تدخين النساء أنفاس في الهواء تغتال الحياء

تفيد الإحصائيات العالمية بأن النساء يشكلن نحو 20 بالمائة من بين مليار مدخن في العالم، ويتم استهدافهن من قبل شركات التبغ لتوسيع دائرة المدمنين وضمان زيادة استهلاك منتجاتها، بما يمكن من استبدال ما يقرب من نصف المدخنين الحاليين المهددين بالموت قبل أوانهم، بسبب أمراض ناتجة عن التدخين، منها اضطراب الحمل والولادة.

وفي حالة الحمل فالتدخين يشكل خطراً على الجنين، ويقلل من كمية الدم المتدفقة الى الرحم ويقلّل من وصول 25٪ من نسبة الأوكسجين الى المشيمة المغذية للجنين، ويسهم ذلك في نقص وزن المولود مقارنة بمولود الأم غير المدخنة بين 250 و300 غرام. ويضر التدخين بصحة المرأة بصفة خاصة، حيث يعتبر من الأسباب الرئيسية للإصابة بسرطان عنق الرحم والأمراض الوعائية القلبية ويؤثر سلباً في وظيفة الإنجاب ويهدد سلامة الجنين ويسبب هشاشة العظام خاصة عند المسنات.

كما يتسبب لدى النساء في 40 بالمائة من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب و55 بالمائة بالسكتة الدماغية و80 بالمائة من الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة و30 بالمائة عن السرطانات الأخرى. ومن التأثيرات السلبية على الصحة الانجابية، فإن التدخين يهدد عامل الخصوبة لدى المرأة.

حيث يحدث اضطراباً على مستوى الحمل والولادة بما يسبب حالات ولادة مبكرة وتأثيرات خطيرة على صحة الجنين، وقد تحدث حالات اعاقة مع تعدد المخاطر لدى المرأة، ليس فقط على صحتها بل كذلك على صحة أطفالها.

 

10 % من التونسيات يدخنّ و1000 وفاة سنوياً بسبب «السيجارة»

 

 

رغم أن الإحصائيات الرسمية تقول إن 10 بالمئة من التونسيات يدخّن ، إلا أن من يزور البلاد ويجلس في مقاهيها وفنادقها، يلاحظ ان نسبة المدخنات ترتفع يومياً، وتتغلغل الظاهرة بقوة بين الطالبات في الجامعات والمدارس الثانوية، وتصل أحياناً إلى الإعدادية في صورة ما انفكت تزعج الاخصائيين من الباحثين والدارسين، وتدفع الى إطلاق صرخة فزع حقيقية.

يبلغ عدد المدخنين في تونس مليوناً و700 ألف مدخن من بين نحو 10 ملايين نسمة هو العدد الاجمالي للسكان، ويعتبر التدخين سبباً مباشراً في وفاة 7 آلاف شخص سنوياً أي بمعدّل 20 وفاة يومياً، وتؤكد الاحصائيات وفاة ألف تونسية سنوياً بسبب التدخين وجاءت نتائج استطلاع عام 2010 أن 17.7 بالمئة من المراهقات التونسيات (بين 12 و20 عاماً) جرّبن التدخين، الى جانب 55.8 بالمئة من المراهقين الذكور.

كما تشير الاحصائيات الى أن التدخين يبدد 3.1٪ بالمئة من ميزانية الاسرة (بينما تخصص 2.9٪ للتعليم و1.4٪ للنظافة و0.4 للثقافة). وعن أسباب ارتفاع عدد النساء المدخنات يقول ابراهيم عبد الرحيم، ممثل الصحة العالمية في تونس، إن تغير أنماط العيش ووسائل الدعاية التي تقدم التدخين على أنه مظهر من مظاهر التحضّر ووسيلة ناجعة لتخفيض الوزن والحفاظ على الرشاقة والجمال يُعتبر من الأسباب الرئيسية لتفشي الظاهرة لدى النساء.

تقول الموظفة ليلى بوبكري، إنها تدخن منذ اكثر من 25 عاماً، وحاولت كثيراً أن تتغلب على هذه الآفة لكنها فشلت.

