انقلاب مواقف السياسيين ..نفاق أم تغيير موضوعي؟

عمان – عبدالله الرعود - التحول في مواقف كثير من السياسيين الاردنيين ظاهرة تستحق الوقوف عندها طويلا ودراسة حيثياتها، وبيان أسبابها النفسية والسياسية .
بعض المسؤولين الذين كانوا على توافق كامل مع السياسات الحكومية، انقلبوا إلى معارضين وأصحاب تصريحات تنتقد تلك السياسات التي كانوا بالأمس شركاء فيها، ومن الداعين إلى ترويجها، وفي المقابل انتقل آخرون من خانة المعارضة والانتقاد للمشهد السياسي العام في المملكة إلى التأييد والتصفيق للسياسات الرسمية بمناسبة وبدون مناسبة بمجرد جلوسهم على كرسي المسؤولية.
يصنف أستاذ علم النفس محمد الحباشنة لموقع  ( الرأي الالكتروني) تحول المسؤول من حالة التأييد والمشاركة في السياسات الحكومية خصوصا في القضايا المفصلية كقضايا الفساد والخصخصة وبيع مقدرات البلد، إلى حالة المعارضة والانتقاد لها في " خانة النفاق السياسي " .
والسياسي غير الأخلاقي - بحسب الحباشنة - هو فقط من يمارس ذلك لأنه يكون في حالة دفاع وتبرئة وترويج للذات بعيدا عن تحقيق الصالح العام .
ويستثني الحباشنة حالات معينة يتحول فيها المسؤول من وضعية المشارك والمؤيد للسياسات الحكومية إلى معارض ومنتقد لبعضها، ويقول انه لا يمكن اتهام صاحبها بالتناقض إذا كانت نابعة من النضج السياسي، ونتاج الأيام والسنوات.
والتبرير المناسب لاستثناء بعض الحالات كما يرى الحباشنة، هو أن المسؤول خلال وجوده في الحكومة يكون في حالة فعل وليس في حالة انتقاد، فيكون بذلك التحول موضوعيا ولا يمكن أن يعاب عليه، لأنه قد يكون تحول إلى النقد الايجابي الذي يصب في الصالح العام.
وأما حالة التحول من المعارضة إلى التأييد للسياسات الحكومية بعد تسلم المسؤولية فهي حالة مزعجة كما وصفها الحباشنة، مشيرا إلى تاريخ طويل يجب أن ينتقل من خلاله الإنسان من المرحلة (أ) ثم (ب) وصولا إلى (ج) وهكذا، ومشترطا أن تكون جميع المراحل متوافقة ومتناغمة مع بعضها بعضا.
وفي حال عدم وجود التوافق بين تلك المراحل، وعدم وجود مبررات كبيرة، ومؤشرات موضوعية، اعتبر الحباشنة ذلك شيئا ذاتيا بعيدا عن تحقيق أي عمل للصالح العام.
يلخص الحباشنة الظاهرة قائلا : " هذا التحول أحيانا يكون موضوعيا ومبررا ، وأحيانا أخرى يدخل في خانة الدفاع عن النفس وترويج الذات، ودراسة كل حالة بشكل منفصل هي الميزان الذي يحكم من خلاله على صدق ووطنية الموقف من عدمه ".
ولا يرى سياسيون تناقضا في حالات التحول المبنية على مبادىء صادقة وسليمة، وفيها تمييز بين المعارضة الكاملة لجميع السياسات التي كان المسؤول مشاركا فيها ومؤيدا لها، وبين معارضة بعض تلك السياسات إذا كانت محل انتقاده ومعارضته.
يكون التناقض كما يرى وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الأسبق طاهر العدوان في تحول المواقف التي ينتقد فيها المسؤول قرارات وقع عليها وكان شريكا فيها.
وبالرغم من أن حالة التحول هذه أمر طبيعي يحدث في كل دول العالم باعتقاد الكاتب الصحفي العدوان، إلا انه لا بد من تفسير وتعليل المسؤول لحالة التحول التي شهدها، ولماذا كان على رأي وأصبح على نقيضه.
وطرأ على المشهد السياسي العام في الأردن منذ تأسيس الأمارة في عام 1921 تحول كبير في مواقف كثير من المسؤولين، فانتقل بعضهم من السلطة إلى المعارضة الناقدة كما حدث مع احمد عبيدات وعدنان ابو عودة ، في حين انتقل البعض الآخر من المعارضة إلى السلطة مثل الدكتور بسام العموش والمحامي حسين مجلي.
ولا يخرج المسؤول في تحوله هذا كما يعتقد الوزير السابق والنائب عبدالله النسورعن احد أمرين " فإما أن يعارض الآراء والمواقف والسياسات التي كان مؤيدا لها وشريكا فيها وهذا فيه تناقض وغرابة كبيرة وواضحة وإما أن ينتقد المسؤول بعد خروجه من الحكومة مشروعا أو قرارا أو سياسة لم يكن مؤيدا لها ولا مشاركا فيها، وهذا لا يمكن وصفه بالتناقض ولا غرابة فيه ".
والانتقال من حالة المعارضة إلى التأييد والمشاركة لا يعد عيبا أو تناقضا في فكر النسور، فالعيب عنده لا يكمن في تغيير الآراء، بل في تغيير المبادىء التي تعتبر أركان السلوك الفكري والسياسي.
واذا كان تفسير هذه التحولات قد يكون منطقيا وفق رؤية السياسيين وعلماء النفس المختصين ، فان قراءة رجل الشارع مختلفة !.
يقول الطالب الجامعي عمر عزام: " لا اقرأ في تحول المسؤول من المعارضة الى السلطة او العكس الا تناقضا في المبادىء والمواقف، وتلونا يتماشى مع المصالح الشخصية الضيقة البعيدة كل البعد عن مصلحة الوطن والمواطن ..في كثير من الاحيان اتجنب متابعة شاشة التلفاز حتى لا اصدم بالمزيد من الشخصيات ومواقفها المتقلبة " .

Leave a Reply