الزوجة الثانية الرضا بثوب «العروسة» يبدد شبح «العنوسة»

اعتادت وسائل الإعلام فتح أبوابها لبعض دعوات تعدد الزوجات كحل لمشكلات العنوسة والتي حققت أرقاماً قياسية في المجتمعات العربية، حيث تعدت أعمار نحو 9 ملايين شاب وفتاة فوق 35 سنة وهم يعيشون دون زواج.

وهنــــاك عوانس وأرامــــل ومطـلقات يعشن حيـــــاة يغلـــــفها السكون، فالأرامل يــلعبن دور الأب والأم فـــــي آن معاً دون عائل، والمطلقات يتقلبن فـــي جمر الحياة أمام مجتمع قــاس لا يرحم، وعوانس فاتــهن القـــطار وجلســــن ينـــدبن حـــظوظهن لضياع الأمل.

لكن الإعلام على الجانب الآخر نادراً ما يذكر أن الزوجة الثانية بمثابة قنبلة موقوتة تفجر الأزمات بين الأزواج وخاصة الزوجة الأولى التي اعتادت أن تكون علاقتها مع الرجل علاقة أبدية، لا يدخلها ثالث مهما كانت الظروف. علماً أن الشرع قد أباح تعدد الزوجات ليست ثانية أو ثالثة فحسب بل أربع زوجات، لكنه اشترط العدل وجاء الأمر صريحاً "وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة".

وتبقى أسئلة حائرة تبحث عن إجابات، ما هي المشكلات التي يسببها وجود الزوجة الثانية في محيط الأسرة وانعكاسها على الزوجة الأولى؟ ومدى علاقتها بالزوج وتأثير وجودها على الأطفال؟ وما هي حدود العدل إنسانياً ونفسياً، ومادياً بما يرضي الطرفين؟ وكيف يرى علماء الاجتماع واختصاصيو علم النفس ورجال الدين هذه الإشكالية؟ وهل تعتبر الزوجة الثانية حلًا لنساء يجلسن على رصيف الحياة انتظاراً لزوج قادم ولو في عصمته ثلاث زوجات. هذا ما سنحاول معرفته في هذا التحقيق:

 

 

مصر.. الظاهرة مرتبطة بالمجتمع قبل المرأة والثمن باهظ

 

 

"دفعتُ ثمناً باهظاً لموافقتي على الزواج من رجل متزوج هروباً من شبح العنوسة".. هذا ما تقوله سحر ع (35 عاماً)، وتضيف نعم آمنت بتعدد الزوجات طالما أن زوجي سيكون عادلاً، والغريب أنه حاول أن يعدل، وكان يحترمني جداً ويعاملني معاملة جيدة لكن زوجته الأولى كانت لي بالمرصاد.

حيث طلبت منه أن تكون المعيشة مشتركة توفيراً للنفقات، واقتنع بفكرتها وأصرّ عليها رغم مقاومتي، ومن وقتها لم أذق طعماً للراحة، حيث حوّلت الزوجة الأولى وأولادها حياتي إلى جحيم، ما دفعني إلى طلب الطلاق، بعد أن عشت تجربة قاسية تمنيت خلالها أن أظل عانساً وهو الوضع الأفضل.

وتؤكد رشا م أن الزوجة الثانية ليست حلاً لمشكلة العنوسة، بقدر ما هي بداية لمسلسل لا ينتهي من الأزمات وصراع بين الزوجة الأولى والثانية على الزوج أو على مصروف البيت، الأمر الذي يؤثر بالسلب في الأسرة عموماً، وبشكل خاص الأبناء الذين يدفعون ثمن ذلك الصراع. كما أن الزوجة الثانية دائماً ما تعاني نظرة المجتمع لها؛ لذلك تكون مضطرة إلى أن تضحي وتقدم تنازلات لزوجها من أجل استمرار حياتها الزوجية.