ويقول أنور م، صاحب مقهى، إن النسبة الأكبر من زبائن المقهى من المدخنات، وأرى الواحدة منهن قد جلست وطلبت قهوة ومعها بعض السجائر التي اشترتها من المحل القريب. ويقول عمران، وهو بائع، إن الفتيات يشترين السجائر المستوردة بالخصوص ونادراً ما تأتي فتاة لتشتري علبة كاملة.

وترى الموظفة سعاد عبد القادر، ان التونسيات أصبحن يدخن بشراهة تتجاوز في أحيان كثيرة شراهة الرجال، والسبب الأول لذلك محاولة الخروج من بوتقة الأسرة والتمرد على الأم وتقاليد البيت.

سامية، طالبة جامعية، جاءت من إحدى المناطق لتواصل دراستها في العاصمة وتقول لم أجرب التدخين في حياتي إلى أن نلت شهادة الباكالوريا، وعندما كنت مقيمة في المبيت الجامعي مع طالبات مدخنات، اخذت السيجارة الأولى، وبعد فترة صرت أخرج معهن وأدخن حتى أصبحت أشترى علبتي الخاصة، وأنا الآن مدمنة ولا أنوي الإقلاع عن التدخين، فهو أنيسي في وحدتي، ويساعدني على تحمّل مصاعب الحياة.

وتعتقد العاملة مريم السلطاني، ان الفراغ والتشبه بالرجال والتمرد على المجتمع وتقليد المجتمعات الأوروبية من أسباب إدمان الفتيات والنساء التونسيات على التدخين، والفتاة تحديداً تعيش حالة من انفصام الشخصية، فهي في الشارع مختلفة تماماً عما هي عليه في البيت، ففي الشارع تدخن وتجالس الرجال في المقاهي، وتتحدث في كل شيء وعندما تعود الى المنزل، تصبح هادئة وملتزمة، ولا تدخن أمام والديها أو إخوتها الذكور إلا في ما ندر.

 

تدخين في الفضاءات

يقول الإخصائي في علم الاجتماع محمود الذوادي، إن المرأة التونسية تتجه الى الفضاء العام، نظراً لأن المجتمع ورغم كل ما قيل فيه عن المساواة والشراكة بين الجنسين مازال يرفض ان تكون المرأة نداً للرجل، ويثير تدخين المرأة مشكلة وجودها في الأماكن العامة وخاصة في المدن رغم انه مازال موضع أخذ ورد اجتماعي، يتأكد في المناطق الداخلية والارياف التي ترى من العيب ان تجلس المرأة في مكان عام.

وتدخين المرأة ظهر أول مرة في تونس بين نساء المستعمر الفرنسي (1881 -1956) ثم في المدن الكبرى بين التونسيات المنتميات إلى الطبقة الراقية.

ويتطرق الإخصائي النفسي الدكتور حسام لويز إلى الأسباب النفسية لظاهرة التدخين عند النساء، حيث يراها تختلف باختلاف المستوى الفكري والاجتماعي والاختلافات العمرية. فالمراهقات هن الأكثر نسبة بين المدخنات من خلال الاختلاط في الوسط الدارسي من اجل الظهور امام زميلاتهن برغبة إثبات الشخصية.

 

 

البحرين.. ظاهرة المدخنات خروج على العادات والأعراف المتبعة

 

 

تعتقد المرأة المدخنة أنها عندما تشعل سيجارتها وسط حشد من الرجال في مقهى تجد مكانتها الاجتماعية اللائقة بها، والتي تدل على مستواها الاجتماعي الرفيع الذي يحتم عليها أن تدخن وتخالط الرجال من باب المجاملة والتحضر ومجاراة مثيلاتها من النساء من ذات الطبقة، متناسية أن هذا فعل يشينها ولا يزينها، وأن ما يرفعها هو تمسكها بدينها وعلمها.

