يذكر جوزيف بيانفينو، بروفسور مساعد متخصص في علم النفس والعلوم السلوكية في جامعة جونز هوبكنز، أن معلومات خاطئة كثيرة منتشرة عن اضطرابات القلق، ما يزيد التعامل معها صعوبة. وتشكّل هذه المفاهيم الخاطئة واقعاً مشتركاً يواجهه مَن يعانون هذه الحالة، يعرفون شخصاً مصاباً بها، أو يظنون أنهم سيواجهونها قريباً. إليك الخرافات العشر الأكثر شيوعاً عن اضطرابات القلق والذعر.
1 يُعتبر مَن يعانون القلق ضعفاء.
يقول بيانفينو: «يعتقد كثيرون أن المريض الذي يعاني هذه الاضطرابات ضعيف ودائم الخوف. لكن هذا عارٍ من الصحة». ويتابع موضحاً أن اضطرابات قلق وذعر كثيرة تنبع من الخوف، إلا أن هذه الخاصية ليست المكوّن الوحيد في هذه الحالة. لذلك يجب ألا تُستخدم لتعريف المريض.
حاول عالِم النفس السريري بيل كنوس توضيح ما يشمله التعاطي مع قلق نابع من الخوف. ففصّل المحن اليومية في هذه الحالة في مقال نشره في مدونة Psychology Today. وحدّد أن القلق قد ينبع، أيضاً، من أمر نألفه كلنا: الندم. كتب كنوس: {قد تتحول حالات القلق والخوف المتكررة إلى جدران على جوانب تجربة تغطيها جداريات الندم}.
2 لا يُعتبر هذا الاضطراب مشكلة كبيرة.
تذكر أليسون بايكر، عالِمة متخصصة في الطب النفسي للأولاد والمراهقين ومديرة برنامج المراهقين في المركز الطبي التابع لجامعة كولومبيا، أن هذا الاضطراب لا يُعتبر أمراً من الممكن تجاهله. فقد ترافق أمراض أخرى اضطرابات القلق، مثل الكآبة ومشاكل الإدمان، أو قد تؤدي إليها.
وعن الأولاد والمراهقين الذين يعانون هذه الاضطرابات، تقول بايكر إن أولاداً كثراً لا يعبّرون عن قلقهم لأنهم لا يعلمون أن هذه مسألة خطيرة. وتضيف: {لا يحاول الأولاد المصابون باضطرابات القلق التعبير عما ينتابهم من مشاعر ومخاوف، بل يخفون غالباً تجربتهم هذه. فلا يثيرون قلق أهلهم أو مَن يهتمون بهم ولا يفصحون عن مشاكلهم. لذلك يتعرضون للإهمال}.
3 لا تُعتبر هذه حالة شائعة.
تصيب اضطرابات القلق نحو 40 مليون أميركي بالغ في السنة، أي نحو 18% من سكان هذا البلد. وتوضح بايكر أن اضطرابات القلق تُعتبر، أيضاً، إحدى الحالات النفسية الأكثر شيوعاً لدى الأولاد.
4 تنبع اضطرابات القلق من مشاكل في الطفولة.
تشمل مفاهيم خاطئة أخرى بشأن اضطرابات القلق، فكرة أنها تنبع من مشاكل متأصلة في الماضي. لا شك في أن التجارب السابقة تؤثر في القلق. لكن بيانفينو يؤكد أن هذه الفكرة ليست دقيقة. ويتابع موضحاً: «لا يعني ذلك ألا دخل لمرحلة الطفولة الصعبة في هذا الاضطراب. لكن عيش طفولة صعبة يرتبط أيضاً بشتى العلل النفسية، لا الكآبة فحسب. فضلاً عن ذلك، يعيش كثيرون طفولة جيدة ويعانون القلق رغم ذلك».
بالإضافة إلى ذلك، تشير الجمعية الأميركية للقلق والكآبة إلى أن معظم الأطباء النفسيين يدفعون المريض إلى التركيز على الحاضر خلال العلاج، لا التفكير في ما حدث في الماضي. كذلك أظهرت الدراسات أن العيش في الحاضر فحسب خلال التأمل الواعي يساهم في الحدّ من معدلات القلق والإجهاد الفكري.
5 على مَن يعانون القلق تفادي ما يسبب لهم الخوف.
بدل الهرب من الخوف، يقترح الخبراء العكس. ينصح ديفيد شبيغل، رئيس قسم علم النفس والعلوم السلوكية في جامعة ستانفورد: {لا يشكّل الهرب استراتيجية جيدة. فتفادي ما يثير خوفك يجعلك تشعر كما لو أنه لم يحدث. وكلما هربت منه، ازداد سوءاً. لا شك في أن مَن يعانون الرهاب عاشوا تجربة مريعة مع مصدر خوفهم هذا. لكن من الممكن تحويلها إلى تجربة عادية. فكلما واجهت المسائل التي تسبب لك القلق، زادت سيطرتك عليها}.
