كشف مسح أجراه طلاب مادة علم النفس المجتمعي المتقدم بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والذي تدرسه الدكتورة منى عامر، الأستاذ المساعد لعلم النفس بالجامعة، على التربية في أوقات الاضطرابات، أن الكثير من الآباء في فترة ما بعد الثورة أصبحوا يشعرون بحالة من انعدام الأمان في #مصر ، وبالتالي أصبحوا مفرطين في حماية الأبناء، وصارمين، وعصبيين، ونافذي الصبر في تعاملهم مع أبنائهم، وأحياناً يشعرون بالعجز حول قدرتهم على تأمين مستقبل جيد لهؤلاء الأبناء.
ومن خلال مناقشة ومحاورة 154 أبا وأما مصريين، وإجراء مقابلات مع منظمات غير حكومية وخبراء في مجال الصحة النفسية، بالإضافة إلى الرجوع إلى دراسات سابقة، قام الطلاب بإنتاج فيلماً قصيراً بعنوان "متخافش"، وأصدروا "دليل التربية في أوقات الاضطرابات"، وهو من المقرر ترجمته إلى اللغة العربية هذا الصيف. يهدف الدليل إلى إرشاد خبراء الصحة النفسية والمنظمات غير الحكومية خلال عملهم مع الآباء عند تقديم الدعم لأبنائهم خلال حدوث هذه الاضطرابات التي يسببها العنف المجتمعي وعدم الاستقرار الاجتماعي. يجسد الفيلم كثير من نتائج هذه الدراسة ويقدم التوصيات، ويهدف إلى تنمية الوعي حول تربية الأبناء وإرشادهم وتوجيههم خلال أوقات تصاعد العنف المجتمعي.
توضح آلاء الدوح، إحدى الطالبات المشاركات في المشروع، "وقع اختيارنا على هذا الموضوع لأننا وجدنا أن الآباء يمرون بظروف صعبة خلال تربية أبنائهم، ويراودهم الكثير من التساؤلات ويشعرون بالقلق فيما يتعلق بكيفية مساعدة أبنائهم على التعامل مع أحداث العنف التي تحيط بهم. تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن الأحداث الجارية تجعل من الصعب بالنسبة لغالبية الآباء والأمهات تربية أبنائهم بشكلصحيح."
وتكشف نتائج المسح المتعددة- والمثيرة للدهشة أيضاً- عن الطرقالتي أثرت على الأبناءوآبائهممن جراء أحداث العنف الجماهيري التي وقعت بانتظام خلال الثلاثة أعوام الماضية. فقد أوضح ما يقرب من نصف الآباء ممن شملهم الاستطلاع أنهم أصبحوا أكثر صرامة مع أبنائهم ويرصدون تحركاتهم وأفعالهم عما كان عليه الوضع قبل 2011. وقد لجأ الكثير من الآباء إلى وسائل سلبية للتعامل مع حالة انعدام الأمان المتزايدة، حيث أوضح 43% من الآباء أنهم أصبحوا عصبين، ونافذي الصبر في تعاملهم مع أبنائهم بصورة دائمة. تقول الدوح "يتأثر كل من الآباء والأبناء بصورة كبيرة بالتعرض للعنف بشكل أو بأخر."
ووفقاً للمسح، فإن الوسيلة الأساسية للتعرض للعنف تأتي من خلال مشاهدة التليفزيون أو نشرة الأخبار، تليها سماع الطلقات النارية والمشاجرات في شوارع الأحياء التي يقطنون بها. ويعتبر الأطفال ذوو الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة، وخاصة هؤلاء الذين يعيشون في العشوائيات، هم الأكثر عرضة للتعرض و لمشاهدة مثل هذه الأحداث العنيفة بصورة مباشرة، هذا بالإضافة إلى أن من المرجح أيضاً أن الأطفال والأسر التي تقطن بالقرب من "النقاط الساخنة" مثل قرب ميدان التحرير يتعرضونلسلوكيات عنيفة.
ونتيجة لذلك، أعرب ما يقرب من 70 بالمائة من الآباء عن عدم شعورهم بالأمان في البلاد، ويشعر تقريباً ثلثي هؤلاء الآباء بالتشاؤم حول مستقبل #مصر. بالإضافة إلى ذلك، لاحظ 40 بالمائة من الآباء زيادة شعور أبنائهم بالخوف والقلق، بينما شهد 37 بالمائة منهم رغبة ملحوظة من قبل أبنائهملمناقشة السياسة وأحداث العنف. وقد أظهر بعض الأبناء أنماط مختلفة من الأكل والنوم.
تغلب غالبية الآباء على هذه المشاعرعن طريق اختيار تجنب الأماكن التي يرونها خطرة أو غير آمنة. وفي الحالات القصوى، منع بعض الآباء أبنائهم من الذهاب إلى المدرسة كاحتياط أمني أو قاموا بنقلهم إلى مدارس أخرى. أما البعض الآخر، فقد اتصلوا بخطوط ساخنة أوتلقوا مساعدة محترفة لكي يتمكنوا من التعامل مع مخاوفهم. تقول كارين فانوس، طالبة أخرى بالمشروع، يرغب جميع الآباء في مساعدة أبنائهم، ولكن القليل منهم فقط يدركون أنهمبحاجة إلى مساعدة انفسهم أولاً لكي يتمكنوا من القيام بذلك."
لم تتوقع فانوس أن ترى الكثير من الآباء يعترفون بتأثرهم سلباًجراء عدم الاستقرارالاجتماعي الذي مرتبه البلاد. وتتفق الدوح في الرأي معها، مضيفة أنها تفاجأت أن الكثير من الآباء يبحثون بجدية عن برامج تساعدهم في تربية أبنائهم بالصورة الصحيحة في ظل تعرضهم المتزايد إلى أحداث العنف. تقول الدوح " يبدو أن هناك طلب كبير عام للحصول على المعلومات من خلال العديد من الوسائل، مثل التليفزيون، والإنترنت، والبرامج والكتيبات المدرسية."
ومن أجل مساعدة المنظمات غير الحكومية وخبراء الصحة النفسية في عملهم مع الآباء، قدمت الطالبات قائمة بالأعراض والسلوكيات التي تظهر على الأطفال نتيجة التعرض للعنف. وتشمل القائمة وجود المزاج السيء، والمستوى الزائد من النشاط، وسهولة التشتت وعدم التركيز، بالإضافة إلى وجود صعوبة في التعبير عن المخاوف والقلق.