وأكد رجل الدين البحريني الشيخ صلاح الجودر وهو يتحدث حول الظاهرة، أن الشريعة الإسلامية حثتنا على المحافظة على جسد الإنسان من كل ما يسيء له، ويذكر الله في كتابه الحكيم (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)، من كل ما يعود بالمضرة على الإنسان، وأشار إلى أن المدخن يمثل أشد خطورة على المجتمع عندما يكون قدوة كالأب أو الأم.

فتدخين المرأة يعتبر شاذاً على مجتمعاتنا العربية والخليجية المسلمة التي تعتبرا في المقام الأول محرمة ومضرة، فضلاً عن أنها مقززة خصوصا في سلوكها عندما تكون بين الرجال في المقاهي العامة أمام مرأى ومسمع العامة. ويجب على المجتمع نبذ تدخين المرأة، وعليها أن تجد بدائل أخرى تقضي فيه وقت فراغها.

من جانبه أكد الإعلامي عصام الخياط أن للتدخين عموماً مضار صحية ونفسية واجتماعية واقتصادية على الرجل والمرأة على حد سواء، يقرها العلماء في شتى المجالات الطبية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، ولكن تجد المدخن يتجاهل كل تلك الأضرار في لحظة عناد مع الذات وعندما تسأل المدخن يجيب بأنها عادة.

وفيما يتعلق بالمرأة فإنها عرفت التدخين منذ قديم الزمان، وكانت تمارسه في بعض المجتمعات الخليجية من خلال (القدو) وهو نوع من أنواع الأرجيلة مصنوعة من الفخار، وأشار إلى أن المرأة قديماً كانت تدخن هذه الأداة بعيداً عن أنظار العامة في التجمعات النسائية أو في المنزل، وكانت تدخن بعيداً عن الأنظار بدافع الخجل حفاظاً على خصوصيتها وخصوصية عادات وتقاليد المجتمع في ذلك الوقت.

وقال "في يومنا هذا نرى النساء جنباً إلى جنب مع الرجال في المقاهي يدخنون أنواعا مختلفة من النكهات، ويأتي ذلك من منطلق مساحة الحرية التي حصلت عليها ، ودعوات المساواة مع الرجل ، تماماً كالذي يأخذ من الحضارات قشورها، فمجرد النظر إلى المرأة .

وهي تدخن الأرجيلة أو السيجارة وبغض النظر عن الأضرار الصحية التي يخلفها التدخين عموماً، يتبادر إلى الذهن أن المرأة فقدت أنوثتها، إذ تجد علامات التدخين واضحة على المدخن عبر الرائحة الكريهة ووجود بقع صفراء على الأسنان والشفتين، بالإضافة إلى آثار الحرق التي قد تصيب الشفتين والأصابع وحتى الملابس".

من جانبه بين الكاتب عبدالهادي الخلاقي أن المرأة تمتاز بنعومتها ورقتها وبعاطفتها عن الرجل، وهذه الميزات التي أودعها الله بالمرأة زادت من قدرها عند الرجل وجعلتها محل تقدير واحترام، وأبدى أسفه لانتشار ظاهرة تدخين النساء في المجتمعات العربية المحافظة، التي كانت ولاتزال تعتبر المرأة رمزا للجمال والرقة والنعومة ومنبع الحب والمدرسة التي عليها يعتمد النشء في تربيتهم.

ورغم ما يقوم به الرجال من أمور مثل التدخين وشرب الشيشة مع وجود الضرر الذي تشكله على الصحة وما يلحقه بمن يعيش معهم، إلا أننا مازلنا غير قادرين على تقبل ظاهرة تدخين المرأة، والتي تعتبر خروجا على العادات والتقاليد والأعراف المتبعة في بلداننا العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص.

 

العراق.. دخان النواعم بين حرية مطلقة أو طوق خانق

 

 

 

سيدة عجوز تعيش وحيدة في كوخها، وسط الصحراء الغربية من العراق، لا تجد أنيساً لها في وحدتها، غير سجائر تدخنها الواحدة تلو الأخرى وتتابع دخانها المتصاعد في الهواء في تعرج والتواء، والمكان الفسيح والهواء النقي يغسلان آثار تدخينها، على عكس ما في المدينة من تراكم لدخان السيارات والمولدات الكهربائية والسكان.