بالإضافة إلى ذلك، يوضح جوزيف لودو، بروفسور متخصص في علم الأعصاب في جامعة نيويورك، في مقال له نُشر في صحيفة {نيويورك تايمز} أن تفادي مسألة معينة، إلى حد ما، قد يكون مفيداً في بعض الحالات. إلا أن سلوك الهرب عموماً قد يفاقم الحالة. وكتب: {على سبيل المثال، يستطيع مَن يعانون مشاكل قلق اجتماعية تجنب هذا القلق بتفادي بعض الأوضاع الاجتماعية. صحيح أن هذه المناورة تحل مشكلة واحدة، إلا أنها تتسبب بمشاكل عدة، بما أن التفاعل الاجتماعي يشكّل جزءاً مهماً من الحياة اليومية على الصعيدين المهني والشخصي. علاوة على ذلك، إذا تهرّب المريض من الأوضاع التي تشعره بالقلق، فلا يحظى بفرصة التغلب على هذا القلق بمواجهته، فيستمر إلى ما لا نهاية}.
6 سيختفي هذا الاضطراب من تلقاء ذاته.
تذكر بايكر: «يظن كثيرون أن القلق لا يحتاج إلى استشارة طبيب مختص. ولكن من الضروري معالجة القلق، خصوصاً في حالة الأولاد والمراهقين. فإذا استمر هذا الاضطراب من دون علاج، يزيد من احتمال الإصابة بالكآبة». وثمة طرق عدة لمعالجة القلق، منها العلاج النفسي والأدوية.
7 يمكن التخفيف من القلق باللجوء إلى المخدرات.
يذكر الدكتور كيث هامفريز، بروفسور متخصص في علم النفس في جامعة ستانفورد، أن هذا قد يزيد الوضع سوءاً. ويضيف: {صحيح أن هذه الحيلة قد تنجح على الأمد القصير، إلا أنها تقود إلى الإدمان بمرور الوقت. هذه المقاربة خطرة على الأمد الطويل لأن هذه المواد تعزز القلق بدل أن تخففه}.
رغم هذه المخاطر، تكشف دراسة نُشرت في Archives of General Psychiatry أن معظم مَن يعانون القلق يحاولون معالجة حالتهم باللجوء إلى مواد مماثلة. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر هذه الدراسة أن 13% ممن تعاطوا المخدرات السنة الماضية قاموا بذلك بهدف الحد من القلق، الخوف، أو الذعر بسبب وضع محدد.
8 يولد القلق من خوف أو صدمة ما.
يشدد بيانفينو على أن من الخطأ التفكير في أن القلق يولد غالباً من تجربة محددة أو خوف معين. صحيح أن نوعاً ما من الرهاب (الرهاب من الطيران أو المرتفعات) قد يكون أساس هذه الحالة، ولكن ثمة أساس جيني لاضطرابات القلق، أيضاً، وفق بيانفينو.
كذلك يذكر شبيغل أن القلق المزمن لا يقتصر على حادثة واحدة شعر خلالها المريض بالخوف، فضلاً عن أن هذا القلق يجعلك أقل إدراكاً لما تشعر به في لحظة ما. ويضيف: «تبدأ بالقلق حيال شعورك بالقلق».
9 لا تستطيع طمأنة مريض يعاني القلق بالكلام.
ثمة طرق عدة يمكنك اللجوء إليها لمساعدة شخص يعاني هذه الحالة، وفق بايكر. فإذا أردت تهدئة روع مريض يعاني القلق، يكون من الأفضل أن تطرح عليه أسئلة. توضح بايكر: {اسأل المريض: كيف يمكنني مساعدتك؟ ماذا يمكنني أن أقول أو أفعل لأساعدك الآن؟ خذ التوجيهات من المريض، بدل أن تعتمد التخمينات لتحدد ما قد يحتاج إليه منك}.
تفادَ عبارات محددة عند التحدث إلى شخص عزيز على قلبك يعاني اضطراب القلق. يوضح هامفريز أن التعاطف مع حالة المريض قد يساعده كثيراً. ويضيف: {تكمن المفارقة في أن عبارات التعاطف قد تهدئ من روعه لأنه يشعر بأنه ليس مضطراً ليحارب للتخلص من قلقه. تُظهر له عبارات مماثلة أن الآخرين يتفهمون حالته}.
10 من الصعب فهم حالة مريض يعاني القلق.
تؤكد بايكر أننا كلنا اختبرنا لحظات من التوتر. وتقول: {مررنا جميعنا بحالات معينة من القلق. يساعدنا هذا الشعور على الاستعداد للتحدث أمام حشد من الناس، ويدفعنا إلى التمرن والعمل بدأب. لذلك نستطيع كلنا فهم ما يشعر به المريض. ففي حالة اضطراب القلق، تتحوّل مشاعر التوتر والانزعاج تلك إلى تجربة يومية مزمنة}.
إذا أردنا مساعدة شخص عزيز على قلبنا يعاني هذه الحالة، تنصحنا بايكر بتذكر تلك اللحظات العابرة من القلق التي مررنا بها. وتضيف: {تخيلوا أن حالتكم تلك تفاقمت وطالت. ولا شك في أن هذا سيجعلكم أكثر تعاطفاً مع المريض}.