أستاذ علم النفس الاجتماعي سليمان مظهر لـ «الجزائر نيوز»: من يعتقد أن الإستعمار سبب تخلفنا فهو مخطئ

في هذا اللقاء المطول يتطرّق الباحث المخضرم في علم النفس الاجتماعي، الدكتور سليمان مظهر، الذي اشتغل على الظواهر النفسية الاجتماعية في مجتمعنا لأزيد من أربعة عقود، إلى أهم أسباب تعثرنا أمام شروط التطور الاجتماعي، ويبين أنه تابع لآلية نفسية

اجتماعية، ويربط هذه الآليات بالنظام الاجتماعي  الذي يسير حياتنا الاجتماعية، منذ القدم، وهو «النظام الاجتماعي التقليدي». تابعوا..

حاورته: زهور شنوف

تحتفل الجزائر هذا العام بمرور خمسين سنة على تأسيس دولة ما بعد الاستقلال، ما هي في رأيكم أهم ملامح التحولات الاجتماعية التي عرفها المجتمع في هذه الفترة الزمنية؟

من الناحية الاجتماعية في حد ذاتها، لا أستطيع أن أتكلم عن تحوّل، لأنه في الحقيقة عندما أتابع - علميا - حياتنا الاجتماعية أجد أنه منذ القدم يحدث ما أسميه بـ «القضاء على بذور التحويل في مجتمعنا»، لأننا نعيش ضمن نمط حياة يحثنا على الامتثال الاجتماعي أكثر مما يحثنا على التجديد. والهدف من التحويل الثقافي الاجتماعي هو التغيير: «لا يتم  تغيير إلا على أساس تحويل». ولأصارحك فإني أثبت لك أنك أول من أشار لي إلى قضية التحويل، عادة يتكلم الجزائريون عن التغيير ولا يدققون الأمر، لأن التغيير فيه شرطين، وحتى نوظف مفهوم التغيير بشكل محكم يجب أن نبين بأن مضمون الحالة التي تهمنا لم يبق على ما كان عليه، من جهة، وأن الاختلاف الذي طرأ عليه يحمل تحسنا للأوضاع، من جهة أخرى، وإلا فإن القضية تتم في إطار التدهور، وهذا ما أرجحه فيما يخص حالتنا الاجتماعية.

إذا هناك تحول سلبي؟

التحوّل لا يكون لا سلبيا ولا إيجابيا، التحوّل هو السياق الذي يؤدي إلى التغيير، وفي هذه الحالة يوجد مصطلح دقيق ومناسب هو «التدهور»، وهو ما يجب أن نستعمله بدل «التحوّل السلبي»، هناك اختلاف في المضمون. لكن لماذا تدهورت أمورنا من الناحية الاجتماعية؟ السبب هو تخلينا عن المعالم الاجتماعية التي اقتدى بها من سبقنا إلى الوجود في مجتمعنا، ولم نعوضها بمعالم أخرى، على سبيل المثال في المدن الجزائرية من بين القيم الثقافية الاجتماعية التي كان الجزائري يتباها بها هي قيمة الجوار التي اندثرت، لقد أصبحت العلاقات بين الجيران منعدمة والكل منطوٍ على نفسه.

في إطار التدهور، تكلمت في آخر إنتاجاتك الفكرية عن وجود تصور للحياة «أدى إلى بناء اجتماعي قوامه العجز الفردي والجماعي عن التحكم في وسائل المعيشة»، هل للسلطة يد في هذا؟

في الأصل، يجب أن نفتح ملف النظام الاجتماعي الذي يسيّر حياتنا الاجتماعية. هذا النظام قديم وليس خاصا بنا، وهو ما أسميه «النظام الاجتماعي التقليدي»، وهو أقدم نظام بناه الإنسان عبر التاريخ. وتُبين المتابعة أنه إلى غاية أن أصبحت العصرنة تؤثر على الحياة الاجتماعية، خصوصا في المجتمعات التي تطورت إثر تحوّلات متتالية أدت إلى تغيّرات متتالية، وإلى غاية بروز العصرنة حسب شروطها الخاصة، كان هذا النظام منتشرا في جميع أرجاء العالم تحت أشكال مختلفة، لكنه بدأ ينطوي إلى المجتمعات التي وقعت تحت قبضة التخلّف. وهنا لابد أن أفتح قوسا لإثبات مايلي: من يدعي أن سبب تخلّفنا هو الاستعمار، فإنه يجهل أوضاعنا الاجتماعية.