ولا تتذكر تلك السيدة العجوز متى بدأت عادة التدخين، لكنني عندما فتحت عيوني على الدنيا رأيت نساء يمارسن عادة التدخين، وتقلدهن الفتيات الصغيرات، وتلك كانت البداية بالنسبة لها، ولا ترى ضرراً فيها، وخاصة عندما اضطرت إلى العيش في الصحراء، وجلبت معها هذه العادة التي "أدمنتها أنا أيضاً".

وأبرز أسباب ظاهرة التدخين عند النساء، تتمثل في عاملين متناقضين، هما "الحرية المطلقة أو الطوق الخانق"، إلا أن الظاهرة وجدت طريقها لتتسع في الآونة الأخيرة بين النساء، سواء الفتيات أو الكبيرات في السن، ما جعلها واحدة من الظواهر السلبية البارزة في المجتمع الحالي.

ويقول أستاذ علم النفس مهند علي إن ظاهرة تدخين النساء تعبر بشكل واضح وصريح عن المشكلات الاجتماعية التي تعاني منها المرأة العراقية بمختلف الشرائح (المثقف والجاهل، أو المجبر على الجهل)، ونقصد من منع من التعلم بسبب ضغط الأهل والأقارب بمجتمع عشائري بحت، فأية ظاهرة تحدث وتظهر في المجتمع عملية غير مقصودة لانفعالات غير قابلة للتفسير.

وهذه المشكلات المختلفة تؤدي إلى ظهور مثل حالة التدخين بين النساء كما نراها الآن في الكليات والجامعات العراقية والمدارس، وهي الطامة الكبرى بين قوارير العراق، فعلينا متابعة هذه الظاهرة باهتمام كبير لما لها من جانب سيئ على مدرسة الأجيال (المرأة العراقية).

وترى الباحثة الاجتماعية حنان عبدالعزيز: أن هناك أسباباً عديدة تدفع المرأة للتدخين وهذه الأسباب قد تكون (موضة) الشارع، أو حالة التعب النفسي، أو تقليد الغير، أو احتمال الاضطرابات والأذى الذي تتعرض إليه من قبل المقربين لها، وهذه الحالة سيئة للغاية فقد تدفع البعض من النساء إلى الإدمان عليها أو اللجوء إلى أشياء أقوى من مفعول السجائر.

وتضيف: هذه الأسباب لو درست من الجهة العلمية أو النفسية لوجدناها حالة طبيعية، وليست شاذة، فقد ترغب المرأة أحياناً في تقليد الرجل في كل شيء، أو قد ترغب بتقليد البعض من النساء المشهورات كشخصية فنية أو سياسية أو اجتماعية، إضافة إلى حالات أخرى تدفعها إلى التدخين، منها الضغوط النفسية في البيت أو العمل، إضافة إلى الموضة، التي تدفع بالمرأة وبشكل كبير إلى التقليد بتدخين السجائر والأرجيلة، وفتحت مقاه جديدة للنساء أخيراً وبعضها مختلطة.

وتقول الطالبة الجامعية أسمهان ع إن أبرز الأسباب التي تقف وراء اتساع الظاهرة بين النساء هي الحرية المطلقة، وعدم متابعة الأهالي للفتيات، خاصة في سن المراهقة، والتي غالباً ما ترغب في تحقيق مبتغاها بأي شكل من الأشكال. ولم يكن تدخين الأرجيلة بالنسبة للنساء العراقيات منتشراً من زمن بعيد، حيث انتقلت الظاهرة من الرجال بعد انتشارها في المقاهي العامة، إلا أنها اتسعت وانتشرت من واحدة إلى أخرى.

