كوسيلة لنهره ودفعه عن أداء سلوك ما إضافة إلي مقارنته بأقرانه دون الإنتباه لمدي خطورة هذه التصرفات عليه.. فهي تشوه براءته الفطرية و تجرح مشاعره مما يدفعه للتمرد و تكون أحد أسباب الإضطراب النفسي و السلوكي و في بعض الأحيان بداية الإنحراف و الفشل في الحياة الإجتماعية.
ويؤكد. د.جمال شفق أحمد أستاذ علم النفس الأكلينيكي ورئيس قسم الدراسات النفسية للأطفال بمعهد الدراسات العليا للطفولة جامعة عين شمس إن أول خطأ يقع فيه الآباء و الأمهات في التربية هو عدم معرفة امكانيات الطفل, فهو كائن ذكي جدا وعاطفي بل هو كتلة من المشاعر و الأحاسيس النقية و يصدق كل ما يقال له بدليل أنه يصدق ما يحدث في الأفلام الكرتونية و يعتبرها حقيقة, وبالتالي علي الوالدين التوقف عن جرح الطفل بألفاظ غير لائقة لأنها تنقص من قدره أمام نفسه و مع تكرارها و تكرار إخفاقه في التحصيل الدراسي أو إنجاز أي مهمة مثلا يتحول لشخص فاشل و مهزوز و يعاني عقد نفسية و يفقد الثقة في نفسه. و من اخطر التصرفات التي يتأثر بها الطفل مقارنته بأقرانه من اخوته أو زملائه أو أقاربه و تعنيفه حتي و لو لفظيا ظنا بأن هذا السلوك قد يحفزه علي تحسين الأداء ولكن علي العكس فهو يجعل الطفل منسحبا دائما و غير قادر علي المنافسة و من ثم تأخر التحصيل الدراسي مما يصيب الطفل بالإحباط و لوم الذات و تأنيب الضمير اضافة إلي مشاعر الغيرة و الحقد والكراهية تجاه الأطفال الآخرين وينعكس ذلك علي الجوانب الاجتماعية, فعندما يقارن نفسه بأقرانه ويشعر بأنه أقل منهم فيبتعد عنهم ويعزف عن اللعب معهم و قد يعاملهم بعنف و عدوانية و هذا بدوره له انعكاسات جسمية مثل شعوره بالإجهاد, الصداع, فقدان الشهية أو النهم الشديد للأكل, وقد يعاني من كوابيس ليلية وإضطرابات في الكلام والتبول اللاإرادي, و الأخطر من ذلك أنه قد ينضم لجماعات فاسدة منحرفة تحقق له ذاته باعتباره متماثلا معهم في السلوك المنحرف و لذلك انبه الآباء و الأمهات بضرورة الإهتمام بكل ما يوجه للطفل لأنه قد يكون ناقوس خطر لإنحرافه.
والبحوث في مجال علم نفس التنشئة الإجتماعية تدلنا كما يقول د.جمال: أن هذا السلوك الخاطئ تجاه الطفل لا يقف عند مرحلة الطفولة فحسب بل تمتد آثاره السلبية إلي شخصيته في المستقبل وتؤثر علي علاقاته في الكبر حيث تظل دفينة داخل عقله الباطن وتؤجج داخله مشاعر الغيرة و العداء تجاه الغير حتي ولو يصدر منهم أي شئ سيئ تجاهه فهو يعمم خبراته السيئة مع معظم من حوله خاصة من كانوا في موضع مقارنة معه في الماضي بل قد تنعكس علي طريقة معاملته لزوجته و تربية أبناؤه في المستقبل..
و مثل هذه السلوكيات السلبية مع الطفل قد تؤدي إلي انتشار ظاهرة أطفال الشوارع و لكن في الطبقات الفقيرة حيث أن أي طفل له احتياجات أساسية لابد من اشباعها منها المادي مثل المأكل والمشرب و المسكن و المحافظة علي الصحة والتعليم والترفية إلي جانب ضرورة اشباع النواحي النفسية و الاجتماعية, و في الأسر الفقيرة نظرا لإنعدام جميع نواحي الاشباع يضطر الطفل للخروج من المنزل لشعوره بالقهر و الظلم.
ومن ناحية أخري لابد ألا نغفل الدور الأساسي المكمل لدور الأسرة و هو دور المدرسة حيث يقضي فيها الطفل تقريبا وقتا أطول مما يقضيه مع أسرته خاصة ابتداء من مرحلة الروضة( الحضانة) فهذه المرحلة لها عظيم الأثر علي الطفل فهي بداية تشكيل شخصيته و تكون فيها مشاعر الغيرة مبالغ فيها لذا فمن الضروري التعامل بحيادية شديدة مع الأطفال حتي لا تتسبب في أي مشاكل نفسية لديهم و لابد من التواصل المستمر بين الأسرة و الروضة أو المدرسة وأن يسير الجميع في خط مستقيم للعبور بالطفل إلي بر الأمان.
و لا يمكننا أن ننكر أن هناك طفلا دائم الملل و ليس لديه قدرة علي التركيز و الرغبة في المذاكرة أو أداء أي مهمة, بصفة عامة الطفل بذكائه يستطيع أن يفتعل حيلا هروبية استفزازية لإثارة المشاكل مع والديه حتي لا يستكمل مذاكرته أو المهمة المكلف بها و هنا علي الوالدين التعامل بحكمة عدم انفعال و التحلي بالصبر عدم مقارنته بأقرانه أو تعنيفه خاصة أمام الغير لأن تأثيره يكون أكثر وطأة علي نفسية الطفل ومع التكرار تخلق منه شخصية متبلدة انفعاليا و غير مبالي.
وختاما ينصح د.جمال باستخدام طرق متعددة لجذب الطفل أو وعده بشئ يحبه للترويح عن نفسه في حالة انجازه للمطلوب منه واعتماد أسلوب الترغيب في السلوك أهم من الترهيب, وعدم المبالغة في التدليل أو القسوة لأن خير الأمور الوسط فالتربية المعتدلة والتوازن بين الثواب والعقاب يكسب الطفل سلوكيات اجتماعية طيبة ويوجد منه شخصية سوية متوازنة.وكذلك عدم المبالغة في اعطاء الطفل جرعات ثقة زائدة في نفسه لأنها سلاح ذو حدين إما أن تجعل منه شخصا مغرورا يبالغ دائما في قدراته و أفكاره أو أن يكون شخصية إتكالية تعتمد علي الآخرين في اتخاذ أي قرار, هذا بالأضافة الي دعم السلوك الإيجابي للطفل و نقاط القوة و الإنجاز والنجاح و دفعه للشعور بالاستقلالية في حدود مثل اختيار ملابسه و الطعام الذي يفضله وعدم التركيز علي السلوك السلبي لأنه قد يستخدمه في أوقات أخري ضد والديه لإثارتهم ومفاوضتهم لتنفيذ رغباته.
اما المدرسين فلا تقل أهمية دورهم عن دور الأسرة في التحلي بالصبر و عدم استخدام ألفاظ غير مناسبة و مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال.وغرس الوازع الديني داخل الطفل مما يجعله يتحكم في رغباته و يضبط سلوكه.