ويرى مهندس الكمبيوتر محمد رأفت أنه على الرغم من إباحة الدين الإسلامي تعدد الزوجات شرط العدل من الرجل، إلا أنه يرى أن أضرار الزواج الثاني سواء على الزوجة الأولى أو الثانية أو الأولاد أكثر بكثير من التداعيات السلبية لظاهرة العنوسة، التي يتحمل المجتمع والآباء مشكلة تفاقمها.

وبدلاً من حل مشكلة العنوسة بمشكلة أكبر، المتمثلة في الزوجة الثانية، يجب معالجة الأسباب الحقيقية لتأخر سن الزواج في المجتمع، وأهمها مغالاة الأسر في الطلبات المادية وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشباب.

ولعلماء الاجتماع رأي أكثر توضيحاً لإشكالية الزوجة الثانية، حيث تقول دكتورة عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية، إن المجتمع المصري لا يتقبل الزوجة الثانية ويعتبرها "لصة" خطفت الزوج من أسرته، كما أن الأولى في حالة رفض دائم لأن تشاركها امرأة في زوجها، ومن ثم يترتب على ذلك الكثير من المشكلات المجتمعية التي تؤدي في الغالب إلى فشل الزواج الثاني.

وتحوّل الزوجة الثانية من عانس إلى امرأة مطلقة. والغريب أن الزواج الثاني بدأ ينتشر؛ نتيجة لتأخر سن الزواج عند الفتيات، بل وأصبحت نظرة المجتمع له أقل حدة وأكثر تقبلاً. وهناك إحصائية تؤكد أن الزوجة الثانية في الماضي كان وجودها منتشراً في الريف أكثر من الحضر لكن الأمر اختلف حالياً فأصبح منتشراً جداً في الحضر وخاصة بين الشباب.

وهو ليس حلاً لمشكلة العنوسة، باعتبار أن أسباب الظاهرة ليست مرتبطة بالمرأة بقدر ما هي أسباب اجتماعية مثل قوانين الإسكان التي يعاني منها كثير من الشباب والأسعار الباهظة للأثاث وما يلزم الشباب لإتمام الزواج.

 

تعددية بيولوجية

ويؤكد أستاذ الطب النفسي دكتور محمد المهدي، ، فأكد أن التعددية عند الرجل مرتبطة بالتكوين البيولوجي والنفسي والاجتماعي، فالرجل لديه ميل فطري إلى الارتباط العاطفي والجنسي بأكثر من امرأة. وبالنسبة إلى الزوجة الثانية، فإنها ليست الحل لمشكلة العنوسة وخاصة في ظل وجود إحصائية تؤكد ارتفاع نسبة الطلاق بين الزيجات الثانية وخاصة التي كانت تقوم على نزوة عاطفية من جانب الرجل.

وفي نهاية حديثه يطالب المهدي المجتمع بعدم النظر إلى الزوجة الثانية على أنها المنتصرة؛ لأنها وإن بدا هذا في الظاهر لكن بداخلها تعيش خوفاً ورعباً مستمرين؛ لأنها تفكر في أن الرجل الذي تزوج على أم أبنائه بعد العشرة الطويلة، من الممكن أن يتزوج للمرة الثالثة؟ أو يعود إلى زوجته الأولى.

ويقول أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد كريمة، تعدد الزوجات في الإسلام متاح، ومع ذلك فإن كثيراً من الصحابة لم يعددوا الزوجات؛ نظراً إلى أن من أهداف الزواج إيجاد الأسرة المسلمة التي هي الخلية الأولى لنهضة المجتمع. وعليه لابد أن تكون هناك ضرورة للزواج الثاني، كأن تكون الزوجة مريضة .

ولا تستطيع القيام بواجباتها الزوجية وغيرها من الأسباب التي أباح الإسلام الزواج الثاني لأجلها؛ لأن الزواج الثاني حال عدم وجود ضرورة له يتحول بالفعل إلى قنبلة تفكك الأسرة وتؤثر في نفسية الأبناء.. مشدداً على أنه لا يمكن القول ان الزوجة الثانية حل لأزمة العنوسة؛ لأننا لو بحثنا عن أسباب العنوسة نجد أن الآباء هم السبب في تأخير زواج بناتهم بسبب المبالغة في المهر ومطالب الزواج.

