د. محمد أبو صعيليك

 

د. محمد أبو صعيليك

إذا كان الله تعالى قد أقسم بالنفس فقال: }ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها{، وكانت النفس مسرحاً لصراع المبادئ في حياة الناس وكانت في النفس مجالات للدرس لها أثر في العلاقة مع الآخر وحسن التلقي عنه، وقد أوعب الغربيون في الحديث عن هذه المجالات بما يسمى «علم النفس» بأقسامه الكثيرة وتفريعاته العظيمة واختراعاته المتطورة لما يحوج المسلم المعاصر إلى حسن معرفة بهذا العلم ودراية به من خلال ما يأتي:
1- حوى القرآن الكريم أصول علم النفس الإسلامي، لذا الاطلاع على هذه اللفتات القرآنية مع تفسيراتها المعاصرة في أمهات كتب التفسير المعاصرة كالظلال لسيد والمنار لرشيد رضا بما يكون خلفية علمية متعلقة بهذا الباب، حبذا لو نشط لها بعض الدارسين فجمعها وقربها للناس.
2- كان للكتاب المسلمين المعاصرين جهد طيب في تسهيل مباحث علم النفس واستنباطها من الشرع ويذكر في هذا الكتب التالية:
- كتاب دراسات في النفس الإنسانية لمحمد قطب.
- كتاب علم النفس الإسلامي للدسوقي.
- كتاب القرآن وعلم النفس للدكتور عثمان نجاتي/ أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة.
- كتاب (علم النفس والحديث النبوي للدكتور عثمان نجاتي).
- كتاب لمحات نفسية في القرآن الكريم لعبد الحميد الهاشمي.
3- العمل على توظيف علم النفس في الدعوة الى الله ومن الكتب في هذا الباب:
- كتاب علم النفس الدعوي للدسوقي.
- كتاب علم نفس الدعوة للجبوري.
4- الانتقال بهذه اللفتات النفسية الدعوية إلى سلوك يتعامل به مع الناس للدخول إلى نفوسهم والتأثير فيها، وكم يحتاج الدعاة في هذه الأيام إلى تمثل هذه الأفكار، وكم عاد على العمل للإسلام تنكب هذه الأفكار، فكم من صديق أصبح عدواً للعمل الإسلامي لأن إخوانه لم يرفقوا به، وكم من خير قد دفع في صدره حتى أبعد عن مجرد المشاركة في الأجر، وكم من وهم قد أذيع في الناس فظنوه حقيقة، وهو ليس كذلك، وكم من غلظة أوغرت علينا الصدور، وأغلقت عنا القلوب، وفوتت عنا الفرص، وأضاعت بصيص الأمل في الوصول إلى الخير.
5- ضرورة دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم دراسة نفسية لنعلم الأساليب النفسية التي استخدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم للوصول إلى قلوب الناس؛ بحيث إنهم قد انقلبوا من أعداء أشداء إلى أصدقاء بموقف، وما مواقف عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية ومسلمة الفتح بعد غزوة حنين ببعيدة. بل ما صنيع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقائد مكة المهزوم أبي سفيان ليلة الفتح، حين أذاب فيه شخصية الخصم العنيد على مشارف مكة، ثم صنع منه رمزاً لمكة في الإسلام (ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن)، بهذا أصبح أبو سفيان أحد رموز هذا الدين بعد أن بنى النبي صلى الله عليه وسلم فيه شخصية القائد المسلم الذي يصنعه المبدأ، وما صنيعه صلى الله عليه وسلم مع قائد بني حنيفة ثمامة بن أثال إلا نموذج من التعامل النفسي النبوي مع الخصوم، بما يقربهم ويقلبهم ليكونوا أصدقاء وهو من العلوم المهجورة في حياة الناس في هذه الأيام.
6- الحذر من إلقاءات دهاقنة علم النفس الغربي التي توجد المعاذير للعصاة، وتحسن لهم المعصية؛ عبر دراسات سيجموند فرويد في التفسير النفسي للسلوك، وعقدة الأوديبا التي تحمل الأطفال غير المكلفين نتيجة أخطاء غيرهم؛ بزعم أن الطفل يشتهي أمه، وأن الطفلة تشتهي أباها، مع أنهما في سن لا يدركان فيه الشهوة، بل لم يخط عليهما قلم التكليف، فهما على البراءة الأصلية عند الله، لا عند فرويد وأتباعه؛ ذلك لأن أولئك قد أوجدوا المعاذير للجريمة الجنسية في المجتمع الغربي، وأرادوا نقلها إلى المجتمعات الأخرى المخالفة لهم، في الأفكار والعادات والتقاليد، ولا يجوز القياس في هذه الأشياء؛ إذ إن لكل مجتمع واقعه، ولكل أمة خصائصها، وإن جاز لأطفالهم أن يتشيطنوا فإنه لا يجوز بحال من الأحوال أن نعتقد ذلك في براءة الطفولة عند أطفال المسلمين، فلنحذر تلك النظرات الخاطئة التي يكتبها أولئك ويدندن حولها المغفلون من تابعيهم في الشرق والغرب؛ بغية إفساد فطرة الصبيان التي فطرهم الله عليها }فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم{.

Leave a Reply