وتقول آلاء م "20 سنة" أشعر بالراحة جداً عندما أدخن وأنسى كل همومي، وأشعر باسترخاء تام ومزاج نفسي رائق، إنني لم أدخن السجائر بل الأرجيلة، ولا أعتقد أنها ضارة. أما حميدة ص "50 سنة"، فتقول أنا أدخن بسبب زوجي الذي تزوج بامرأة أخرى، وبدأ القهر يقتلني وعندما أمارس التدخين أطفئ نار قلبي، وتتساءل: ماذا أفعل؟

وللباحثين الاجتماعيين آراء في تدخين المرأة، ودور في إصلاح النساء المدخنات وإبعادهن عن التدخين، لاسيما الأرجيلة، إذ تقول الباحثة الاجتماعية، أحلام الساعدي: هنالك الكثير من المشكلات لدى النساء، سببها التدخين، ومن هذه المشكلات ما وصلت إلى المحاكم وتسببت بالطلاق، وحاولنا كباحثين أن نعيد الوئام للكثير من المتزوجين الذين هم على شفا كارثة الطلاق لسبب أو لآخر، إلا أن مشكلة التدخين عند النساء كانت تقف سداً منيعاً أمام الصلح وإعادة الحياة الزوجية لهم.

وتعتقد الباحثة مناهل محمد، ان من حق المرأة أحياناً أن تلجأ إلى التدخين، حالها حال الرجل، فهي لها مشاعرها وأحاسيسها، ولا يوجد مسوغ قانوني أو صحي أو اجتماعي، لمنع المرأة بشكل خاص - عن التدخين، وإذا وجد هذا المسوغ فهو ينطبق على المرأة كما ينطبق على الرجل. وتضيف: هناك شبه إجماع على مضار التدخين، وإذا كان الرجل يعيب على المرأة ممارسة التدخين، فعليه هو أن يكون القدوة، ويمتنع عن هذه العادة، ويجنب العائلة كلها المضار المحتملة.

 

 

قطر.. «المشيشات» ينافسن الرجال في المقاهي الدوحة

رغم التحفظ والعادات والتقاليد التي تواجه عادة تدخين النساء وهي غير مألوفة في قطر وانتشرت مع ازياد أعداد الوافدين للعمل في قطر في السنوات القليلة الماضية. تبدو نسبة النساء اللاتي يدخن الشيشة في مقاهي سوق واقف في الدوحة تنافس نسبة الذكور، فبين كل طاولتين أو ثلاث توجد واحدة تجمع مجموعة من السيدات "المشيشات" وأخريات " يشيشن " مع أزواجهن أو أقربائهن.

وتتضاعف نسبة الإقبال على تدخين الشيشة في فصل الشتاء كما يقول فؤاد الديب المسؤول في أحد المقاهي ويفسر ذلك بالقول يحبذ الكثيرون السهر ليلاً مع هذا الجو الجميل وتحديداً في المقاهي التي تقدم في غالبها الشيشة ، لذلك يزيد الإقبال في الشتاء.

أما فيما يتعلق بالفئات الأكثر إقبالاً، فيؤكد أن نسبة الرجال على الشيشة لا تزال أكثر من النساء، معتبراً في الوقت نفسه أن كل شيء يحسب بطريقة النسبة والتناسب وعلى ذلك يعد الإقبال النسائي الحالي على المقاهي قياسا بطبيعة المجتمع القطري كبيرا جداً بل من الملاحظ كذلك أن نسبتهن في تزايد مستمر.

وتتراوح أعمار غالبية الزبائن من الذكور بين 20 وحتى كبار السن، فيما تتراوح أعمار الإناث "المشيشات" بين 20 إلى 30 سنة، ومن بينهن زبونات دائمات. أما فيما يتعلق بإقبال المواطنين تحديداً على الشيشة، فهو كبير للغاية، وهناك تواجد ملحوظ للمواطنات في الفترة الأخيرة على تدخين الشيشة، لكن تبقى نسبتهن أقل من غيرهن ونسبتهن لاتزيد عن الـ4 بالمائة من عدد الإناث المدخنات للشيشة.

ويعلق حسام الذي لا يحب الشيشة على تدخين النساء بالقول إن منظر الفتاة المشيشة في الأماكن العامة منظر غير حضاري أبداً، فالشيشة في حد ذاتها لافتة بقدر ما هي مقززة للناظر، حتى بين أيدي الرجال، فكيف عندما تكون بين يدي امرأة؟ نحن في مجتمعات شرقية قد تعطي الأعذار للرجال.