 

 

العراق.. فكرة الثانية تثير التساؤل عـــــــــــــــن وجود الزوجة الأولى!

 

 

يتميز المجتمع العراقي عن سواه من المجتمعات، وخاصة الشرقية منها، بتناقض حاد في موضوع الزوجة الثانية، أو تعدد الزوجات، لأسباب عدة، في مقدمتها زيادة أعداد النساء على الرجال بشكل كبير جداً، جراء الحروب وأعمال العنف، التي خلفت أكثر من ثلاثة ملايين أرملة، وهجرة الشباب.

وخاصة من ذوي الكفاءات، بسبب الظروف الأمنية، التي تسببت بزيادة نسبة العنوسة إلى معدلات غير مسبوقة، وبمقابل ذلك تدني المستوى المعيشي، حيث تشير الإحصائيات الدولية إلى أن أكثر من ثلث سكان العراق "الغني"، يعيشون تحت خط الفقر، ما يشكل عائقا كبيرا أمام زواج الشباب من امرأة واحدة، وليس "امرأة ثانية".

وآخر إحصائية دولية تشير إلى أن عدد الأرامل في العراق وصل إلى 3 ملايين و16 ألف امرأة. بينما خلفت الصراعات في البلاد نحو ثلاثة ملايين أسرة تعيلها النساء.

ويرى العديد من المتخصصين الاجتماعيين، إن مشكلة العنوسة والترمل يمكن حلها من خلال تعدد الزوجات، إلا أن ذلك لا يشمل إلا الأغنياء فقط، إن كانوا يستطيعون أن يعدلوا، لاسيما ان هؤلاء لو أرادوا الزواج من ثانية، يفضلون الشابات الصغيرات، وليس الأرامل والمطلقات أو العوانس، فيما مشكلة العدل الاجتماعي التي تتفاقم يوما بعد آخر، من دون حل.

وبحسب المتخصصين، فإن النظام السابق في العراق، قدم حلولا، وان كانت جزئية، لهذه المشكلة، من خلال إعطاء امتيازات لزوجات وأبناء الشهداء، ممن قتلوا في الحرب ، ما شجع الشباب على تقبل فكرة الزواج من "أرملة الشهيد".

ولاسيما من إخوته أو أقربائه، الأمر الذي خفف من وطأة الترمل، بشكل خاص، فيما توجد الآن ملايين الأرامل في البلاد، لا يجدن من يعينهن على مواجهة ظروف الحياة وقسوتها.ومع ذلك، تبقى مسالة الزواج من الثانية مثارا للجدل، حتى ان بعض النساء يطالبن بها، ربما بدفع قسري من الرجال، مع تزايد سطوة "التيار الديني".

وكان وزير العدل العراقي السابق هاشم ألشبلي، أبدى استغرابه، عندما زاره وفد نسوي، لتقديم بعض المطالب التي تهم المرأة، وكانت في مقدمتها، المطالبة بالتساهل في موضوع تعدد الزوجات، وقال "لم أكن أتوقع أن تطالب المرأة بوجوب أن تكون لها "ضرّة"، فيما يسمح التشريع العراقي بذلك.

وفق بعض الشروط التي حددت في قانون الأحوال الشخصية، ومن أبرزها موافقة الزوجة الأولى، التي غالبا ما تكون مجبرة على الموافقة". وللوزير السابق راي في هذا الموضوع، هو أن تعدد الزوجات ربما يكون مفيدا عندما يزيد عدد النساء بنسبة كبيرة على عدد الرجال في المجتمع، "شرط توفر الإمكانيات المادية والعدل بين الزوجات"، لان "الشريعة الإسلامية اشترطت ذلك"، حسب قوله.

وحسب وسائل الإعلام العراقية ، إن الأرقام الكبيرة التي أعلنتها عدد من منظمات المجتمع المدني في محافظة الأنبار، غرب بغداد، حول أعداد الأرامل والمطلقات والعوانس، دفعت إلى إطلاق دعوات تشجع على تعدد الزوجات، وهي دعوات توقع البعض فشلها، بسبب تكاليف الزواج الباهظة، في حين رفضتها النسوة المتزوجات لأن فيها "خراب بيوت"، بحسب تعبيرهن، وباعتبارها "تدخلا جديدا من السياسة في شؤون الناس الخاصة".