في الكتاب نفسه تتحدث عن غياب حلقة أساسية في العلاقة بين الحاكم والمحكوم في مجتمعنا، هي (الثقة)، وتؤكد أنه بعد فشل السلطة في تسيير المشاكل ومتابعة المشاريع تحوّلت هي نفسها إلى مشكلة، كيف؟

حتى لا تختلط علينا الأمور ونبقى في تناول علمي أكثر منه سياسي، نحاول أن نطلع على الأمور ونحللها بدلا من الحكم عليها. هذا الأمر قديم في الحقيقة، ولكن إذا أخذناه في سياق ما يحدث في الآونة الأخيرة نجد أن الحكم هو سلطة تدعم الدولة، وهذا ما نجده في المجتمعات المتطورة، حيث تكون مؤسسات الدولة حية وتتابع الحياة الاجتماعية من أجل مراقبتها وتسهيلها على المواطن قدر الإمكان، أي تشخّص المشاكل التي تعيق الحياة الاجتماعية بدرجة متفاوتة وتدبّر الحلول الضرورية للتحكم فيها، وهذا ما هو غائب في المجتمعات المتخلّفة، لوجود «حكم» دون دولة بالمعنى الحقيقي، فهناك المؤسسات الضرورية ولكنها غير فعالة، لأنها «ملغمة» بعنصر حيوي تابع للنظام الاجتماعي التقليدي، وهو الشبكات الاجتماعية.

تعتقدون أن هذه «السلطة» واعية بأنها تحوّلت إلى مشكل بالنسبة للمواطنين؟

السلط في العالم المتخلف لا تتحرك إلا عندما تُهدَد بطريقة ما، لأنها لا تسيّر الأمور، على سبيل المثال المواطن في المجتمعات المتخلّفة إن عانى من مشاكل كالضجيج، غياب النظافة، انعدام الراحة، انعدام الترويح... فهي قضيته، ولا تهم المسؤولين، ما يهمّهم هو ألا يُعيد أي كان النظر في السلطة «الحكم القائم»، وهذا مشكل كبير. هذا الوضع كان موجودا منذ القدم لكنه تفاقم بعد الاستقلال، خاصة في الدول الإفريقية، لأن الحياة الاجتماعية مثقلة بالنظام الاجتماعي التقليدي.

وفيما يخص مسألة الوعي من عدمه، أجد القضية معقدة، لأن متابعتي تُبين أن هذا النظام موجود في كل المجتمعات المتخلّفة تحت أشكال مختلفة، ولكنه مغيّب، أي أننا نجهله وفي الوقت نفسه نرفض الاطلاع عليه.

في كتابكم «نظرية المواجهة النفسية الاجتماعية - مصدر المجابهة»، يظهر أن كل مشاكل مجتمعاتنا مصدرها ما سميتموه بـ «النظام الاجتماعي التقليدي»، هل تشرحون للقارئ هذا النظام بشكل دقيق؟

سبق لي وذكرت أن هذا النظام هو «أقدم نظام بناه الإنسان عبر التاريخ»، القضية معقدة نوعا ما ولها صبغة أكاديمية. هذا النظام معقد في حد ذاته وينجم عنه نمط الحياة الاجتماعية الذي نعيش عليه - خصوصا في العائلة - غير أننا لا نربط بين نمط الحياة هذا - الذي نعيشه - والنظام الذي يلعب دور منبع بالنسبة إليه. والنظام الاجتماعي التقليدي كتعبير هو مفهوم علمي، استنتاجا لمتابعة جعلتني أبيّن أن المجتمعات المتخلفة والإفريقية خاصة، قائمة على نظام يتكوّن من سبعة أجزاء. في هذه النظرية أثبتت أن لهذا النظام ستة أجزاء، لأنني كنت أجهل الجزء السابع وسأبيّنه في عملي المقبل، ما يعني أن هذا النظام معقد للغاية ومتابعته تشترط على الباحث أن يبقى متواضعا ومتفطنا للإحاطة به.

