الكوابيس… رسائل الضمير

المغازي: سببها ال�شل المتكرر �ي تحقيق الأهدا� والضغوط الحياتية
إيمان: ترتبط بزيادة كهرباء المخ أثناء النوم

القاهرة - محمود عطوان:

الكوابيس ليست مجرد هلوسة كما يظن الكثيرون بل انعكاس لما يدور �ي العقل الباطن واللاوعي من أ�كار ومشاعر, وتعد احدى الوسائل التعبيرية لما يدور داخل الشخص, وتتعلق غالبا بالكبت والاحباط نتيجة ال�شل المتكرر �ي تحقيق الأهدا�, وضغوط الحياة, وأحيانا لأسباب مرضية مثل الحمي وارت�اع درجة حرارة الجسم.
حول أسباب الكوابيس وكي�ية التخلص منها, أجرت "السياسة" هذا التحقيق.
يعر� الدكتور ابراهيم المغازي أستاذ علم الن�س بكلية التربية جامعة قناة السويس, الكوابيس بأنها أحلام ليلية وصورة متكاملة الملامح يجسدها العقل الباطن أثناء النوم للأحداث المختل�ة التي مر بها خلال اليوم وما ترتب عليها من آثار سلبية على الن�س, تكون �ي الغالب مخي�ة, تنتج عن أسباب عدة منها الخو� من المجهول, الشعور بالقلق والضيق, قد يصاحبها أحيانا هلاوس وصراخ, كما تمثل صوت الضمير الذي يطلع على أ�عال وتصر�ات الانسان, الكامنة �ي اللاوعي, وترجمة لما يحدث من صراعات ن�سية وداخلية تد�ع الشخص نحو الشعور بما يعر� ب¯ "تأنيب الضمير", الذي يزعجه �ي منامه على شكل كوابيس. كما تعتبر الكوابيس أحد الاضطرابات الثانوية المزعجة التي تظهر لكثير من الناس �ي مراحل النوم العميقة, وتعد انعكاسا لما يدور �ي العقل الباطن من أ�كار وم�اهيم مخ�ية تظهر �ي هذه الصورة, تتعلق غالبا بالكبت والاحباط نتيجة ال�شل المتكرر �ي تحقيق الأهدا�, وكلما كانت الضغوط الحياتية وما يتبعها من مشكلات يومية يتعرض لها الانسان كثيرة, كلما زادت احتمالات رؤيته للأحلام المزعجة والكوابيس, وتكثر اذا ارتبطت هذه المشكلات والقضايا بأحداث صعبة وأليمة, مشيرا الى ما يعر� ب¯ "البنك الن�سي" وهو جهاز اللاشعور ورصيد الانسان خلال عمره الزمني من الأحداث المختل�ة الجيدة وغير الجيدة, �اذا كانت ثقا�ته مليئة بذكري أحداث سعيدة يتصر� بشكل ايجابي, أما اذا كان المحتوى أشياء غير جيدة �انها تظهر �ي شكل كوابيس, ويظهر ما يسمى ب¯ "الثالوث المعر�ي", وهو مصطلح يعني سوء الظن بالآخرين و�قدان الثقة بهم, ويحدث ذلك اذا كان الانسان لديه سوء تقدير للمواق�, ونظرته للمستقبل تشاؤمية.
ويتعرض للكوابيس من لا يتناولون مهدئات أو كحوليات, و�ي حال تكرار التعرض لها بشكل شبه يومي, يجب الرجوع الى الأطباء المتخصصين, حتى لا تصير خطرا ينعكس بالسلب على الحالة الن�سية, مع مراعاة أن نوعيتها وطبيعتها تختل� و�قا لمدى تكرار حدوثها ومدتها, والآثار التي تتركها على الانسان, �هناك من يتذكرها بكامل مشاهدها وأحداثها وأشخاصها, بينما لا يتذكر البعض الآخر منها شيئا, و�ي بعض الأحيان نجد أن الكوابيس تحدث لأسباب مختل�ة لا تتعلق بالاضطرابات الن�سية وضغوط الحياة, لكن تكون لأسباب مرضية مثل الاصابة ببعض الأمراض كالحمي وارت�اع درجة حرارة الجسم بشكل كبير, و�ي هذه الحالة غالبا ما يطارد الانسان �ي نومه واستيقاظه بعض الهلاوس والمشاهدات المختل�ة, والمرأة تتعرض للكوابيس أكثر من الرجل, لطبيعتها التي تتأثر بسرعة بالأحداث السيئة, وحساسيتها الشديدة وعاط�تها التي تد�عها �ي كثير من الأوقات نحو التوتر والقلق.

