الحويلة في وصفة أكاديمية ميسرة: اعرف نفسك

رغم أنه كتاب أكاديمي الطابع وعملي المحتوى، فإن مؤلفته استطاعت أن تضفي عليه روحا جديدة جعلت من السهل على القارئ غير المتخصص أن يستمتع بقراءة هذا الكتاب وتطبيق بعض قياساته بطريقة سهلة وعملية ومفيدة في الوقت نفسه.

نتحدث عن كتاب «القياس والتدريب الميداني في علم النفس» لمؤلفته الدكتورة أمثال الحويلة، والصادر أخيرا عن دار اقرأ للنشر والتوزيع.

 

عبارات مأثورة

في تقديمه لهذا الكتاب يقول الدكتور احمد عبد الخالق إن القياس يمثل في علم النفس جانبا أساسيا لبحوثه، وهو يورد بعض العبارات المأثورة لأهم علماء النفس على هذا الصعيد قبل أن يختم كل ذلك بآية من القرآن الكريم، يقول فيها الله تعالى: «الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الارحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار».

ومن هذا المقدار ينطلق كتاب الدكتورة أمثال الحويلة في جوانب بحثية توزعت في تسعة فصول.

فتحدثت في الفصل الأول عن النشأة والمفهوم للقياس النفسي مستعرضة حركة القياس في أوروبا وأميركا، والوطن العربي، بالاضافة الى تعريف القياس وأهدافه ومبادئه.

أما الفصل الثاني فقد خصصته للاختبارات النفسية، وتناولت عدة جوانب على هذا الصعيد تحديدا منها تعريف الاختبار والمبادئ الاخلاقية في استخدام الاختبارات النفسية والمعايير الضرورية لتلك الاختبارات.

 

خريطة للاختبارات النفسية

كما تناولت الباحثة في هذا الفصل عدة خطوات اعتبرتها مهمة للاختبار الجيد. ثم تناولت الاختبارات النفسية من حيث الحاجة والهدف. ورسمت خريطة لمواصفات الاختبار النفسي الجيد وفقا لخبرتها المرموقة في هذا المجال.

وقد احتوى هذا الفصل على عناوين أخرى منها؛ طرق قياس ثبات الاختبار النفسي والعوامل المؤثرة فيها وتصنيف الاختبارات النفسية ومجالات استخدامها وغيرها من العناوين الاخرى، الا ان أكثرها إثارة كعنوان بحثي هو «الصدق» وأنواعه.. والذي تناولته الحويلة بطريقة علمية جذابة ومثيرة في الوقت نفسه.

أما الفصل الثالث فقد خصصته لمقاييس الذكاء العام حيث تحدثت فيه عن اختبارات الذكاء الفردية ومقياس ستانفورد، ومقاييس وكسلر وغيرها من المقاييس الأخرى واختتمته باختبارات للقدرة العقلية العامة وبعض القدرات المعرفية الاخرى.

 

مقاييس الشخصية

في حين كان الفصل الرابع بعنوان «مقاييس الشخصية»، وهو فصل مفيد فعلا، ويمكن تطبيق الاختبارات المتنوعة الواردة فيه بشكل ميسر وإن كان عميقا.

وقد لفتني فيه الحديث عن مقياس هارود لبقع الحبر. حيث تتحول تلك البقع الى مقياس على درجة كبيرة من الثقة للشخصية وكوامنها الخبيئة في الاعماق.

أما اختبار تداعي الكلمات واختبار الجمل الناقصة فهو مجال غريب يبدو من ناحية أخرى صالحا لاستكشاف القدرات الابداعية على صعيد الكتابة وليس معرفة الشخصية فقط.

ولم يقتصر كتاب الحويلة الذي بين أيدينا على اختبارات الكائن البشري في احواله الطبيعية وظروفه الصحية المعتادة بل تعداه الى القياس النفسي لدى الفئات الخاصة والذي خصصت له المؤلفة الفصل الخامس بأكمله فتناولت اختبارت خاصة بالمكفوفين وبالمتخلفين عقليا وبالكشف عن ذوي صعوبات التعليم، وبالكشف عن الاطفال التوحديين وذوي اضطرابات الكلام ايضا.

 

وصفة مريحة

وكان الفصل السادس خاصا بالاستخدام الاكلينكي للاختبارات وختمته بوصفة مريحة وعملية لكيفية كتابة التقرير النفسي العيادي.

أما السابع فبدأته بلمحة مختصرة عن تطور القياس في علم النفس المهني قبل ان تعرج على تعريف هذا العمل ومهمة الاختصاصي فيه ثم قدمت عدة نماذج للاختبارات النفسية فيه.

وشكل الفصل الثامن مفصلا محوريا من كتاب الحويلة خاصة أنه يتعلق بالقياس في المجال المدرسي ، وهو مجال مهم وحيوي ومفيد على الصعيد التربوي كما يبدو من عناوينه التي تناولت؛ خصائص اختبارت التحصيل واستعمالاتها ومعايير ونماذج الاختبارات التحصيلية وغيرها من الاختبارات المدرسية والتحصيلية الاخرى وكلها تضع الطالب موضوعا أساسيا لها.

وختمت د. أمثال الحويلة، الأستاذ في جامعة الكويت والعضو في العديد من الجمعيات العلمية المتخصصة محليا وعربيا وعالميا، كتابها بفصل نهائي كدليل تطبيقي ميداني حول كيفية دراسة الحالة.

بقي لنا أن نقول ان الكتاب يقدم وصفة سحرية نفسية ميسرة رغم انها أكاديمية يمكن أن تندرج في إطار «اعرف نفسك».. ومن منا لا يريد ان يعرف نفسه؟

Leave a Reply