ستة طرق مضمونة لاكتساب الشجاعة

68: عدد القراء

ستة طرق مضمونة لاكتساب الشجاعة

السبت 12 اكتوبر 2013   4:32:20 م

 

كان أرسطو يؤمن بأن الشجاعة هي أفضل الصفات الإنسانية حين قال في إحدى كتاباته إن الشجاعة هي الفضيلة الإنسانية الأولى ومنها تتفرع بقية الصفات. أما اليوم، فمن الواضح أن الشجاعة هي الصفة الإنسانية الأكثر إهمالاً في علم النفس الإيجابي.

ولكن، ولحسن الحظ، فقد فتح بعض علماء النفس في السنوات الأخيرة نافذة كبيرة من أجل فهم حقيقة الشجاعة، وكيف يمكن أن ننمي قدراتنا على مواجهة الخوف واتخاذ القرارات بمزيد من الثقة والثبات.

في إطار الدراسات المتعلّقة بموضوع الشجاعة تمكن عدد من علماء الأعصاب من تحديد الطريقة التي تعمل فيها الشجاعة في الدماغ، فقد وجدوا منطقة تسمى subgenual في القشرة الحزامية الأمامية تبين أنها القوة الدافعة وراء الأعمال والأفكار التي تتسم بالشجاعة، وهو اكتشاف يمكن أن يثبت في المستقبل القريب إمكانية تصنيع عقار قادر على علاج اضطرابات القلق ومشاعر الخوف.

وطالما أن العلماء باتوا يعرفون كيف تتكون الشجاعة، صار في الإمكان التساؤل عن الطريقة أو الطرق التي يمكن اتباعها لتدريب أدمغتنا على الشجاعة في مواجهة كل تقلبات الحياة اليومية.

يقول العلماء والمتخصصون إن المسألة لا تقتصر على معرفة كيف نواجه الخوف، بل في معرفة كيفية التعامل مع المخاطر والشكوك وعدم اليقين، من دون أن ننسى ما قاله إيرنست همنغواي في رائعته «العجوز والبحر» إن الشجاعة نعمة تحت ضغوط الحياة اليومية.

وفي ما يلي 6 طرق مجربة ومضمونة النتائج لقهر الخوف أو على الأقل التخفيف من قبضته الخانقة على رقاب البعض:

1 - الشجاعة والضعف توأمان

في كتاب بعنوان «جرأة بلا حدود» لعالم النفس الأميركي برين براون يضع المؤلف إصبعه على الجرح حين يقول إن الشعور بعدم الثقة يدفع المرء للعيش في ظل الخوف، الخوف من أن يراه الآخرون على حقيقته، الخوف من أن يكشف نفسه أمام الآخرين حتى لا يعرف هؤلاء الحقائق التي يحاول إخفاءها.

الحل الوحيد في هذه الحالة من وجهة نظر عالم النفس هو تجنب الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجعله شجاعاً، ألا وهو الضعف، مع العلم أن المتخصصين يعرفون تمام المعرفة أن الشجاعة والضعف يرتبطان على نحو وثيق للغاية.

يقول الرجل إن السبيل الوحيد لقهر الخوف هو أن نتصرف بجرأة، أن نقابل الآخرين حتى لو عرضنا أنفسنا للانتقاد والتجريح، حتى لو واجهنا الفشل، أيضاً.

يضيف: في البداية يجب أن نسأل أنفسنا عن السبب الذي يجعلنا نتجنب الاختلاط بالآخرين، لماذا نخاف وماذا يخيفنا، ما الذي يمنعنا من أن نكون أكثر جرأة، ما الذي ينقصنا؟

وفي المرحلة الثانية، نتساءل عن الأساليب التي نتبعها خفية عن الآخرين لحماية أنفسنا حتى لا يعرف هؤلاء وأولئك نقاط ضعفنا، ما هو السلاح الذي نستخدمه لحماية أنفسنا ولإخفاء ضعفنا؟ هل هو إدعاء الكمال أم كثرة ما نوجهه من انتقادات للآخرين؟

2 - جرأة الاعتراف

من المستحيل قهر الخوف إذا لم يكن المرء على قدر من الجرأة مع نفسه للاعتراف بخوفه وبسبب أو أسباب هذا الخوف.

يقول الباحثون إن مواجهة الحياة بشجاعة تتطلب في البداية الاعتراف بالأسباب التي تمنعنا من أن نكون شجعاناً ومن ثم معرفة حدود إمكاناتنا. أما عدم الاعتراف بالخوف وإنكاره، فلن يعطيا أي نتيحة إيجابية، بل على العكس فقد يعمقان المخاوف في النفس ويجعلان التخلص منها أشبه بمهمة مستحيلة.

المطلوب كما يقول باحثون من جامعة ببيرداين Pepperdine في كاليفورنيا أن يعيش المرء مع نفسه لحظات صدق حقيقي، الاعتراف بمخاوفه ومن ثم معرفة الطريقة الصحيحة للتعبير عن المشاعر والأفكار والرغبات، وهذا يتطلب السير على طريق الحياة ومواجهة مخاطر الفشل والتهكم والانتقاد والسخرية، وهي كلها لا يمكن أن تعني نهاية العالم، بل بداية مرحلة جديدة من العيش بعيداً عن الخوف.

