أطباء ومختصون يضعون أحلام ونوال نموذجين للتفريق بين «القوة» و«الرومانسية»

الرياضيوسف الكهفي

العقيل: الولد الذي يعيش وسط بنات لا ينشأ كرجل عنيف وقوي وقاسٍ
الحريري: ما تقدمه كل من أحلام ونوال يظهر اختيار النصوص
أبا الجيش: لو كتبت نصاً غنائياً عاطفياً رومانسياً أول من يحضرني الفنانة نوال
الجرمان: «والله لأوريكم فيه» لا تتناسب إلا مع صوت أحلام

يربط مختصون في علم النفس بين طبيعة وشخصية الفنان ونوعية الكلمات والألحان التي يؤديها، مؤكدين على أن النشأة والبيئة تؤثران في اختيار النصوص الشعرية، كما أن لصراعات الفنانين النفسية انعكاس مباشر في نوعية الأعمال التي يؤدونها.
وقال الطبيب النفسي الدكتور عبدالله الحريري بأن هناك خسارة لكثير من المواهب، بسبب الدخول في صراعات نفسية واجتماعية قد تدخل الفنان في نوع من أنواع الكآبة».

د. سليمان العقيل

واتفق أستاذ علم الاجتماع، الدكتور سليمان العقيل، مع الرأي السابق، وضرب مثلاً بقوله: تتدخل في القضية التنشئة الاجتماعية. ولا نتوقع من الولد الذي يعيش وسط بنات أن ينشأ كرجل عنيف، وقوي، وقاسٍ؟ وستجده يتأثر باللبس والحاجات الخاصة بالبنات. والأمر ذاته تجده عند البنت التي تعيش وسط أولاد، وفي وسط فيه عنف وتحدٍّ، الأمر الذي سينعكس حتماً على شخصيتها. لذا تجد كثيرين يقولون لك هذه «أخت رجال»، لأنها تعيش حالة الرجولة بمعناها المعنوي، وليس الحسي.

عبدالرحمن أبا الجيش

أما الشاعران عبدالرحمن أبا الجيش، ورسام الجرمان، فاتفقا على براءة الفنان من مسألة الاختيار، وأن الشاعر والملحن هما من يقوما بتوجيه النص للصوت الذي يتناسب معه في الأداء والتنفيذ.
ويضيف أستاذ علم النفس الإكلينيكي (العلاج النفسي السلوكي – المعرفي)، الدكتور عبدالله الحريري: الفن وسيلة من وسائل التعبير الإنساني عن مكنونات أنفسنا، ومرآة تعكس آلامنا وهمومنا ومعاناتنا، سواء الماضية، أو الحاضرة، وعادة ما نسقط آلامنا وهمومنا وخبراتنا الماضية على الشكل الفني الذي نقدمه، وهذه عادة ما تكون من العمليات الدفاعية اللاشعورية التي تحمي أنفسنا وشخصياتنا من الوقوع في المرض، أو الاضطراب. وكذلك تلعب البيئة المحيطة بنا دوراً كبيراً في تطور شخصياتنا وأفكارنا، وبالتالي سلوكياتنا، فالشخصية الإنسانية تتأثر وتؤثر في البيئة المحيطة بها، وبالتالي يظهر من خلال ذلك التأثير والتأثر، ويمكن أن نقيس ذلك على ما تقدمه الفنانتان أحلام، ونوال، من خلال أسلوبين مختلفين من ناحية اختيار النصوص.
ومن هنا، إذا لم يدرك الفنان، أو الفنانة، أن اللاشعور هو من يقود فنه، وأن عليه حل مشكلاته الشخصية بعقلانية، فإنه قد يخسر كثيراً من موهبته، ويدخل نفسه في صراعات نفسية واجتماعية ستدخله في نوع من أنواع الكآبة. والإنسان الذي لا يستطيع أن يصبر على معاناته وتجاربه السابقة، أو الحاضرة، يلجأ إلى التعبير غير المباشر، وهو عملية إسقاط، أو ما قد يسمى بالتكوين العكسي. ويقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود الدكتور سليمان العقيل: الفن، أياً كان، وبمعناه العام، أو الإنتاج الإبداعي بشكل خاص، هو نتيجة حالة اجتماعية، أو حالة نفسية، يعيش فيها الإنسان، فيختزل كل المدخلات في مخرج معين، لنجد أن الحزن، أو الفرح، في اللحن والكلمات، ليسا سوى انعكاس للحالة النفسية اللحظية التي يعيشها هذا الفنان، أو الشاعر، وفي غالب الأمر يكون المنتج الكلامي منتج شاعر، ولذلك هو اختزال حالة معينة في مجموعة من الكلمات. ويعكس الملحن لك الحالة التي يعيش فيها بناء على تركيبة بعض الكلمات، وعندما يسمع الكلام ينتج لحناً موازياً لهذا المنتج، والمبدع أياً كان هو انعكاس حالة نفسية يعيشها، وهي حالة ولادة الفكرة.

