التكفيري والاقتراب من جنون الذات

34: عدد القراء

التكفيري والاقتراب من جنون الذات

الاتنين 25 نوفمبر 2013   1:20:56 م

 

د. جاسر الحربش


جنون الذات أو الجنون بالذات هو في علم النفس النرجسية. يقول عالم النفس الاجتماعي الشهير إيريك فروم في كتابه المعنون «النفس البشرية وقدراتها على فعل الخير والشر» ما يلي: الشذوذ العقلي (إحدى درجات الجنون عند علماء النفس) هو وضع نرجسي مطلق،

وضع يقطع فيه المصاب به كل علاقته بالحقائق الخارجية، محاولا تعويضها بالانغماس في ذاته الشخصية، لأن المصاب مليء تماما بذاته، فهو في آن واحد نفسه والعالم.

إنه يهرب من الخارج إلى الداخل. انتهى الاقتباس الأول من إيريك فروم. هذا النوع المطلق من الذات النرجسية ينطبق على أقلية صغيرة جدا من المتنطعين، ومثال ذلك الشخصية التي حاورها داوود الشريان قبل أيام، وهو نوع نرجسي يقترب من حافة المرض العقلي ويتداخل معه في الاغتراب عن العالم.

و يقول إيريك فروم في مكان آخر من نفس الكتاب: هناك صيغة أخرى مختلفة للشخصية النرجسية تعيش بيننا ونتعايش معها يوميا. سوف أحاول توضيح ذلك بطرفة معبرة: تقابل مؤلف كتب مع أحد أصدقائه، فاستغل كل الوقت في الحديث عن نفسه وأفكاره وكتبه.

عند اقتراب نهاية الجلسة قال المؤلف لصاحبه لقد تحدثت كثيرا عن نفسي وأفكاري، والآن أريد أن أسمع شيئا عنك. ترى ماهو انطباعك عن أفكاري في كتابي الأخير؟. إن هذا النوع من النرجسية ينطبق تماما على الكثيرين بيننا، أولئك الذين يركزون الاهتمام كله على أنفسهم،

أما الآخرون فهم فقط مهمون لهم بقدر ما يكونون «رجع الصدى» لذواتهم النرجسية. انتهى الاقتباس الثاني من إيريك فروم. هذا النوع من الذات النرجسية ينطبق على أغلب المتنطعين المنتشرين داخل المجتمع السعودي ويتمتعون بقدرات مدهشة للتأثير في الآخرين لأغراض شخصية في المقام الأول. التناقض عند التكفيري المتنطع كشخصية نرجسية، في التعامل الاختياري بين ما تشتهية غرائزه مع ما يقوله لسانه واضح،

لكن فقط في المجتمعات النابهة العقلانية. أغلب المتنطعين عندنا، المتنكرين للمجتمع والعالم يعيشون حياة ترف تزيد بفرق شاسع عن المستوى المعيشي للجمهور الذي يريدون تزهيده في الدنيا وتجييشه للإرهاب وحثه على قتل النفس والآخر.

وراء المسألة اعتلال عقلي بجنون العظمة، يوسوس لحامله بأنه صاحب رسالة إصلاحية توجب عليه أن يعيش ويأكل ويشرب جيدا ويتناسل ويبقى في أمن وأمان، لكي يضمن ألا تموت رسالته طالما هو باق على قيد الحياة. من بين المتنطعين توجد قلة نادرة، تستطيع أن تتعايش مع الزهد والتقشف والاستمرار في المزايدة على المجتمع،

لكن التناقض حتى عند هذه القلة بين القول والفعل واضح للمتأمل المدقق عندما يتنازل عن الحماس الساذج للمظهر البريء المخادع. واحد من هذه القلة التقشفية (ظاهرا) كان ذلك التكفيري الشامل الذي قابله الأستاذ داوود الشريان في برنامج الثامنة قبل أيام.

البت في تناقض الأغلبية المتنطعة الانتفاعية سهل ولا يحتاج إلى أدلة، لأنه تناقض لا تخطؤه العين في الاكتناز بالصحة والعافية وفي الأناقة المفرطة والحرص على ترتيب انزلاقات الهندام إلى الوضع الأكثر أناقة عدة مرات في الدقيقة الواحدة أثناء الكلام مع الناس.

أما كيف يسكنون ويركبون وعلى أي درجات يسافرون وفي أي فنادق يقيمون، فتلك منطقة سيادية ينافسون فيها كبار الأثرياء من كل نوع وفصيلة ومصدر استرزاق، حل أو حرم.