أما أحمد فيقول لست مدمناً على الشيشة ولا أدخنها في البيت، فقط عندما آتي إلى أحد المقاهي أطلبها أحيانا، وبالنسبة لتدخين المرأة للشيشة فيؤثر جداً على مظهرها الاجتماعي وصورتها العامة، وهذه النظرة السلبية لا تتغير بتغير المكان سواء كان ذلك في بلاد محافظة كالخليج أو غيرها من البلدان الأكثر انفتاحاً كبلاد الشام أو المغرب أو مصر .

ويقول الدكتور أحمد الملا رئيس عيادة الإقلاع عن التدخين بمؤسسة حمد الطبية لقد استقبلنا في العيادة عدداً من مدخني الشيشة، حيث وجدنا بعضهم يعاني من أمراض معدية مثل الدرن و"التهاب الكبد أ" وفضلا عن أمراض سرطان الفم والرئة المرتبطة مباشرة بالتدخين، فإن الشيشة بالتحديد تساهم في انتقال الأمراض المعدية وذلك بسبب تناقل معدات تدخين الشيشة من شخص إلى آخر .

وتعمل المؤسسة على تقديم المساعدات للمدخنين من خلال العيادة بما يمكنهم من الإقلاع وهناك عيادتان أسبوعياً لفحص وظائف الرئة لكافة المرضى من الذكور والإناث من سن 14 عاماً فما فوق. بالإضافة إلى تقديم النصح والإرشاد للراغبين في الإقلاع عن هذه العادة السيئة، سواء عن طريق تقديم العلاج ببدائل النيكوتين مثل لصقة النيكوتين والأدوية.

ويحذر الدكتور خالد بن جبر آل ثاني رئيس مجلس إدارة الجمعية القطرية لمرضى السرطان، من ان ارتفاع حالات الإصابة بسرطان الثدي بين السيدات يشكل خطرا كبيرا على المدخنات حيث وصلت حالات الإصابة إلى 70 حالة العام الماضي بسبب تدخين السجائر والشيشة، علما أن التدخين يسبب ترسبات في الجهاز التنفسي بشكل يصبح من الصعب معه تنقية مجرى التنفس نظرا للمواد المكونة للسجائر ، وتزداد الحالة سوءا مع تدخين الشيشة لاحتوائها على ترسبات أكثر ضررا وتلوثا، لأن المعسل المستخدم في الشيشة عبارة عن فواكه متعفنة ومتحللة حتى تعطي نكهة الفواكه ذاتها.

وينصح الدكتور هاشم السيد المدخنين ممن يرغبون بترك التدخين بأهمية إشراك الزوج أو الزوجة في التشجيع على ذلك، فضلاً عن تجنب أماكن التدخين داخل البيت وخارجه، مع إبعاد كل ما يتعلق بأغراض التدخين كالقداحة أو طفاية السجائر، وأخيراً الانشغال بشيء إيجابي لأن معظم المدخنين يكون عندهم نوعا من التوتر، وينصح أيضاً بالرياضة والمراجعة الدورية لطبيب الأسرة.

 

 

نابلس.. استقبال نسائي ينفث دخان النميمة والنرجيلة معا تستعد سيدة البيت لاستقبال ضيوفها من السيدات فقط في جلسة شهرية لتدخين النرجيلة فتقدم لهن الحلويات ، بعد أن يجلسن في دائرة كبيرة حيث تتراوح اعداهن بين 15 و20 سيدة في ساحة البيت التي تكون غالبا مغلقة ، وتستمر الجلسة لمدة ساعتين .بينما الزوج والاولاد الذكور يخرجون من البيت ولا يعودون اليه الا بعد انتهاء الوالدة من الاستقبال كما يطلق علية في مدينة نابلس التي تمتاز بتقاليد نادرة تميزها عن غيرها من المدن الفلسطينية.

