالطفل مثلا عندما يولد يطور القدرة على السعادة قبل الحزن اما القدرة على الحسد والثقة فليحدث هذا لابد من تواجد علاقة ترابط بين الطفل وأمه، بهذه العلاقة يستطيع كسب القدرة على الثقة في الآخر والاندماج مع المحيط .
حسب قول الدكتورة فالعواطف أساسية وضرورية في حياة الإنسان سواء كانت عواطف سلبية أو إيجابية فهي في نفس الدرجة، فالعواطف السلبية تعني تلك التي لا تساعد الشخص على تطوير ذاته كما أن العواطف حاضرة في جميع الأنشطة التي نقوم بها مثلا:عند زيارة الأصدقاء والعائلة تكون هناك عواطف إيجابية جياشة فكذلك هناك عواطف أخرى مثل الألم والخوف، وقد صنفت العواطف إلى خمسة رئيسية هي:السعادة والفجأة والحزن والخوف والغضب.
وقد ركزت في محاضرتها على الشعور بالخوف الذي اعتبرته تهديدا وخطرا ينتج القلق وعدم الثقة بالنفس وعدم الإحساس بالأمان وقد ذكرت أن أفلاطون يستعمل مصطلح الخوف ضدا للشجاعة والمواجهة وأرسطو يعتبره شعورا عليا وروحيا.
كما تناولت في حديثها الذكاء العاطفي الذي لابد أن يتطور تسلسليا لدى الفرد، ولتطويره لابد من احترام الآخرين والعمل في مجموعات وتشجيع الآخر وحب الذات والتعبير عن ما يخالج الإنسان من عواطف إلى غير ذلك.
وقد ختمت حديثها بأنه من الصعب الخروج من نفق الخوف لكن من الممكن والحل هو التفكير بطريقة عقلانية وإرادة قوية لأن الخوف وسيلة تساعد على الشعور بعدم التأقلم مع مسائل أخرى، عندما نشعر بالخوف نكون قلقين منشغلي البال، متأهبين لكل شيء، غير قادرين على الحركة نحسّ بالبكاء والرغبة في الهروب والإبتعاد، لذلك فإن أصحاب الإرادة القوية هم القادرون على التغلب على مثل هذا الشعور.
بعد انتهاء المحاضرتين القيمتين كان لجميع المشاركات والمشاركين موعدا مع زيارة بحرية ترفيهية لخليج الحسيمة الرائع، على متن القارب “أمين 2″، هذه الخرجة الفريدة من نوعها نالت ارتياح وإعجاب كل الحاضرين وساهمت في زرع البسمة والبهجة على محيّاهم.
تعليقات الفيسبوك
تعليق