البارسايكولوجي علم ما وراء النفس

أريد انقل ما انتهت إليه من تجارب علم النفس في بعض جامعات الولايات المتحدة الأمريكية , وكيف انتهت الى إثبات انطواء الإنسان على طاقة نفسية باستطاعتها ان تدرك الأشياء عن بعد وان تحركها كذلك وقد كان الإثبات هذه المرة بطرق علمية تجريبية إحصائية تخضع لمنطقة الإحصاء والمعادلات الرياضية كأي علم طبيعي أخر .ومن الطريف ان هذه الأبحاث قد بدأت من نفس النقطة التي بدا التفكير بها من قبل علماء كثيرون وأكثرها انتشارا في الاتحاد السوفيتي آنذاك دراسة هذه الظواهر الإنسانية البسيطة التي تعرض لكل إنسان , فيمر عليه مر الكرام ,  وان يفسرها تفسيرا سطحيا كان ينسبها الى الصدفة او فعل الله المباشر إذا كان من المؤمنين الذين ينسبون إلى الله مباشرة فعل أي شيء يقع للإنسان أو منه .
ظواهر شائعة :
او لم يحدث لك أيها القارئ الكريم إن فكرت في إنسان لم تره منذ أمد طويل وفكرت لو تلقاه فان أنت تراه أمامك بعد زمن قصير في احد الطرق وتراه قادما إليك بدون موعد مسبق او عندما نذكر حبيب أو صديق أو قريب منك فإذا أنت تراه داخلا عليك .
علم الفراسة :
وقد وجد منذ أقدم العصور من تصدوا لتحليل هذه الظواهر بطريقة تتصل بقوة الإنسان الذاتية. فكان أن نشأ علم الفراسة حيث يستطيع الإنسان من مجرد نظرة يلقها على بعض أعضاء الإنسان أو اثر من أثاره , ان يدرك الكثير عنه سواء عن أخلاقه أو عمله أو تاريخه , وقد عرف قدماء المصريين هذا العلم وأشار إليه . (سقراط ) قبل الميلاد بنحو أربعة قرون وكتب عته الطبيب اليوناني جالينوس الفصول الطوال في القرن الثاني للميلاد .
لقد كانت الظواهر التي تحدثنا عنها في الفصل السابق كالدعاء والسحر وتحضير الأرواح .ظواهر تجمع بينها العقيدة بان الله هو فاعل كل شيء في موضوع الدعاء والجن هي فاعلة كل شيء في موضوع الأرواح اي ان الاعتقاد السائد عن هذه الأمور كلها تتم بفعل قوة خارجة عن الإنسان , والى جوار هذه الظواهر التي افترقت حولها الآراء وجدت مجموعة أخرى من الظواهر نظرا لشيوعها لم تثر اهتمام الأكبر والتي حيرت الإنسان , كالإيمان والسحر وتحضير الأرواح والدعاء وقد كانت هي التي دفعتني بالذات لدراسة ومتابعة هذا الموضوع وخاصة عندما انتشر هذا العلم الخاص في الاتحاد السوفيتي حيث استخدم حتى في المحاكم لأنه يدور في اللا وعي وبدا يمارس على شكل أفراد بعيدا عن السلطة والأمور المتعلقة بالمحاكم .
وألف فيه أمير الفلاسفة (أرسطو ) وجعله علما مستقلا , وقد نقل العرب هذا العلم عن أرسطو فيما نقلوه عنه من علوم , وألف فيه بعضهم كتبا مستقلة كالرازي وابن الرشد ومن العرب نقل الى أوربا في العصور الوسطى , وتكاد الفراسة عند الشعوب الفطرية كالبدو تشبه المعجزات , حيث يستطيع الشخص أن ينبئك بالكثير لمجرد رؤيته اثر قدم من الإقدام , حتى ليحدثك بان صاحب الأثر مثلا له عين واحدة وانه يحمل حملا معينا , وانه كان مضطربا وانه مصاب في يده وهكذا .