ما هي أجزاء النظام السبعة التي توصلتم إليها؟

أولا: القداسة. ثانيا: الثقافة (والجزائري يثبت أنه ليست لنا أية ثقافة ولا نظام وفي الوقت نفسه نتكلم عن المجتمع، وهنا تكمن الغرابة، لأنه منطقيا إذا تكلمنا عن مجتمع لابد أن يكون هناك نظام، فأي مجتمع يتمحور حول نظام معين: عصري، تقليدي، أم شيء من نوع آخر يجب أن نحدده...). ثالثا: نمط تسيير الطاقة البشرية المهمل. رابعا: التركيب الذهني. خامسا: نمط الانتماء الاجتماعي. سادسا: التنظيم الاجتماعي المحكم. سابعا: البنية الاقتصادية. كل هذه الأجزاء متداخلة ومتكاملة بطريقة تجعل هذا النظام قائما وميزته أنه خفي، سري لأسباب دقيقة.

ما هي هذه الأسباب؟

هذا النظام قائم على تقلبات المحيط الجغرافي والمناخي منذ القدم، لا يمكن الاطلاع على سرّ بناء هذا النظام دون الأخذ بعين الاعتبار تقلبات المحيط الخارجي، هذه التقلبات ليست وليدة اليوم، ولا هي خاصة بمنطقة عوض أخرى: كالزلازل، البراكين، القحط، الأوبئة... إلخ، كل هذا يؤثر على حياة الأشخاص والجماعات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فاستنتج ممثلو هذا النظام أن كل وسائل الحياة وأخطار الموت تنجم عن المحيط الخارجي، وهذا إلى غاية اليوم، فشرائح كبيرة من مجتمعنا لديها يقين أن الأمراض الجسدية أو النفسية مثلا التي تصيب الإنسان ليست بسبب خلل عضوي أو نفسي داخلي، وإنما بسبب تدخل خارجي، كمسّ الجن مثلا.

هكذا يقين ما هو مصدره في رأيكم؟

هذا راجع إلى مايلي: كانت تقلبات المحيط الخارجي في المجتمعات المتخلّفة ومازالت تؤثر مباشرة على وسائل الحياة وأسباب الموت، فاُستنتج أن كل شيء يأتي من المحيط الخارجي، وتساءل الإنسان من أين أتت هذه التقلبات، فرُبطت بتقلبات أهواء قوى غيبية، وحّدها الإسلام في مفهوم واحد هو الله. وهنا تبرز علاقة عنصر القداسة الذي أشرنا إليه مع الدين، والأخير هو تنظيم للقداسة، وهنا نجد أن الإسلام دعم النظام الاجتماعي التقليدي رغم أنه في الحقيقة جاء ليقضي عليه.

تعود جذور النظام الاجتماعي التقليدي الذي تفسرون به تخلّف مجتمعنا، اليوم، إلى ما قبل الإسلام؟

طبعا، إنه يراود الحياة منذ بدايتها، الإسلام فتي بالنسبة للنظام الاجتماعي التقليدي.

إلى أي درجة استفاد هذا النظام و«العصبية» من بعضهما البعض؟

العصبية عنصر من العناصر الأساسية لهذا النظام، والعصبية استفادت من الإسلام لكي تصبح وسيلة للتناوب على الحكم، هذا ما لم يقله ابن خلدون، الذي لا أتفق معه في نقاط مختلفة خصوصا وأنه أحاط بالتناوب على الحكم وأبرز العصبية كوسيلة للوصول إلى الحكم ولكنه لم يربطها بالنظام الاجتماعي التقليدي، لأن ثقلها الاجتماعي وبُعدها السياسي مرهونان بهذا النظام وبابتلاعه للإسلام. وهذا ما لم يشر إليه لا ابن خلدون ولا محمد أركون - لكي أشير إلى أول وآخر باحثين ينتميان إلى منطقتنا آخرهما غادرنا مؤخرا - كلاهما سكتا عن هذا النظام.

