الفن ومشكلات المراهقة

في المدرسة، بعيداً عن المناهج والمواد التقليدية، كالرياضيات والعلوم والكيمياء وغيرها، يمارس الطالب العديد من الأنشطة المكملة لتلك المواد، والتي لا تقل أهمية عنها، كالرياضة والموسيقى والتربية الفنية. إلا أن مشكلة هذه الأنشطة تكمن في أن بعض أولياء الأمور لا ينظرون إليها نظرة جدية، فإهمالها من الطالب يلقى تشجيعاً من الآباء الذين يتناسون أن الأنشطة والأحداث اليومية، والمثيرات البصرية التي يتعرض لها الطفل ويتفاعل معها، كل ذلك بالإضافة إلى فرص التعلم والتدريب والتثقيف التي يعيش الطفل في إطارها، تعمل على استثارة ملكة الإبداع لديه، وتفتح طاقات الخيال التي تتكون من خلالها شخصيته الإبداعية المتميزة.

ويرى كثير من المختصين أن التربية الفنية من الأنشطة المهمة التي يجب أن تلقى تشجيعاً من قبل الأهل، باعتبارها إحدى وسائل اكتشاف نمط الطفل وشخصيته. فعندما يعبّر برسم ما فإن الباحثين يستطيعون إيضاح نمطه، هل هو اجتماعي أو انطوائي أو غير ذلك؟ فالطفل يرسم لإشباع مجموعة من الدوافع والحاجات، كالحاجة إلى التنفيس عن الذات، والحاجة إلى التعبير عنها، والحاجة إلى التقدير وتحقيق الذات. كذلك البحث عن الجميل والجمال.

كان الاعتقاد السائد، هو أن الفن مادة ثانوية لا يمارسها إلا الفاشلون. كما كان البعض يعتبر أن الفن خاص بالطبقة الأرستقراطية. لكن ما هو غير معروف أن الفن ليس مادة، بل لغة تعبيرية، وطريقة في التعبير والتواصل. والفن قبل كل شيء يُفتّح حساسية الطفل دون أن يكون القصد تكوين فنان بارع، أو اختصاصي في تاريخ الفن. فهو لا يمكن أن يعوض الأداة المدرسية، لكن يوجد تعايش وتآلف بين الفنون والمدرسة.

أستاذة في علم النفس تقول: «الرسم والألوان وسيلة من وسائل اللعب لدى الأطفال، ويستطيع الطفل أن يعبر عن ذاته بطريقة إيجابية من خلالهما، كما أنهما وسيلة لتفريغ انفعالات الطفل من خلال مجموعة من الرسومات والألوان، والتي غالباً ما يكون لها دلالات نفسية تحليلية.

وتقول دكتورة في علم النفس التربوي إن التعبير بالرسم أو الخامات المختلفة، من جانب الطفل في المراحل الأولى من العمر وحتى المرحلة الثانوية، يقوم بدور التنفيس عما يشعر به من أزمات أو مشكلات، قد تظهر في مظاهر عدوانية ضد الآخرين أو مظاهر انطواء أو غيره. ولهذا فإن من يمارسون الفن في المراحل الأولى من عمرهم يمرون بمرحلة المراهقة بنجاح ودون أية مشكلات نفسية، كما يتميز هؤلاء أيضاً بتكامل شخصيتهم ووعيهم.

Leave a Reply