يشير الدكتور عبدالرازق محمد زيان أستاذ علم النفس بكلية التربية، إلى أن كثيراً من الأطفال الموهوبين يواجهون صعوبات معينة فى معالجة المشكلات التي تصادفهم في مواقف الحياة المختلفة، إذ إن مستوى نضجهم الاجتماعي والوجداني لا يتفق مع مستواهم العقلي المتقدم، كما أنهم غالباً ما يواجهون مشكلات عاطفية وانفعالية كما أنه قد يوجد من بينهم ذو سلوك مضطرب، كما أن الأطفال ذوي المواهب العقلية الفائقة والذين هم غاية في النبوغ والذكاء غالباً ما يجدون صعوبة كبيرة في التواصل الاجتماعي مع الآخرين. ولعل أهم المشكلات التي يعانى منها الموهوبون مشكلات تعوق التلاؤم والتكيف، كالإحباطات التي يتعرض لها الطفل الموهوب حين يبحث عن الإشباع المطلوب لحاجاته يرتبط بموقفه من زملائه الآخرين، ومن الأسئلة والأفكار التي يفكر فيها، ويبحث عن إجابات لها، كما قد يؤدى الإحباط إلى مشكلات أخرى، مثل اللامبالاة والتمرد أوالاتجاه السلبي والميل إلى العزلة، فضلاً عن وجود مشكلات خاصة بالتوافق والتكيف لدى الموهوبين وصراع الحاجات التعليمية والشعور بالملل والضيق والانشغال بالمسائل الخلقية والمشكلات القيمية. فالذكاء الفائق يزيد بصيرتهم في حل المشكلات إلا انه غالباً ما يكون مصدراً لحساسية تضطرهم إلى مواجهة مشاكل لا يواجهها الطفل العادي»، فحاجة الطالب الموهوب إلى إثبات ذاته، والاطمئنان على مكانته العقلية بين أفراد فصله، ورغبته في التباهي بتفوقه أحياناً، تجعله يستخدم ذكاءه وقدراته العقلية الممتازة بطريقة تتسم بالسطوة والقوة، حيث تتحقق له السيطرة والسيادة العقلية على كل من بالفصل بما فيهم -أحيانا- المعلم وهنا يكون الذكاء الفائق وما يستتبعه من سلوك ونشاط مشكلة، أو سبباً يفرز العديد من المشكلات».
ويضيف الدكتور زيان:» قد يتخذ الراشدون والأقران موقفاً عدائياً حيال تفوق الطالب الموهوب، فالموهوب شديد الميل نحو الفهم العميق والإطلاع الواسع مما يجعل زملاءه يضيقون ذرعاً به وبإجاباته الحاضرة السريعة، وتفوقه المستمر، وربما يزداد الضيق ويستحيل إلى عدوان من نتائجه عدم مشاركة الآخرين وانقطاع الصداقة، كما انه قد يصدر من الطفل الموهوب عبارات تثير كراهية زملائه الذين لا يتمتعون بنفس مواهبه العقلية. وقد يحدث الإحباط عندما يجد الطفل صداً، أو منعاً، أو إعاقة لنشاطه ومن ثم يتعذر عليه تحقيق هدفه المرغوب فيميل إلى التخريب والتدمير، وتظهر حالات التوتر الشديدة وحاجات عدم الراحة، والقلق، والغضب، والعدوان أو البلادة، وعدم المبالاة والانسحاب والانزواء ونمطية السلوك وعدم المرونة في التفكير. كما أن سرعة نمو الأطفال الموهوبين في الجوانب العقلية لا توازي سرعة نموهم في النواحي الانفعالية الاجتماعية مما يخلق لهم مشكلة كبيرة، وفي ضوء هذه المعرفة ينبغي على الآباء أن يوفروا قدراً كبيراً من الحب والأمن النفسي للموهوبين من الأطفال بهدف تحقيق النمو المتكامل المتناسق لجميع أنواع الشخصية». وقد يغالي بعض الآباء والمعلمين في تنمية الميول العقلية لمتفوقيهم، حيث يزداد ضغطهم، ويشتد طلبهم وحرصهم على إحراز المزيد من التفوق والامتياز، وفي هذا خطورة شديدة، فالموهبة كما لا يمكن كبتها، ينبغي أيضاً تشجيعها باعتدال واتزان كي تنطلق معبرة عن نفسها محققة اتزان الشخصية المطلوب. من جانب آخر هناك مشكلات بيئية خارجية تتعلق بالأسرة، فإن نكران الوالدين والأخوة لقدرات الطفل الموهوب الممتازة والحنق عليها وعدم تزكيتها مع عدم الاهتمام به وبأفكاره وأعماله يسبب له مشكلة كبيرة. وهناك عدد قليل من الآباء يشعرون بالحسد والغيرة نحو الأبناء وعلى النقيض من ذلك فقد تستغل موهبته استغلالاً ممقوتاً في البيت، وذلك عن طريق دفعه دفعاً إلى مستويات أعلى على حساب باقي الجوانب الأخرى.وقد يقع الابن فريسة بريئة لطموح الآباء الذين يعجلون نموه، فما كسبه في الناحية العقلية يخسره في نواحي أخرى كالاتزان الاجتماعي الانفعالي ومدى تقبل الآخرين له.