سكتا أو لم ينتبها؟

لا أظن أن ابن خلدون لم ينتبه، ولا محمد أركون أيضا، لأن الأول تحكم بطريقة دقيقة في وظائف العصبية في التناوب على الحكم، وأركون أشار في ذيل كتابه «الإنسانية والإسلام»، ما قبل الأخير، أعتقد، عن طريق ملاحظة تتعلق بحادثة عاشها في قريته عندما كان صغيرا، لو أنه عالج هذه الملاحظة علميا وبدقة لكان هذا «رأس الخيط»، كما يقال بالدارجة للتفطن لوجود وتحكم النظام الاجتماعي التقليدي في الحياة الاجتماعية.

ما هي هذه الملاحظة؟

تحدث عن محاضرة ألقاها في بني يني حول المرأة، وغضب منه والد ملود معمري - شيخ القبيلة في ذلك الوقت -لأسباب مختلفة، وقال له في السياق نفسه ليس لك الحق في الحديث عن هذا الأمر، وإذا كان لابد أن يتحدث شخص ما من القرية عنه فمن الأولى أن أكون أنا أو «داداك»، يعني سيدك، قاصدا بذلك مولود معمري.

في هذا السياق، هل لهذا المجتمع التقليدي عداءً للأنثى؟

لا، قيلت أشياء كثيرة حول المرأة في هذا الشأن، خصوصا ما يتعلق بخضوعها للرجل، وشخصيا لست متفقا إطلاقا مع هذا الطرح الذي يعززه أصحابه بغياب المرأة عن الساحة الاجتماعية في الليل، نهاية الأسبوع أو العطل الرسمية والأعياد... وغيرها. حقيقة المرأة تنطوي إلى بيتها مع انتشار الظلام، الذي يعد مؤشرا على الخطر، ولكن حتى الرجل ينطوي إلى حيه، على الأقل، وهنا تبرز قوة تكيّف النظام الاجتماعي التقليدي مع مختلف الأوضاع، فهو حي له حيوية خارقة تعزز لديه قوة التكيف مع مختلف الأوضاع، وهذا شرطه الأساسي، فإذا ركزنا مثلا في مسألة خروج المرأة ليلا عند توفر سيارة خاصة، يصبح الأمر ممكنا، لماذا؟ لأن السيارة مغلقة وبالتالي تحميها من الأخطار الخارجية، فهي تشبه البيت.

إذا هذا النظام مرتبط في أدق تفاصيله بحركة الطبيعة؟

نعم، للطبيعة دور أساسي فيه، لكن وراء الطبيعة توجد قوى غيبية متحكمة في الطبيعة، كتفسير زلزال الأصنام في الخمسينيات: حدث الزلزال لأن سكان المنطقة كانوا يأكلون الكسكس بالنبيذ، وزلزال بومرداس بسبب عري النساء على الشواطئ.. هذا يعني أن القوى الغيبية متحكمة في عناصر الطبيعة وتستعملها لمكافأة أو معاقبة أشخاص أو جماعات امتثلوا أو امتنعوا عن شروطها.

إشتغلتم على ظاهرة العنف في المجتمع الجزائري لأكثر من أربعة عقود، وأكدتم أنه أصبح جزءا من شخصية الفرد، فهو يتحدث بصوت عالٍ ويصفِق الباب بدل غلقه... وغيرها من السلوكات، اليوم، كيف تجدون هذه الظاهرة؟

العنف لم يصبح، وإنما كان ومازال. من قال إن مجتمعنا في السابق كان خاليا من العنف فهو يجهل أمورنا، لأن التناوب على الحكم في منطقتنا لم يتم أبدا دون عنف. وقيل إن مجتمعنا كان هادئا مسالما إلى أن برز ما يسمى بالإرهاب، وأنا لا أسميه لا بالإرهاب ولا بالجهاد وإنما بـ «العنف المسلح»، حتى لا تختلط الأمور ونتناولها بطريقة علمية. قلت إن ظاهرة العنف كانت في مجتمعنا منذ القِدم، وحسب اطلاعي أول من أشار إلى وجوده في منطقتنا هو ابن خلدون.

سنوات التسعينيات مرحلة مفصلية في تاريخ الجزائر الحديث، في عملكم الأخير أشرتم في حديثكم عما سميتموه بـ «العنف المسلح تحت راية الإسلام» إلى ارتباط الإسلام بظاهرة العنف «التاريخ... والنصوص الدينية والعلمية تؤكد أن العنف المسلح عنصر من عناصر الإسلام، وعامل من عوامل انتشاره...»، ألا ترون أن هناك قسوة في هذا الحكم، فهناك نصوص دينية وتاريخية... إلخ، تشير إلى حث الإسلام على الرحمة، المحبة، السلام... وغيرها من المفاهيم المنافية للعنف؟

لا أقول العكس، ولكن بصفة دقيقة لا يمكن إخراج العنف من الإسلام، أو إثبات أن الإسلام خالٍ من العنف، كما يستحيل تقليص الإسلام للعنف.

