حب الزوجين علاج نفسي بنسبة 40 %

كثيراً ما يتردد على أفواه عديد من الناس أن المعقدين نفسياً فاشلون بامتياز في حياتهم الخاصة، في حين قد يكونون مبدعين في حياتهم العملية باختلاف أعمارهم وجنسهم، إلا أن الطب النفسي يرى عكس ذلك، وهو أن العقدة النفسية تحد من الإبداع، حسبما أفاد الدكتور نائل الأخرس أستاذ علم النفس الإكلينيكي المساعد في قسم التربية الخاصة في جامعة الجوف، رافضاً الوصمة والتكرار في نعت الأشخاص بالعقد النفسية أو عدم الفهم أو الجزم دون التأكد من صحة ذلك حتى بالنسبة للأطفال. وقال الأخرس لـ ''الاقتصادية'': إن العقد النفسية يمكن شفاؤها بعد الزواج بنسبة 30 إلى 40 في المائة إذا توافر عامل الحب في شريك الحياة وكان إيجابيا وفعالا، كما يمكن أن تسبب الحياة الزوجية تفاقم العقد سوءا بنسبة 70 في المائة عندما يكون شريك الحياة سلبيا غير فاعل، لافتاً إلى أن العُقد بعد الارتباط الأسري نجاح علاجها يعتمد على الطرف الآخر، الذي قلما يوجد في أكثر الزواجات عامل الحب.

وذكر أن المعقد هو الذي يكون تفكيره في اتجاه واحد، حيث لو طرح عليه رأي آخر لا يأخذ إلا برأيه، وفي أحيان كثيرة يعرف عن طريق طرح موضوع ما للأخذ والعطاء نجد أنه ينسحب من المناقشة التي تسبب له مشكلة ويصر على عدم الخوض فيها. مشددا على ضرورة الحذر وعدم وصم شخص بالعقدة إذا لم نكن متأكدين ومتبينين من الأمر، لصعوبة التخلص من الوصمة وإزالتها من نفس متلقيها، فاصلا في حديثه بين العقد النفسية والاكتئاب بنوعيه العصابي البسيط، والذهاني الطويل، كونه ترجع الإصابة به لعوامل في الدماغ يصعب علاجها، وقد توصل المصاب لمرحلة الانتحار، إذا لم تتم معالجته بطريقة سليمة ومبكرة.

وأضاف: إن الإنسان المعقد فيه نوع من الشدة وهو شخص لا يستجيب للآخرين بطريقة إيجابية، محاولا دائما إثبات نظريته الشخصية، متمركزا حول ذاته، وأخذا من نظرية فرويد في العقد النفسية فإنها مقسمة لديه إلى نوعين الناشئة من الولادة وتتضمن فرعين الأول عقدة أوديب عند الذكور وهي الخوف من فقدان العضو الذكوري، والأخرى عقدة الكترا لدى الإناث للتفريق بينها وبين الذكر، منوها بأن الابن في بداية نشأته يتجه لوالدته وعند رؤيته أن الأب هو الأقوى والمسيطر على الأسرة يتجه لتقليده واتباع سلوكياته، كذلك الفتاة تتقمص شخصية والدتها حتى في وضع الماكياج وارتداء الملابس.

في حين أن النوع الآخر من العقد النفسية ينشأ من مواجهة الحياة، وتختلف العقد باختلاف الخبرات وتراكماتها في شخصية الإنسان ذاته، كأن يكون لدى بعض الرجال عقدة من النساء، وبالعكس أن تكون بعض النساء لديهن عقدة من جنس الرجال فترفض الزواج سيما اللاتي تربين في كنف أسرة تعيسة وأب عنيف كثير المشكلات، فمثل هذه العقد تسهل معالجتها إذا تم تداركها كونها ناتجة عن تراكمات من الحياة لفترة زمنية، وإن تركت عملت تأثيرا سلبيا في اتجاهاتها وما يترتب عليها من مشكلات وآثار كالسحاب الاجتماعي.

وعن مدى تأثر الإنسان العادي بمخالطته للمعقد وما يترتب عليه من أضرار نفسية، أوضح الأخرس أن العقد النفسية لا تورث، ولا تؤثر العقد إلا في الإنسان المهزوز أو كثير التقليد لغيره، أو في الشخصيات السريعة التأثر، بينما الإنسان ذو الشخصية القوية السليمة والأفراد العاديون فلا تأثير له فيهم، بل عكس ذلك هم لا يفضلون التعامل معه ولا يستمرون في التعامل معه إلا إذا كانوا مضطرين، كأن يكون مدير عملهم أو أحد أفراد أسرتهم، مؤكدا أن تأثير المعقد يكون أكبر في الذين يرونه ناجحا ويعدونه نموذجا في العمل والحياة.

ويرى الأخرس أن المجتمعات العربية بشكل عام هي مسؤولة عن زرع عقدة الأنا أو العظمة لدى الرجل بطريقة تربيتها لأبنائها من حمل المسؤولية منذ الصغر كونه رجلا، وعدم ذرف الدمع والبكاء أمام الآخرين لأنه عيب، فينشأ بطريقة مختلفة عن المرأة، ولذا يشعر بعظمته عليها، حيث إن بعض الأفراد يبالغون في فهم المسؤولية أكثر مما ينبغي، ما أدى إلى حدوث مشكلات، مشيراً إلى أن هناك من يزيد في السلبية المفرطة أكثر من اللزوم فيتخلى عن دوره نهائيا، خاصة إذا تزوج من امرأة مسيطرة ذات شخصية قوية، واكتشف صحة رأيها فيما يحدث في حياتهما. كما نوه بأن بعض النساء ترفض سيطرة الرجل عليها، فتنظر إليه على أنه معقد نفسيا، وهو يراها بالنظرة ذاتها، كونه تربى على أنه الرجل المسيطر والقوي في أسرته.

Leave a Reply