-----------------------------------
حول مقابلة وليد السناني
-----------------------------------
عبدالعزيز السماري

قدمت قناة أم بي سي للمشاهدين مقابلات مع موقوفين في قضايا إرهاب، كان أبرزها تلك المقابلة التي تمت مع وليد السناني، والذي قدم للمجتمع إجابات توضح حقيقة الفكر الجهادي السلفي في المجتمع، والذي لازالت بعض فئات المجتمع القليلة تجد في طرحه المتطرف بعض القبول، وقد تعجبت كثيراً مما حدث، فقد ظهر رجل معادي لمفهوم الدولة الحديثة، ويعلن مواقفه التكفيرية والمتطرفة ضد الدولة والمجتمع في قناة تلفزيونية قد يعتبرها البعض أحد وجوه الإعلام الرسمي، في حين كان تناول مثل هذه المواقف وغيرها في أزمنة مضت يعتبر من المحظورات السياسية.

مما ظهر في المقابلة يتضح أن وليد السناني وغيره لا يزال يعيش فكرياً في زمن القرن الثامن العشر الميلادي، وهي الفترة التي باركها في المقابلة، عندما تمنى أن يعيش في زمن الدولة السعودية الأولى، والتي كان الجهاد يمثل السياسة العليا في الدولة، وتغيب عنها مفاهيم المواطنة التي جاءت بها الدولة الثالثة، والتي يرفضها الفكر الجهادي، ويطالب بقيام دولة المؤمنين على أساس مذهبي، في حين تسقط تلك المنزلة عن المخالفين، وتهدر دماء الكفار المعاهدين، وهم بذلك ينادون بإرجاع المجتمع إلى فترة زمنية سابقة، والتخلي عن مواثيق العلاقات السياسية والحقوق الإنسانية، والتعامل مع الآخرين من خلال مبدأ اسلم تسلم.

يدعم بعض أوجه الدولة القديمة الفهم المتطرف الحالي للشريعة الإسلامية، والتي قامت على فكرة الجهاد من أجل نشر الحق ومحاربة البدع، والإشكال في الأزمة مع الجماعات المتطرفة أن بعض العقول لا يزال يعتقد أن الزمن لم يتغير، ويتوجب الاستمرار في محاربة البدع والشرك، وقتال الكفار من أجل نشر كلمة الحق، ولو كان الثمن قتل النساء والأطفال والأبرياء من غير المسلمين، ويبدو أن الرسالة وصلت، فقد ظهر للجميع أن بعض فئات المجتمع لا تزال ترفض المفاهيم الحديثة في العلاقات الدولية، وتعتقد أن مفاهيم حقوق الإنسان والمجتمع المدني والديمقراطية من الكفر الذي تجب محاربته.

-----------------------------------
سيدنا الحسين سعودي
-----------------------------------
محمد الرشيدي

البعض عن جهل يتناسى التأثير الكبير للفضائيات ودورها في تغيير أنماط التفكير والحياة، اثناء مقابلة المعتقل وليد السناني لم يشر الكثيرون لأمر هام جداً يتعلق بمتابعته لقناة الجزيرة تحديداً واشادته الدبلوماسية بما تقدمه، تم الحديث عن اللقاء وكأن السناني محبوس بأفكاره منذ اكثر من 16 عاماً، ولكن ما كان يحلم به وينادي به ويؤمن به نشاهده للاسف بالواقع.

الشباب بعمر الزهور يتوافدون للانضمام للجماعات المسلحة في سوريا بصورة خطيرة، رغم التحذيرات ورغم انكشاف مخططات الكثير من الجماعات المسلحة التي تحارب بسوريا وطموحاتها الكبيرة التي لا تتوقف فقط عن محاربة النظام السوري، ما كان ينادي به السناني وغيره اثناء الغزو السوفييتي لافغانستان وتوريط الكثير من شبابنا آنذاك تحت مسمى الجهاد، نشاهده حاليا في سورية بعد العراق.

عندما يصر السناني على امنيته في البلد الحلم، بلد الاسلام كما يقول المتمثل في اغوار الجبال تحت راية طالبان وغيرهم، فانك تتوقف كثيرا عند هذا التفكير الذي لم يتغير ولازال يؤثر علينا حتى الآن، ماذا يعني هذا الانغلاق الفكري الخطير ومدى تأثيره على مستقبلنا، نحن امام غزو فكري يجعل شباباً من عمر الزهور وتحت تأثير افكار السناني وغيره،

يذهبون للموت دون وعي ودون تفكير بما امامهم من استغلال لاصحاب معتقدات معينة لهم، كل يوم وأنا اتابع تويتر او الكيك احزن بعمق عندما اشاهد شباباً سعودياً وهم دون وعي ينضمون لجماعات تكفيرية ومريبة بنفس الوقت..!!

