دواعي الاستفادة من مختصي علم الاجتماع

بتثبيتهم داخل الشركات

المؤلفة

جواتام مالكاني من لندن

أخبرني ذات مرة تنفيذي مسؤول عن أبحاث السوق أنه إذا أراد أهل الأعمال فعلاً أن يفهموا المستهلكين، فينبغي عليهم أن يتخلصوا من شهادات الماجستير في إدارة الأعمال، ويدرسوا علم الاجتماع بدلاً من ذلك.

من الواضح أن هذا القول نوع من المبالغة التي تنطلق من المصلحة الذاتية. لكن بعد مرور 15 سنة، فإن التغييرات التي أحدثتها الإنترنت في الأفراد والمجتمعات تعني أن هذا التوسيع المقترح لمناهج الأعمال لم يعد يبدو مثيراً للسخرية. يجب التغيير ليس فقط لإدخال علم الاجتماع، وإنما كذلك لإدخال مقررات في علم النفس الاجتماعي ودراسات الإعلام والدراسات الثقافية والأنثروبولوجيا الرقمية. والواقع لا أجد مانعاً من إعطاء الطلاب قليلاً من علم الأعصاب كذلك.

المؤلفة أليكس كروتوسكي مختصة في علم النفس الاجتماعي في معهد الإنترنت التابع لجامعة أكسفورد، وهي صحفية تعمل مع صحيفة الجارديان وهيئة الإذاعة البريطانية معاً. كما أنها مؤلفة لأحدث محاولة على شكل كتاب لفهم ما تفعله الثورة الرقمية في الناس. مؤهلات المؤلفة، كونها أستاذة جامعية وإعلامية في الوقت نفسه، تجعل كتابها الصغير وكأنه نوع من الدردشة ومليء بالأمور المثيرة للاهتمام. كما أنه يخلو كذلك من الناحية الجدلية المبالغ فيها التي تسيطر على عدد كبير فوق الحد من الكتب في هذا المجال.

إلى جانب النظر في الدراسات الأكاديمية في هذا المجال، تدرس المؤلفة الأمور التي كان يكتشفها مفكرو الشركات، قبل مقارنتها بأفكارها الخاصة. على سبيل المثال، تدرس المؤلفة الجهود التي قام بها كاميرون ماسلو، عالم الاجتماع الذي يعمل في ''فيسبوك'' لاختبار ''فرضية الدماغ الاجتماعي'' المشهورة.

تقدم روبن دانبار، المختص في علم النفس التطوري، بهذه النظرية في 1998، وأشار إلى أن البشر يستطيعون فقط الاحتفاظ بصورة معقولة بنحو 150 علاقة فقط، وليس 700 صديق. وتقول المؤلفة: ''إمكانية الدائرة الاجتماعية الموسعة تنطوي على جانب سلبي. وأنا أسمي ذلك ''فقر الدم العاطفي''، بمعنى أن ما تحصل عليه من مجموعتك الاجتماعية على الإنترنت ليس قوياً من الناحية الشعورية''.

بالمثل، هناك فصل يتحدث عن الكيفية التي غيرت بها الإنترنت شعائر الحزن على الأموات، وهو يتحدث عن النتائج التي توصلت إليها جنفييف بيل، المختصة بالأنثروبولوجيا الرقمية وتعمل في إنتل في وظيفة ''مديرة أبحاث التفاعل والخبرة''، التي لاحظت أن التقليد الصيني بحرق العملة الورقية لمساعدة الشخص المتوفى على دفع ما عليه من مستحقات في الحياة الآخرة يتوسع الآن إلى حرق أوراق على شكل الآي باد والآي فون.

منهج المؤلفة مفيد بصورة خاصة حين تدرس الأمور التي تدفع الناس إلى تبادل البيانات الشخصية. على خلاف أولئك الذين يجادلون بأننا نضحي بالخصوصية مقابل الراحة، تعرض المؤلفة عدداً كبيراً من التفسيرات المقبولة أكثر من غيرها.

وتقول: ''إن مفارقة الخصوصية، التي تقول مواقفنا بخصوصها شيئاً وتقول سلوكياتنا شيئاً آخر، أكثر تعقيداً من تحليل التكاليف والمنافع. نحن إلى حد ما غير قادرين على أن نتخيل المدى الهائل للجمهور المحتمل الذي نتواصل معه حين نكون على الإنترنت، وبالتالي فإننا نعامل الكمبيوتر وكأنه موطن أسرارنا، وإلى حد ما نعوض عن بيئة مجردة من العواطف الطبيعية بين الناس''.

لكن لعل الكتاب يسارع في رفض التحذيرات من الكتاب الذين هم على شاكلة نيكولاس كار، مؤلف كتاب ''الظلال''، وتعتبرهم من الذين يهَوِّلون الأمور – ليس لأن حججه التي تتحدث عن الشلل الوظيفي ربما تكون أو لا تكون صحيحة، وإنما لأنها ترى أن: ''مدة 20 سنة ليست وقتاً كافياً لإحداث انقلاب في آلاف السنين من التطور''. لكن هذا يتجنب فكرة اللدونة العصبية التي تشير إلى أن حالات الانعكاس الحقيقي والتغييرات يمكن أن تحدث أثناء حياة الشخص.

بخلاف ذلك أعتقد أن قيامها بالجمع بين الصرامة الأكاديمية الحذرة، والحماسة التي نراها في الشباب المتمكن من التكنولوجيا يعتبر مساهمة قيمة للغاية في الجدال، ويدفعها إلى التوصل إلى نتيجتين جديدتين. الأولى هي أن الإنترنت لا تعمل على إعادة تعريف الناس – فالناس هم الذين يُعَرِّفون الإنترنت وفقاً لاحتياجاتهم وغرائزهم الداخلية. الثانية هي أنه ينبغي على الشركات ألا تفترض أنه يمكن التنبؤ بمستقبل السلوك الاستهلاكي من سلوك المستهلكين السابق – رغم أنه كان من الممكن في رأيي أن تتوسع المؤلفة في مناقشة هذه الفكرة أكثر مما فعلت.

مع ذلك، من خلال القبول بأن المستخدمين-المستهلكين يتمتعون بالقدرة الأصيلة على الفعل والتصرف، فإن الكتاب يقدم حتى حجة أقوى في سبيل أن تكثف الشركات دراسة العلوم الاجتماعية بين ظهرانيها.

ما الذي تفعله الإنترنت بك

تأليف: أليكس كروتوسكي

فابر آند فابر، 12.99 جنيهاً

Leave a Reply