د.عبدالله الحريري

ومسألة اختيار الفنان، أو الفنانة، تخضع لمجموعة من الظروف النفسية والاجتماعية التي يعيشها الفنان في لحظة غالباً ما تكون آنية، فتجده يعيش في حالة يستحضر فيها أشياء كثيرة جداً، والسامع لا يستحضرها.
ومن جهته، يقول الشاعر عبدالرحمن أبا الجيش، عندما يشرع الشاعر في كتابة القصيدة فهو ينغمس في الحالة، أو الموقف الذي استدعى الكتابة، ولا ينتبه لمسألة الفنانة، أو الفنان، الذي سيقوم بالغناء، فهذه المسألة لا تتحدد إلا في حالة الانتهاء من الكتابة واكتمال الفكرة، وحينها يذهب الفنان بذوقه غالباً إلى الفنان الذي يعجبه هو، وقد يكون مجبراً لاختيار فنان آخر، أو حتى صوت نسائي ربما لا يروق له، ولكن تجبره طبيعة النص. مثلاً، لو أنني كتبت نصاً فيه العنف والقسوة والتحدي، فالطبيعي أن أول ما يتبادر إلى ذهني الفنانة أحلام، بسبب تكوينها وشكلها في الأداء، وطريقتها في توصيل النصوص التي تحمل الطابع الرجولي الذي يتسم بالقسوة، بينما العكس تماماً لو كتبت نصاً ذا طابع عاطفي رومانسي، فأول من سأفكر فيه هي الفنانة نوال، بناء على ما تتميز به من طابع رومانسي عاطفي، وهذه الأمثلة تنسحب على الفنانين الرجال أيضاً.

رسام الجرمان

ويتساءل الشاعر الغنائي رسام الجرمان: لماذا نضع اللوم على الفنان وحده في مسألة غنائه للنص الذي يحمل طابع العنف؟ فالشاعر والملحن شريكان في هذا الأمر، فغالباً ما يكون دورهما كبيراً في توصيل النص للفنان، أو الفنانة، رغم أن هناك نصوصاً ترجح توجه الشاعر، أو الملحن، أو كليهما، إلى فنان معين يعتقدان أن طبيعته تنسجم مع النص واللحن. ومثال على ذلك أغنية الفنانة أحلام «ناوي لك على نية»، والتي يقول أحد مقاطعها «والله لأوريكم فيه»، وعدد من النصوص الأخرى التي قامت بغنائها أحلام مثل «أحسن ما دام أنك زعلت»، و»قول عني ما تقول»، وغيرها من النصوص ذات الطابع العنيف والرجولي، فهذه قطعاً لا تتناسب إلا مع شخصية أحلام وصوتها، ومن المستحيل أن تؤديها الفنانة نوال، أو أنغام، على سبيل المثال، وهناك نصوص تستدعي من الفنانة «تصارخ» حتى تؤديها، ولذلك يذهب أصحابها مباشرة إلى الفنانة أصالة، أما في ما يخص الفنانين، فإن كان لدي نص ذو طابع إيقاع عال وراقص بالتأكيد سأتجه إلى الفنان رابح صقر، ولن أغامر به عند الفنان محمد عبده.

 

نوال

Leave a Reply