3 - تعرية الخوف

الطبيب المتخصص في علم النفس نعوم شبانسير يقول إن العلاج الأفضل للخوف يكون بتعرية هذا الخوف، أن يعرض الخائف نفسه مراراً وتكراراً ولو بالقوة لمواجهة ما يخيفه.

إذا كنت تخاف من الظلام على سبيل المثال، فماذا سيحدث إذا أمضيت بضع دقائق في الظلام كل ليلة؟

إذا كنت تخاف من الأماكن العالية، يمكنك أن تتخذ احتياطات السلامة والأمان وتقف في مكان مرتفع، فوق عمارة شاهقة أو فوق قمة جبلية، دقائق قليلة تكفي، كررها مرات عدة، لن يصيبك مكروه ولن ينتهي العالم.

إذا كنت تخاف من مواجهة الناس أو مخاطبتهم عبر مكبر للصوت مثلاً، فماذا سيحدث إذا عملت ما يخيفك، لن يأكلك الناس ولن يحدث زلزال بسبب ما تفعل.

يقول المتخصصون إن تعريض الخائف نفسه للظروف التي تخيفه يقلل مخاوفه النفسية، ومع تكرار فعلته تتلاشى مخاوفه وتختفي إلى الأبد.

البروفسور فيليب غولدن أستاذ علم الأعصاب في جامعة ستانفورد يقول إن تعرية الخوف ومواجهته يمثلان أفضل طريقة للتعامل معه وللقضاء على جميع أشكال القلق الناجم عنه.

4 - التفكير الإيجابي

أمضى الطبيب النفسي مارك تايلور من البحرية الأميركية سنوات عدة في دراسة الأساليب النفسية والذهنية والفكرية التي يلجأ إليها الرياضيون الأولمبيون، وكيف تؤثر هذه الأساليب على أدائهم.

وجد الطبيب النفسي أن الرياضيين الذين يمارسون التفكير الإيجابي في قرارة أنفسهم ويتصورون النجاح الذي يمكنهم تحقيقه إذا ما تمسكوا بالأهداف الكبيرة التي يسعون إلى تحقيقها أقدر من غيرهم على تحمل الضغوط النفسية الهائلة التي تفرضها عليهم المنافسة على البطولة.

يقول أندرو شاتي في كتابه المعنون «عامل المرونة» إن التغلب على الخوف والقلق والحزن والاكتئاب من شأنه على أقل تقدير أن ينتشلنا من أعماق السلبية إلى السطح، حيث يمكننا أن نتنفس براحة وهدوء قبل أن نواصل رحلة الصعود.

ويضيف أن الإنسان في حاجة للمشاعر الإيجابية في حياته كالتفاؤل والأمل، في حاجة إلى المشاعر الجميلة، ولأن يوجه بوصلة حياته نحو كل ما هو إيجابي، ومن المؤكد أن هذا هو الهدف الذي نسعى جميعنا إلى تحقيقه.

5 - التعامل مع الضغوط

تشير الدراسات إلى أن التوتر والخوف غالباً ما يترافقان ونادراً ما يفترقان، فالتوتر في أساسه ينبع من الخوف مما يظنه المرء تهديداً نفسياً أو جسدياً. كأن يخشى ألا يكون قادراً على إتمام عمل ما في وقته المحدد، أو أن يخاف من الفشل لأي سبب كان.

في هذه الحالة ينجم عن التوتر شعور بالاكتئاب والقلق لا يلبث أن يتحول إلى نمط في التفكير مبني على الخوف من أي شيء.

ينصح المتخصصون بممارسة الرياضة أو اليوغا، فكلاهما تنشر في الجسم شعوراً بالقوة القادرة على خفض مستويات التوتر وخفض مستويات الاكتئاب والقلق، وهذا من شأنه المساعدة في بناء شخصية قادرة أكثر شجاعة على مواجهة التحديات.

6 - ممارسة الشجاعة

كان أرسطو يقول إن للشجاعة عضلات لا بد من تقويتها باستمرار حتى لا تصاب بالوهن. أما كيف نقوي هذه العضلات، فبممارسة الأعمال التي تتسم بالشجاعة، ممارسة التفكير الإيجابي الذي يتسم بالشجاعة.

تشير الدراسات الحديثة حول الموضوع إلى تعريف الشجاعة على أنها عادة أخلاقية يمكن تطويرها وتنميتها بالممارسة المتكررة للشجاعة بجميع صورها، لأن الشجاعة كل لا يتجزأ، ومن المستحيل أن يكون المرء شجاعاً في مجال معين وجباناً في مجال آخر.

وكما بدأنا موضوعنا هذا بوجهة نظر الفيلسوف اليوناني عن الشجاعة، ننهيه بقول ورد في كتاباته: من دون الشجاعة لن تستطيع تحقيق أي شيء في هذا العالم.


Leave a Reply