وفاء صبري البالغة 50 عاما، سيدة البيت تقولالاستقبال عندنا في نابلس عادة قديمة توارثتها البنات عن الامهات عن الجدات، والاستقبال النسوي عبارة عن جلسة كبيرة نتدوالها شهريا في مابيننا وتضم القريبات والجارات ، وكل سيدة تأتي ومعها كيس تحمل فيه نرجيلتها ونوع التنباك الذي تفضلة".

القادمات من حواري المدينة المختلفة يجلسن ليستعرضن الاخبار الاجتماعية ، وكل واحدة تتحدث عن مجريات الأمور الاجتماعية في محيطها من زواج وطلاق وتعليم وصحة ، حتى يصبحن جميعا على علم ودراية بمعظم التطورات في المجتمع ، خاصة الاخبار التي لا تتناقلها الصحافة المحلية، يتخلل الجلسة التعارف واحيانا النسب والزواج من خلالها .

تتحدث الحاجة ام محمد عن تغيير حدث في نوع واسلوب الاستقبال في السنوات الاخيرة ، نتيجة تدخل واعظات الدين في الجلسات.وقمنا بتقسيم الاستقبال الى جلستين حيث تخصص الأولى للاستماع لدرس ديني يتعلق بالظروف الراهنة وما تمر به المدينة من مناسبات ، اما الثانية فتخصص لتدخين النرجيلة للراغبات بالبقاء خاصة الشابات اللاتي توارثن جلساتها ووجدت لها اهتماما كبيرا من المقاهي العائلية التي تقدم فيها النرجيلة بأنواعها في معظم المدن الفلسطينية .

سماح شابة جامعية تدرس التربية الاجتماعية في جامعة النجاح تستغل جزءا من وقتها في الذهاب مع صديقاتها لمقهى قريب من الجامعة لتدخين النرجيلة ونفث الدخان .

تقول سماح اجد ضالتي في نفث دخان النرجيلة الى اعلى ، اشعر ان جزءا من منغصات الحياة اليومية يخرج مع هذا الدخان ، رغم معاناتي ليلا من السعال ، لقد نصحني الطبيب بالابتعاد عن النرجيلة وقال لي ان نرجيلة واحدة تجلب ضررا يساوي ضرر علبة كاملة من لفافات السجائر"وتضيف سماح كلما حاولت الابتعاد عن النرجيلة اجد نفسي اعود اليها بمجرد مرافقة صديقاتي الى مقهى".

تضم مدينة رام الله وحدها اكثر من 700 مطعم ومقهى ومتنزه غالبيتها تقدم النرجيلة لمن يطلبها وأبرزها مقهى جفرا المختلط. ويقول خالد الفقيه صاحب فكرة انشائه هو مقهى شعبي متخصص في تقديم النرجيلة للشباب والصبايا، ويقدم خدمة الانترنت لذلك فجميع رواده من الطلاب والطالبات، وجميعهم يأتون للحوار واستكمال بحوثهم الدراسية ، واثناء ذلك يطلبون النرجيلة.ل

قد قدمنا لرواد المقهى مكتبة صغيرة متخصصة بالادب الفلسطيني والعربي ، وجداريات لعرض صور لمن يرغب من الفنانين والصحفيين.تحدثت إلينا بيسان سلامة "23" عاما التي تدخن النرجيلة وهي من رواد هذا النوع من المقاهي حيث تأتي للالتقاء مع صديقاتها، فقالت نعم أدخن النرجيلة منذ حوالي 5 سنوات وأعلم ان التدخين بشكل عام يضر بالصحة،ولكن انا احب "التعفيط" نفث الدخان ولاسبيل لتركه.

 

 

اليمنيات.. الأعداد في تزايد وإجراءات الحد غائبة

 

تدخين النساء في اليمن وصل إلى مستويات مقلقة للغاية وفقاً للعديد من الدراسات والأبحاث الاستطلاعية التي قامت بقياس حجم ومستوى انتشار هذه العادة، وقانون حظر التدخين في الأماكن العامة الذي مضى على صدوره ست سنوات لم ينفذ والتوعية بالأضرار لا تزال قاصرة ومحدودة الأثر.