وكشفت عضو مجلس محافظة الأنبار ورئيسة منظمات المجتمع المدني رابعة محمد النايل، أن "عدد الأرامل والمطلقات والعوانس ممن تجاوزن سن الخامسة والأربعين، بدون زواج، بلغ 130 ألف امرأة في محافظة الأنبار وحدها"، وهذا الرقم قابل للزيادة، بسبب الأوضاع الحالية في المحافظة، من بطالة وعنف وهجرة الشباب وتكاليف الزواج الباهظة".

مضيفة إن "هجرة الشباب إلى خارج العراق، ومقتل واعتقال عدد كبير منهم، والفاقة المالية التي يعانون منها، مع ارتفاع معدلات البطالة، زادت من خطورة المشكلة". غير أن الحل الذي اقترحته النايل، يبدو خاصا بالأشخاص الميسورين، حيث تقر بتفاقم المشاكل المعيشية، وعدم تمكن الشباب العزّاب من الزواج، ورغم ذلك "تدعو الرجال إلى المساعدة في التخفيف من حدة الظاهرة، عن طريق الزواج بأكثر من امرأة، للحفاظ على النسيج الاجتماعي من التفكك"، على حد قولها.

وتؤكد النايل أن "دعوتنا هذه إلى الاقتران بأكثر من زوجة لم تأت من فراغ، وإنما لشعورنا بحجم المشكلة، ولهذا لا يعتبر الأمر امتهانا لكرامة النساء أو سلبا لحقوقهن أو جعلهن بضاعة تجلب مقابل مغريات مادية.

فضلا عن أن الدعوة لا تأتي من منطلق ديني فقط، إنما بصفتها حلا لمشاكل اجتماعية وإنسانية بحتة لنساء فقدن الزوج أو تقدمن بالعمر وبقين في بيوت أشقائهن أو آبائهن"، لذلك تقترح منح حوافز مادية للرجال المقبلين على الزواج بأكثر من امرأة، من قبل جمعيات اجتماعية ومكاتب إغاثة ومساعدة.

 

 

اليمن .. شرعية التعدد مطلوبة ونظرة المجتمع مرفوضة

 

على الرغم من ان الدين الإسلامي يجيز تعدد الزوجات، إلا ان انتشار الظاهرة في اليمن تقابل من جانب الزوجة الأولى والمجتمع بردود أفعال رافضة لها ما يجعل الكثيرين يترددون في اتخاذ الخطو منعاً لتصدع الأسرة .

وحول ما إذا كان تعدد الزوجات الحل الصائب للقضاء على العنوسة يقول الشيخ أبو الحسن علي المطري رئيس مركز الإمام بن باز للدراسات الشرعية : قبل الاجابة على طرق القضاء على العنوسة يجب ان نتطرق إلى الاسباب التي ادت الى حدوث الظاهرة فأبرزها غلاء المهور، وجشع أولياء الأمور.

وتجاهل الحكومة لمشاكل الشباب اما الحلول كما يراها الشيخ الذي تزوج ست عشرة امرأة منهن حالياً أربع في عصمته فإن تعدد الزوجات حل من الحلول الممكنة والمبادرون إلى دعم الشباب بتخفيض المهور وايجاد اعمال تنتشلهم من مستنقعات البطالة .

