القدس - معا - نظمت دائرتي علم الاجتماع التطبيقي وعلم النفس بجامعة القدس وبالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ندوة علمية حول ظاهرة المخدرات في المجتمع الفلسطيني واقع وتحديات وبحضور د.بسام بنات، رئيس دائرة علم الاجتماع التطبيقي، و د.ربيع عويس المحاضر فيها، ود. عمر الريماوي رئيس دائرة علم النفس، و د.إياد الحلاق المحاضر فيها، ووزارة الشؤون الاجتماعية، والشرطة الفلسطينية، وجمعية الصديق الطيب، ومؤسسة مقدسي، وطلبة الجامعة.
ورحب د.بسام بنات بالحضور وتحدث عن أهمية الندوة العلمية التي تتناول واحدة من أكبر التحديات التي يواجهها العالم اليوم، مشيراً إلى أن ظاهرة المخدرات مشكلة اجتماعية تعم جميع البلدان من أغناها إلى أفقرها، وتنتشر بين جميع فئات وشرائح المجتمع بالذات فئة الشباب والمراهقين وتناولتها الأبحاث العلمية بالدراسة والتحليل لما لها من آثار مدمرة على الصعيدين الفردي والمجتمعي.
واكد د.بنات الى ان التقارير العالمية أشارت إلى أن هناك 230 مليون شخص تعاطوا المخدرات مرة واحدة على الأقل، وأن هناك 27 مليون شخص في العالم يدمنون على المخدرات، الأمر الذي تسبب في وفاة نحو 200 ألف نسمة على مستوى العالم في عام 2012. مشيراً إلى أن عدد متعاطي المخدرات في العالم سيصل إلى 300 مليون شخص بحلول عام 2100. أما على الصعيد الفلسطيني فأكد إلى أن عدد مدمني المخدرات في الأراضي الفلسطينية بقدر بنحو 25 ألف، فيما يبلغ عدد المتعاطين قرابة 80 ألف، مشيراً إلى حاجتنا الماسة لاجراء دراسات ميدانية تمدنا بالرقم الاحصائي الدقيق حول ظاهرة المخدرات في المجتمع الفلسطيني.
وعبر عصمت الفاخوري من وزارة الشؤون الاجتماعية عن سعادته بالالتقاء بطلبة العلم بناة المستقبل، متمنياً لهم دوام التقدم والنجاح في دراستهم الجامعية، ووجه شكره لادارة الجامعة على حرصها الشديد على عقد مثل هذه الندوات العلمية القيمة التي تساهم في نشر الوعي والمعرفة بين فئة الشباب للحد من انتشار المخدرات والوقاية منها في مجتمعنا الفلسطيني.
من جانبه، تحدث نبيل قبها عن الدور المحوري الذي تقوم به وزارة الشؤون الاجتماعية وخطتها الاستراتيجية للحد من انتشار المخدرات وتعاطيها، واستعرض خطة الادارة العامة للرعاية الاجتماعية بدائرة الوقاية من المخدرات في الوزارة التي تستهدف كافة مراكز التأهيل والاصلاح التابعة لوزارة الداخلية ومؤسسات المجتمع المدني من خلال عقد ورش العمل التوعوية للوقاية من المخدرات، وعقد جلسات التفريغ والدعم النفسي للمتعاطين، وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع من خلال رفع المناعة الذاتية والنفسية عندهم للحد من خطر انحرافهم نحو المخدرات. وأشار إلى أن الوزراة ستقوم بإنشاء مركز حكومي لعلاج وتأهيل متعاطي المخدرات ضمن خطتها الاستراتيجية.
وضمن فعاليات الندوة قامت أ. عفاف ربيع من جمعية الصديق الطيب بتقديم فيلم "ودع حلمك" من انتاج هيئة الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة ''UNODC''، الذي يتناول ظاهرة تعاطي المخدرات من حيث: أسبابها، وأنواعها، وطرق تعاطيها، وطرق الوقاية منها والحد من انتشارها. وبين الفيلم الجواب النفسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية لتعاطي المخدرات، وشكل رسالة توعوية رادعة للشباب. كما قامت جمعية الصديق الطيب بتوزيع نشرات التوعية للوقاية من المخدرات على الطلبة.
من جانبه، تناول د. إياد الحلاق من دائرة علم النفس في الجامعة والمختص في علاج وتأهيل مدمني المخدرات الجوانب النفسية والاجتماعية لتعاطي المخدرات التي حظيت بكمّ هائل من الدراسات والبحوث سواء في مجالات التعاطي أو الإدمان، مشيراً إلى أن تعاطي المخدرات تشكل واحدة من من أخطر المشكلات النفسية والاجتماعية التي تواجه المجتمعات بعامة والمجتمع الفلسطيني بخاصة.
وأكد د. إياد إلى أن تعاطي المخدرات بأنواعها المختلقة يؤثر على الحالة النفسية والمزاجية للأشخاص عن طريق تأثيرها على الجهاز العصبي المركزي، وتؤدي إلى تغيرات أساسية في الشخصية.
وقدم أ. عصام جويحان من مؤسسة مقدسي للتوعية والارشاد والوقاية من المخدرات نماذج حية لبعض أنواع المخدرات التي يروجها الجانب الاسرائيلي بين الشباب في منطقة القدس وضواحيها، محذراً الشباب من مغبة الوقوع فيها.
وبين الرائد ياسر ياسين من الادارة العامة لمكافحة المخدرات بمنطقة القدس وضواحيها الدور المحوري والأساسي في مكافحة جرائم المخدرات، مشدداً على الواجب القانوني للدولة، الذي يتمثل في حماية المجتمع وضمان استقراره، وأن مكافحة جرائم المخدرات ومعالجتها أمنياً يعتمد على متابعة التعامل غير المشروع في المخدرات داخل الدولة، وعلى حدودها.
وأشار الرائد ياسر أن ظاهرة تعاطي المخدرات قد ارتبطت بالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني من احتلال وضعف الرقابة والسعي وراء الكسب المادي السريع، ونقص التوعية المجتمعية، وقلة المعرفة بأنواع المخدرات والمضار التي تسببها، هذا إلى جانب حب الاستطلاع، والضغوط النفسية، وانتشار البطالة، وضعف الوازع الديني.
وفي نهاية الندوة التي خلقت العديد من التساؤلات حول ظاهرة المخدرات في أذهان الطلبة، تم الاستماع لها والاجابة عنها من قبل المتحدثين، وقدم د. بسام بنات درع الجامعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، مشدداً على استعداد دائرتي علم الاجتماع التطبيقي وعلم النفس للتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية في لقاءات علمية مستقبلية مماثلة، بالذات فيما يتعلق بضرورة إجراء دراسة علمية تطبيقية حول ظاهرة المخدرات في المجتمع الفلسطيني التي تشكل تهديداً حقيقياً لأمن الفرد والمجتمع.