خرجنا للتنزه فأبى إلا أن يشغل عقولنا. وضع صفحة أمامنا ووضع عليها تسع نقاط على شكل مربع. كل ثلاث نقاط تشكل ضلعا. تصوروا الشكل وحاولوا رسمه على ورقة بيضاء بين أيديكم. تقول اللعبة وهي من دواهي ألغاز علم النفس أن من يريد اجتياز الفحص بنجاح أن يمسك قلما ثم يمشي بأربع حركات لا يرفع فيها يده عن الورقة والقلم فيجتاز أو يمر في كل النقاط التسعة. سوف يدهش المجرب أنه مهما حاول لن ينجح إلا بطريقة واحدة، أن يتجاوز قانون اللعبة، بأن يخرج من خارج المربع على نفس المستوى، ثم يخرج منه على نفس الخط إلى الخارج وبأربع حركات دون أن يرفع يده عن الورقة ولسوف يمر في النقاط التسعة.
أهمية هذه اللعبة هي الانتباه إلى أن الكثير من حلول المشاكل يأتي من خارجها.
هناك تعبير في القرآن يقول «وأحاطت به خطيئته».
من ابتكر نظام جراحة المناظير هو سيم كورت وهو ألماني من مدينة كيل الألمانية ولم يكن جراحا فحاربه الجراحون، ثم اعترفوا بالطريقة فظلت أعناقهم لها خاضعين. وحين جاء الإسكندر إلى الشرق مر على عقدة مشهورة وهي كبة خيطان قال الكهان والعرافون أن من حلها امتلك الشرق فضرب الإسكندر بسيفه الكبة فانفرطت الخيطان ثم قال ألم تريدوا الحل لقد حللتها.
أذكر جيدا حين ذهبت إلى هولندا من أجل وظيفة أعلنتها الخارجية الهولندية لمشفى بنته في مدينة ذمار في اليمن وهم بحاجة لجراح. تعجبوا من انتباهي للوظيفة فأرسلوني إلى مختبر نفسي وعرفت من خلال لعبة اللغة ومصادر الوصاية وحرص الخارجية الهولندية على من ترغب أنني لن أنجح وقد كان.
في علم النفس يجرون عديداً من التجارب يسمونها اختبارات الذكاء منها البقعة؛ أي يرشون بقعة حبر على ورقة ثم يطووها ثم يقولون ماذا ترى فيها؟ يقولون هنا يلعب الإسقاط النفسي دوره فيها.
أنا شخصيا أحدق أحيانا في قطع البلاط حيث جلست فترقص أمامي الصور والخيالات شتى. منها أيضا تلك الصورة العجيبة التي تجمع بين المرأة الشابة والعجوز؛ فإذا ركزت على طرف من الوجه برزت شابة فاتنة تسعى بزينتها لكل جهول، وإذا تأملت الطرف الثاني أطلت عجوز مكروهة للشم والتقبيل كما يقول الشاعر.