وحول حكم الزواج المتكرر بنية مسبقة على الطلاق يقول هناك عدة مشاكل قد تواجه الزوج والزوجة ربما تجعل ظروف التعايش تحت سقف واحد غير ممكنة ولهذا شرع الله الطلاق واحدى تلك المشاكل ان يتزوج الرجل بامرأة غير جميلة ويسرع للطلاق والزواج بأخريات ." ويجب الا يكون الرجل لعوباً، حتى لا يعتبر معتدياً

المأذون وأمين التوثيق الشرعي عبدالوهاب الشرعبي من خلال علاقته المباشرة بتوثيق حالات كثيرة لعقود زواج استنتج جملة من الأسباب تدفع للزواج مثنى وثلاث ورباع منها، جمال المرأة وسوء العشرة والقدرة المالية، ومرض الزوجة الأولى وإثقالها بكثرة الأولاد، وموت أو مقتل الأخ ليحل مكانه. ومثل هذا الزواج قلما تعترض عليه الزوجة الأولى، وغالباً ما يكون ناجحاً لأن دافعه على حد تعبيره هو : صون وتربية أطفال الأخ الذين فقدوا معيلهم أو ولي أمرهم.

وفي السنوات الأخيرة، بدأ بعض الرجال يطرح حجة لزواجه بثانية أو ثالثة ورابعة لم تكن مألوفة من قبل وهي أن الزوجة الأولى لم تكن متعلمة والأمر يقتضي أن تكون المرأة العصرية متعلمة ، بيد أن هناك من يقلل من صدقية هذه الحجة. والدافع لزواج المتعلمة ليس العلم ، وإنما لوظيفتها ودخلها الشهري الثابت، والزواج بثانية مرده لكونهن موظفات، أو معلمات ، أو مدرسات.

ومع أن الأصل في الزواج التعدد إلا أن هناك آثاراً سلبية على الزوجات السابقات : أولها الحالة النفسية والاكتئاب الحاد بعد زواج بعلها بثانية، وهناك من اصبن بشلل نصفي بعد اتمام مراسم الزواج، والانفصالها عن الزوج، والبعض لم يسمحن للزوج بالاقتران بثانية لا بعد أن يكتب للواحدة ملكية المنزل الذي تقطنه ، وغير ذلك كثير ومثير.

ويذهب المحلل النفساني نبيل اللوزي إلى أن تعدد الزوجات عند اليمنيين يترك انعكاسات مؤلمة وقاسية على الأطفال من الزوجة القديمة بعضها يرقى إلى مستوى الجريمة الجنائية من قبل الزوج أو زوجته الجديدة ، والحالات الدالة على ذلك ربما هي ما يمنع الكثيرين من الاقدام عليه أو التفكير فيه.

 

 

 

النائبة العراقية الدملوجي: حل زواج الثانية فوقي ومشاكله أكثر

 

تؤكد النائبة العراقية ميسون الدملوجي معارضتها للفكرة، بشدة، لأنها تقدم حلولا فوقية، فيما تخلق مشاكل اكبر في المستقبل، فالرجل الآن يجد صعوبة في توفير العيش الجيد لعائلة صغيرة، فكيف يكون الأمر مع تضاعف العدد، مع ملاحظة عزوف الشباب عن الزواج بسبب الظروف الصعبة التي يواجهونها.

وهؤلاء هم الأولى بتوفير فرص الزواج لهم، من خلال توفير فرص العمل المناسبة، والحد من الارتفاع الهائل للأسعار، والعمل الجاد على إعادة المهجّرين، ووقف القتل الجنوني والاعتقالات، وتوفير أجواء الأمن والأمان. كما أن الكثير من الشبان يعزفون عن الزواج، لأنهم يجهلون مصيرهم، ومستقبلهم، ولا يحبذون تكوين أسرة يتوقعون لها الضياع مبكراً!؟

وتقول الناشطة في مجال حقوق المرأة الدكتورة ابتسام العاني إن البعض فسر الدعوة الأخيرة إلى تعدد الزوجات، بأنها محاولة لجلب الانتباه لشريحة واسعة مضطهدة غير مسموعة الصوت في المجتمع، وهي شريحة الأرامل أو المطلقات والعوانس، غير أنها دعوة حقيقية لمعالجة مشكلة لا يمكن للسياسيين من الرجال الإحساس بها أو لمسها.. فقط النسوة من يشعرن بها".