وتساعد البيئة التي ينتشر فيها تدخين النرجيلة (الشيشة) والسجائر وسط النساء الأكبر سناً كالأمهات والعمات والخالات على انتشارها وسط الفتيات الصغيرات، إذ غالباً ما يعهد لهن بتحضير النرجيلة وإعدادها أو يرسلن لشراء التبغ والدخان وهذا يجعلهن يتعايشن مع عادة غير مستحبة أو مذمومة من قبل الأهل وفي جو يسوده القبول الاجتماعي بهذه العادة السيئة، ما يشجعهن على التدخين.

وقد خلصت بعض الدراسات إلى أن اليمنيين واليمنيات يبدأون التدخين في سن مبكرة، واتضح أن 37 بالمائة من طلاب الثانوية العامة الذكور يدخنون التبغ أو مروا بتجربة استخدامه، منهم 27% ذكور و10% إناث.

ويبدو أن التساهل وسط الأسر تجاه المدخنين من الصغار له دور كبير في ارتفاع نسبة التدخين إلى مستويات قياسية بين النساء، إذ سجل اليمن أعلى نسبة في التدخين بين الدول الإسلامية وفق ما خلصت إليه دراسة أجراها باحثون بريطانيون في جامعة أدنبرة في اسكتلندا حول التدخين في العالم الإسلامي وشمل 30 دولة إسلامية فقد احتلت اليمنيات المرتبة الأولى بنسبة 29% بالمائة وبلغت نسبة تدخين الرجال إلى النساء في اليمن مقارنة ببعض دول أخرى كالبحرين إلى 22٪.

وتزداد مخاطر وآثار التدخين المباشر والتدخين السلبي وسط النساء كما يرى الدكتور عبدالله الصوفي بسبب انتشار ظاهرة مجالس القات اليمنية المطولة، فجلسات القات الجماعية للنساء التي تدوم لفترات طويلة تستمر أكثر من أربع ساعات في أماكن ضيقة يتجمع فيها المدخنات وغير المدخنات وبينهن من ترضع رضيعها أو تصطحب أطفالها بمشهد دائم ومتكرر تألفه الصغيرات.

ولا تقوم الحكومة اليمنية وأجهزتها المعنية باتخاذ الإجراءات الضرورية للحد من الظاهرة، مع أن البرلمان اليمني أقر عام 2005م قانون حظر التدخين في وسائل النقل والمواصلات والأماكن العامة، إلا أن الهيئات والمصالح الحكومية والخاصة لم تعمل على تطبيقه وفرض احترامه بالشكل المطلوب، وفي وسائل النقل العمومية غالباً ما يرفض المدخنون الامتثال للقانون نظراً لغياب جهة منوط بها تطبيق القانون وإنزال العقوبات بمخالفيه، كما ان التوعية بأضرار ومخاطر التدخين في المدارس والجامعات وفي وسائل الإعلام تكاد تكون غائبة.

والمدارس والجامعات لا تطبق منهجاً توعوياً وإرشادياً بمخاطر التدخين، والمدارس الحكومية تتخذ إجراءات عقابية تجاه الطالبات والطلبة المدخنين، لكنها من النادر أن تتبع الطرق الوقائية التي تركز على التوعية بالخطر قبل وقوعه. الأخطر من كل ذلك كما يقول الدكتور عبدالله الصوفي أن شركات التبغ والكبريت الوطنية بشعاراتها ومنتجاتها ترعى الكثير من الأنشطة والفعاليات الرياضية والعلمية للطلاب والطالبات.

وتقوم بتكريم المبرزين منهم بتوزيع أجهزة كمبيوتر عليهم أو مبالغ مالية ويذاع وينشر ذلك على الملأ وفي جميع وسائل الإعلام والصحافة، وهذا العمل ينطوي على ترويج ضمني للدخان في وسط فئة الشباب سواء المكرمين أو المشاهدين، وطالما أن التكريم يترك أثراً طيباً فلا شك أن ذلك سيؤدي إلى استحسان منتجات المكرم.

 

Leave a Reply