تقصدون أن الإسلام معتقد عنيف؟

إني أثبت أن العنف من بين العناصر التي يتكوّن منها الإسلام.

إذن، العنف مركب أساسي في الإسلام؟

لا أقول أساسي أو غير أساسي - وهذا ليس هروبا من السؤال - أنا لم أقارن العنف بالعناصر الأخرى التي يتكوّن منها الإسلام حتى أقول إنه أهم أو أقل أهمية، لكن ما أستطيع إثباته هو أن العنف عنصر من عناصر النظام الإسلامي، وهو موجود في القرآن، العنف كمفهوم علمي. يجب أن نخرج من قوقعة المفاهيم السياسية الأيدولوجية والتقويمية، لذلك قلت سابقا لا أقول إرهابا ولا جهادا وإنما هو عنف مسلح. ومن بين ميزات العنف التابعة للإسلام وغيره من الأديان السماوية كلها نجد مفهوم «جهنم»، وهذا عنف، ومن شك في الأمر يدخل منزله ويوقد نارا ويضع يده عليها، فإن صرخ فهو عنف وإن لا «فليشوي ويأكل».

الجماعات التي التحقت بالجبال في تسعينيات القرن الماضي بالجزائر، بررت ما قامت به من أعمال عنف ومجازر اعتداءات على العزّل بالعقيدة الإسلامية والسير نحو تطبيق شرع الله في الكثير من المواقف، عندما نقول إن العنف جزء من مفهوم الإسلام، هل يفسر هذا ظاهرة الإرهاب؟

أعود وأذكر أنني لا أفسر الإسلام، حتى لا تختلط الأمور، نحن نتحدث عن مفاهيم علمية مُتابعة للحياة الاجتماعية. فإذا نظرنا إلى طريقة توظيف الإسلام للوصول إلى الحكم، هذا ممكن، لكن هل يبرر أعمالا دون غيرها، فذاك شأن آخر.

فمن يوظف الإسلام للوصول إلى الحكم؟

المسلمون، وبصفة أدق في حديثنا هذا الجزائريون، وهذا لم يشر إليه ابن خلدون رغم أنه تابع التناوب على الحكم. الوصول إلى الحكم المركزي، بمعناه الذي نعرفه إلى حد الآن ناجم عن الإسلام في منطقتنا، لأنه قبل الإسلام النظام الاجتماعي التقليدي كان ومازال يحتوي على تنظيم اجتماعي جزئي قبلي، وإذا عدنا إلى كتاب «العبر وتاريخ البربر» لابن خلدون نستنتج أن العلاقة بين القبائل كانت إما تحالفا أو خيانة، أي أن القبائل لا تذوب أبدا لتكوّن أمما.

وحسب ملاحظاتكم العلمية، هل مازال هذا المفهوم قائما؟

مازال كما هو، وهذا ما أسميه بـ «الشبكات العلاقاتية»، القبيلة تطورت، فلم تبق على صيغتها القديمة، أصبح فيها شبكات عائلية وأخرى اجتماعية.

هل هذه مسألة إيجابية أم سلبية اجتماعيا؟

هذا نجده في كل المجتمعات لكن حسب وظيفته، في مجتمعنا أنا أربط التخلف مباشرة بهذه التجزئة الاجتماعية، ومن قال إن تخلفنا سببه الاستعمار فإنه مخطئ، الاستعمار خبيث في حد ذاته لكن يجب ألا ننسب له ما ليس منه، «الجهوية» أو التجزئة الاجتماعية من صنعنا نحن، ربما استفاد منها المستعمر أو عقدها، لكنه لم يتسبب فيها.

انتظروا الحلقة الثـانية غدا



التعليقات
(0)add

min/maxإظهار/إخفاء التعليقات


feedإظهار/إخفاء صندوق مربع التعليقات



busy

Leave a Reply