وتعتبر أن "الظلم الذي وقع على هذه الشريحة لا يوصف، وهناك تغافل من الحكومة عن الموضوع، فهي مشغولة بالتداخلات السياسية وأعمال العنف، بينما تداس معاناة النساء بالأقدام، ولهذا أطلقنا هذه الدعوة، فلا ينبغي علينا أن نبقى ننتظر تحرك الجهات الحكومية، والمئات من أولاء النسوة يبتن وقد بللن وسائدهن بالدموع".

والعاني تزوجت منذ عامين، بعد رحلة من الترمل استمرت خمس سنوات، وتقول: "لقد شعرت بما تشعر به 130 ألف امرأة في الأنبار وحدها، ولا أريد أن يبقى حالهن هكذا".

وتعارض عضو مجلس محافظة الأنبار المهندسة إيمان موسى حمادي دعوات "الزوجة الثانية" لأنها قد تحل مشكلة واحدة، غير إنها ستخلق عدة مشاكل أسرية في المستقبل، لأن الحياة لم تعد سهلة، ولا تقبل المرأة الآن بغرفة متهالكة للزواج بها".

والدعوة إلى التعدد قد تكون فيها مجازفة، وسنجد بعد حين منظمات نسوية أخرى تدعو إلى التمسك بالزوجة الواحدة، فالرجل الآن بالكاد يقوى على إعالة زوجة واحدة، فكيف بزوجتين أو ثلاث. بغداد - «البيان»

 

 

البحرين: الخطوة مهمة لإنهاء طوابير انتظار النساء

 

 

تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض في أن التعددية الزوجية تعد حلاً لإنهاء ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربية، حيث استند المؤيدون إلى أن الزواج بثانية أو ربما ثالثة سيساهم في التقليل من الظاهر، فيما يرى الطرف المعارض أن الزواج الثاني وان كان سيحل مشكلة إلا انه سيفتح الباب أمام مشاكل أخرى فقد يهدم أسرة كانت مستقرة.

يقول الشيخ حسن محمد جناحي إن الدعوة لتعدد الزوجات تعتبر احد الحلول لمشكلة العنوسة فهو أمر مشروع وبلاشك سيعود بالنفع على المجتمع وتماسكه اجتماعيا، داعيا المرأة أن تقبل أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة باعتبار أن ذلك خيراً لها من العنوسة بشرط العدل بينهن.

وأشار انه وعلى الرغم من أن الشرع احل التعددية في الزواج، إلا أن الواقع في مجتمعاتنا العربية لايزال يرى أن الزواج من الثانية احد المحظورات اجتماعيا وهو قصور في النظرة الاجتماعية ويوحي بأن هناك عيباً في زوجته الأولى، الأمر الذي يجب أن يتم حياله تغيير النظرة من خلال ثقافة المجتمع ككل.

من جانبه أكد عبدالرحمن جاسم أن العدل أساس الملك فمتى ما كان الزوج عادلا بين زوجاته فقد تجاوز السلبيات واللغط الحاصل حول هذا الموضوع، ومما لاشك فيه بأن التعددية الزوجية يعتبر حلا شرعيا وجذريا لمشكلة العنوسة إذا ما تم النظر إلى هذه القضية بعين الإنصاف دون إعطاء المشاكل المترتبة من هذا الزواج حجما اكبر من حجمها الطبيعي.

وأضاف جاسم أن المشكلات الزوجية تحصل في جميع البيوت سواء كان الرجل متزوجا من واحدة أو أكثر، ودعا الزوجات المرتبطات برجل واحدة إلى الحفاظ على بيت الزوجية وحمايته بالتفاهم والابتعاد عن ما كل ما يعكر الحياة الزوجية.

وبدوره قال خالد موسى إن ارتفاع المهور والمغالاة أحد أهم أسباب ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربية، وأوضح أن الزواج بثانية قد يكون حلاً لمحاولة التقليل من هذه الظاهرة إلا أن مشكلاتها أيضاً كثيرة قد تهدد بيت الزوجية الأول وتشتت الأبناء، فضلاً عن أن الزوج قد لا يمكنه أن يفي بالتزامات الزوجتين أو قد يظلم الأولى ويهجرها، فالزواج بثانية قد يساعد على حل مشكلة وفي الوقت ذاته سيفتح بابا لمشاكل أسرية أخرى فهو حل ذو حدين.

