زعماء وسياسيون مصابون بالفصام… أرهقوا العالم بقراراتهم العدوانية

"ان�صام الشخصية" ذو تأثير محدود وعلاجه سهل لكن "ال�صام" هو الأخطر
بعض المرضى يبدو عليهم الهدوء واللامبالاة وآخرون يصلون حد الثورة والهياج
القاهرة - عباس ابو السعود :
مع تزايد الضغوط التي يتعرض لها الانسان �ي العصر الحديث تتزايد مخاطر الاصابة بالأمراض الن�سية, ولا يكاد يوجد على ظهر الأرض انسان واحد لا يعاني من درجة من درجات المرض الن�سي, ومنها لا يستدعي التوجه الى العيادات الن�سية, كما أن منها ما يستوجب العلاج, �الن�س مثلها مثل البدن, وكما أنه ليس من العيب أن نتوجه للطبيب لنعالج وجعا �ي العظام أو اضطرابا �ي الهضم, �انه ليس من العيب أن نتوجه للطبيب الن�سي لنعالج أوجاع الن�س, ومن الأمراض الشائعة التي نتحدث عنها كثيرا دون أن نعر� حقيقتها, "ال�صام" وكثيرا ما يختلط علينا هذا المرض الن�سي الخطير مع مرض ن�سي آخر أقل خطورة اسمه "ان�صام الشخصية", �ي هذا التحقيق نحاول اكتشا� ال�رق بين المرضين لعلنا نواجه الواقع بلا مبالغة:

يقول الدكتور عبد المنعم شحاتة أستاذ ورئيس قسم علم الن�س بكلية الآداب جامعة المنو�ية: من الضروري أن نميز بين مرضين �ي كليهما كلمة "�صام" الأول هو "ان�صام الشخصية" وهو الأكثر شهرة لأنه أرتبط بأعمال �نية سينمائية عالمية وعربية, أبرزها د"هايد ومستر جيكل" وما اقتبس منها وكذلك ال�يلم المصري "بئر الحرمان" وغيره.
و"ان�صام الشخصية" أو "ازدواج الشخصية" يندرج ضمن أمراض الهستيريا حيث يظهر ال�رد نمط شخصية مغاير تماما لنمطه المعتاد وذلك لتحقيق اشباعات معينة يخجل من الا�صاح عنها وهو �ي حالته العادية وهذا النمط المغاير يظهر لا اراديا ولا يتذكر ال�رد ما قام به وهو �ي النمط الهستيري وهو وراثي لكن الجزء الأكبر من خصال هذا النمط الهستيري مكتسب أثناء عمليات التنشئة الأسرية لذا �ان علاجه سهل ونسبة نجاحه عالية.
أما المرض الآخر �يسمى �صام أو شيزو�رنيا وهو حالة ت�كك كامل �ي الشخصية حيث الت�كير من�صل عن الواقع والوجدان لا يلائم الواقع �يستجيب المرض بالضحك لموق� حزن والعكس.
انه المرض الأخطر ودور الوراثة �يه أكبر وامكان علاجه أصعب و�رص التحسن أقل ويتطلب علاجا تكامليا طبيا ون�سيا واجتماعياً.