تراكمات طويلة

وترى الأخصائية الن�سية د. ايمان محمد, أن الكوابيس نتيجة تراكمات طويلة المدى للمشكلات �ي حياة أو لوجود حالة تغيير يتجاهلها الشخص, أو لزيادة كهرباء الدماغ أثناء النوم, وقد تكون دليلا على احتياج الانسان لمراجعة أحواله, كما تنتج عن استمرار الضغط على الدماغ �ي الت�كير, بخلا� العوامل الن�سية والاجهاد, وما يحيط بالانسان من ضغوط سلبية أو ايجابية. وهي تختل� بشكل كبير عن الأحلام والتي تكون عابرة وينساها الشخص بمجرد استيقاظه, لأنها ناتجة عن الت�كير والتأمل �ي الأحداث اليومية التي تشغل باله أو نتيجة الضغوط الشديدة التي تؤرقه �يراها �ي منامه, مثل أن ترى امرأة أنها ترتدي ثوبا أبيض كأنه ثوب ز�ا� وترى ح�ل الز�ا� وأنواره, لكنها لا تتمكن من رؤية شريك العمر الذي ستتزوجه, وقد يتكرر هذا الحلم كثيرا لها والت�سير أنه انعكاس لما يدور �ي خاطرها, ويشغل بالها, وهو الرغبة �ي الزواج.
عن كوابيس الأط�ال تشير د. ايمان الى أنه غالبا ما يكون الأط�ال �ي مرحلة صغر السن أكثر رؤية للكوابيس المخي�ة, التي تولد لديهم حالة من الخو� والرهبة من النوم, ما يؤثر على الحالة الن�سية للط�ل, و�ي بعض الأحيان يصاب الأط�ال بنوبة من البكاء والصراخ حال رؤيتهم تلك الأحلام الم�زعة غير المتوا�قة مع خيالاتهم الواسعة �ي ذلك العمر, و�ي هذه الحال يجب على الأسرة أن تعمل على اخراج الط�ل من الحالة الن�سية المسيطرة عليه وتهدئته, وعدم الضغط عليه للتعر� على ما رآه حتى لا يتذكره أو يسعي لاسترجاعه مرة أخرى, لأن ذلك يزرع الخو� �ي قلبه ما يحول دون استكماله النوم, و�ي مرحلة الدراسة نجد أن الأط�ال مع اقتراب الامتحانات يصابون بالكوابيس, التي يصاحبها زيادة ا�راز العرق, وزيادة سرعة ضربات القلب, و�ي بعض الأوقات يستيقظ الط�ل باكيا.

القوة العبقرية

من جانبه, يرى عبد الله محمد خبير التنمية البشرية, أن الأحلام تمثل القوة العبقرية التي تكمن داخل الانسان, وأحد الوسائل التعبيرية عن مكنون العقل الباطن, لذا يجب على الشخص ألا ينظر الى أحلامه باعتبارها مجرد هلوسة, �هي تعبر بال�عل عما يدور �ي اللاوعي من مشاعر وأ�كار حول الأحداث التي يمر بها طوال اليوم, وما يشهده من مشكلات تتسبب �ي ارهاق الذاكرة, وربما تكون تلك الأحلام أداة أو رسالة غير مباشرة لاتخاذ موق� معين, ويكون ت�سيرها مجرد محاولة ل�هم مضمون الرسائل والأ�كار الموجودة �ي العقل الباطن خلال النوم وربطها بالواقع.
وللتخلص من الكوابيس يجب الاسترخاء التام والتخلص من المشكلات الن�سية والعصبية التي تنتاب الشخص بين الحين والآخر, وعدم التعرض للتوتر أو القلق, قبل النوم, وتجنب الت�كير �ي الأمور التي من شأنها تكدير الص�و أو الضغوط الحياتية التي تعرض لها على مدار اليوم, والتركيز على تذكر الأحداث الايجابية, وممارسة تمارين الاسترخاء والتن�س العميق كما ي�ضل التوجه للسرير �ورا عند الشعور بالرغبة �ي النوم. ويجب ألا يحمل الانسان ن�سه أعباء ثقيلة حتى لا ينعكس ذلك �ي صورة أحلام م�زعة, مع ضرورة التن�يس عن الطاقة الن�سية والتعبير عنها للمقربين مع الأخذ �ي الحسبان أن اختيار أوضاع سليمة للنوم يعد من الطرق التي تجنب التعرض للكوابيس أو رؤية أحلاما م�زعة.

القرآن والأذكار

أما الشيخ محمد أحمد المعالج بالقرآن �يرى أن الكوابيس والأحلام تشغل عقول الكثيرين, لأن ما يراه النائم اما أن يكون رؤيا واقعية أو حلما عاديا أو مجرد تعبير عن الحالة الن�سية التي يوجد عليها الشخص, كأن يشغل باله أمر معين �ينام �يرى الأثر الن�سي لما بداخله أو يكون �ي حالة صحية غير مستقيمة كأن يكون ملأ معدته بالطعام ثم ينام �يحلم بالثقل أو بالرغبة �ي تناول أشياء معينة والاقلاع عن تناول أشياء معينة, وهذا النوع من الأحلام من بواعث الشيطان, وهناك الكابوس الذي يرى �يه الشخص شيئا ي�زعه وعليه �ي هذه الحال أن يتبع ثلاث مراحل, أولها أن يغير مكان النوم أو وضعيته, ثم يت�ل عن يساره ثلاثا, وأما الثالثة �عليه أن يقرأ بعض الأوراد, ويصلى ان أمكنه ثلاث ركعات, ثم يعود للنوم ثانية, بعد أن يكون زالت عنه هذه الحالة التي كان عليها, كما يجب على الشخص الا يذكر الأحلام الم�زعة للآخرين.
وينصح الشيخ محمد, كل مسلم أن يحا�ظ على قراءة بعضا من آيات القرآن الكريم, والأذكار قبل النوم, وأن ينام على طهارة, والمحا�ظة على طاعة الله, والصلوات الخمس, �كلما كان القلب قريبًا من ربه كان ثابتًا راسخًا, تطبيقا لقول الله تعالى: "وَلَوْ أَنَه�مْ �َعَل�واْ مَا ي�وعَظ�ونَ ب�ه� لَكَانَ خَيْراً لَه�مْ وَأَشَدَ تَثْب�يتاً".
 

Leave a Reply