«الهولندي الكاذب» زوّر علم النفس وسقط في الخطيئة الأبدية

سيمون كوبر من باريس

ديدريك ستابل، الذي يحتل الترتيب العاشر بين أكبر المحتالين في التاريخ الأكاديمي، ترك منزله بالكاد قبل عام. "لقد خسرت كل شيء" هذا ما قاله لي أستاذ علم النفس السابق، المكلل بالعار، على الهاتف من هولندا. وهو الآن مفلس تقريبا، وعائلته لا تستطيع تحمل تكلفة أي شيء. وقال إنه يفكر في الانتحار أحيانا، بعدما شوّه علم النفس الاجتماعي وأصبح منبوذا عالميا. "لقد اعتقدت أني سأكون قادرا على الخروج تدريجيا، لكن العكس صحيح، خصوصا بعدما اتضح أن النقاد لن ييأسوا".

أخشى أنه لن يخرج قط من حالة الخزي التي يعيشها. تختلف المجتمعات في تعاملها مع المخطئين، ويبدو أن الشعب الهولندي ليس من طبيعته التسامح.

لقد كان ستابل زميلي في المدرسة. وكنت أكتب في مجلة المدرسة التي كان يتولى تحريرها. وفي المدينة الهولندية الصغيرة التي نشأنا فيها، لعبنا معا في نادي كرة القدم نفسه. كنت أصغُره بثلاث سنوات وكنت بالكاد أعرفه، لكنني أتذكر أن ولدا عملاقا (لا يرتاد مدرستنا عادة) كان يبتسم في الأروقة لأشخاص لا يعرفهم.

كنت قد نسيته حتى العام الماضي، عندما أصبح "الهولندي الكاذب" في نشرات الأخبار العالمية. لقد اتضح أنه كان يقدم استنتاجاته العلمية بطريقة تسلسلية – مثلا، مقاله في مجلة "ساينس" العلمية المبجلة، يدعي فيه أن الناس أكثر ميلا لاستخدام القوالب النمطية التميزية في محيط قذر مثل محطة القطار غير النظيفة، أو استنتاجه أن آكلي اللحوم أنانيون. لم يجرِ أي أبحاث، لكنه اخترع كل شيء. لقد تم كشف التزوير فيما لا يقل عن 55 من أوراقه الأكاديمية، وفي عشر من رسائل الدكتوراه التي أشرف عليها. وما زال الإعلام الهولندي ينتقده يوميا. لقد تحطم تقريبا علم النفس الاجتماعي: الذي سماه التحقيق الأكاديمي لستابل "العلوم القذرة".

وفي كتاب جديد سماه "أونتسبورينج" (ويعني خارج القضبان) يحاول ستابل أن يشرح احتياله. ويقول في أحد أجزاء الكتاب: إن مستواه الأكاديمي كان دون المتوسط، لكن كانت نتائجه مذهلة لأنه أراد أن يصبح نجما. وفي جزء آخر يقول إنه أصبح "مدمنا" على الاختراع. لكن في أحد الأجزاء ما زال عاجزا عن تفسير ذلك. إن أفعال الناس لها أسباب معقدة. وبصفته عالم اجتماع (على الرغم من أنه لن يعمل في هذا المجال ثانية قط)، فهو على وعي كبير بـ "خطأ الإسناد الأساسي"، الاعتقاد الخاطئ الذي يقول إن شخصيات الناس تحدد سلوكهم. وفي كثير من الأحيان سياقاتها هي التي تشكل السلوك.

إن ميدان ستابل كان علم الاجتماع. وقليلون جدا من علماء الاجتماع قاموا باختلاق الأشياء، لكنه كان يعمل في تخصص حيث الاستخدام المتعجرف للمعلومات شائعا. ولعل هذا كان الاستنتاج الرئيسي لثلاث لجان أكاديمية قامت بالتحقيق في تزويره. لقد وجدوا عديدا من الممارسات السيئة: الباحثون الذين يستمرون في إعادة التجربة حتى يتوصلوا إلى نتيجة حقيقية، بعدما يحذفون المعلومات غير الصحيحة، يسيئون فهم الإحصاءات ولا يتشاركون معلوماتهم. وقد جاء التحقيق سريعا بعد أن أخبر دانيا كانيمان، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، علماء نفس يدرسون الجدل الاجتماعي أن "مجالكم هو الآن المثال الحي على وجود شكوك في نزاهة البحوث النفسية".

"وهناك اضطرابات كثيرة في علم النفس الاجتماعي حول كيفية إنجاز الأمور"، وفقا لفرانك فان كولفسكوتن، الخبير الهولندي في الغش الأكاديمي. وأضاف: "بعض الناس يقولون: إن قضية ستابل هي أفضل شيء حدث لعلم النفس الاجتماعي، لأنها توفر دفعة لدراسة هذه القضايا". ويمكن لعلم النفس الاجتماعي أن يتعافى، لكن ستابل ربما لا يفعل. إن طريقة الدولة في التعامل مع المخطئين عادة ما يشكلها تراثها الديني. في الكاثوليكية يمكن للمخطئين الحصول على الغفران في سرية الاعتراف. ربما يساعد هذا على تفسير السبب في أن سيلفيو برلسكوني أقدم على خطيئته بفرح ودون أن يبدي أي ندم للعامة في إيطاليا. وقد حكم عليه بالسجن أخيرا بتهمة الاحتيال الضريبي، وهو الآن يسعى إلى منصب رئيس الوزراء مرة أخرى.

في نسخ أمريكية عديدة من البروتوستانتينية، يمكن للمخطئ "أن يولد من جديد". وهذا التقليد يسمح للمخطئين الأمريكيين بالعودة. فقد تم عزل بيل كلينتون بسبب علاقته مع مونيكا بلونيسكي، لكنه في وقت لاحق اعترف بكل شيء، وجال في البلاد يعتذر لمؤيديه، والآن يعد أكثر السياسيين احتراما في الولايات المتحدة. سياسيا، لقد ولد من جديد. طبقا للمقولة المأثورة سكوت فيتزجرالد "لا يوجد فعل ثان في حياة الأمريكيين" غير صحيح.

من سوء حظ ستابل أنه هولندي. إن التقليد السائد عند الهولنديين هو الكالفانية، والكالفانية تؤمن بالخطيئة الأبدية. وهذه الصرامة يمكن أن تردع الناس عن الخطيئة: تحتل هولندا الترتيب التاسع على مؤشر إدراك الفساد في منظمة الشفافية الدولية، فقط أسفل البلدان الاسكاندنافية اللوثرية.

إن الجانب السلبي هو أنه لن تكون هناك أفعال ثانية في حياة الهولنديين. أخبرني ستابل بأن "الناس يكتبون في الصحف وفي المدونات الإلكترونية الآن أن الأشخاص أمثاله لا يستحقون فرصة ثانية". والسؤال يكمن في إذا ما كنت ستحصل على أي شيء. ربما في خلال خمس أو عشر سنوات، لكن ذلك وقت طويل. في مقطع مريب في كتابه، يقول ستابل لابنتيه الاثنتين: إنه ربما كان من الأفضل ألا يكون موجودا بعد الآن. لقد كتب هذا المشهد ويعرف أنه سيثير المخاوف، ولكن آفاقه قاتمة إلى حد ما. إني أشعر بالقلق حياله.

Leave a Reply