هن فتيات رمى بهن القدر بعيدا عن أحلامهن الصغيرة التي لم تكبر يوما في نفوسٍ هجرتها البسمة بعد أن باتوا ضحية واقع يصفونه اليوم بأبشع الصفات. وحسب توضيحات مختصات في علم النفس لـ "الشروق"، فإن الإنحراف والإكتئاب يترصدان المطلقات في رمضان بالجنوب وهي ظاهرة باتت تحتاج إلى معالجة فورية قبل وقوع الفأس في الرأس، حيث تحولت من سعادة إلى تعاسة خاصة في رمضان الذي يعد شهر للتوية والغفران.
"الشروق "وفي استطلاع خصصته للظاهرة بالرجوع إلى مختصات في علم النفس حاولت التعرف على قصص بعضهن لنقل ما يمكن نقله من زوايا هذه الشائعة التي باتت تنتشر بشكل يبعث على الريبة في مجتمعات لطالما عرف أهلها بتمسكهم بالقيم والخصوصيات المجتمعية سيما ما تعلق بالمرأة، رمز الحرمة والكرامة، لكن أن تصبح هذه الأخيرة مكمن التهم وملاذ أصحاب النفوس المريضة والأخلاق الهابطة في شهر يفترض أنه للتوبة كما حث ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فذاك أمر آخر يتطلب تسليط الضوء عليه .
زواج لشهور يلفظ فتيات في مقتبل العمر
سلمى صاحبة 22 سنة حسب المختصات دائما سردت حكاية زواجها غصبا من رجل في الأربعينيات من العمر كان له علاقة بالعائلة التي تقول أن والديها سقطوا ضحية إغراءاته بالمال أمام عوزهم، لتجد نفسها بعد شهرين طليقة دون أي تفسير إلا لأن المسمى زوجها لم يعد يرغب فيها بعد أن أشبع نزواته ورماها بكل بساطة لعالم كانت فيه ضحية زواج مصلحة فاشل، على حد تعبيرها، وهي الآن قد دخلت عالم احتراف الزنا بكل أشكاله نظرا لضغوط العائلة من جهة وما ترسب من مشاكل الزواج من جهة ثانية.
نبيلة هي الأخرى لم يلبث ميثاق زواجها إلا شهرين بالضبط بعد أن دُفعت إلى الزواج في سن العشرين، حينما قررت عائلتها تزويجها بأحد أقربائها وهي من فشلت في إكمال دراستها في مرحلة المتوسط، ولم تدرك يوم دخولها بيت زوجها عروسا من يوم خروجها منه مطلقة، ورغم الإستقرار الذي يطبع زواجها تقول تفاجأت في إحدى الليالي بزوجها وهو يأمرها بمغادرة البيت دون أن يكلف نفسه عناء شرح دوافع قراره ومنه تحولت من زهرة بريئة إلى شوكة بعد أن تعلمت المحرمات من خلال الإبحار في عالم الإنترنت.
أما سميرة فقصتها تبدو مختلفة في أولها، حيث أن نصيبها كان قد ربطها بشاب مغترب بفرنسا وسنها لم يتجاوز 17 سنة، أثمرت قصة حبهما زواجا بالفاتحة، لكن القدر كان يخبأ لها الأسوء، حيث وبعد وصولها أرض الغربة إكتشفت أن شريك حياتها متورط مع إحدى العصابات التي تنشط في تجارة المخدرات لتسارع إلى الهرب من هذا الكابوس بعد صراع شديد في الغربة لمدة سنتين بعدما زج بزوجها في السجن.
ورغم إختلاف قصصهن إلا أن حالهن في الحسرة واحدة، حيث لم تخف كل واحدة منهن حالة الانهيار والخيبة التي عايشنها مباشرة إثر الصدمات القوية التي تلقينها ومنه الدخول في عالم محفوف بالمخاطر حتى في ليالي رمضان.
التحرشات الجنسية أكثر الضغوطات في رمضان
أجمعت كل الفتيات اللواتي روين قصصهن للمختصات في علم النفس، أن أكثر ما بات يضايقهن بعد فترات طلاقهن، هو تلك النظرات المريبة التي تلاحقهن في كل مكان ومن كل الأشخاص سيما أصحاب النفوس الدنيئة في رمضان على حد تعبيرهن، حيث باتت كل واحدة منهن تحتفظ بذاكرتها أكثر من قصة عانين فيها الأمرّين، فسلمى مثلا تعرضت للتحرش الجنسي من طرف مدير المؤسسة في مركز التكوين التي أرادت من خلاله العودة للدراسة والبحث عن حياة جديدة أين باتت تتعرض يوميا للتحرشات ما دفعها إلى التخلي عن الدراسة تماما وإلغاء حلمها، فيما لم تخف نبيلة انكسارها وعجزها وانسياقها وراء الملذات حتى في شهر الرحمات.
الإنحراف والإكتئاب يترصدان المطلقات
يعتبر أهل الإختصاص أن هذه القصص تعد من الحالات الجد معقدة والتي يلزمها إعتناء خاص وحذر في نفس الوقت، حيث تعدد الدكتورة "سناء سبتي" المختصة في علم النفس المرضي الأعراض المرضية الأكثر إنتشارا لدى هؤلاء النسوة في القلق الحاد، العصبية، الانعزال الاجتماعي، الإحباط، وكذا النظرة المشوهة لكل الرجال خاصة عند من تعرضن إلى العنف، إضافة الى الحوار السلبي مع كل من يتصل بهن، ناهيك عن التشاؤمية التي تطبع حياتهن، مما يؤدي إلى الإكتئاب وبالتالي إنشاء أفكار سلبية، قد تؤدي إلى تخلي بعضهن عن طريق الدين والأخلاق وإختيار طريق الانحراف ظنا منهن أنه هو الأفضل لعيشهن، وهذا ما يٌفسر على أنه انتقام منهن لهذه الحياة التي ظلمتهن حسب اعتقادهن.
الظاهرة تتطلب تحرك ضمير المجتمع
من جهة أخرى، دق المختصون الإجتماعيون ناقوس الخطر بقوة معتبرين أن الأمر بات انحرافا واضحا ينبئ بانهيار السلم الأخلاقي في الوقت الذي يؤكد ذات المختصون أنه على الأولياء ضرورة اتخاذ إحتياطاتهم قبل تزويج بناتهم للإبتعاد عن الوقوع في مثل هذه الأزمات المعقدة عن طريق المرور برغبة البنت في إختيار الرجل المناسب، لا على أساس المصالح المادية أو غايات أخرى، فضلا عن عدم التخلي عن بناتهم في حالة الطلاق لظروف ما لأن الكوارث التي تحصل بعد الطلاق قد تقع على العائلة بالكامل.