وأشار موسى إلى أن ظاهرة العنوسة ستظل وان كان تعدد الزوجات حلا جزئيا لها إلا أن العنوسة أصبحت اختيارية بسبب الفتاة الموظفة التي تسعى للاستقلالية المادية من ومواصلة دراستها الجامعية وهذا جاء نتيجة للتحولات الاجتماعية في المجتمعات العربية.

 

قنبلة موقوتة

ويرى نواف محسن أن ظاهرة العنوسة أصبحت تهدد مجتمعاتنا العربية وأضحت قنبلة موقوتة تهدّد بناء المجتمعات بعد أن أصبح الزواج من أهم المشاكل التي تواجه الشباب، وبات كابوسا يهدد المرأة خصوصا حين تصبح عانساً وترى ان أجمل سنوات عمرها تطويها السنون. وتعدد الزواج وان كان مباحا إلا انه جاء لحل بعض المشكلات المعينة في المجتمع وهو بالتالي ليس الحل الوحيد للعنوسة ويجب البدء بحل مشكلات الرجل قبل المرأة.

وأيده محسن علي حيث أكد أن أسباب العنوسة متفاوتة وان الحل ليس بالتعدد في الزواج فهذه نظرة سطــحية وموروثة، وأوضح أن إيجاد الحلول لأي ظــــاهرة ينبغي أن يكون عبر التوجه بنظرة مجـــتمعية كلية لا فردية، ففي التعدد حل لواحدة من المشاكل وفي مقابل ذلك قد يؤدي إلى تفكيك أسرة أخرى.

وخالفه محمد الوردي حين قال ان الزوجة الثانية يمكن أن تكون حلاً حقيقياً لتزايد نسبة العنوسة، وأشار إلى انه كلما ارتفع سن المرأة قلّت فرصتها في الزواج وبالتالي فإنها توافق على أن تكون زوجة ثالثة أو رابعة بشرط أن يكون الرجل مقتدراً مادياً.

والتعدد يكون مقبولاً بشكل ما في المجتمعات العربية وان كان بعضها لا يقبل ذلك وهو موجود بنسب متفاوتة تختلف من دولة لأخرى، وأكد أن مفهوم التعدد في الإسلام لا يستند على المقدرة المالية بقدر ما يستند إلى التقوى والعمل الصالح.

 

 

غزة.. القبول بالضرة ولا الصبر على الحياة «المرة»

 

 

أباح الإسلام تعدد الزوجات للرجل واعتقد أنه إحدى الوسائل المهمة لمعالجة ظاهرة العنوسة الخطيرة ، لأن الله سبحانه وتعالى خلق الذكر والأنثى وخلق فيهما غريزة البقاء، وإذا لم تنظم تلك الغريزة في إطار عقد الزواج الشرعي فسيتم البحث عن إشباعها في مجال آخر غير شرعي ".

هكذا تحدث قاضي قضاة فلسطين السابق الدكتور الشيخ تيسير التميمي مضيفا ان التعدد وجد لإشباع غريزة بقاء النوع البشري، وهي لدى الكائنات الأخرى أيضا لتستمر في الوجود والبقاء في الحياة ، ولكن وجود عدد كبير من الشباب دون زواج سيجعلهم يبحثون عن الانحراف وعن طرق بديلة لإشباع رغباتهم.

ووجه الدعوة للمرأة والفتاة إلى الزواج بطريقة شرعية، حتى لو كانت الثانية أو الثالثة أو الرابعة ، لأنها بذلك تشبع غريزة البقاء وتؤمن حياتها عن طريق الذرية الصالحة التي ستنجبها من زواجها ولو كان عنده زوجة غيرها.

