الحرب النفسية والإعلام الغربي وداعش
ناجي الزبيدي
في كتابه المعروف (الحرب النفسية )عرفها الكاتب الامريكي (بول لينبارجر)انها استخدام الدعاية ضد عدو ما مع مساعدة عسكرية او اقتصادية اوسياسية لاستكمال هذه الدعاية واستخدام المخطط للتخاطب الذي يهدف الى التاثير في عقول او مشاعر فئة معينة من الناس، كما انها تطبق اجزاء من علم النفس لتدعيم جهود العمليات السياسية او الاقتصادية او العسكرية ،وبعد استخدام الحرب النفسية من قبل المدنيين اصبح تعريفها الشائع(استخدام وسائل التخاطب الحديث لغرض الوصول الى الجماهير المستهدفة لكي يتم اقناعهم بقبول معتقدات وافكار معينة). ويعرفها الباحث الفلسطيني الدكتو زاهر زكار المتخصص في الدراسات الاكاديمية والاستراتيجية (بانها وضع الامور والشؤون السياسية والعسكرية والاقتصادية والعقائدية التي خطط لهاموضع التنفيذ الفعلي بهدف التاثير على الاراء والمواقف ووجهات النظروالسلوكيات لتحقيق هدف معين).
الحرب النفسية اخطرانواع الحروب ضد الانسان فهي تستهدفه في عقله وتفكيره وقلبه لكي تحطم روحه المعنوية، وتقضي على ارادة المواجهة لديه ،وتقوده نحو الهزيمة والاستسلام فهي تستهدف كسب الراي العام العالمي وفقا لقاعدة سيكولوجية مكملة للعمل العسكري والاقتصادي والسياسي،عبر استخدام اساليب دعائية نفسية مؤثرة على سلوك الدول واحداث تغييرات في مواقفها وايدلوجيتها،كما تعتبر الحرب النفسية من اخطر الحروب التي تواجه الحركات الثورية والاصلاحية في كل زمان ومكان وهي تعمل على بذر الفرقة والانقسام بين ابناء الشعب والمجتمع الواحد وهي تعمل بالظلام وتطعن من الخلف وتضع العقبات امام مسيرة التقدم والتطور كما تعمل على بث الاشاعات المغرضة ونشر الارهاب.
اهداف الحرب النفسية
اهم اهدافها تحطيم الروح المعنوية وزعزعت ايمان الفرد بعقيدته والتشكيك بقدراته وبث الفرقة والتناحربين صفوف المجتمع وزرع الياس وروح الاستسلام لديه واضعاف الجبهة الداخلية واحداث الثغرات فيها،وتسعى الى الضغط في كافة اشكاله (العسكري والسياسي والاقتصادي). اتسعت الحرب النفسية في وقتنا الحاضر بعد التطور الهائل في جميع فروع المعرفة وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت ، وتستهدف ايضا المعتقدات الدينية، وعندما تكون اهدافها سياسية اوعسكرية فانها تسعى الى تشويش افكارالشعب وتولد لديهم شعورعدم الثقة بالنفس وتؤدي الى اضعاف معنوياتهم وشعورهم بالياس وابعادهم عن احراز النصر ونشر النزعات الاستسلامية وتسعى ايضا الى فقدان ثقة الشعب بحكومته.
الغرب والحرب النفسية
وداعش
يسعى الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانياالى تبني فكرة الحرب النفسية لنشر الرعب بين الشعوب عن طريق المنظمات الارهابية ومنها داعش.
ومن الخطا تصديق الغرب في ادعائه انه يريد محاربة داعش وعدم السماح له بالانتشار والتمدد،ولننظر لما يتحدث به الرئيس الفرنسي(هولاند) في هذا السياق ويحاول ان يسبغ على داعش ما ليس في حقيقتها ويدعي بانه ليس تنظيم اعتيادي، بل انه كيان يمتلك كافة مقومات الدولة، ولديه الاموال والثروات التي تمكنه من الاكتفاء الذاتي كما ولديه القاعدة الشعبية والبيئة الحاضنة التي تمكنه من النمو وايجاد المقاتلين باستمرار،ويوافقه رئيس الوزراء البريطاني (ديفيد كامرون) في حملة الترويج والتخويف لدا عش بقوله : ان داعش ستتمدد قريبا الى لبنان والاردن وان لديها القدرة على ذلك.
وجد الغرب بان داعش يتقدم بالاهمية على اسرائيل خدمة لتحقيق اهدافهم ومن الخطا الظن ان الغرب يريد انهاء وجود داعش ولو كان جادا للقضاء عليه لكان بامكانه اعتماد ستراتيجية ناجعة للحرب عليه واصدار قرار دولي حازم باعتبار داعش تنظيم ارهابي خطيروعدم التركيز على منع تمدده فقط فهذا يبيت نيات خبيثة وكذلك اصدار قرار حازم بتوقف الدول كافة عن تقديم الخدمة الاعلامية المجانية لهذا التنظيم والذي ينخرط في اطار الحرب النفسية لترويع الشعوب وتخويفهم ومنع اي شيئ يتصل بارهابهم باي وسيلة اعلامية ومحاولة وقف نشاطه في مواقع التواصل الاجتماعي، واصدار قرار دولي ايضا بالزام كافة دول العالم بالتوقف عن الدعم والمساعدة والترويج وجمع الاموال من الجمعيات الخيرية في بلدانهم، واعتبار الدول التي تستمر في دعمه باي شكل من الاشكال الاعلامية والسياسية والمالية والتسليحية دولا راعية لللارهاب تفرض عليها عقوبات دولية بمقتضى البند السابع لميثاق الامم المتحدة. لو القينا نظرة على اعداد المقاتلين المتدفقين من الغرب للانخراط في صفوف داعش لوجدناهم كالاتي بريطانيا500 مقاتل ،فرنسا 450 ،تركيا 600 ،روسيا 800 ،الولايات المتحدة 130 ،المانيا 250 ،اسبانيا 150 ،بلجيكا 300 ،هولندا150 ،السويد 80 ،الدانمارك 85 ،كندا70 ،ايطاليا 50 ،البانيا150 ،وهناك دول غربية كثيرة غير المذكورة اعلاه لاتزال ترسل مقاتلين الى داعش.
فلو كان الغرب جادا وصادقا للقضاء على داعش فان استراتيجية مواجهته لا تحتاج الى تفسير او مناقشة ولكننا بالمقابل نجزم ان الغرب غير جاد للقضاء على داعش وان مايروج لخطورته بات يشكل هاجس امني لديهم مجرد ادعائات فالمتـــــابع لقراراتهم يراها فقط من اجل التخدير ليس الا.