أوقفوا نشر الكراهية و التباغض بين الناس /د.السماني علي شكر الله

السماني علي شكر الله


المتابع لمقالات الأستاذ الطيب مصطفى يجد أن الرجل مسكون بعداء لا حدود له للإخوة الجنوبيين و أحياناً لكثير من سكان أطراف السودان لدرجة ترقى أحياناً إلى العنصرية والتعالي العرقي وقد نهينا عن ذلك فقد قال لنا حبيبنا المصطفى دعوها فإنها منتنة , ويكاد يجزم القارئ أن الطيب مصطفى في كثير من كتاباته ينطلق من دوافع تحتاج لخبراء في علم النفس لمعرفة سبب هذا الكره المتأصل وهذه الدعوات التي تفوح منها رائحة الكراهية ,الرجل ما أنفك يدعو الدولة و أجهزة الأمن و الشرطة و الشعب لمناصبة الجنوبيين العداء بل ويذكي هو وبعض كتابه نار الحقد و الكراهية بين الجنوبيين أنفسهم بتخصص جريدته نقل أخبار متمردي جنوب السودان و التهليل لانتصاراتهم, هل يمكن تصنيف هذه الكراهية المجنونة على أنها دعم خفي لأبن الأخت لا أعتقد ذلك فالرجل امتدت كراهيته لتشمل كل أطراف السودان وتعدت الحدود الجهوية أخيراً نصب نفسه مدافعاً عن عروبة السودان وثقافته العربية الإسلامية و أصبح كبير المنادين بنقاوة وصفاء عروبتنا متناسياً أن ما يدعو إليه مدعاة للسخرية و التندر في عالم عربي لا يقر لنا بهذا الصفاء العرقي فنحن السودان ليس الدولة ولكن المعنى العربي لهذه الكلمة.
 إن نشر هذه الكراهية على الصحف السيارة لا يقدم دعماً  للحكومة بل يجيش الناس ضدها ويوغر الصدور عليها لاسيما أن الكثير و أنا منهم لا نميز بين المؤتمر الوطني ومنبر السلام العادل. فالسودانيين ليسو على قلب رجل  واحد من دعوات العروبة و لا دعوات الأفرقة فنحن مجتمع متعدد الأعراق و الثقافات خليط من شعوب مختلفة نزحت إلى حوض النيل و الناظر لهذا المجتمع السوداني يدرك قدرة الله وحكمته الذي لا مبدل لكلماته سبحانه وتعالى علواً كبيرا فقد جعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف وجعل اختلاف ألسنتنا و ألواننا من آيات قدرته و إلوهيته فقطعاً لم يخلق الله هذا الاختلاف لنحتقر بعضنا بعضاً فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره فتنوعنا و اختلافنا رحمة لنا وتميز لنا فليس للأستاذ الطيب مصطفى و من وافقه الرؤية أن يسلبنا هذا التميز و يحول هذه النعمة إلى نغمة  .  
لا يختلف أحد أن الجنوبيين أصبحوا مواطنين أجانب في السودان ومن حق الدولة أن تصدر ما تشاء من قوانين ونظم و لوائح تنظم بها الوجود الأجنبي في السودان دون تمييز يخل بالحقوق الأساسية للإنسان ولا دستور السودان ولا عادات أهله وتقاليدهم و التي تمثل الرصيد الأعلى سعراً و الأغلى ثمناً لأهل السودان فالدولة لا تحتاج إلى تحريض ضد الأجانب سواءً كانوا جنوبيون أم غيرهم وعموماً قد ذهب الجنوب و الجنوبيين إلى غير رجعة بفعل هذا التعالي الذي مارسه بعضنا في السابق و يمارسه اليوم رهط من قومنا فلنطوي هذه الصفحة الآن ولتكن عبرة ترشدنا في كيفية التعامل نحن سكان السودان مع بعضنا البعض.
ودعوتنا الآن في خضم هذه المشاكل التي تعصف بالسودان يجب أن تكون لوأد الفتنة التي أطلت برأسها من جديد فدونكم حروب الجنوب الجديد في النيل الأزرق و جنوب كردفان ومن ما يزيد الطين بله تردى الأوضاع المعيشية للشعب الصابر و غلاء الأسعار الذي كسر عظام الغلابة من بني شعبنا .أليس من الرشد أن ندعو للتسامح وقبول الآخر ولا أعني الآخر الأجنبي بأي حال من الأحوال و لكن المقصود هنا جميع أهل السودان وبدون فرز أو إقصاء لأحد و أول هذا الرشد أن نكف عن إثارة الأحقاد بين الناس عبر الصحف السيارة و الأجهزة المرئية و المسموعة و كلنا يعلم بأن في ديننا فسحة قبول الآخر و فضيلة التسامح و كره إلينا التباغض و التحاسد و التشاحن فنحن عباد الله أخوانا. وثاني هذا الرشد أن لا ندخر جهداً يقرب الناس لبعضهم و يوحد كلمتهم ففي فرقتنا و شتاتنا ضعفاً و هواناً على كل الأجنبي فلعبة السياسة الدولية لعبة مصالح لا يوجد فيها قانون ثابت إلا قانون المصلحة.
إذا أراد الطيب مصطفى ورفاقه أن يدعموا الدولة و نظامها فالدعم له طرق كثيرة غير حراب و نبال الكراهية الصدئة التي عف الناس عن استخدامها في عالم يعرف متى يلبس ثوب إبليس و يضرب فريسته و متى يلبس ثوب الملائكة ويوزع هبات الرحمة بين الناس. لماذا لا يدعم هؤلاء النظام بكشف القصور الإداري و الفساد المالي ورفع المعاناة عن كاهل المواطن ألا يعتقدون أن دولة الإسلام يجب أن تكون شفافة يقال فيها للمحسن أحسنت و يضرب فيها على يد الفاسد و يبعد فيها المقصر ألم نقرأ سيرة سلفنا الصالح في تصديهم للظلم و الفساد و الاصطفاف مع الحق ألم نسمع بعدل عمر بن الخطاب أم فاتنا التأمل في ثورة آباذر الغفاري رضي الله عنه ضد المحسوبية ,أم تناسينا أنه علمنا في مراحل دراستنا الأولى أن الولاية للقوي الأمين و أن الدين النصيحة لماذا لم تقدموا ولو لمرة واحدة هذا النصح الواجب شرعاً لحكامنا على أقل تقدير من باب المحبة في الله و الوطن ألستم مأمورين بنصح الحاكم ولو كان ذا قربى و أليس من النصرة رد الظالم و الضرب على يد الفاسد وكشف القصور أينما كان ولعمري هي أسمى رسالة للإعلام و الصحافة و الصحفيين . و أرجو أن لا يفوتنا أن الأوطان أبقى من ساكنيها فسنة الله في الأرض و في عباده التبديل و التغيير فالنظم إلى زوال و الحكام لا محالة في عداد الموتى و الشعوب أبقى من حاكميها .

Leave a Reply