رام الله - معا - أكد المستشار النفسي والمتخصص في علم النفس المجتمعي محمد راجح العوري، اليوم الاربعاء، على أن التدخل النفسي أصبح ضرورة ملحة مع الأطفال الناجين من حادث جبع ومع أسرهم وعائلاتهم، لا سيما أن الحادثة كانت بمثابة صدمة نفسية كبيرة على الأطفال الذين عايشوا الحدث وعلى أسرهم.
وأضاف العوري لـ"معا" أن الصدمة النفسية هي عبارة عن حدث مفاجئ غير إعتيادي خارج عن إطار خبرات الإنسان العادية تؤدي الى قهر قدرة الإنسان وعدم قدرته على مزاولة حياته بشكل طبيعي وله وقع مؤلم على نفسيته وعلى جوانب حياته المختلفة.
وتحدث العوري عن أن حالة من الذهول والصدمة لا تزال تسيطر على الفلسطينيين كافة، لا سيما الأطفال الذين عايشوا الحدث بكل تفاصيله، فالحدث الذي تعرض له الأطفال ومشاهدتهم لزملائهم وهم يحرقون أمامهم وحدوث بعض التشوهات عند الناجين منهم سوف يسبب حالة صدمة لدى الطفل لأنه يأتي بصفة مباشرة، الأمر الذي يستدعي ضرورة التدخل النفسي مع هؤلاء الأطفال من أجل إبعاد النظرة السلبية التي طبعت في إذهانهم والتي ما زالوا يشعرون بها حتى هذه اللحظة.
وأضاف العوري "من خلال مشاهدتي ومتابعتي للعديد من المقابلات التي تمت مع الأطفال وعائلاتهم تبين أن معظم الأطفال ما زالوا يعانون من أعراض الصدمة النفسية التي تعرضوا لها ويتمثل ذلك في معاناتهم من كوابيس مصحوبة بصرخات خاصة في الفترة الليلة، رفض بعض الأطفال من التحدث عن الحدث والإكتفاء بالصمت نتجة لهول الصدمة، البكاء بشكل مستمر، حدوث مشاكل وإضطرابات في النوم، رفض بعض الأطفال من العودة لمواصلة الحياة الأكاديمية، الهرب من مواجهة الحدث وتكون مشاعر العجز واليأس، استحواذ مشاعر الخوف والقلق على الطفل بالأخص الخوف من وقوع الحدث مرة أخرى وإعادة تمثيل الحدث على شكل صور ذهنية وأصوات، التعلق الزائد بالوالدين، التبول اللاإرادي، السرحان وعدم القدرة على التركيز وأعراض نفسية أخرى".
وأكد العوري على دور المختصيين النفسيين من خلال التدخل النفسي الذي يقومون به لمساعدة هؤلاء الأطفال وعائلاتهم على تقبل الواقع ومواجهته بالطرق العلمية والمهنية من خلال الرسم واللعب والحديث عن تفاصيل التجرية وذكرياتها وذلك لمساعدة هؤلاء الأطفال على التفريغ والتنفيس لكل التفاصيل والصور والذكريات المؤلمة التي ما زالت تجول في دواخلهم، كما لا بد أيضا من التدخل مع العائلة بشكل متوازي من خلال رفع معنوياتها والتقليل من حالة تأنيب الضمير التي ما زال العديد من العائلات يشعرون بها اتجاه أطفالهما، بالإضافة إلى توعية الأهل بكيفية التعامل مع ردود أفعال أطفالهم في هذه المرحلة الصعبة خاصة أولئك الذين عاشوا التجربة بكافة تفاصيلها.
وثمن العوري دور كل المؤسسات والمراكز التي لم تدخر جهدا في تقديم خدماتها للأطفال المتضرريين وعائلاتهم من خلال الزيارات التي قاموا ويقومون بها حتى هذه اللحظة ومساندتهم ومؤازرتهم لأهالي الشهداء والاطفال المتضررين، كما وجه شكره أيضا لكل المواطنين الذي هرعوا الى المستشفيات للتبرع بالدم لإنقاذ حياة الأطفال المصابين.
وختم العوري قائلا" حادث جبع بقسوته ومرارته أكد على أن الشعب الفلسطيني شعب عظيم وموحد من خلال حالة التضامن والتعاطف التي عمت كل أرجاء الوطن في الداخل والخارج".