أطروحة في جامعة البحرين تدعو لتأسيس علم نفسٍ إلكترونيٍّ عربي
أوصت أطروحة علمية في جامعة البحرين بإنشاء مراكز إرشادية في البيئات الافتراضية على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، تهتم بتوفير الاحتياجات الإرشادية لمستخدمي الإنترنت عامة وأصحاب الهوية الافتراضية بشكل خاص.
ودعت الدراسة التي قدمتها الطالبة في برنامج ماجستير علم النفس الإرشادي بالجامعة عبير العبدالقادر، إلى توظيف الخصوصية التي تتيحها الهوية الافتراضية لجذب المسترشدين، وإزالة العوائق الاجتماعية التي تحول دون لجوء البعض إلى المراكز الإرشادية، وابتكار أساليب إرشادية جديدة.
كما دعت الباحثة في توصياتها إلى أن تتجه بعض الدراسات إلى محاولة فهم الإنسان في تفاعله مع التطور التكنولوجي، وأن يؤسس "علم النفس الإلكتروني العربي" لسد الثغرات المعرفية التي نتجت عن التغيرات الكبيرة في سلوك الإنسان في تأثره بثورة الاتصالات الحديثة.
ووسمت الأطروحة التي نوقشت مؤخراً بعنوان: "التوافق النفسي لدى أصحاب الهوية الافتراضية من مستخدمي الإنترنت من الشباب السعودي".
وتكونت لجنة مناقشة الأطروحة من: أستاذ علم النفس في جامعة البحرين الدكتور أحمد سعد جلال مشرفاً، وأستاذ علم النفس في الجامعة نفسها الأستاذة الدكتورة جيهان العمران ممتحناً داخلياً، وأستاذ علم النفس في جامعة الخليج العربي الأستاذ الدكتور جمال الدين الشامي ممتحناً خارجياً.
وأشارت عبدالقادر إلى أن ثورة الاتصالات والإنترنت والتطورات المتلاحقة في عالم الإعلام جعلت بعض الدراسات النفسية تتجه لبحث تأثير الإنترنت على الإنسان، مشيرة إلى أن بعض الأفراد يتجهون إلى استخدام الإنترنت كجزء مكمل لعالمهم الواقعي، يتفاعلون فيه مع الآخرين ويعبرون عن أنفسهم من خلال هوياتهم الحقيقية، في حين يتجه أفراد آخرون إلى استخدام الإنترنت كعالم جديد منفصل عن الـواقع يتفاعـلون فيه ويعـبرون عن ذواتـهم من خلال استخدام هوية افتراضية مختلفة عن واقعهم.
واستعرضت بعض الأرقام المعلنة التي تحيل إلى مؤشرات بشأن مدى تأثر الأفراد بالثورة الاتصال، حيث أشار تقرير هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بالمملكة العربية السعودية (2011) إلى أن 90% من مستخدمي الإنترنت السعوديين يعتبرون الإنترنت جزءاً أساسياً من حياتهم الشخصية.
ورأت الباحثة أهمية توجيه بعض الدراسات النفسية لفهم الأفراد في تفاعلهم مع الإنترنت تلبية لحاجات المجتمع لتحديث القيم التي تقود علماء النفس لفهم السلوك الإنساني وفقاً لتعقيدات العالم الحديث، خاصة مع توسع نشاط الشباب السعودي على الإنترنت ودخولهم إلى برامج تتيح فرصة تكوين ما يشبه العالم الجديد بهوية افتراضية شبه متكاملة.
وتساءلت عن مدى توافق هؤلاء الشباب مع هويتهم الواقعية وعالمهم خارج الإنترنت، محاولة الإجابة عن عدة أسئلة، أهمها: ما البيانات الافتراضية والحقيقية التي يقدمها أفراد العينة من مستخدمي الإنترنت من الشباب السعودي؟ وما درجة التوافق النفسي لأصحاب الهوية الافتراضية من مستخدمي الإنترنت من الشباب السعودي؟ وهل توجد فروق دالة في التوافق النفسي لأصحاب الهوية الافتراضية من مستخدمي الإنترنت من الشباب السعودي تبعاً لمتغيرات: الجنس، ومعدل ساعات الاستخدام للإنترنت، والحالة الاجتماعية، والمهنة.
وعرّفت العبدالقادر الهوية الافتراضية بأنها مجموع الصفات والرموز والبيانات التي يستخدمها الأفراد في تقديم أنفسهم للآخرين على شبكة الإنترنت التي يمكن أن تستتر خلفها هوياتهم الحقيقية. أما التوافق النفسي فوصفته بأنه عملية دينامية إيجابية مستمرة بين الفرد وذاته من جهة، والفرد وبيئته من جهة أخرى، تكون في نهايتها حدوث عملية إشباع لغالبية حاجاته وتحقيق غالبية متطلبات التوازن بينه وبين بيئته، واستمرار تحقق ذلك الإشباع وذلك التوازن يزيده توافقاً نفسياً واستقراراً وتكاملاً نفسياً واجتماعياً خلال فترة حياته.
وقد اعتمدت الدراسة على المنهجين الوصفي والوصفي المقارن للتعرف إلى درجة التوافق النفسي لأصحاب الهوية الافتراضية من مستخدمي الإنترنت من الشباب السعودي، وإجراء المقارنات حسب المتغيرات الديموغرافية للدراسة.
واقتصرت الدراسة على أصحاب الهوية الافتراضية من مستخدمي الإنترنت من الشباب السعودي بحثاً لموضوع التوافق النفسي، وأجريت الدراسة في الفترة ما بين العام 2012 إلى العام 2013 على عينة من الفئة العمرية بين (20 – 35) سنة.
وقالت الباحثة العقبدالقادر: "لقد تم اختيار العينة بطريقة كرة الثلج من خلال نشر الاستبانة على مدى واسع في الجزر والأراضي السعودية في العالم الافتراضي المسمى (الحياة الثانية). وقد كان المسترد من هذه الاستبانات (117) استبانة، وبعد التدقيق تم استبعاد (28) استبانة لكونها ناقصة. وبذلك يكون أفراد العينة التي خضعت للتحليل الإحصائي (78) فرداً".
ووجدت الباحثة أن نحو 93% من أفراد العينة من مستخدمي الانترنت من الشباب السعودي يقدمون بيانات حقيقية عن الجنس والجنسية، وأن نحو 27% لا يقدمون بيانات حقيقة عن أسمائهم، وأن نحو 54% من العينة لا يضعون صوراً.
وتوصلت الباحثة العبدالقادر إلى أن الشباب السعودي المبحوث في العينة يتحلى بالثقة بالنفس، وتقبل الذات والإحساس بقيمتها، والاتزان الانفعالي والخلو من الأعراض العصابية بدرجة متوسطة، وبدرجة منخفضة في محور المشاركة الاجتماعية والانبساط.
ولم تجد الدراسة فروقاً فردية دالة إحصائياً في التوافق النفسي لأصحاب الهوية الافتراضية بحسب الجنس، ومعدل ساعات استخدام الانترنت، والحالة الاجتماعية.