الأكثر انتشارا �ي العالم

يقول الدكتور لط�ي الشربيني استشاري الطب الن�سي مرض ال�صام العقلي " شيزو�رنيا" من أكثر الاضطرابات الن�سية انتشارا �ي العالم بنسبة 1 �ي المئة, كما أن مرضى "ال�صام" يمثلون 90 �ي المئة نزلاء المصحات الن�سية والمستش�يات العقلية, كذلك �ان علاج ال�صام يعد تحديا كبيرا امام الطب الن�سي حتى الآن.
 ÙˆÙ„ا تعني كلمة "الÙ�صام" انÙ�صام أو ازدواج الشخصية, وانما تشير الى نوع من الاضطرابات العقلية تؤدي الى تدهور الحالة النÙ�سية للمريض Ù�يلجأ إلى العزلة والانÙ�صال عن الواقع والتوقÙ� عن ممارسة أنشطته ودوره Ù�ÙŠ المجتمع وقد تتطور الى اعاقة Ù†Ù�سية كاملة تجعل المريض يعيش Ù�ÙŠ ظروÙ� قاسية للغاية, Ùˆ"الÙ�صام العقلي" رحلة ذات اتجاه واحد تهبط بالمريض الى قاع السلم الاجتماعي وتتسبب Ù�ÙŠ عجزه عن مواصلة حياته الطبيعية والاجتماعية.
وتتنوع أعراض ال�صام وأنواعه �مريض ال�صام يكون غالبا مرتبكاً ويأتي بأ�عال وسلوكيات متناقضة, ويميل الى العزلة واللامبالاة وتبلد المشاعر, اضا�ة الى الاصابة بالهلاوس السمعية والبصرية التي يسمع �يها المريض ويرى أشياء لا تحدث �ي الواقع وهذا يجعله بم�رده دون وجود أحد يحاوره أو ين�جر �ي الضحك من دون سبب.
ومرضى "ال�صام" منهم من يبدو عليهم الهدوء واللامبالاة ومنهم من يصل الى الثورة والهياج ومنهم من تتدهور حالته العقلية بشكل سريع دون استجابة للعلاج
ويرى الدكتور الشربيني أن أسباب ال�صام تعود �ي الأساس الى الأسباب الوراثة الى جانب العوامل الن�سية وأساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة والخبرات السلبية �ي الط�ولة.
ورغم اكتشا� أدوية عدة لعلاج ال�صام والتقليل من أعراضه الا أن المشكلة تكمن �ي الآثار الجانبية السيئة لتلك الأدوية, كذلك �ان الصدمات الكهربائية �وائدها محدودة و�ي بعض حالات ال�صام �قط.
غير أن الأجيال الجديدة من الأدوية التي تم التوصل اليها بعد اكتشا� التغيرات الكيمائية التي تحدث �ي دماغ مرضى ال�صام قد حققت نتائج مذهلة �ي علاج الخلل الكيميائي عند مرضى ال�صام وأدت الى علاج الكثير من الحالات.

أشكال مختل�ة وأعراض متعددة

يقول الدكتور محمد عبد الظاهر الطيب, أستاذ الصحة الن�سية كلية التربية بجامعة طنطا: ال�صام مرض عقلي وليس ن�سياً, وينقسم الى امراض عدة وله اشكال متعددة تختل� �ي أعراضها وأسبابها وطرق علاجها.
وأنواع ال�صام وأشكالها كثيرة منها ال�صام العقلي البسيط وأعراضه النسيان والصداع والاصابة ببعض التوتر.
وهناك ال�صام التكتاوني وأهم أعراضه تخشب الجسم �ي وضع معين سواء كان جالسا أو واق�ا أو نائما. وهناك ال�صام البارنوامي حيث يعتقد الشخص بأنه عظيم وأنه مضطهد, ويعيش هلاوسات سمعية وبصرية, حيث يسمع أصواتاً لأشخاص معينية غير موجودين, كما يرى أشخاصا غير موجودين �ي الواقع.
وهناك نوع أشد خطورة من ال�صام يسمي "ذهان الهوس الاكتئابي", حيث تتابع على الشخص خلال لحظات نوبات من السرور وال�رح الشديد يتبعها مباشرة نوبات من الاكتئاب الشديد من دون أسباب موضوعية.
كما أن أحد أشكال ال�صام ازدواج الشخص أو تعدد الشخصية حيث يكون للمريض عدد من الشخصيات.
وهناك أسباب مختل�ة لل�صام وضعها العلماء والمختصون �ي الطب الن�سي والأمراض العقلية �ي شكل نظريات, حيث ان هناك نظريات ترجع الاصابة بال�صام الى الجذور الوراثية وما يتطلبه ذلك من دراسة التاريخ المرضي للأسرة وهل هناك حالات مماثلة �ي العائلة أم لا?
وهناك نظريات أخرى تقول: إن أسباب ال�صام ترجع الى الط�ولة المبكرة بسبب التعرض لصدمات أو حرمان, الخ وتشير تلك النظريات الى أن ال�صام عودة لمراحل الط�ولة المبكرة يعجز �يها المريض عن التمييز بين المواق�, وهناك نظريات ثالثة ترجع الاصابة الى ال�صام الى خلل كيميائي �ي خلايا الدماغ.
ومخاطر ال�صام تختل� بحسب نوعه, �ال�صام البسيط مشكلاته تقع على الشخص المصاب �قط من خلال معاناته من النسيان والتوتر وقلة التركيز, لكن هناك بعض أشكال لل�صام تمثل خطورة شديدة على المريض والمجتمع, �المريض بذهان الهوس الاكتئابي يصاب بنوبات من الهوس والاكتئاب قد يتخللها نوع من العدوان على الآخرين, و�ي حالة الاكتئاب قد يمارس المريض العدوان على الذات الذي يصل �ي بعض الأحيان الى الانتحار.
وحذر الطيب من خطورة تشخيص المعالج الن�سي لمرض ال�صام بشكل خطأ حيث قد ي�سره الطبيب على أنه اكتئاب, �ي�جائه المريض بنوبات هوس يصاحبها عدوان شديد قد تعرض الطبيب الى القتل أو محاولة القتل ¯ �الطبيب قد يكون ضحية المريض اذا قام بالتشخيص الخطأ, لذلك يجب أن يتم علاج مرضى ال�صام تحت اشرا� مؤسسة علاجية.
 ÙˆÙ…ريض الÙ�صام Ù�ÙŠ بعض أشكاله خطير على Ù†Ù�سه وعلى المجتمع, ولخطورة تكمن Ù�ÙŠ صعوبة اكتشاÙ� حالات كثيرة مصابة بالÙ�صام, Ù�الكثيرون عندهم احساس بالاضطهاد وشعور بتضخم الذات والتميز Ù�ÙŠ الوقت Ù†Ù�سه, والÙ�صام موجود لدى الأذكياء وليس المتخلÙ�ين عقليا, لذلك نجد عددا منهم يصل الى مناصب مهمة وقيادية, Ù�كثير من الزعماء والسياسيين والقيادات شخصيات Ù�صامية ولعل ذلك ÙŠÙ�سر قراراتهم المتناقضة Ù�ÙŠ بعض الأحيان وسلوكياتهم العدوانية, Ù�عدد ممن حكموا العالم كانوا مرضى Ù†Ù�سيين, مكانهم المستشÙ�Ù‰ وليس كرسي الحكم.
وعادة ما ينصح بعلاج ال�صام �ي مؤسسة علاجية من خلال �ريق علاجي متكامل يضم طبيب أمراض ن�سية وعقلية واخصائي ن�سي واخصائي اجتماعي ومجموعة من المتخصصين لوضع برنامج علاجي متكامل جزء منه دوائي وآخر سلوكي وثالث اجتماعي, مشيرا الى أن هناك تحسنا وعلاجا متقدما دوائيا ون�سيا وسلوكيا من خلال طرق جديدة ومتطورة �ي العلاج, لكن ال�صام كغيره من الأمراض المزمنة يحتاج الى جهد كبير ووقت اطول وتضا�ر الجهود من الجميع من اجل علاج المريض وتغيير المناخ المحيط به حتى لا يتعرض لانتكاسات جديدة.