والى جوار هذه القدرة التي سميت بالفراسة . كانت هي القدرة على قراءة الأفكار وانتقالها من إنسان الى إنسان , وعلى هذين النوعين من القدرة والكفاءة , قامت في كل زمان ومكان حرفة العرافة او التنبؤ بالمستقبل في صورها المختلفة , من تنجيم او مطالعة للكف , او فتح الرمل والودع وقراءة الفنجان ........الخ . وقد وجد المشتغلون بهذه الحرفة دائما سوقا رائجة ليس فقط بين السذج والعوام كما قد يظن البعض بين علية القوم المتعلمين والمثقفين , ذلك ان المنجم وقارئ الطالع على اي صورة من الصور, يتمتع بهذه الفراسة التي اشرنا إليها وعندما يضيف إليها قدرته على قراءة الأفكار كما قدمنا , فانه يصبح في حالة تجعله يدهش رواده بما يكشف لهم به عما يجري في عقولهم , وما يصور لهم من فراسته , حول ما يتمنون ويصبون إليه , وتفسير عمل العرافين منذ قديم الزمان على هذا الوجه قال فيه كثيرون في كل وقت وان . باعتبار إن انتقال الأفكار مسألة مقررة .
 انتقال الأفكار
هذه الظاهرة مقرة من معظم أساتذة علم النفس انه لا يوجد إنسان لا يمارس من حين وأخر هذه الملكة على قدر من التفاوت بين مختلف الأشخاص , ومن الأمور المألوفة ان يهم إنسان يقول كلمة او رأي معين فيسبقه به مخاطبه او احد السامعين , وقد جرى العرف الشائع على ان يقول الإنسان في هذه الحالة لمن سبقه بالفكرة ( عمرك أطول من عمري ) وقد فسر العلم الحديث هذه الظاهرة لا على انها انتقال فكر بطريقة واحدة ولكن ذلك اذا صح تفسيرا لبعض الحالات , فهو لا يمكن ان يفسر حالات اخرى يستطيع فيها شخصان متحابان او متفاهمان بطريقة قوية , ان يتبادلا على البعد نظرات يفهم منها كل منهما يدور في عقل الأخر على وجه القطع واليقين , فالمسألة ليست تفكيرا مشتركا , ولكنها مطالعة ما يدور في ذهن الأخر حيال مسألة معينة , وتزداد الظاهرة عمقا ودلالة عندما يكون هذان الشخصان بعيدين عن بعضهما كما لو كانا في بلدتين مختلفتين ومع ذلك فان كلا منهما يتصرف كما يحب له الأخر ان يتصرف وكانت هذه الظاهرة الأخيرة وهي ما استلفتت الأنظار منذ القدم وكانت تفسر على أنها من ظواهر الروح الخفية , حتى اذا جاء التنويم المغناطيسي . ولذلك عمد بعض العلماء الى دراسة ظاهرة انتقال الأفكار المستقلة عن التنويم المغناطيسي , وعلى ذلك فقد نشأ ما يسمى علميا بالتلابثي (telepathy ) وهي ظاهرة انتقال الأفكار عن بعد , وفي هذا الموضوع تقول دائرة المعارف البريطانية تحت كلمة (تلابثي ) . ان انتقال المؤثرات من اي نوع كان من عقل إلى أخر بعيدا عن طريق الوسائل الحسية العادية هو مسالة مقررة ويرجع الفضل في تحديد الظاهرة الخاصة بانتقال الأفكار وإطلاق هذا هذا الاسم عليها الى العلامة (شارل مايرس ) فقد كان هو الذي أطلق عليها هذا الاسم بعد تجاربه المشهورة التي قام بها عام 1982 , فقد ثبت من هذه التجارب وجود أشخاص يملكون هذه الموهبة في تفوق كبير ملحوظ , ولكن من ناحية أخرى فقد اسقط الرأي الذي كان يقول بان انتقال الأفكار يتم بواسطة أمواج يبعثها المخ سواء كانت هذه الأمواج كهربائية او مغناطيسية او ما سمي في بعض الأوقات (الأمواج المخية ) لان هذه البحوث هي تطورت فيما بعد للوصول منها الى القول بانطواء الإنسان على الطاقة النفسية المحركة والقوى الإنسانية الروحية بصفة عامة .

Leave a Reply