 

استقرار وأمان

والكثير من الفتيات من فاتهن قطار الزواج يتمنين لو أنهن تزوجن ولو كن ثانية أو ثالثة ، فالزواج يؤمن لهن حياتهن ويسندهن بالأولاد والبنات وبالاستقرار والأمان الأسري، بدل بقائهن يصارمشاق الحياة ومسؤولياتها ومتاعبها. وبينما يدافع عن التعدد ولا يعتبره قنبلة موقوتة تهدد الأسرة ، تروي الناشطة المجتمعية أمل أبو سبيتان وهي مطلقة من دير البلح وسط قطاع غزة تجربتها حيث تقول

: من واقع تجربتي الشخصية أرى أن زواج الرجل بزوجة ثانية أو ثالثة هو بمثابة قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار الأسري ولا تجلب الراحة والانسجام وليس لها علاقة بمحاربة العنوسة، وبطبيعة الحال فإن الزوجة الأولى ترفضه .

ولكنها تصبح بلا حول ولا قوة على منعه إذا أصر الزوج على ذلك، بينما تقوم الزوجة الثانية بالعمل على إقصاء الأولى لخوفها من أن يعود إليها زوجها بعد فترة من الزمن، ولذلك تشن حرباً يومية عليها كي تمحوها من حياته ، ولتجعل اهتمامه ينصب فقط عليها وعلى أطفالها .

أبو سبيتان تعيل ثلاثة أبناء بعد أن طلقها زوجها بعد زواج دام سبع سنوات ليتزوج بابنة عمه ، وتضيف زوجي تخلى عني وبنى أسرة ثانية مع ابنة عمه، حيث لا يوفر لأبنائه احتياجاتهم ولا يعطيهم سوى مبلغ زهيد من المال لا يكفيهم لعدة أيام ويراهم أحيانا كل أسبوع. وهناك صديقة لي تركها زوجها دون طلاق مع عشرة أطفال وتزوج بأخرى وتخلى عنهم ورماهم في الشارع يصارعون من أجل البقاء .

 

أمر مقبول

وعن ظاهرة تعدد الزوجات تقول الأخصائية الاجتماعية والنفسية حنان صيام: لقد أصبح الزواج الثاني والثالث أمراً مقبولاً في قطاع غزة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه المواطنون وخاصة العائلات الكبيرة، ويعتبر رب الأسرة أنه بتزويجه ابنته لرجل متزوج يخفف عن حاله من المصاريف المالية، ولو كانت ابنته مطلقة فهنا لا يتردد للحظة واحدة بتزويجها ولو برجل عنده ثلاث زوجات.

وللتعدد انعكاسات سلبية على الأطفال حيث يؤثر على الوضع النفسي والتحصيل الدراسي لهم، أما المراهقون والمراهقات منهم فقد يؤدي ذلك إلى انحراف سلوكهم لغياب الأب عن الأسرة ،وعدم وجود مراقبة ومتابعة لهم من قبل الأب، خاصة ونحن نعيش في مجتمع ذكوري يحكم الأسرة الأب وليس الأم.

 

حماية النساء

وعن سبب قبول تعدد الزوجات في غزة -حتى لو كان فرق العمر كبيراً بين الرجل والفتاة- تضيف أن عدم وجود قوانين تحمي النساء خاصة قانون الأحوال الشخصية، بحيث لا تتوفر حماية للنساء اللواتي يطلبن الطلاق لخشيتهن من حرمانهن أولادهن في سن الحضانة.

هذا في حال كانت الزوجة تعمل ولديها دخل، ولكن إذا كانت ربة بيت وطلبت الطلاق فإنها تلاقي رفضاً من أهلها لوجودها هي وأولادها في بيت أهلها، فهذا مكلف للأهل الذي لا يستطيعون توفير مصروفهم، وترى صيام أن الزوجة الثانية قنبلة موقوتة بلا شك.

وعن تحليل الدين للزواج تقول: الدين أحل التعدد للحالات الخاصة، كما أحل الطلاق يعني لو الزوجة مريضة أو لا تنجب فهنا يكون التعدد مباح. وتشير صيام إلى أن ارتفاع المهور وتكاليف الزواج في غزة.. يمنع الشباب من الزواج، وبالتالي ترتفع العنوسة، وتقبل الفتيات بالزواج من رجل متزوج.

Leave a Reply