يصيب الشباب �ي العشرينيات

يؤكد الدكتور أسامة البرعي أستاذ ورئيس قسم الطب الن�سي بجامعة المنصورة أن ال�صام مرض ن�سي يصيب الشباب �ي سن العشرينيات كمرض ذهاني يستمر علاجه مدة طويلة واهم أعراضه الاصابة بالهلوسة ولل�صام انواع عدة ال�صام الضلالي وال�صام التخشبي وال�صام البسيط وتتمثل أهم أعراضه �ي ان�صام المريض عن الواقع ووجود هلاوس وضع� الناحية الوجدانية والعاط�ية وتبلد المشاعر واضطرابات الت�كير.
وليس لل�صام أسباب محددة وملموسة لكن ثمة نظريات ت�سر الاصابة بالهلاوس منها نظريات ترجعه الى عامل ن�سي وأخرى ترجعه الى خلل كيميائي �ي موصلات الدماغ وهناك نظرية ضعي�ة تشير الى �يروس يصيب الدماغ وهناك أيضا نظريات ن�سية ترجعه الى أسباب ن�سية.
ومخاطر ال�صام تكمن �ي أنه يصيب الشباب �ي سن العشرينيات �يعطله عن دراسته وعمله ويؤدي الى �شله �ي حياته كما أن تكل�ته المجتمعية مرت�عة حيث يحتاج المريض الى رعاية مستمرة.
وبعض أنواع ال�صام قد يمارس �يها المريض العدوان على ن�سه وعلى الآخرين, غير أن معظم حالات ال�صام يمكنها التعايش مع المجتمع وتناول العلاج بشكل طبيعي بينما تحتاج بعض الحالات القليلة الى الاحتجاز �ي المؤسسات العلاجية.
ويمكن علاج ال�صام بتناول العقاقير المضادة للذهان وهناك ادوية حديثة تساعد على ذلك, واضا�ة الى العلاج الدوائي يمكن الاستعانة بالصدمات الكهربائية �ي بعض الحالات المحدودة, ويمكن الاستعانة بالعلاج الن�سي �ي مرحلة متأخرة للغاية من خلال ما يعر� بالعلاج التأهيلي.
 

Leave a Reply