هل نلوم انفسنا بقلة توعية هؤلاء، ما الذي يحدث بالفعل، من المسؤول عما يحث حولنا ونحن نشاهد شبابنا وقودا لصراعات ومخططات ارهابية انعكاسها علينا بجميع الصور، والامثلة على ذلك كثيرة وعانينا منها كثيرا.

قبل لقاء وليد السناني بفترة سألت شخصاً قريباً من واقعهم، لماذا سيتم عرض مقابلته، اجابني بحرفية ومعرفة، لتعريته وتعرية امثاله، بالفعل بعد المقابلة نحزن على نوعية هذا التفكير، ما الفرق بينه وبين المدعو واثق البطاط الذي ظهر على قناة الشرقية العراقية يعلن مسؤوليته عن اطلاق صواريخ ارهابية على الحدود السعودية ونستمع له يكفر

ويكفر الجميع، نفس التفكير رغم اختلاف المذهب بينهما، نحن حاليا نعيش امام مواجهة معوقين فكريا، التكفير عنوانهم الابرز ووسيلتهم التفجير والارهاب، السناني يحلل موت الابرياء في سبيل قتل ابرياء اجانب، والبطاط يحذر ان الله عز وجل سيحميه ممن يحاولون النيل منه!!

واثق أن البطاط نموذج آخر من النماذج السيئة والمتعصبة، اطرف ما قاله: "ان سيدنا الحسين عليه السلام (سعودي )"، وهذا القول هو من الطرافة والهمجية ودليل على ان من يحرك هؤلاء كدمى يعلم انه يحرك دمى لا تعي ما تقول، لذلك على شبابنا الحذر والحذر ممن اعتمدوا على التكفير في منهجهم سواء من السنة او الشيعة لأن هدفهم للاسف واحد..!!

------------------------------------------
يوتوبيا وليد السناني 2-2
------------------------------------------
د. محمد عبدالله العوين

ويبلغ التطرُّف والغلوُّ أقصاه حين ينعت وليد السناني بلادنا بأنها ديار «كفر» ويدعو إلى الهجرة منها إلى ديار «الإسلام»، ويعرِّفها بأنها مواضع الجهاد في أفغانستان وباكستان ! لقد أعمى الغلوُّ بصيرة وليد ونسي أو تناسى أنّ بلادنا هي مهبط الوحي وموضع إشعاع رسالة الإسلام، وأنها تضم أشرف وأقدس بقعة في هذا الكون ؛

وهي الكعبة المشرفة والمسجد الحرام والمسجد النبوي، وتعامى عمّا توليه الدولة من اهتمام وعناية ورعاية للأماكن المقدّسة، ومن تسهيلات للمسلمين القاصدين بلادنا للحج أو العمرة، وتجاهل عشرات الآلاف من المساجد في كلِّ مدينة وقرية تصدح بالأذان والصلاة، ومئات المعاهد الدينية، وعشرات الكليات الشرعية، وآلاف مدارس تحفيظ القرآن الكريم للبنين والبنات في كلِّ أنحاء المملكة!

لقد منّى وليد نفسه وأولاده الثلاثة بالهجرة من ديار الكفر - كما ينعت بلادنا - إلى ديار الإسلام كما يعرّفها ؛ لأسباب كثيرة، لعلّ من أهمها أنّ تلك الديار التي يتمنىّ الهجرة إليها في حالة حرب مع الكفار، وكأنه يتعشّق الحرب لذاتها أو القتال لذاته، وما من أحد عاقل يتمنّى لنفسه أو لبلاده الدخول في دوامة مواجهة حربية مع أيّة دولة ؛

إلاّ إذا ابتلي ابتلاءً، فحينها يجب الصبر والجهاد والدفاع عن الدين والأرض والعرض، ولكن تمنِّي لقاء العدو غير محمود، كما ورد في الحديث الشريف ((يا أيها الناس، لا تتمنّوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية،

فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أنّ الجنة تحت ظلال السيوف)) والقتال مكروه وغير محبّب للنفس السويّة ؛ ولكنه عند المواجهة المحتّمة جهاد ثوابه الشهادة؛ يقول الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216

ويرى وليد أنّ الدولة السعودية الأولى إلى وقت الإمام عبد الله بن سعود - رحمه الله - إسلامية، والثانية على وقت الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله له عليها ملحوظات؛ ولكنها شرعية! أما الدولة الثالثة التي قامت على يد المغفور له بإذن الله الإمام الموحِّد عبد العزيز بن عبد الرحمن - كما يرى السناني وفق منهجه التكفيري - فإنها دولة علمانية طاغوتية كافرة!


المؤشر الاعلامى : فؤاد المشيخص


Leave a Reply