كتابة اليد وتحليل الشخصية.. حقيقة علمية أم..؟

كتابة اليد وعلاقتها بالشخصية الإنسانية أو الغرافولوجي، كيف؟ وهل هو علم جديد؟ هل يدرّس فعلاً في أقسام علم النفس أو في الجامعات العالمية مثل هارفارد أو أكسفورد أو غيرهما من الجامعات المعتمدة أكاديمياًَ؟ هل تحليل الشخصية من الكتابة ثابت أو قريب من الثبات بين محلل وآخر؟ وأخيراً، هل لعلماء النفس رأي فيه؟ لنبدأ الحديث عنه من خلال توضيح أن الجمعية الدولية لتحليل الشخصية من كتابة اليد، ما هي إلا اتحاد شراكة بين المهتمين بالخط، وشركة الأنشطة المدرة للدخل! والتي انتقلت ملكيتها من جيل إلى آخر عبر التاريخ، حتى ورثتها كاثرين من والدها (بيتر فيرارا) في عام 2003، ومن ثم قامت ببيع أغلب أصول الشركة، وقبل ذلك كان تحليل خط اليد يستخدم من قبل القس Michon عام 1830، إذاً هو ليس بالجديد. وبعد تدخل هذه المؤسسة وأكاديمياتها لتحليل الشخصية من كتابة اليد في المجال الطبي وأمراض الجهاز العصبي توجه علماء النفس لدراسة هذه الظاهرة، وقضوا ما يقارب مائة عام من الدراسة والبحث وتوصلوا إلى: أن جوردون ألبرت وآخرون (ويسميه العلماء أبو علم نفس الشخصية) توصلوا إلى أنه ليس للألوان أو الأبراج أو كتابة اليد أي علاقة بالشخصية الإنسانية، وكذلك ألفرد بينيه (واضع أول اختبار ذكاء دقيق) بعد البحث من عام 1893 وحتى 1907، يقول «إنه علم التنبؤ بالمستقبل»، ودراسات مايرز بريجز 1988، توصلت من خلال مراجعة أبحاث تحليل كتابة اليد إلى عدم القدرة على التنبؤ بأي نوع من الصفات والسمات الشخصية من خلاله. روان باين، وهو طبيب نفسي بريطاني كتب عددا من الدراسات في تحليل كتابة اليد والشخصية، وعلق على ذلك «إنه مغر جداً، ولكنه عديم الفائدة وميئوس منه تماماً». وعلوم النفس البريطانية تضع دراسة خط اليد وتحليل الشخصية من خلالها جنباً إلى جنب مع علم التنجيم. حيث كان يستخدم من قبل المشعوذات الإنكليزيات، وهناك كثير من الدراسات التي لا يسع المجال لذكرها، ومتوافرة مع مراجعها، كما أن المحاكم الأميركية لا تأخذ به في قضاياها. علماً أن هناك أكاديميات تتبع مؤسسات خاصة في كل من بريطانيا وفرنسا وأميركا وأفريقيا، تقوم بنشر ذلك وتسوق له، وكما ذكرت بعضها يتبع شركة طرق الحصول على الثروة! وفي النهاية، إذا كان ذلك علماً صحيحاً، فلماذا لا نغلق الجامعات والمدارس ونوفر الميزانيات، ونكتفي بإرسال من يرغب لأخذ دورة عدة أيام ثم نعينه في الطب النفسي أو المجالات النفسية؟ ولماذا لا يقوم به من درس علم النفس أو علماؤه؟ كل من يقوم بتحليل الشخصية عن طريق كتابة اليد لم يدرس علم النفس.
* * *
مجرد اقتراح:
- مازلت أوجه النداء إلى أصحاب القرار بضرورة تأسيس جمعية علم النفس الكويتية.
- تبني حملة توعية نفسية من وسائل الإعلام، لتوضيح ذلك مطلوب وبقوة، خصوصاً في هذه القضايا.
- العودة إلى أهل العلم قد تنقذ الكثير قبل فوات الأوان!
- من الواجب ألا يسمح لأي شخص غير مختص بعلم النفس أن يقيم مثل هذه الدورات، لأن لها أثراً سلبياً على الإنسان وحياته.

د. ناصر سعود المنيّع
جامعة الكويت - قسم علم النفس
almenaye@

Leave a Reply